توقيع اتفاق بين الحكومة التونسية ونظيرتها البحرينية بشأن تبادل قطعتيْ أرض مُعدّتيْن لبناء مقرّين جديدين لسفارتيهما    فاطمة المسدي تطالب بترحيل الأفارقة.    وزيرة التربية تطلع خلال زيارة بمعهد المكفوفين ببئر القصعة على ظروف إقامة التلاميذ    سيدي بوزيد: المجلس المحلي بسيدي علي بن عون يطالب السلطات بحل نهائي لإشكالية انقطاع التيار الكهربائي    نابل: رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يجدد الدعوة لإقامة جدار صحي عازل للحد من انتشار الحشرة القرمزية    وزيرة الإقتصاد في الإجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية    هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه    فرنسا تعتزم المشاركة في مشروع مغربي للطاقة في الصحراء    رئيس الفيفا يهنئ الترجي ع بمناسبة تاهله لمونديال الاندية 2025    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    رابطة الابطال الافريقية لكرة القدم - الاهلي المصري الى النهائي    دورة اتحاد شمال افريقيا لمنتخبات مواليد 2007-2008- المنتخب المصري يتوج بالبطولة    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الاحتفال بالدورة 33 لشهر التراث بفقرات ومعارض متنوعة    مسابقة أكاديمية الشّرق الأوسط للأطبّاء الشّبان بدبي: الدكتورة التونسية مريم بن عياد تفوز بالجائزة الأولى في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    الناطق باسم محكمة تونس يوضح أسباب فتح تحقيق ضد الصحفية خلود مبروك    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 27 أفريل    بنزرت: الافراج عن 23 شخصا محتفظ بهم في قضيّة الفولاذ    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة الملعب التونسي    خبير تركي يتوقع زلازل مدمرة في إسطنبول    استشهاد شابين فلسطينيين وإصابة اثنين آخرين بنيران الاحتلال الصهيوني غربي "جنين"..#خبر_عاجل    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    عاجل/ الحوثيون يطلقون صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر..    عاجل تلاميذ منطقة الحاج قاسم 2يستغيثون للمرة الثانية في نفس الأسبوع..الحافلة معطلة    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    "حماس" تعلن تسلمها رد الاحتلال حول مقترحاتها لصفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    تقلص العجز التجاري الشهري    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبكات الاتصالات فى خدمة بقاء اللغة العربية
نشر في الفجر نيوز يوم 04 - 02 - 2008


شبكات الاتصالات فى خدمة بقاء اللغة العربية
د.سلوى السيد حمادة×
الإعلام هو رمز الحضارة لأى أمة؛ فهو وسيلة التواصل بين أفراد شعبها مع أنفسهم وواجهتهم مع غيرهم، والإعلام إذا أحسن استخدامه بكافة صوره وأشكاله فسوف يزداد وعى الأفراد بما يبثه لهم من توعية ومن فكر وعلم وثقافة.

وقد بدأت شبكات الاتصال فى الدخول فى شتى المجالات والتطبيقات وخاصة الإعلامى، والمتوقع فى بداية القرن القادم أن تكون هذه الشبكات من أهم وسائل الاتصال بين المؤسسات والهيئات وربما بين الأفراد أيضا أى أنها ستصبح وسيلة لتلقى العلوم والحصول على الدرجات العلمية، وهذا ما يطبق فى أكثر الدول المتقدمة مثل أمريكا وفرنسا و اليابان وإنجلترا، ويعنى هذا أن يتصل الطالب بجامعته ويحصل على مادته العلمية وشرح أستاذه عن طريق هذه الشبكة دون الحاجة إلى الوصول للكلية.
