يوميات المقاومة: رغم مرور 7 أشهر على الحرب: صواريخ المقاومة تضرب الكيان المحتل    حالة الطقس لهذه الليلة..    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    إلى أين نحن سائرون؟…الازهر التونسي    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    تعادل الأصفار يخيّم على النجم والإفريقي    بعد انفصال لعامين.. معتصم النهار يكشف سبب عودته لزوجته    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    بطولة المانيا: ليفركوزن يحافظ على سجله خاليا من الهزائم    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    كاردوزو يكشف عن حظوظ الترجي أمام ماميلودي صانداونز    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقاب بعد الحجاب .. حرب ثقافية تقودها فرنسا :عبدالباقي خليفة
نشر في الفجر نيوز يوم 26 - 06 - 2009

هناك حرب عالمية تشن ضد الأمة الاسلامية ، وضد المقدسات الاسلامية ، وضد القيم الاسلامية ، وكل ما يمت للاسلام بصلة ، وذلك بصورة متفاوتة بين بلد وآخر ومنطقة وأخرى ، من شمال العالم إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه . وإذا ما اقتصرنا على ذكر الحرب العالمية على الحجاب ، فإننا نجد أنها أخذت أبعادا كثيرة ، وصلت إلى حد المنع الأمني والحرب الاعلامية، ومن منطلقات متناقضة تعكس حالة الهيستريا العالمية ضد الحجاب وضد ما هو اسلامي كما سبق . وإذا كانت الحرب ضد الحجاب حالات منفردة في بلدان العالم المختلفة باستثناء عدد قليل من الدول ( تركيا، ازبكستان ) فإنها ممارسة يومية في تونس ، كما سيأتي . وهي مواقف مخزية لأصحابها إذا قورنت بموقف وزير الداخلية الإيطالي الأسبق ''جوليانو أماتو'' ، فقد أعلن أنه لا يمكنه معارضة ارتداء المرأة المسلمة في بلاده للحجاب، وذلك لأن السيدة مريم العذراء والدة عيسى عليه السلام كانت تضع الحجاب على رأسها أيضا، وقال " إن المرأة التي حظيت بأكبر نصيب من المحبة على مر التاريخ وهي السيدة العذراء تصور دائما وهي محجبة " .
وكرد فعل على هذه التصريحات ظهر تيار جديد في إيطاليا يطالب ''بتعديل'' اللوحات التي تظهر السيدة مريم العذراء وهي تضع الحجاب على رأسها، وطالبوا بنشر لوحات لها وهي سافرة بدون الحجاب.وقد اعتبر وزير الداخلية الإيطاليي هذا المطلب " غير لائق ويعد تطرفا ثقافيا "، وأضاف ''أنا شخصيا لا أستطيع الاستجابة له''، لأنه لا يوجد أي منطق أو حجة دينية أو ثقافية لمنع الحجاب . حرب ثقافية تقودها فرنسا : الموقف الذي عبر عنه " أماتوا " مختلف تماما في فرنسا ، حيث لم تسع قوة غاشمة في التاريخ لفرض نموذجها بالقوة مثلما فعلت فرنسا ، وتاريخها الاستدماري ، وسياساتها الحالية تؤكد بأن فرنسا لا تزال تفكر بمنطق الايديولوجيا . تحت لافتة " قيم فرنسا " فبعد قانون منع الحجاب في المدارس ، يمهد لمنع النقاب في الشارع ، ويخشى أن يتحول ذلك لمنع الحجاب أيضا . وكما نرى فإن الموضوع خرج من كونه مادة اعلامية ، أو مسألة اجتماعية وثقافية في فرنسا ،إلى حيز التسلط السياسي وبالدرجة الأولى الإضطهاد الديني ، مما يذكر بمحاكم التفتيش الكاثوليكية .
وإلا ما معنى أن يتقدم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الحملة التي وصفها البعض ب ( الصليبية ) مستغلا هامش الخلاف حول النقاب ليقول بأن النقاب " غير مرحب به " في فرنسا . وكان عدد من البرلمانيين الفرنسيين الذين يرفضون التعايش ، ولا يؤمنون بالتعدد الثقافي ، ويعملون على تكريس المركزية الاوروبية وتحديدا الفرنسية قد عبروا عن قلقهم من انتشار النقاب . وذلك في إطار "جوقة " نفخ فيها الاعلام الفرنسي ، واللوبيات المعادية للوجود الاسلامي في فرنسا . ولأنها حرب ثقافية ، أو بتعبير آخر صليبية ، فقد تقمص ساركوزي دور المنقذ باعتباره النقاب ، في خطابه أمام أعضاء البرلمان " علامة استعباد " للمرأة ، وأنه " ليس رمزا دينيا " . وهكذا نرى فرنسا ، تمنع الحجاب في المدارس لأنها ترى فيه " رمزا دينيا " و " تعمل على منع النقاب ، لأنه " ليس رمزا دينيا " !!!
