وزير الشؤون الاجتماعية: هناك فارق كبير في جرايات القطاع العام والخاص    اليوم..محاكم تونس الكبرى دون محامين..    وزير الشّؤون الاجتماعيّة: "التمديد في سنّ التّقاعد بالقطاع الخاص سيدخل حيّز التنفيذ قريبا"    تونس: في ظلّ تحقيق الاكتفاء الذاتي في مُنتجات الدواجن مساعي للتوجه نحو التصدير (فيديو)    مفزع: أكثر من 10 آلاف شخص في عداد المفقودين تحت الأنقاض بغزة..    تشاجرت مع زوجها فألقت بنفسها من الطابق الرابع..وهذا ما حل بمن تدخلوا لانقاذها..!!    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    لمن يهمّه الأمر: هكذا سيكون طقس ''الويكاند''    المرسى: القبض على شخصين و حجز أكثر من 130 قرصًا مخدرًا    طقس اليوم الخميس    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    ستيفانيا كراكسي ل"نوفا": البحر المتوسط مكان للسلام والتنمية وليس لصراع الحضارات    وزيرة التربية تكشف تفاصيل تسوية ملفات المعلمين النوّاب    بينهم ''تيك توكر''...عصابة لاغتصاب الأطفال في دولة عربية    حالة الطقس ليوم الخميس 02 ماي 2024    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    المهرجان الدولي للثقافة والفنون دورة شاعر الشعب محمود بيرم التونسي .. من الحلم إلى الإنجاز    البنك المركزي : نسبة الفائدة في السوق النقدية يبلغ مستوى 7.97 % خلال أفريل    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    أمطار غزيرة بالسعودية والإمارات ترفع مستوى التأهب    الشرطة تحتشد قرب محتجين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة كاليفورنيا    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    تركيا ستنضم لجنوب إفريقيا في القضية ضد إسرائيل في لاهاي    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    بعد اتفاق اتحاد جدة مع ريال مدريد.. بنزيما يسافر إلى إسبانيا    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    المرسى.. الاطاحة بمنحرفين يروّجان الأقراص المخدّرة    في خطإ على الوطنية الأولى: دكتور وكاتب يتحول إلى خبير اقتصادي    مدرب بيارن : أهدرنا الفوز والريال «عَاقبنا»    أخبار الاتحاد المنستيري...رهان على «الدربي» وفريق كرة السلة يرفع التحدي    وفاة الفنانة الجزائرية حسنة البشارية    سعيد يعود احد مصابي وعائلة احد ضحايا حادثة انفجار ميناء رادس ويسند لهما الصنف الأول من وسام الشغل    اتفاقية تمويل    وزارة الشباب والرياضة تصدر بلاغ هام..    غدا الخميس: وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي يوقعان اتفاقا ينهي توتر العلاقة بينهما..    وزارة السياحة تقرّر احداث فريق عمل مشترك لمعاينة اسطول النقل السياحي    عيد العمال العالمي: تدشين المقر التاريخي للمنظمة الشغيلة بعد أشغال ترميم دامت ثلاث سنوات    الكاف: اليوم انطلاق فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان سيكا جاز    ندوات ومعارض وبرامج تنشيطية حول الموروث التراثي الغزير بولاية بنزرت    بعد تتويجه بعديد الجوائز العالمية : الفيلم السوداني "وداعا جوليا " في القاعات التونسية    عقوبات مكتب الرابطة - ايقاف سيف غزال بمقابلتين وخطايا مالية ضد النجم الساحلي والملعب التونسي ونجم المتلوي    النادي الافريقي- جلسة عامة عادية واخرى انتخابية يوم 7 جوان القادم    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    الاحتفاظ بتلميذ تهجم على استاذته بكرسي في احد معاهد جبل جلود    جندوبة: فلاحون يعتبرون أن مديونية مياه الري لا تتناسب مع حجم استهلاكهم ويطالبون بالتدقيق فيها    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    اعتراف "أسترازينيكا" بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا قد يسبب آثارا جانبية خطيرة.. ما القصة؟    هام/ وزارة التربية تدعو إلى تشكيل لجان بيداغوجية دعما لتلاميذ البكالوريا..    وزارة التجارة: لن نُورّد أضاحي العيد هذه السنة    تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    مهرجان سيكا جاز: تغيير في برنامج يوم الافتتاح    اليوم: تونس تحيي عيد الشغل    وزارة الفلاحة تضبط قيمة الكيلوغرام من التن الأحمر    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل :لا أرى شخصا يصلح لرئاسة مصر من الأسماء المتداولة
نشر في الفجر نيوز يوم 18 - 10 - 2009

قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إنه توقع عدم نجاح المرشح المصرى فى انتخابات اليونسكو منذ البداية، مشيرا إلى أن الأمريكان رفضوا فاروق حسنى لكبر سنه ولتعدد المشكلات والتحقيقات فى مكتبه.
وتعجب هيكل ممن قالوا إن نفوذ الرئيس مبارك سيخدم فاروق حسنى فى المعركة وقال «لا يوجد رئيس أكبر من بلده»، مشيرا إلى أن مصر هى التى صنعت نفوذ رؤسائها.