وربما تكون الجامعة خارج الولاية، وخارج البلد. ويتدرج هذا الاتصال فى المستوى، حتى إننا نرى ربة المنزل أيضاً إذا أرادت الحصول على منتج ما عن طريق هذه الشبكة تمكنت من معرفة ثمنه فى جميع المحلات ومؤسسات البيع، ومكان الشراء، فتختار ما يناسبها فى السعر وسرعة الحصول عليه، وربما تمكنت من رؤية صور الصنف المطلوب ومدة صلاحيته، وغيرها من المعلومات. واجبنا الحفاظ على اللغة العربية وثقافتها فى عصر تفجرت فيه المعلومات وتطورت فيه الاتصالات إلى هذه الدرحة. وما دورنا كدول شرقية ناطقة باللغة العربية من كل هذا ؟! ما موقعنا على هذه الشبكة؟! وكيف نقويه ونحافظ عليه؟!.
هذه القضية يجب ألا نغفل عنها، وإلا أصبحت الاتصالات متاحة بين دول العالم بينما نمثل نحن منطقة معزولة لا ذكر لها.
إن من المتوقع فى خلال أعوام قليلة، أن تصبح اللغات التى لا مكان ولا استخدام لها على هذه الشبكة فى عداد اللغات المندثرة.
وتسخر بعض الدول الأوروبية جهودا ملموسة لأبحاث اللغة العربية ، ولإيجاد مكان لها على هذه الشبكة، فهناك مؤسسات أجنبية عديدة "لأسبابها التجارية الخاصة" تقوم بالعمل فى مجالات اللغة العربية محاولةً تفهمها وتحليلها.
ألم يحن الوقت لنا أن نتساءل لماذا تهتم هذه الدول بلغتنا، وترصد الملايين للعمل فى مجالها؟!
إن الإجابة بسيطة وواضحة، إنها تريد أن تتحكم فى مواقع اللغة العربية ومصادر المعلومات العربية على هذه الشبكة، ومن ثم السيطرة على فكر وعقول مستخدمى هذه المواقع، وأن تدس لهم معلومات كما يتراءى لها.
وبعد السيطرة على اللغة والفكر يبدأ استعمار جديد، وهو الاستعمار المعلوماتي. ومع التطور العالمي، واستخدام هذه الشبكات فى الدول الشرقية تكون هذه المواقع مصدر المعلومات الوحيد أو على الأقل أهمها؛ ومن ثم يبدأ هذا الاستعمار فى تسخير الفكر العربى واستغلاله، واللعب باللغة العربية والفكر العربى وتحريفهما.
من هنا يلمع دور اللغويين العرب والعاملين فى هذا المجال فى الحفاظ على اللغة، حيث تشتعل حرب مقنعة فى صورة تخريب معلوماتي، لابد أن يواجه بالتصور العلمى واستخدام نفس الأسلحة التى يستخدمها الطرف الآخر؛ بمعنى الإلمام بأبحاث اللغة وتكنولوجيا المعلومات الحديثة وتطبيقاتها ومجالاتها.
ولقد قام بعض الأفراد والهيئات بمحاولات جيدة فى تطبيق بعض هذه التقنيات الآلية، وكان أهمها ما قامت به بعض شركات القطاع الخاص فى مجال الترجمة الآلية.
وما قام به الباحثة وقسم بحوث المعلوماتية بمعهد بحوث الإلكترونيات بالقاهرة. فلننتبه جيداً لدور الشبكات الإعلامى، ولنمد أيدينا من خلاله لجميع الأفراد أطفالاً وشباباً, علماء ومخترعين, بل أصحاب الحاجات والمشكلات أيضا فنأخذ بيد الجميع حتى نرقى بالوطن والأمة.
الأهداف المعادية وحملات التغريب الحاقدة
هناك محاولات كثيرة هدفها التغريب والغزو الثقافى ومحاولة احتواء الفكر العربى والسيطرة عليه بفكر وافد.
هذه الهيئات ليست هيئات ملموسة ماديًّا لكنها تدرك بالفكر الواعى والناضج الذى يستطيع إدراك ما يحاك به من مؤامرات، وهنا يأتى دور الفئة الواعية المثقفة ومسؤوليتها التى يجب أن تحملها على عاتقها وهذا هو الجهاد الأكبر. يجب أن يتصدى الإعلام لهذه المحاولات بفضحها ومقاومتها وتوعية البسطاء وتقييد المنتفعين.