ولا بد من الانتباه إلى أن ساركوزي يتحدث عن ظاهرة في بلده ، لها أنصارها والذين يؤمنون بالنقاب من منطلق فهم فقهي لآية الحجاب في سورة النور . مما يعني مصادرة لحق الاختلاف ، وفرض تصور ديني من موقع خارجي ، اعتمادا على قوة السلطة ، وهو أشد أنواع الاستعباد وأكثره قهرا . وهو ليس مصادرة لحق الاختيار فحسب ، بل اضطهاد ووصاية مقيتة ، تعبر بسفور عن الكراهية للآخر ، بل عن كراهية دينية . ومحاولة تسجيل موقف انتصاري ، هو في المحصلة النهائية فشل ذريع ، لأن لكل اعتقاد ديني مبرراته الموضوعية المقدسة . وما يعتبره ساركوزي سجنا وسياجا "لا يمكن أن نقبل في بلادنا نساء سجينات ومعزولات عن حياة اجتماعية ومحرومات من الكرامة " وأن " هذه ليست الرؤية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية بالنسبة لكرامة المرأة " ، ما يعتبره كذلك هو بالقطع ليس ما تعتبره المرأة المنقبة ،فالمسلمات الفرنسيات أعلن " نحرق أنفسنا ولا نتخلى عن النقاب " ولا من يرون بالنقاب ، فالسجن والسياج هو ما تقيمه جمهوريته من بيوت دعارة ، هي بكل المقاييس هدر لكرامة المرأة . وما يعتبره سجنا ، تعتبره المعنيات حماية لهن من التلوث البيئي والبصري وغيره .
وما يعتبره سجنا وسياجا تعتبره المنقبات طاعة لأوامر الله ، من منظورهن الخاص وقراءاتهن للنصوص الدينية . فلما الوصاية على الفهوم ، وقد أدلى بفهمه الخاص . وما أشار إليه ساركوزي من عزلة عن الحياة الاجتماعية ، هو ما سيؤدي إليه موقفه وموقف النخبة اليعقوبية ( العهد اليعقوبي إبان الثورة الفرنسية ، عهد الارهاب ، ومحاكم التفتيش اللائكية ) لأن منع النقاب لا قدر الله ، سيدفع المنقبات للعزلة والجلوس في بيوتهن مما يعني الحكم عليهن بالسجن مدى الحياة . وإذا كانت العلمانية في فرنسا ، لا ترفض الاسلام ، وتحترم الاسلام بنفس قدر احترام باقي الأديان ، فلتترك الناس وشأنهم ، فيما يتعلق بحياتهم الشخصية . فالحجاب أو النقاب ، لا يضر الآخرين ، وليس هناك من هو أرحم من الآخر بنفسه .والوصاية أشد ايلاما ، وضررا ، وتدميرا ، ونفيا ، واخصاءا ،من نتائج المواقف الخاصة على أصحابها .
الحرب ضد الحجاب في الغرب : ربما تكون فرنسا ، المثال الصارخ على الحرب ضد الحجاب ، من خلال قانون منع لبس الحجاب في المدارس الحكومية ، والذي أثار جدلا واسعا ، وأسال حبرا كثيرا . وهي الحالة الوحيدة تقريبا في أوربا التي يحظر فيها لبس الحجاب على الفتيات المسلمات داخل المدارس في أوربا . ثم بدأ كما سبق الحديث عن النقاب ،وقد أعقب الاجراءات الفرنسية الكثير من التداعيات على المستوى الأوروبي . ولم يكد المسلمون في الولايات المتحدة يتنفسون الصعداء ، ( بعد قرار تعويض إمرأة مسلمة طردت من عملها بسبب الحجاب ، ثم خطاب باراك حسين أوباما الذي أكد فيه على حق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب ، ومعاقبة من يقف وراء مصادرة هذا الحق ) ، حتى صدمت المحكمة العليا بولاية ميتشجان الأميركية المسلمين والمراقبين في العالم بقرارها الاداري الذي يسمح للقضاة بمطالبة الشاهدات بنزع أحجبتهن أثناء الادلاء بشهادتهن في محاكم الولاية . الأمر الذي اعتبر إهانة تعبر عن الكراهية تجاه التعاليم الاسلامية والمسلمين . بل إهانة للكرامة الانسانية لأن " القرار يعطي القاضي الحق في التحكم في ملابس الأشخاص الذين يظهرون في محاكم الولايات المتحدة " ! وجاء القرار بعد دعوى قضائية أقامتها مسلمة أميركية تدعى جنة محمد ضد قاضي فيدرالي بعد أن خسرت دعوى لرفضها خلع نقابها . لكن العزاء هو في وجود منظمات يمكنها أن تعترض ويمكنها إبطال مثل هذه القرارات ،مثل لجنة الحقوق المدنية ، وهي وكالة تنفيذية معنية بمراقبة القوانين التمييزية في الولايات المتحدة الأميركية .