واستنكر هيكل استقبال مصر لوزير الإسكان الإسرائيلى بنيامين بن أليعازر الصادر ضده أحكام لتورطه فى قتل 65 جنديا مصريا، فى الوقت الذى رفض فيه جابى أشكنازى رئيس الأركان الإسرائيلى الهبوط بطائرته فى مطار هيثرو خوفا من ملاحقته قضائيا لتورطه فى جرائم حرب. وقال الكاتب الكبير للإعلامى محمد كريشان فى الجزء الثانى من حواره مع قناة الجزيرة «قلّبت عليّا المواجع»، مضيفا أن «حضور بن أليعازر إلى مصر وقاحة».
الجزيرة: أشرتم فى الجزء الأول من الحوار إلى غياب الدولة الرائدة والقائدة.. وليس سرا أن مصر هى التى كانت تقوم بهذا الدور طويلا، والآن هناك حديث عن انكفاء هذا الدور أو تراجعه، لكن المؤلم عدم وجود قوة أخرى تقوم بهذا الدور، ففى فترة كانت العراق، الآن لا وجود لأى بديل.. كيف ترى ذلك؟
هيكل: لا أرغب أن أتدخل فى رأيك عن الدولة الرائدة، لكن بلا جدال مصر فى أزمة مثلها مثل الآخرين، لأن هناك خيارات أخرى اتخذت أولها أن 99٪ من الحل فى أيدى الأمريكان، مصر كانت تلعب دورا كبيرا والعالم العربى اعتمد على هذا الدور.
وأحب أن أذكر أنه عندما تخرج مصر فقد خرج نصف العالم العربى، لسبب وهو أن العالم العربى فى القارة الأفريقية سينعزل بعيدا إسرائيل كعازل موجود وبعض الناس يتصورون أن الجغرافيا ليست موجودة، الجغرافيا موجودة، لكن يجب أن تكون فعلا متحركا، وليس مخبأ، الناس تختبئ فى كهوفه، لكن عندما تخرج ويقال مصر أولا، يخرج نصف العالم العربى غرب سيناء، ويصبح غير مؤثر فى موازين القوى، فليبيا ليست موجودة والجزائر والمغرب، والسودان ليست موجودة وهكذا.
وهنا الاعتماد العربى على مصر باعتبار الدور الذى قامت به فى مراحل كثيرة.
هناك خطأ آخر هو أننا فهمنا الدور بمعنى الوظيفة وهذا خطر جدا، الدور يكون لك بمقدار ما تؤدى وبمقدار ما تنهض بتبعاته، ويكون الدور ليس لك إذ أنت تركته، ولا تريده تعنى أن تكون تعبت، وهذا حقك، لكن إذا اخترت ذلك لا تقول أنا زعيم العالم العربى لأن هذا ليس وظيفة.
ومن الأخطاء الكبرى التى حدثت أننا تصورنا إذا اتخذت مصر قرارا فقد أصبح على بقية العرب أن يتبعوه وهذا ليس صحيحا، من الممكن أن يكون صحيحا إذا كان هذا الدور يلقى تأييدا جماهيريا واسعا خارج حدودك، وإذا كان منطقيا ومعنيا ومتصلا بما يجرى فى العالم.
فى مرحلة التنوير أثناء ما كان طه حسين، وتوفيق الحكيم وأحمد أمين وكل هذا الجيل من الرواد موجود، مصر كان لها دور متخطٍ لأن هذا كان متجاوبا مع حركة العرب، وأثناء جمال عبدالناصر كان لمصر دور متخطٍ لأنها كانت مشاركة فى حركة التحرر وفاعلة.
أن تقف على المسرح وتؤدى دورك وحولك فرقة كاملة يبقى مقبولا، لكن إذا خطر على بال هذا الممثل أنه فعلا «الكينج لير وخرج بملابسه فى الشارع الناس هتضحك عليه فأنت ماتقدرش تلبس ملابس دور أنت لا تؤديه سواء فى السياسة أو على المسرح».
أعتقد أن هناك فهما خاطئا للعالم وحركة العالم بحيث وصلنا إلى شىء متناقض مع كل شىء، فأنا لم أصل إلى أن العربى يقر فى ذهنه أن إسرائيل هى صديقة وإنها تقدر تعمله حاجات، فمرات تنظر وأنت مذهول لمشهد لا يصدق ومرعب، فهل يعقل أننا خضنا معركة اليونسكو، أنا لست خبيرا فى اليونسكو، ولكن أنا تواجدت هناك شهرا كاملا بتكليف من أحمدى رئيس اليونسكو السابق كرئيس للجنة تبحث العلاقة بين الثقافة والإعلام وكان فيه 2 وزراء إعلام ووزراء خارجية، وقدمنا تقريرا لأحمدى عام 1984 وتعرفت حينها بشكل ما على اليونسكو، لأن موضوع المنظمات الدولية نحن لا نفهمه.