إن التغريب لم يعد موضع شك أو تساؤل بل إن مناهجه واضحة ومعروفة وله مموليه ودعاته ومؤيديه. إن مفاهيم التغريب كثيرة أوضحها خلق عقلية جديدة تعى وتفكر وتنتمى للعالم الغربى وفكره وتصوراته ومقاييسه وتحقر كل ما يخالف ذلك من أفكار الأمم والديانات الأخرى.
من أهم أسلحة التغريب تجريد المجتمعات من لغاتها، وتجريد المجتمع العربى من لغته هو تجريده من تراثه وأصوله ودينه، هو عزله عن قوميته وعروبته وانتمائه، وجذبها للغات الأجنبية حتى يفقد الفرد القدرة على الفكر والإبداع التى تمده بها لغته، وينقاد فكره وإبداعه لسواها.
وما ارتباطنا باللغات الأجنبية واستخدام ألفاظها إلا دليل على ارتباطنا الاستهلاكى فى المعارف أو المنتجات فى جميع المجالات بالغرب، الذى يفرض علينا الوضع القائم.
إن هدف التغريب أيضاً أن نظل مستهلكين لمعارف أجنبية وفكر أجنبى ومن ثم منتجات أجنبية، فنسمع أغانيهم و نلبس ملابسهم، ونستخدمها بلفظها الأجنبى ناهيك عن أسماء المأكولات والمطاعم ودور السينما والأجهزة الحديثة ومدن الترفيه والقرى السياحية، وفى النهاية يتعاظم انتماؤنا إليهم فنعيش تحت السيطرة الغربية فكراً واقتصاداًً؛ لأن كل ما هو محلى سيندثر ويزول.
إننا بذلك نكون قد وضعنا حول رقابنا قيد عبودية لا خلاص منه وهو ما يُهدف إليه الغرب. يجب أن يعى مسئولو الإعلام ذلك ويقوموا بعمل خطط إعلامية منظمة لمحاربة الاستغراب والحفاظ على الكيان العربى واللغة العربية.
"لقد أصدرت وزارة التربية والتعليم الفرنسية فى فرنسا التى كانت تدرس اللغة العربية منذ قرون، بالحروف العربية، فى المدارس الثانوية فى مستوى واحد مع اللغة الإنجليزية والأسبانية قراراً يطبق فى امتحانات البكالوريا فى يونيو المقبل يقضى بأن تمتحن العربية بالحروف الفرنسية التى تستخدم فى ورقة الأجابة عن الأسئلة، ويشمل هذا القرار الغريب على حد وصف عثمان السعدى " التوقف عن تدريس العربية الفصحى التى يعتبرها الداعون للقرار لغة تعاهدية غير حية، واستبدال اللهجات العربية بها مع اعتماد اللهجة المغاربية واللهجة الشامية واللهجة البربرية و اللهجة القبالية.
الأوساط الفرنسية اعتبرت هذا القرار انحرافاً بالثقافة العربية ومن بينهم رئيس الجمعية الفرنسية للغة العربية الذى اعتبره "موقفاً أيديولوجيا" ينطلق من فرنسة اللغة العربية بكتابتها باللغة الفرنسية" "انظر: د.أحمد صدقى الدجانى "قضية الفصحى والعامية فى وسائل الإعلام",12/4/2000، ص10". أين القرار العربى المواجه له؟ أين موقف جامعة الدول العربية؟ لماذا لا نعرب الفرنسية فى المقابل؟ لماذا لا نحفل بكرامتنا العربية؟!.
حملات تشويه العربية
إن مجال تنظير العربية ووضعها فى مصاف اللغات العالمية يعتبر مجالاً خطيراً يلفه الغموض والتحدى مما جعل أرباب اللغة أنفسهم حريصين على الخوض فيه بحرص وبطء شديدين، أدى ذلك للأسف لتأخر هذا النوع من البحث.