كما دعا مجلس العلاقات الأميركية الاسلامية " كير " إلى إلغاء القرار " وقال في بيان له بتاريخ 17 يونيو 2009 م " إن الخلع القسري لزي ديني مثل غطاء الرأس الاسلامي أو النقاب سوف ينتهك الحق الدستوري في الحرية الدينية ، وسيمثل تناقضا لتصريح الرئيس أوباما الأخير ( خطاب القاهرة للعالم الاسلامي ) الداعم لارتداء الحجاب . وقال المدير الننفيذي ل " كير " داوود وليد "سكان ميتشجان من مختلف الأديان بحاجة إلى توضيح حول ما إذا كانوا سيكرهون على خلع زيهم الديني ليكون بمقدورهم الظهور بالمحكمة " وتابع " القرارالجديد إذا تم التوسع في تفسيره فمن الممكن أن يستخدم ضد اليهود والسيخ والنصارى وآخرين ينتمون لديانات أخرى " ونحن بدورنا نتساءل عما إذا كانت الراهبات النصرانيات سيتخلين عن زيهن الديني ، وهو شبيه بالحجاب ، في المحاكم الأميركية . ومن ذلك ايطاليا التي تعمل بعض الأطراف فيها على النسج على منوال فرنسا ، بعد أن رفضت فتاة تونسية مسلمة المشاركة في تمارين السباحة بالمعهد الذي تدرس به في ميلانو .
وأثار ذلك ردود فعل كثيرة ، وصل صداها إلى البرلمان ومركز المحافظة والكنيسة . وقالت الفتاة عندما طلب منها التوجه لحوض السباحة لخوض التمارين مع زملائها وزميلاتها بأن تعاليم الاسلام ، وتقاليدها المجتمعية تمنعها من إظهار جسدها أمام الغرباء ، وتحضر عليها الاختلاط في مثل هذه المناسبات . واستظهرت بشهادة طبية تؤكد فيها الطبيبة الايطالية بأن " حالة الانزعاج والارتباك التي تصاب الشخص أثناء القيام بأعمال رياضية أو غيرها يجد نفسه مجبرا عليها لمخالفته لقناعاته الشخصية ، توجب إعفاءه من ممارسة تلك الرياضة أو العمل لانعكاساتها النفسية السلبية على شخصيته ، وقواه العقلية والبدنية بعد ذلك " .
وقال طبيب سوري يدعى عدنان ديان " المسألة لا تنحصر في الجانب النفسي بل الاخلاقي والديني أيضا لدى الاشخاص " . وفي مقابلة نشرتها صحيحفة لا ريبوبليكا الايطالية في وقت سابق قال بطريارك البندقية الكاردينال أنجلو سكونا ردا على سؤال بخصوص الحجاب " نفهم جميعا أنه من غير اللائق أن نخلق في أوربا مظاهر اجتماعية تنافر ثقافتها وتاريخها. ووفق هذا المعيار تأتي نظرتي إلى الأمر " أي أنه يرفض ارتداء المسلمات للباس الشرعي ، الحجاب ، رغم أن الحجاب لا يختلف كثيرا عن لباس الراهبات عنده في الكنيسة . وفي النمسا قال زعيم التحالف من أجل مستقبل النمسا ، يورغ هايدر ، قبيل هلاكه " لا أريد أن أشاهد إمرأة ترتدي الحجاب الاسلامي في الشوارع والساحات والمؤسسات العامة والخاصة في كافة أنحاء النمسا " وأعرب عن اعتقاده بأن " ارتداء الحجاب يعيدنا للقرون الوسطى " متناسيا أو متغافلا عن وجود راهبات نصرانيات ترتدي ما يشبه الحجاب الاسلامي ، يغض الطرف عنهن ، بل طالب الكنيسة التي ينتمين إليها بالمساهمة بحزم أكبر ضد القيم الاسلامية والحجاب الاسلامي . وفي كرواتيا أخبرنا المفتي الشيخ شوقي عمرباشيتش ، بأن ظاهرة الاعتداء على المحجبات قد توقفت وكانت المسلمات يعانين من الاعتداءات عليهن في الشوارع ، ولا سيما أثناء العدوان على البوسنة 1992 / 1995 م . ولا يخفي الكثير من الصرب في بلغراد وغيرها من المدن الصربية عداوتهم للاسلام والمسلمين ، عندما يشاهدون إمرأة مسلمة محجبة .
