الحديث عن عودة الأخ الكريم عبدالحميد حمدي إلى البلاد بصورة مفاجئة لم يحن بعد، رغم السبق الذي سجّله العنوان البارز على صفحات "السياسية": [عبد الحميد حمدي: عودتي ردّة فعل على مؤتمر المهجّرين في جنيف]...! فالحديث عن عبدالحميد وعودته يستوجب وجود عبدالحميد ذاته على عين المكان والسماع والاستفسار منه والتثبّت في مغزى الكلمات التي كتبت عنه أو نسبت إليه، ذلك أنّني لا أريد التضحية بعرض أخي استجابة لما ينتابني من غضب أحدثته الكلمات المنقولة عنه، فإنّ العلاقة مع عبدالحميد الذي عرفناه أكبر من أن يؤثّر فيها مسمار نخره السوس والصدأ لكثرة ما رابط في برك المياه الآسنة... ولكنّي أتوقّف اليوم بالسؤال مع "السياسية" وأستوضح منها سبب اكتفائها بالمرابطة في مواقع "الفرحة" دون الانتباه أو الاهتمام بما يدور غير بعيد عنها في زوايا الأحزان والمصائب المسلّطة على النّاس من ذات السلطة التي أسبغت على "الفرحين" فرحتهم!... ففي الوقت الذي عاد فيه الأخ عبدالحميد سالما إلى أرض الوطن وسعت فيه "السياسية" إلى إبراز ما تعتبره حقائق ومفادها بلسانها أو بتطويع ألسنة غيرها أنّ [...العودة إلى الوطن هي اليوم واجب على كلّ التونسيّين وذلك بحكم العديد من الرهانات والتحديات مؤكّدا (اللسان الذي أنطقته) الاهتمامات البارزة الّتي لقيها كلّ العائدين بحرص شخصي من سيادة رئيس الدولة زين العابدين بن علي وبتوجيهات سامية منه وهو ما يُفنّد – حسب رأيه (قلت: رأي الذي سألوه، فهم يستعملون دائما "وشهد شاهد من أهلها" تبرئة لذممهم) - ادّعاءات البعض غير الصحيحة عن تونس وعن حق العودة المشروط]...، كان الأخ الدكتور أحمد العشّ يُستقبل من طرف الوجوه الكالحة والعضلات المفتولة والأفواه النتنة والألسنة الحداد والقلوب المختوم عليها والبصائر العمياء والمحاكمة "العادلة" والسجن المضيّق النّافذ، دون اعتبار أو إنفاذ لما جاء على لسان "السياسية" ولا على ألسنة شهودها!... فسيادة رئيس الدولة يولي الاهتمامات لكلّ العائدين (صحيح) ولكنّه ينوّع فيها؛ فيسقي هذا من "رحيقه" ويسقي هذا من سمّه وصدئه.. فهو لِسَادِيتِه المتعاظمةِ فيه يُعذِّبُ الإسلاميين بالإسلاميين، فينفي عن الفَرِح منهم فرحته بتعذيب أخيه ويزيد من عذاب المعذَّب منهم بإدخال "الفرحة" على أخيه، وهو في ذلك ينشد السير على طريق من قال: "أنا أحيي وأميت"!... وهو للؤمه وقصوره في ذات الوقت لم يجد من وسيلة لتلميع صورته التي قذّرها بمعاملة الإسلاميين إلاّ الإسلاميين أنفسهم، حيث اضطرّ مخزيا على استقبال البعض منهم في المطارات بسرادقاته وحيث أخضع وسائل إعلامه العمياء إلى إجراء الاستجوابات (وليس الحوارات) لإنطاقهم بما يحسّن صورته لدى النّاس... فهو وسخ لا يطهّره إلاّ الإسلاميون، فليتّق الإسلاميون الله في اختيار وسائل التطهير!... كانت "السياسيّة: [سبّاقة في وقت مضى إلى نشر تصريح للسيّد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان في الحكومة التونسيّة أكّد من خلاله أنّ أبواب تونس مفتوحة لكلّ أبنائها دون قيود وأنّ العودة مكفولة بحكم الدستور ولا يُمكن لأحد أن يقف في طريق تحقّقها]، كما سبق لها أن التقت السيّد عبدو معلاوي (الّذي أكنّ له الاحترام وأرجو له الثبات والتوفيق) وأفادت بأنّه [عاد إليها (أي تونس) مكرّما وهو حاليا بصدد تنفيذ عدد من المشاريع الاقتصاديّة الهامة بعدد من جهات البلاد برفقة شركائه الكنديين (قلت: بارك الله في عبدالرحمن وأرجو ألاّ يُكافأ بما درج عليه اللّئام، وقد بيّنت أكثر من مرّة أنّ كلّ الكفاءات التونسية بذات الحرص الذي عند عبدو على المصلحة، غير أنّ المصيبة تكمن في "كيف يقتنع النّظام بذلك")]..، فلماذا لم نشهد للسياسية سبقا في كشف معاناة التونسيين! أم أنّ حال الجميع على ما يرام! وإذن فمن يعذّبُ الصادق شورو الآن في برج الرّومي؛ أهو الرّمي نفسه؟! ومن ينكّل بالكثير من الشباب التونسي؟! ومن يُعامل أهلنا بالحوض المنجمي بمثل ما يُعلملون به منذ أكثر من سنة ونصف؟! ومن يسجن الدكتور أحمد العشّ العائد إلى تونس وهو الذي يحمل تخصّصا مفيدا لتونس التي نخرها الكثير من الأمراض النفسية؟!.. أرجوكم!.. قولوا خيرا أو اصمتوا قبل أن يتبرّأ منكم صاحب التوجيهات السامية وقبل أن ينقلب سموّكم وسموّه معيشة ضنكا في الدنيا وعمى – عياذا بالله تعالى – في الآخرة!...