ومن الملاحظ أنه مع تقدم التكنولوجيا ورقى الإمكانيات فُتح باب التحدى على مصراعيه مما أمد المتحدين بجرأة شديدة جعلتهم لا يهابون الخوض فيه فقطعت أبحاث اللغويات الأجنبية شوطاً طويلاً وارتقت التطبيقات لمستوًى عالٍ "مثل الترجمة الآلية".
ومع جمود أرباب اللغة العرب عن الخوض فى هذا المجال تجرأ الغربيون على الخوض فيه، غير مدركين أن اللغة العربية لغة شاملة تحتاج لمعاملة خاصة وتتميز بسمات عديدة تحتاج معاملة خاصة فحاولوا إلباسها ثوباً لا يسعها ولا يليق بها وهو ثوب الإنجليزية، غير مدركين للهوة العميقة التى سعوا إليها؛ لذا وجب على المتخصصين ذوى الخبرة والحنكة فى هذا المجال الإلمام بمثل هذه الأعمال وبحثها ونقدها أو تأييدها، بالإضافة أو الحذف، وعدم الوقوف بمعزل وكأن الأمر لا يعنيهم شيئاً.
يجب على الإعلام البحث عن هذه المواضوعات وتبنيها وحث أصحاب المصالح على المشاركة من خلال برامجه الثقافية.
انغلاق اللغويين العرب على أنفسهم
إن علم اللغة ما زال قاصراً على دارسيه حتى الآن ونجد أن كثيراً من المتعلمين والمثقفين لا يعرفون شيئاً عن علوم اللغة وقواعدها وأصولها. كما بدت كتابات اللغويين وقفاً عليهم قراءة وفهماً.
إن أكثر اللغويين يوجه اهتمامه لدراسة أساليب بعض الشعراء والكتاب القدامى ويركز على تأثيرهم وتأثرهم باللغة قديماً. ومع عدم الاعتراض على هذا إلا أن الأولى بهؤلاء دراسة التراث اللغوى وفض خزائنه بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث.
للأسف لم يستطع أرباب اللغة سوى رفع شعارات ضد التطور ومحاولات الرقى باللغة ولم يقدموا لرجال العلوم المختلفة ما يشبع رغباتهم وبسرعة تجرى مع معدل الاكتشافات وما تأتى به الاختراعات، وما يتناقل عبر شبكات الاتصالات من مصطلحات ومعلومات تخدم اللغة وذويها إن عُربت.
لقد دخلت اللغة مجال الصراع بين الدول فيما يسمى بالصراع اللغوي، وبات على كل لغة إما إثبات وجودها على شبكات الاتصال فى مجتمع العولمة، أو التراجع لغير رجعة ككثير من اللغات المندثرة .هذا الصراع أوجب على اللغويين العرب الدخول فيه بصدر مفتوح والإلمام بجميع التطبيقات اللغوية الحديثة والبدء فيها، وهذا لا يعنى تخلف اللغويين العرب عن الركب العالمى بل تأنيهم الشديد حفاظاً على اللغة بطريقة قد تضر بها.
وعلى هذا لم يعد هناك بد من التقاء اللغة العربية بالتقنيات الحديثة والعالمية فى عصرنا هذا، عصر المعلوماتية، وذلك بدلاً من الاهتمام الزائد بدراسة أساليب بعض الشعراء والكتاب والمفكرين القدامى والتركيز على تأثيرهم فى اللغة أو تأثرهم بما يدور حولهم من أساليب أو تأثير عصورهم فى اللغة.
إن الواجب يحتم على متخصصى اللغة الآن دراسة اللغة من منظور علمى تقدمى هندسى جديد بغير إهمال التراث أو استبعاده ومحاولة إيجاد مكان لها فى ركب التطور العالمي، وإن كانت هناك بعض الأفكار المعارضة لذلك بدليل عدم دخولها سباق التقدم جديا حتى الآن.