نحن كعرب بصفة عامة لم نكن نقترب من رئاسة المنظمات الدولية، لأنه كان فيه تقدير أننا لا نريد أن نتعامل مع إسرائيل وبما أننا لا نريد أن نتعامل معاها، فليس من المهم أن يكون عندنا أحد رئيس الأمم المتحدة وأى شىء من هذا القبيل، خصوصا أنه توجد قاعدة وهى أن الدول الأطراف فى النزاع تكون خارج هذه المناصب، ولكن دخلنا فى ظروف فالدكتور يوسف بطرس تم ترشيح ولكن ليس نحن من رشحناه، فترشيح الأمين العام بيكون بين الدول الأعضاء فى مجلس الأمن فتوافق عليه وتتقدم به للجمعية العامة وتقره، وبطرس غالى اللى كانت مرشحاه فرنسا على أساس إنه عمل خدمات لمنظمة الفرانكفونية وأمريكا قبلته على أساس إنه وزير الخارجية الذى ذهب مع السادات للقدس.
وبطرس غالى فى حد ذاته رجل ذكى ومتحضر وفيه مزايا هائلة لكن لم يكن مرشحنا.
ومحمد البرادعى نحن قاومنا ترشيحه لأن مصر كان عندها مرشح آخر والبرادعى نجح لأن هناك دولا اعتقدت أنه رجل فى منتهى الكفاءة وأصلح من أى مرشح لرئاسة هيئة الطاقة الذرية وهما لم ينجحا بسببنا لكن بالرغم عنا.
وعندما وصلنا للتفكير فى رئاسة اليونسكو سألنى اثنان من المرشحين العرب (غازى القصيبى وإسماعيل سراج الدين)، فقلت للقصيبى لن تنجح، فقال لى أنا معى كشف «فى جيبى منهم كذا وكذا»، والأمير عبدالله كان وقتها ولى العهد ذاهب إلى اليابان ليقول لهم إما أن تسحبوا مرشحكم أو أن نقطع عنكم البترول فقلت له هذا لن ينفع لأن اليونسكو لها حسابات أخرى.
دكتور إسماعيل سراج الدين قابلته بعدها فقلت يا دكتور إسماعيل المرشح اليابانى سوف ينجح مهما فعلتم لأن اليونسكو لها حسابات أخرى، ومصر فى الوقت ده كانت أيدت القصيبى.
وفشل الاثنان واليابانى نجح، لسبب بسيط شرحته للاثنين لأنه عندما انسحبت أمريكا من اليونسكو للضغط على أحمدى أمبو بسبب الدور الأفريقى، ودور دول العالم الثالث فى اليونسكو، توقفت عن دفع حصتها، اليابان فى هذا الوقت ظلت تدفع حصة أمريكا، فعندما طلبت منصبا دوليا لأول مرة، فكان من الطبيعى أنها تحصل عليه.
أما نحن تصورنا أن إسرائيل لها هذه القيمة، وكان من الغريب أن تصورنا أن إسرائيل تملك وتقدر وهذا من الغريب ولم نتنبأ إلى أنها لا تملك ولا تقدر، وعلى فرض أنها تريد، وجاء نتنياهو إلى مصر وقال نحن لن نعارضه ولكن هو وحضوره، وأعطينا لإسرائيل امتيازات، وهذا كان فهما خاطئا.
وعلى سبيل المثال سياسى ألمانى زارنى فى برلين وتكلمنا عن الدور الإسرائيلى، وقال لى «هل عندك مانع تزور نصب الهولوكست؟»، فقلت لا فأنا أفرق بين اليهود والإسرائيليين، فقال لى «أتذهب معى إلى الهولوكست» كأنه يتحدانى، فقلت له «ماعنديش مانع»، ونزلت وذهبت معه، وعندما عدنا قال «أنا متعجب مما تفعله إسرائيل فى موضوع اليونسكو» وقال لى «بسبب رغبتكم فى مساعدة إسرائيل لكم فى اليونسكو تركتم لها فى موضوع الغاز ما يساوى حجم كل المساعدات الأمريكية التى تحصلون عليها»، وهو ما أثار دهشتى، فهناك وهم للدور الإسرائيلى وأنا عارف إنه سيطلب من أحد تكذيب ما أقوله الآن.
نحن على سبيل المثال قلنا لا نريد مرشحا عربيا آخر ينافس فاروق حسنى، المغاربة كانت لهم مرشحة وعندما «قلبنا الدنيا» امتنعت عن الترشيح.
وقيل إن الدكتور غسان سلامة، وهو وزير ثقافة لبنانى سابق، سيرشح نفسه، وكانت هناك مفاوضات لتصدير غاز للبنان، والسنيورة قال الحمد لله أنهينا المفاوضات بنجاح، فقالوا له مازال هناك شىء آخر وهو أن الاتفاق سارٍ فى حالة عدم ترشح غسان سلامة، فقال لهم السنيورة مصر تطلب وتُجاب.