وتشتكي المسلمات المحجبات في بلغاريا من الاعتداءات اللفظية والعدوان عليهن ووصمهن بالارهاب وبأنهن عضويات في القاعدة وطالبان . وفي السويد والنوريج وألمانيا واسبانيا تعرضت الكثير من المسلمات إلى الطرد من وظائفهن بسبب ارتدائهن للحجاب الاسلامي . كما تم طرد إمرأة مسلمة تعمل في بنك بسبب الحجاب ، لكنها عادت إلى عملها بعد إنهاء خدمات المدير الدنماركي . حالات مغايرة : لكن تلك الاعتداءات وذلك العدوان على المسلمات والقيم الاسلامية ، ليس هو الحالة العامة السائدة في الغرب ، فقد أعلنت وزارة العدل في النرويج في وقت سابق عن احتمال السماح للمسلمات من أفراد الشرطة النرويجية بارتداء الحجاب . وذلك بعد تقدم مسلمة تعمل في الشرطة تدعى كلثوم حسناوي بطلب ارتدائها الحجاب . وقيل أن وزارة العدل قد ذكرت بأن اللوائح ستتغير حتى " يمكن ارتداء غطاء الرأس الديني (الاسلامي ) ضمن الزي الرسمي للدولة . وقال مدير الشرطة انجلين كيلينجرين أن " السماح لأفراد الشرطة من النساء بارتداء الحجاب يمكن أن يساعد في ضمان تمثيل الشرطة لجميع فيئآت الشعب من مختلف المذاهب والأعراق . لكن ضغوطا داخلية وخارجية جعلت النرويج تتراجع عن قرارها الذي كان يمكن أن يمثل إضافة نوعية لحوار الحضارات والتفاهم على أسس السلام والقبول بالآخر كما هو ، لا كما يريده البعض .
فقد نجحت قوى الصدام وكراهية ورفض الآخر في تراجع وزير العدل ، كنوت ستروببرجت السماح للشرطية المسلمة بارتداء الحجاب في فبراير الماضي . بعد أن أقدم متطرفون على حرق الحجاب في مكان عام تعبيرا عن رفضهم للتعايش . فيما اعتبر اتحاد موظفي الشرطة أن قرار السماح للشرطية المسلمة بارتداء الحجاب " خرقا لحيادية البدلة " وهي سفسطة عقيمة لا تحمل أي مدلولات إدارية أو غيرها سوى الكراهية وحسب . لكن الأطراف العاقلة في النرويج لم تستسلم ، وقد حذر رئيس البرلمان النرويجي توربغوم جاغلاند من استمرار ظاهرة الاسلاموفوبيا ، وقال إن " ذلك من شأنه أن يثير فوضى كبيرة في المجتمع " وأكد على أن " الاسلام لا يمثل خطرا على النرويج " كما شدد على أن " النرويجيين لا يرون بأسا في وجود المساجد داخل أحيائهم ..." وفي دولة جارة مثل السويد لم يثر ارتداء الشرطيات المسلمات للحجاب أي تشنج يذكر، كما هو الحال في بريطانيا . بينما تمثل فرنسا قمة التطرف والكراهية ونبذ الآخر بعد قانون منع الحجاب في المدارس سنة 2004 م . وفي قضية يعتقد أن تكون الأولى من نوعها في كندا طالب المحامي الملكي ، بأن يسمح لاحدى الشاهدات في قضية اعتداء بارتداء النقاب عند الادلاء بشهادتها أمام المحكمة . وقال لوري جونيت ، مساعد النائب العام الملكي ، وفقا لما نقلته صحيفة " ذا جلوب أند ميل " " لابد من إعادة القضية مرة أخرى إلى القضاء ، وينبغي أن يسمح للسيدة بارتداء النقاب فورا " . وقد ترأس القاضي فرانك ماركو المحكمة العليا في أونتاريو ، والتي ناقشت قضية الموازنة بين مبدأيين متعارضين من مبادئ حقوق الانسان ، حق حرية الأديان ، وحق الالتزام بالقانون ، مقدمة حرية التدين ، وحرية اللباس ، كقيمة أعلى ، في سلم قيم العدالة .