إن إنتاج اللغويين العرب مازال ضعيفاً لا يتناسب مع منتجات اللغويات فى البلدان ذات الثقافة والفكر ويرجع ذلك إلى:
1-عدم استطاعة اللغويين العرب تنبيه الشعب العربى لأهمية اللغة والهوية العربية فى حياة الشعوب وفرض اللغة الفصحى فى مجالات الحوار بل وفرض أنفسهم كهيئة رقابية تدعم أى إنتاج لغوي. ويجب قبل ذلك أن يعى اللغويون العرب دورهم ويوحدوا جهودهم وصفوفهم كجيش يذود عن الأمة الخطر المحدق بها من ضياع اللغة والهوية واستغلال الساحة الإعلامية كساحة قتال لفرض اللغة والهوية عليها ومن ثم فرضها على الشعوب.
2-عدم إلمامهم بتكنولوجيا اللغة وهندسة اللغة والنظريات الحديثة فى هذا المجال حتى إن بعضهم قد حاول تنظير اللغة العربية نفسها. كذلك عدم إلمامهم بما يتناقل عبر شبكات الاتصالات من منتجات التطور السريع سواء مصطلحات لفظية أو مصطلحات علمية أو مترجمات أو معربات تخدم اللغة وتدعمها.
3- قيود الجمود التى تحارب كل جديد وتشجبه بدلاً من البحث فى صحته وتأييده أو محاولة تصحيحه مما يثبط عزم شباب اللغويين عن البحث عن جديد والاكتفاء بالحدود القديمة طمعا فى الحصول على الدرجات العلمية وهربا من خوض حروب غير متكافئة، وإن كان التجديد متزايداً فى الظهور ولكنه يحبو ببطء وحذر شديدين.
4- تحول الأعمال اللغوية لسلعة إنتاجية من خلال هيئات خاصة، وتحت الظروف الحياتية الحالية أصبح هدف الأبحاث اللغوية مادى فى المقام الأول ،مع ملاحظة عدم نشر هذه الهيئات لتلك الأبحاث التى قطعت شوطاً طويلاً حرصاً على المكاسب المادية، أما بالنسبة للدول الأخرى فتلك الهيئات تنشر أبحاثها لأنها لا تعانى هذا الضغط المادي. والحقوق محفوظة لذويها على أية حال! هذه الدول أيضا تطلق يد البحث على شبكات الاتصالات لجميع الدول وتترك أبحاثها فى مواقع خاصة بها كنوع من الدعاية اللغوية والثقافية أيضاً، وكنوع من الجذب للمتخصصين.
شبكات الاتصال فى خدمة اللغة العربية والأمة العربية:
أولاً: عمل تطبيقات لغوية حديثة فى جميع المجالات وخاصة مجال الترجمة وإنزالها بمواقع عربية الهوية:
إن تقنية اللغة ودراستها وإقامة نموذج حاسوبى لها سيساعد أكثر على تفهمها وكشف كنوزها وجوهرها، وخاصة فى مجال الأبحاث الإحصائية الآلية، ووضعها فى منظومة شاملة ويصبح دور المتخصصين هو الأخذ من هذه التقنيات والإضافة إليها بدلا من عزل اللغة عنها حتى لا يقتصر العلم بعلوم اللغة يوماً ما على دارسيها المتخصصين فقط، ويبتعد عنها غير المتخصصين بل لعلهم يلجأون إلى التعبير عن أنفسهم كتابة باللهجة العامية مثلا أو باستخدام لغات أجنبية أخرى، كما حدث فى اللغة الأمريكية الإنجليزية التى حرفت بعض كلماتها للسهولة والسرعة حتى فى الكتابات العلمية، وكفانا دليلا على حاجة اللغة للتقنيات الجديدة والاستفادة منها دخول الدول المتقدمة سباق تطور هندسة اللغة منذ أكثر من أربعين عاما واشتعال التسابق بينها فى محاولات التطوير خاصة فى مجال الترجمة الآلية لكشف علوم الدول الأخرى ونقلها إليها واستعمارها استعمارا معلوماتيا.
واجبنا الآن إنقاذ اللغة العربية وإخراجها من عزلتها أسوة باللغات الأخرى التى لها تراث أدبى وحضارى مثل الإنجليزية والفرنسية، وعلى الرغم من ذلك لم تحاول فرض هذه العزلة على نفسها.
