واجهت الحكومة البريطانية عاصفة من الاتهامات والضغوط التي تدعوها لكشف دورها فيما بات يوصف ب "صفقة" إطلاق سراح ضابط الاستخبارات الليبي السابق عبد الباسط المقرحي المدان في تفجير لوكربي، بعدما شكر الزعيم الليبي معمر القذافي رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون والملكة إليزابيث ل "تشجيعهما" السلطات الأسكتلندية على اتخاذ قرار الإفراج.ودعا زعيم حزب المحافظين المعارض ديفيد كاميرون رئيس الوزراء إلى "الخروج عن صمته" وتوضيح إذا ما كان يعتقد بأن الإفراج عن المقرحي كان قرارا خاطئا أم صائبا. وطالبت صحف بريطانية ب "كشف دور حكومة بلادها في القرار"، واعتبرت صحيفة فاينينشال تايمز أن لندن وجدت في إطلاق المقرحي "وسيلة مناسبة للانسحاب من هذه القضية وإلقائها على عاتق أسكتلندا وحدها". طالع أيضا: * الإفراج عن المقرحي رغم استياء واشنطن أما صحيفة "ذا جارديان"، فقالت إن القرار لا يختلف عن أي صفقات "اشتملت على غض الطرف عن اعتبارات العدالة والحقيقة". ورأت "ذي إندبندنت" أن "السذج وحدهم يصدقون أن هذا القرار لم ينبع من مصالح سياسية وعن درجة من المشاورات وحتى التواطؤ بين ادنبره ولندن.. ينبغي أن يكون المرء ساذجا كي لا يشم رائحة الصفقة وراء ذلك". وكان الرئيس الليبي قد استقبل المقرحي وعائلته في منزله مؤخرا، وقال إن الإفراج يأتي في مصلحة "الصداقة الشخصية" بينه وبين بريطانيا، كما "سينعكس بشكل إيجابي في التأكيد على كل مجالات التعاون بين البلدين". وأشاد كذلك ب"شجاعة" الحكومة الأسكتلندية، لاتخاذها القرار "رغم الضغوط غير المقبولة وغير المنطقية التي عارضتها". وأكد نجله سيف الإسلام أن قضية المقرحي كانت في صلب العقود التجارية التي تم توقيعها مع لندن، قبل أن يؤكد أن إطلاق المقرحي جاء بمبادرة إنسانية من أسكتلندا. وأوضح سيف الإسلام أن ملف المقرحي "كان دائما على طاولة كل المفاوضات السرية والعلنية مع بريطانيا، وتم استغلاله في كل الصفقات التجارية". وأوضح أنه جعل الإفراج عنه شرطا لأي صفقات مع لندن، ونُقل عنه قوله للمقرحي: "في كل الصفقات التجارية والنفطية والغاز التي أشرفنا عليها، كنت أنت دائما موجودا على الطاولة". نفي بريطاني لكن الحكومة البريطانية سارعت إلى نفي هذه التصريحات، وشدد ناطق باسمها على "عدم وجود صفقة"، مؤكدا أن مسئولية الإفراج عن المقرحي تقع على عاتق أسكتلندا التي تدير شئونها القضائية. وقال وزير شئون الأعمال البريطاني بيتر ماندلسون الذي التقى سيف الإسلام هذا الشهر في جزيرة كورفو اليونانية، إن الأخير أثار مسألة المقرحي، إلا أن "الإفراج عنه قرار يعود بأكمله إلى وزير العدل الأسكتلندي، وهكذا تركنا الأمر، وهكذا تم تفهمه". ونفى رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير خلال مقابلة مع شبكة سي إن إن الأمريكية الأحد أن يكون الإفراج عن المقرحي جاء جزءا من صفقة عقدتها لندن مع طرابلس للحصول على مصالح تجارية. وقال "إن الإفراج عن المقرحي جاء بقرار من السلطات الأسكتلندية، وهي جهة لم أكن أمتلك سلطة عليها خلال رئاستي للحكومة البريطانية، وكذلك رئيس الوزراء الحالي جوردون براون". وكان المقرحي أكد في مقابلة مع صحيفة "ذي تايمز" البريطانية أنه سيقدم أدلة تثبت أنه كان ضحية خطأ قضائي. وقال: "لو كانت في بريطانيا عدالة، لكنت برئت أو لكان الحكم ألغي لأنه كان غير قانوني. لقد كان خطأ قضائيا.. رسالتي إلى المجتمعين البريطاني والأسكتلندي هي أنني سأقدم الدليل (على براءتي) وسأطلب منهما أن يكونا هيئة المحلفين". يذكر أن القضاء الأسكتلندي أدان المقرحي عام 2001، وعاد وقرر عام 2003 عدم السماح له بطلب إطلاق السراح المشروط قبل قضاء 27 عاما في السجن.