وفي الدنمارك سمح في 23 أبريل 2009 م لفلسطينية محجبة تدعى أسماء عبدالحميد ( 27 عاما ) من بالعمل كعضو في المجلس البلدي لمدينة أدونسي ، ثالث كبرى المدن الاسكندنافية ، وقد حظيت جلسة المجلس البلدي الأولى باهتمام بالغ من قبل وسائل الاعلام ، وتحولت الجلسة إلى حدث تاريخي ، هو الأول من نوعه حيث تدخل مسلمة محجبة المجلس البلدي ، وقالت أسماء " أريدهم أن يقوموني على ما يوجد في رأسي ، وليس ما يوجد على رأسي " وهي معروفة باعتزازها بالحجاب ورفض مصافحة الرجال ، وهو حق شخصي غير قابل للماحكة أو التقعر الاعلامي أوالصالوناتي أوالفلسفي . شذوذ في بلاد الاسلام : الشذوذ عن احترام حقوق الانسان ، والتطرف العلماني ، يظهر بوجهه القبيح في عدد من بلاد الاسلام ، وأكثرها بروزا الحالة التونسية ، ثم الازبكية ، ثم التركية . رغم أن تركيا شهدت في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا عن التشدد والتعصب العلماني ، وللحقيقة فإنه لم يحصل بعض ( الانفراج ) في تونس ، كما ذهب البعض ، رغم بعض الرتوش للتعمية ، فالحالة التونسية لا تزال متشنجة إلى حد ، ازدواجية الشخصية ( الشيزفرينيا ) ، ولا سيما فيما يتعلق بالحجاب . فلا يزال المنع من الدراسة كما هو الحال في أزبكستان يطال كل طالبة تقدم على الالتزام بالحجاب ، توافقا مع قناعاتها ، وتطبيقا لأوامر خالقها .
وكذلك الأمر في طاجيكستان المجاورة ، ومن ذلك قيام إدارة الجامعة في مدينة " دوشانبي " بفصل طالبتين لارتدائهن الحجاب ، بدعوى مخالفته لحظر ارتداء الحجاب في الجامعة . وقال المسؤول في وزراة التعليم جالودين عميروف " سنقوم بتنفيذ قرار حظر الحجاب بالقوة ، وكل من تنتهك القرار ستكون معرضة للطرد من الجامعة " ولم يكن ذلك مجرد تهديد ، بل ممارسة نازية بكل المقاييس فقد أكدت الطالبة جلونورا بوبونازاروفا لوكالة نوفوستي الطاجيكية بأن " إدارة الجامعة لم تسمح لها بحضور الامتحانات بسبب ارتدائها الحجاب . مشيرة إلى أن إدارة الجامعة أخبرتها بأنه تم فصلها " . ولم يكن ذلك القمع السياسي والثقافي والاجتماعي ، نابع من هوس حداثوي ممسوخ ،على مستوى إدارة الجامعة ،وإنما هو كذلك من أعلى هرم السلطة ففي عام 2007 م قام وزير التعليم بنفسه بزيارة الجامعة وقام بفصل كل المحجبات . ولأنه قرار سياسي في دولة يسيس فيها كل شئ بما في ذلك القضاء كحال الحكومات الديكتاتورية ، فقد رفضت المحكمة سنة 2007 م دعوى الطالبة أسماء لوفا دفالتاموف ، وحرمت بذلك من العودة للدراسة كغيرها من ميئآت الطالبات في طاجيكستان ، وهو ما عليه الأمر في أزبكستان المعروفة بقمعها للاسلاميين بدعم من موسكو والغرب على حد سواء .
ورغم أن الجامعة الطاجيكية في توشنبي قد أعلنت يوم الثلاثاء 16 يونيو 2009 م تراجعها عن قرارها بفصل الطالبات المحجبات ،بسبب تمسكهن بحجابهن ورفض خلعه . وتصريح نائبة رئيس الجامعة لطيفة نظيروف بأنه تم صدور قرار بإعادة قبول انضمام الطالبة بوبونازاروف و7 محجبات مطرودات . وأنه تم اعتماد ذلك نظرا للدور الذي تقوم به المرأة في المجتمع ، وكأن ذلك الدور كان خافيا عليهم من قبل ، رغم ذلك لمحت إلى أن النظام الحاكم لا يحب رؤية المحجبات . ويبدو أن رسالة أوباما في القاهرة قد وصلت إلى دوشنبي ، ولكنها لم تصل إلى تونس بعد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.