فعندما تغيب هيبة الدور أو جلال الدور أنت تلجأ فى تعويضه إلى أسباب وتتصور وقتها أن الأمر يحتاج للضغط على الدول العربية وأنت لست فى حاجة إلى ذلك، وهناك أوقات نتصور هناك صداقات بين رؤساء الدول وهذا غير صحيح، فإذا قال لى رئيس دولة إنه صديق لرئيس آخر وأن هذا يؤثر فى السياسة، فأقول له آسف هذا غير طبيعى وليس ممكنا، لأن كل رئيس دولة يحاول مع الرؤساء الآخرين أن يعظم مكاسبه ويقلل ما يدفعه، فالعلاقة هى علاقة جدلية أو علاقة شد وجذب فيها تبادل مصالح لكن ليس فيها علاقة شخصية.
تعجبت عندما قيل إن النفوذ الدولى للرئيس سوف يخدم مصر، هذا ليس صحيحا فلا يوجد رئيس أكبر من بلده، مصر هى التى صنعت نفوذ أى رئيس لها.
تصورنا أن إسرائيل تقدر تساعدنا فى اليونسكو، وأنا قلت مبكرا إن المرشح المصرى لن ينجح لسبب واحد إنه فى هذه المرة كان واضحا أن هناك رغبة فى إشراك أوروبا الشرقية.
الأمريكان من أول لحظة قالوا لا داعى للمرشح المصرى، أولا لأنه كبير فى السن، ولا توجد مؤامرة يهودية ولا حاجة، ورجعنا من اليونسكو بنشتم اليهود ونشتم الأمريكان ونشتم الدنيا كلها لا اليهود كانوا يقدروا يعملوا حاجة، فالأمريكان من الأول قدموا مذكرة قالوا فيها إن المرشح المصرى سنه كبيرة تخطى السبعين وكان فيه تحقيقات فى مكتبه. وأى حد كان بيتابع الخريطة كان هيعرف إن هذه المرة ستذهب إلى شرق أوروبا ومطلوب إن شرق أوروبا تشارك فى الحركة الثقافية فى العالم وإنه تحت أى ظرف لن يكون منا، هناك خطأ فى فهم العالم، خطأ فى فهم الدور وحدوده، الخطأ فى فهم كيف يمكن أن تحقق ما تريد، الخطأ الثانى إنك ماترجعش تشتم فى كل الناس، وتقول اليهود خانونا «أمال رايحلهم ليه».
الجزيرة: د. غازى القصيبى الذى أشرت إليه كتب مقالا فى جريدة الحياة غير بعيد عن الاستخلاصات الرئيسية فى ضوء تجربته وفى ضوء تجربة السيد فاروق حسنى، الآن وقد تناولنا موضوع الريادة والقيادة سننطلق إلى ما قيل إنه بسبب غياب هذا الدور وبسبب قوى إقليمية أساسية ( تركيا وإيران )، كنا نتحدث عن الدور المصرى وغياب الدولة الرائدة والقائدة فى المشهد العربى.
هيكل: لا غائب ولا حاضر كنت أتكلم عن حضورها لا تدخلنى فى خطأ.
الجزيرة: مقابل هذا الوضع هناك حديث الآن متنامٍ عن دور تركى بارز ودور إيرانى بارز فى المنطقة، والبعض يربط أنه بسبب هذا الوضع العربى برزت القوتان بهذا الشكل، وبالنسبة للموضوع التركى تحديدا، هناك اتجاهان، اتجاه تركيا وهى تبتعد عن إسرائيل أو على الأقل هذا ما يتم تصويره إعلاميا، وتقترب أيضا بالتوازى مع جوارها العربى (اتفاقها مع سوريا) حتى إن بن أليعازر وهو أحد الوزراء الإسرائيليين أشار إلى «ضرورة التصرف بحساسية فى الموضوع التركى، حتى لا تحقق ما سماها التوقعات السوداء، فى أن تركيا قد تنقلب علينا»، كيف تنظر إلى هذا الدور التركى خاصة فيما يتعلق بالتاريخ والجغرافيا أشرت إلى أن سوريا ابتعدت عن التاريخ ورتبت موضوع الجغرافيا.
الجزيرة: كيف ترى هذا الدور التركى الآن فى المنطقة؟
هيكل: أود أن الفت النظر إلى أن بن أليعازر زار مصر مع نتنياهو لأول مرة فى مايو جالنا هنا علما بأنه صادر ضده أحكام كثيرة فى مصر لأنه الرجل الذى أمر بقتل أسرى حرب مصريين، وهذه من الأمور التى تضعف موقفنا جدا، فالجريمة التى قام بها بن أليعازر طالت 65 جنديا وضابطا مصريا، لكن عندما جاء نتنياهو إلى القاهرة قال إننى قادم إليكم ومعى صديق مصر وصديقكم بن أليعازر، وأنا اعتبرت أن هذه وقاحة لأن هذا الرجل مطارد ومحكوم عليه، فى نفس اللحظة تقريبا كان رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلى أشكنازى على وشك أنه ينزل بطائرته إلى مطار هيثرو لكنه تراجع عندما عرف أنه مطلوب بجرائم حرب، وأنا عندى واحد هنا ثابتة عليه جريمة الحرب وجاء يتبجح بصفته صديقى وصديق مصر.