ثانياً: إنشاء قاعدة بيانات شاملة لتوثيق وفهرسة النصوص العربية المكتوبة بكافة أشكالها وأنواعها على شبكات الاتصال:
لا يستطيع أحد أن ينكر ارتباط التقدم والرقى والنجاح بحجم المفاهيم والخبرات التى تحتويها النصوص المكتوبة. فالكتابة هى سرُّ تواصل القديم بالحديث وجسرٌ يربط بين الحضارات والقيم، وبقاءٌ وترسيخٌ للعلوم والديانات أيضاً.
ولكى يتمكن شخص ما من أن يضيف مفهوماً أو مضموناً أو رؤية جديدة سواء كانت علمية أو أدبية لابد له من الاطلاع عما سبق من مفاهيم ومضامين ورؤى كتبت فى هذا المجال. عندها سيقوم باستيعاب القديم للإضافة عليه أو لتنقيحه أو حتى نقده، وهنا يكمن ما يسمى بالتقدم والرقي. ومن دواعى الأسف تكرار الجهود والكتابات وربما المشاريع أيضاً داخل الوطن العربى بسبب ضعف أو انعدام الصلة بين دور النشر والمؤسسات العلمية والرسمية فيما بينها وفيما بين الفرد العربى والهيئات العربية الأخرى.
من هنا ظهرت الحاجة الملحة لتوثيق وفهرسة النصوص المكتوبة وحصرها وتوفيرها لمن يطلبها سواء كانوا أفرادًا أو هيئات. ومما يشجع على هذا العمل ويجعله فى عداد المتناول الإمكانات الهائلة التى توفرها لنا تكنولوجيا المعلومات والحاسبات بالإضافة لمعبر المسافة والزمن من خلال شبكات الاتصال.
لا يفوتنا أيضاً الإشارة إلى أهمية توافر كتابات باللغة الأم "العربية" وما لعلوم اللغويات فى هذا العصر من أهمية . وعلى الإعلاميين المساهمة فى مثل هذه الأعمال والتعرض لها سواء بالإشارة إليها أو نقلها أو مناقشتها أو عرضها حتى لا نفقد التواصل بين الشعوب العربية تاريخيًّا وجغرافيًّا.
ثالثاً عمل قنوات اتصال على هذه الشبكات بين المراكز البحثية والمراكز التطبيقية:-
عن طريق هذه القنوات يمكن للمراكز التطبيقية التعريف بحاجاتها وطرح مشاكلها للمراكز البحثية العربية لحلها عن طريق عمل لجان مشتركة بين الباحثين والتطبيقيين، كذلك يمكن إنشاء وحدات للاتصال الفنى والتسويق بالمراكز البحثية على هذه الشبكات، و إنشاء وحدات بحث تطويرى وهندسى فى قطاعات الإنتاج أيضاً.
رابعا عمل قنوات اتصال بين هيئات الخدمات الحكومية أو الخاصة وأصحاب المصالح من الهيئات الأخرى أو الأفراد لتوفير الوقت والجهد وسرعة الاتصال مثل:
× قيام وزارة التربية والتعليم بوضع خدمة لطلاب المرحلة الثانوية النهائية لمعرفة درجاتهم عن طريق إدخال أرقام الجلوس.
× قيام وزارة التعليم العالى بوضع خدمة لطلاب المرحلة الثانوية النهائية لمعرفة الكلية التى تم التحاقهم بها عن طريق إدخال أرقام الجلوس.
× قيام وزارة العدل بعمل مواقع قانونية للاستفسار عن أى مشاكل قانونية.
× قيام المكتبات الكبرى بتوفير معلومات عن الكتب الموجودة بها.
وغير ذلك من الخدمات المزمع القيام بها خاصة لأصحاب المعاشات وغيرهم. لذلك يجب على العرب كما قلنا سابقًا الإسراع فى إنشاء المواقع العربية الفعالة على شبكات الاتصال لخدمة الأمة العربية.
× معهد بحوث الإلكترونيات فى مصر- قسم بحوث المعلوماتية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.