فى داخل كل بلد عربى حدثت عملية تجريف للحياة السياسية.. والحياة السياسية فى أى بلد فى الدنيا تقوم على حاجتين، حوار يرد عليه ويناقش ويثير القضايا، والجانب الآخر وعى يدفع الناس للتفكير فى شأن المستقبل وهنا أنا أعتقد أن هذا المستقبل معلق بمجهولات كثيرة فى الداخل.
أما فى الخارج بسبب الخيارات الخاطئة حدث تفريغ للتاريخ وهنا بدأت الجغرافيا تعمل فعلتها فعندما يعز الفعل التاريخى للبشر تبقى الأرض وتبقى طبائع الأرض وتبقى طبائع الجوار تشد وتؤثر، فتركيا باستمرار بجوار سوريا وأنا كنت واحدا من الناس المتصورين أن هناك دورا تركيا قادما لأنه بتجريف التاريخ اللى جارى فى العالم العربى، الجغرافيا هتعمل فعلتها، وتركيا هتيجى وتدخل فى تناقض مع إسرائيل وفى أول مرة تكلمت فى الجزيرة أشرت لهذا وما أريد أن أقوله إن العالم العربى آثر أن يهجر التاريخ كله لأسبابه المختلفة و«بقيت الجغرافيا تعمل فعلتها فى كل حتة فمرة تبقى سجن مثلما يحدث فى الفلسطينيين ومرة تبقى كارثة مثلما يحدث فى السودان ومرة تبقى حصار مثلما يحدث فى مصر».
وبالنسبة لسوريا كانت باستمرار تنظر سواء لمصر أو العراق بفعل الفعل التاريخى والثقافى والاتصال الإنسانى وهذا توقف، والأمن ملح لأن احنا طلعنا بالتسوية لوحدنا وهذا إذا قلنا إنها تسوية ولكنها ليست سلاما ولا أى حاجة، لكن سوريا بقيت وحدها ولديها أرض محتلة وهنا تحاول أن تجد تعزيز قوتها من الجوار وكان لديها دور تركيا وإيران وأنا مرحب بهذا لعدة أسباب لأن أنا واحد من الناس المطالبين بقسوة ومبكرا جدا بأن إيران نطاق ثان لأمننا ودفاعنا وثقافتنا وهذا أيضا مع تركيا، لأنه هنا فيه أوجه الاتصال بين الأمم والشعوب وتليهم باكستان وده بيكمل الطوق الشمالى اللى حول العالم العربى.
وتركيا حاصل فيها تغيير رئيسى تاريخى توافق مع التغيير اللى حاصل عندنا وهو الالتجاء إلى الجغرافيا فتركيا مش قادرة تعمل دور تروح به إلى أوروبا لأن طبيعتها الإسلامية هتخليها تتجه جنوبا أكثر وليس لأوروبا وأنا أعتقد أن دورها الأوروبى محكوم عليه.
الجزيرة: حتى إن وزير الخارجية التركى أشار إلى الاتفاق الأخير بشأن سوريا إلا أن سوريا هى بوابة تركيا للبلاد العربية.
هيكل: حتى إن رئيس بلغاريا يقول وهو يرحب بمبارك فى بلغاريا إن مصر هى بوابة بلغاريا لأفريقيا، فنحن عايزين نبطل نبقى بوابات وعاوزين نتحول إلى ساحات مش بوابات، وتركيا الغرب بعيد عنها وفيه تغيير فى تركيبة تركيا لأن دور الجيش بيقل لأن رغبتهم فى الالتحاق بأوروبا عملوا خطوات فخف دور الجيش التركى، والحاجة التانية إن تركيا وجدت ثقافتها القريبة من المنطقة وفيها الإسلام عنص من أهم عناصرها.
وفى المستقبل التاريخ سوف يحاسبنا حسابا عسيرا جدا على من أضاع إيران وأنا أتكلم فى هذا الموضوع دون حساسية لأن أنا أعتقد أن احنا بنعمل فى موضوع إيران خطيئة كبرى.
تصل إلى حد الجرائم التاريخية فإذا كان بينى وبين إيران تناقض، وأنا أعلم أنه ممكن يبقى فيه تناقض ولكن هناك مسألة مهمة وهى كيف يمكن أن أفرق بين تناقض يؤدى إلى عداء وتناقض يؤدى إلى حوار.
وأنا أعرف إلى أى مدى ساعدنا الثورة الإسلامية فى إيران لأنه أى حد عايز يتكلم فى إيران لازم يتكلم على أن الشيعة والمؤسسة الشيعية موجودة هناك ازاى، فاحنا لزمن طويل وبعد سقوط مصدق وهذا البلد مصر تصدينا لمساعدة العناصر الثائرة ومنها المؤسسة الدينية فى «قم» ووقتها الشاه قال أمام الشعب وهو يغلق المدرسة الفيضية فى ذلك الوقت ويطبق على المؤسسة فى «قم».
يقول ما رأيكم فى إمام دينى كبير يأخذ مساعدة من رئيس عربى ويريد أن يسلمه بترول إيران وكان يقصد جمال عبدالناصر ورد عليه الخومينى وقتها وقال أنا أخذت مساعدة من رئيس مصرى مسلم لكى أواجه طغيان حاكم مسلم آخر، المصيبة الكبرى إنهم يقولوا إن شاه إيران كان بيعطينا بترول فشاه إيران لم يعطنا بترول على الإطلاق وأنا أتحدى أى أحد يجيب رقم ناقلة بترول إيرانية دخلت السويس لكن بدأنا الثورة الايرانية العداء.
الجزيرة: موضوع إيران بالنسبة لحضرتكم فيه نوع من القهر بتعود إليه باستمرار.
أنا أول كتاب كتبته فى حياتى كان «إيران فوق بركان» وكان ذلك فى سنة 1951 وكل صناع القرار هنا وقتها كانوا تقريبا فى ابتدائى وكان ذلك تأثيرا لمدرسة الشرق عليا والتى كانت ترى الاتجاه إلى الشرق وهذا هو المناخ الذى جعل واحدا مثل على ماهر يسعى إلى زواج أخت الملك فاروق من ابن شاه إيران .
الجزيرة: ستعود لموضوع إيران لكن نريد أن نغلق موضوع تركيا الآن، هل تعتقد أن لهذا التوجه التركى الجديد مستقبلا واعدا لأن البعض لا يستبعد أن يكون هذا الدور التركى لا أقول بإيعاز ولكن بتفاهم معين مع الأمريكيين لإعادة صياغة المنطقة بشكل آخر وأن القول إن هذا التوجه التركى ملتصق بالهموم العربية فهل هذا التوجه التركى يمكن أن يغير بعض المعطيات فى المنطقة.
هيكل: يجب أن تعلم أن أى دولة عندما تعمل توجهات بتعمل توجهات لصالحها وإذا أرادت أن تحسب موقفها عليك أن تنظر إلى دواعيها على هذا الذى تتصرف به، وأنا أمام تركيا فالاتحاد الأوروبى لا يريدها لأنها دولة إسلامية فهى لن تدخل فهى مصدومة فيما طلبته وهذا أدى إلى تقليل قوة الجيش التى كانت تحكم فى تركيا باستمرار، والحاجة الثالثة إن تركيا وهى تبحث لنفسها عن دور فى ميراثها القريب العثمانى وهو الوقت الذى تمددت فيه. وهذا الإيحاء التاريخى لبلد أو لدور ما مع وجود قواعد حقيقية تساعد هو اللى عليك أن تنظر عليه فأنا لا أريد أن أشوف تركيا صادقة النية أم غير صادقة.
أنا لا أحكم على نية تركيا، أنا بقولك إن هذا التوجه التركى الجديد والذى ترى بوادره وراءه ما هو أكثر من ظاهره وهو حقيقى ويمثل قلقا لإسرائيل وهذا كان مرئيا وأنا بأعتقد أن ما يدعو إليه مصالح تركيا وليس الرغبة بإرضائك وليس الرغبة فى التقرب إليك لكن هنا فى اللحظة التاريخية اللى المصالح فيها بتلتقى لكن أنا حد يقولى والله تركيا دا بيتظاهروا وبيمثلوا، معيارى فى بيمثلوا أو بيتظاهروا هو إنى أبص على مصالحهم، مصالحهم فين إذا وجدت أن هناك أساسا حقيقيا من مصلحة لتركيا فى توجهها إذا أستطيع أن أقول صحيح أو غير صحيح.
الجزيرة: بالنسبة لإيران أستاذ هيكل الآن بعد المحادثات الأخيرة وما يبدو أنه محاولة لتسوية مهينة لملفها النووى البعض أشار وخاصة من الكتاب الخليجيين إلى أن أمريكا وقد اندفعت عسكريا نحو العراق عام 2003 سلمت العراق عمليا لإيران، الآن وهى تندفع سياسيا نحو إيران قد تسلمهم منطقة الخليج وهناك خوف من أن صفقة ما يجرى ترتيبها بين إيران وبين الولايات المتحدة على الأقل، هل تعتقد بأن إيران فى المرحلة المقبلة وقد تحدثنا عن تركيا مقدمة على ترتيب معين مع الولايات المتحدة الأمريكية، لدور كبير وبارز فى المنطقة فى المرحلة المقبلة؟
هيكل: إنت بتجرنى لقضية فى غاية الأهمية أنا بأعتقد إنها فى منتهى الأهمية وخاصة بالعقل العربى، مرات بنتصور كما لو إن حد فينا عنده زراير كده، ويقدر يتكى ع الزراير دى والاندفاع، وسيبنا من إيه لمين ما بيحصلش الكلام ده، اللى نفسى نعمله إحنا ساعات نقرر ما نريد أن نتصوره ونرتب الوقائع على أساسه، لكن ما يجب أن نفعله أن نقرأ الوقائع ثم ننظر، لكن ما ننظرش وبعدين نقرأ الوقائع، اللى حاصل أولا إن حد يقول إن أمريكا سابت العراق هذا ليس صحيحا، أمريكا لم تترك العراق لإيران.
وأنا باتصور إن أسباب الاحتكاك اللى بينهم هى دى، لكن موضوع إيران هو أكبر من هذا، وهو إن فى دولة ساعة ما التاريخ انسحب أو العرب انسحبوا من التاريخ لأسبابهم حصل حاجة تانية وهى الثورة الإسلامية وحصل إنها بدأت تعمل فى إيران عملية تنمية، دخلت التجربة اللى ممكن تواجهها أى أمة، إحنا بنقول إن السلاح الإيرانى النووى أقلقنا، وأنا مش عارف يقلقنا ليه، طيب أنا قدامى هنا إحصائيات الدنيا والآخرة على السلاح النووى الإسرائيلى، ما أعرفش إذا كنا واخدين بالنا إنه ما لدى إسرائيل أكثر مما لدى الهند وباكستان مجتمعين من قنابل نووية، اللى عند إسرائيل نوويا أكتر من اللى عند فرنسا نوويا وأكثر من اللى عند إنجلترا نوويا وهو يكاد يكون وأنا مش عارف هو معمول ليه لكن أنا بيزعجنى جدا إنه حد يقول الله دى إيران بتعمل سلاح نووى وبتعمل قنبلة، لكن إسرائيل عندها أكبر مخزون.. ومخزون أكبر من دول كبرى كتيرة جدا فى العالم.
ثم نحن لا نقلق، عايز أقول إن هذا ضمن أفكارنا الخطيرة جدا التى تصورنا فيها أمريكا ثم تصورنا فيها إسرائيل، فى المرحلة اللى اتصورنا فيها أمريكا عندها الحل، إحنا مش بس بادرنا إيران بعداء، عايز أقولك إحنا حاولنا نعمل عمليات غزو فى إيران، سمحنا بعمليات تخريب فى إيران أشهرها ببساطة حادثة محاولة إنقاذ الرهائن الأمريكان اللى كانوا موجودين فى السفارة الأمريكية، قيادتها كلها كانت فى مطار قنا، مصر مش دورها تعمل ده، لكن مرحلة إسرائيل إحنا قلقتنا جدا، إسرائيل قلقانة إن فى دولة تانية هتبقى نووية، طب والله أنا مستعد أحرض إيران تبقى نووية، لو تركيا تقدر تبقى نووية أنا موافق عليها، لو إحنا قدرنا نبقى نوويين أنا مستعد.
الجزيرة: ولكن ألا تستبعدون إمكانية تفاهم أمريكى إيرانى فى المرحلة المقبلة، هذا مستبعد برأيك؟
هيكل: أنا فى اعتقادى إن الأمريكان لن يقبلوا، شوف فى الضعف الإسرائيلى أنا باعتقد إن إسرائيل قلقة جدا من إيران ووراء القلق الإيرانى، فى أمريكا وفى علاقتها بإيران، أمريكا ترغب فى استعادة إيران اللى جت لنا اللى جت قربت للعالم العربى لأسبابها برده مش عشانى لأنها بتبحث عن عمق وعن جوار إلخ، لكن أنا اللى باستغرب له الأمريكان عايزين يسووا مع إيران نفسهم يسووا لكن هما يعلموا إنه فى منتهى الصعوبة.. وكلنا عارفين إن هدف أوباما هو تسوية فى القضية الفلسطينية لكى تستطيع المنطقة كلها أن تتفرغ للخطر الإيرانى وهذا لم ينجح، أولا لأن العرب اكتشفوا فى النهاية إنهم معندهمش حاجة كبيرة وبعدين إيران واقفة وثابتة بتواجه التحديات، وأنا باعرف وأى حد بيعرف إن هذا النظام ليس النظام المثالى ولا هذا البلد هو البلد المثالى لكن مفيش ولا بلد ولا وطن فى الدنيا مثالى، أنا باعرف إن إيران لديها مطالب طبيعية، عايز أقولك إن السياسة الدولية هى فن إدارة مصالح متصارعة مش متوافقة مش محتاجين سياسة لو كنا متفقين خلاص.
الجزيرة: هل تعتقد أن جزءا من أزمة السياسة العربية أو تجريف السياسة العربية إنه أيضا لدينا أزمة زعامات بمعنى إنه فى فترة من الفترات كان فيه الحسن الثانى، وبومدين، وجمال عبدالناصر والملك فيصل، الآن تقريبا مع الاحترام للقادة العرب لا يوجد أحد بمستوى قيادة، يوجد أزمة قيادة...
هيكل: أنا مش هناقش فى كل الأسماء اللى ذكرتها لكن ببساطة تذكر عملية التجريف والتفريغ فى العالم العربى سواء فى دخوله أو خروجه من التاريخ.
الجزيرة: ما يجرى الآن بين سوريا والسعودية من تقارب البعض يحاول أن يصوره وكأنه محاولة لترميم وضع عربى متدهور ومتناثر، هل تعتقد أن هذا الأمر ممكن يكون له مستقبل؟
هيكل: أنا مش متأكد، أطمئن إليه لو حسيت إنه صادر عن إستراتيجية عليا عن تصور، لكن أما وهو فى إطار ما يقال إنه أخذ سوريا من إيران وأخذ سوريا من تركيا فأنا يعنى، ده يدخل فى مجال ما هو تكتيكى وألعاب تكتيكية.. أنا معنديش اعتراض.. لكن لا أعلق عليها آمالا كبيرة.
الجزيرة: فى هذه الصورة العربية كثيرون يشيرون تقريبا إلى أن منطقة المغرب العربى، أشارت إلى حضرتك من مصر وأنت ذاهب غربا، لكن لنقول منطقة المغرب العربى، كثيرون يشيرون إلى أن هذه المنطقة خرجت عن ساحة النفوذ العربى أو التأثير العربى هل ترى الأمر كذلك؟
هيكل: توقف عنصر الجذب اللى على المغرب العربى جاى حديثا سواء الثقافة والتربية والتعليم، وقوة الجذب فى المشرق كانت بتشده ضد اعتبارات كثيرة جدا.. لما توقفت قوة الجذب التاريخى اللى جاية من المشرق من الطبيعى إن المغرب يبص جغرافيا يبص لأوروبا فوق فى الشمال ويبص لنفسه فى حدود المغرب العربى كده.
الجزيرة: هناك مأخذ أو تحفظ يقال على حديث الأستاذ هيكل وهو أن الأستاذ هيكل يشرح لنا الوضع العربى يفككه يشرحه ولكن فى النهاية لا نعرف أين نسير أين نذهب، ما العمل؟ هل نستطيع أن نقول بعد أن استعرضنا ولو بشكل مختصر، ما العمل أين نحن ذاهبون بنهاية هذه الحلقة؟
هيكل: ما العمل أنا مستعد أتكلم فيه، ما العمل لا يمكن أن تصور مستقبل بكل هذا الفراغ فى العالم العربى هذا التفريغ فى السياسة إنت لما تقولى فى مصر على سبيل المثال إنه فى كذا مرشح لرئاسة الجمهورية، وانت اريتنى فى الصبح جريدة الدستور وأنا داخل.. ربنا يدى للرئيس مبارك طولة العمر، عايز أقولك إنه ولا واحد من دول ممكن ينفع محدش يقولى ده لسبب واحد إنه ليست هناك حياة سياسية بالمعنى الحقيقى إذا انعدم صوت الحوار إذا انعدم الرأى والرأى الآخر إذا كان فى طرف بيتكلم وطرف بيعمل بقى لك سنين طويلة جدا، ضمرت، اختنقت السياسة فى مصر، لما تقولى أى حد ما حدش خالص هينفع،
كريشان «ليس فقط فى مصر».
هيكل: فى كل العالم العربى «اختنقت السياسة وفى فراغ اللى كنا بنتكلم عليه إذا أردت أن تبدأ من جديد لا بد أن تبدأ فى إعادة تأسيس دولة من جديد وإعادة وضع دساتير حقيقية من جديد الدساتير الحقيقية لا تضعها لجان.. الدساتير الحقيقية تعاقدية بين أمة.. طبقات أمة وعناصر أمة تعاقدية على رؤية مستقبلها.. أنا عايز أتكلم فى ده مرة بالتفصيل ولكن واحنا بنتكلم كده كل الأسامى دى ولا تنفع حرام كل هذه الأسامى ممكن تستعملها فى رؤية مستقبلية أوسع لكن بقدر فتح الطريق لمل هذا الفراغ المخيف.. التفريغ اللى حدث فى الحياة السياسية فى العالم العربى.
إذا كنت عايز تواجه هذا التفريغ اللى حدث فى العالم العربى وهذا الخروج من التاريخ يبقى إنت أمام إعادة بناء مرة أخرى من جديد.
الجزيرة: علينا أن نعود للمستوى القطرى لإعادة البناء.
هيكل: لا مش بالصورة دى يعنى إنت محتاج بدء من جديد ولا تستطيع أن تهرب منه، كلمة أخيرة أنا مش معتقد إن فى جدوى وإن احنا بكرة الصبح انت عارف عندنا فى العالم العربى حاجة مش متحمس لها أوى «كاراتيه» مفتاح الموقف فى العالم العربى لعبة الكاراتيه احنا عندنا كاراتيه أمنى وكاراتيه إعلامى أى حد بيتكلم كراتيه لكى لا تنسى لعبة ولا رياضة نشأت دلوقت وهى الدفاع عن النفس لما يبقى معندكش أسلحة فتدافع بإيديك وتستعمل الأكواع وتستعمل ركبك وأقدامك وكل شىء لكى تقضى على عدو.. أنت بغير سلاح عندنا تقولى هيبقى بفايدة مش هيبقى بفايدة اتكلم زى ما انت عاوز لكن احنا بكرة الصبح فى لعبة كاراتيه سواء أمنية تمنع أى تغيير والحاجة التانية عندك كاراتيه إعلامى أنا شخصيا مليش دعوة بيه لكن انت كل نقاش سياسى عندنا على مستوى الأفراد أو الجماعات ينتهى إلى أنه أى قوات أمنية بتلعب كاراتيه وبتدبح الناس وكاراتيه إعلامى بيمنع يقمع أى فكرة.
إنت بتحب الكاراتيه؟!
كريشان: لا.
هيكل: ولا أنا ما حبوش...
الجزيرة
------------------------------------------------------------------------
أعده للنشر : محمد خيال – ضحى الجندي -
الشروق : الاحد 18 اكتوبر 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.