طبيعة الموضوع ونوعية الحضور المستهدف بمحور الندوة حفز فضولنا لمواكبة جانب من فعاليات الورشة الاقليمية الاولى حول «الخطاب الديني والوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا والسيدا ورعاية المتعايشين مع المرض».وقد استحضرتنا عديد التساؤلات امس في طريقنا ... الى النزل الذي احتضن اشغال الورشة التي استهدفت نحو 250 من الوعاظ والايمة من أجل تفعيل الخطاب الديني في نشر السلوكيات الوقائية ومزيد التحسيس برعاية المصابين.. فأي دور يمكن أن يلعبه رجل الدين في هذا المجال وماذا عن مفهومه لعنصر الوقاية؟ وما مدى استعداده لبث رسالة التوعية والتحسيس بمخاطر السلوكيات المحفوفة بالخطر من قبيل العلاقات الجنسية القائمة خارج نطاق الزواج؟ وأية مقاربة سيعتمد في طرحه للموضوع..؟ وببلوغ وجهتنا ومن خلال الاستماع والحديث مع عدد من الحضور تبدد الفضول وتلاشت الاستفهامات وايقنا ان للواعظ الديني والامام دورا مهما بل وتأثيرا قويا في مساندة المساعي والجهود المبذولة من قبل مختلف المتدخلين من هياكل حكومية ومجتمع مدني في نشر مبادئ التوقي والحماية من الآفات المنقولة جنسيا وفقا لتعاليم الدين الاسلامي وخصوصياته. رفع مستوى الوعي في تقديمه لاهداف الدورة الاولى الموجهة للوعاظ والأيمة التي تسبق خمس دورات موالية سيتم تنظيمها بمختلف الاقاليم افاد مدير المعهد الاعلى للشريعة بتونس السيد محمد العربي بوعزيزي ان هذه الورشات تندرج في اطار تفعيل الشراكة مع كل الفئات المتدخلة في البرنامج العالمي لمكافحة السيدا والسل والملاريا وتشريك الوعاظ والأيمة الخطباء في جهود الوقاية من وباء السيدا وتحسين معاملة المتعايشين مع المرض ونبذ عزلهم او اقصائهم من المجتمع.. الى جانب تحسيس جموع المواطنين بفداحة الاخطار التي يمثلها المرض على التنمية وتأكيد ضرورة التوقي من العدوى في اوساط الشباب خاصة.. مثمنا قدرة واهمية دور الوعاظ في رفع مستوى الوعي بموضوع السيدا استنادا الى القيم الاسلامية وتوظيف مبادئ التسلح والتآزر في رعاية المصابين ومقاومة تهميشهم والعمل على الاصغاء والانصات الى مشاغل الشباب.. تيسير الزواج بدل تعقيده يرى السيد بلقاسم الونيسي واعظ ديني باريانة ان لرجل الدين دوره في مكافحة الامراض استنادا الى رؤى دينية واضحة وبيّنة تنبه الى مضار ومخاطر العلاقات الجنسية المحظورة وتدعو الى التوقي منها عبر العلاقات الشرعية والاستدلال على ذلك بنصوص قرآنية وأحاديث نبوية.. وباستفساره عن مفهومه الشخصي كواعظ ديني لعنصر الوقاية باعتبارها العلاج الاساسي للسيدا يقول محدثنا: «... تكمن الوقاية في حث الشباب على الزواج ودعوة المجتمع الى التيسير في ذلك وليس التعقيد وتجنب الشروط التعجيزية مثل غلاء المهور حتى لا ينفر الشبان.. ويعزفوا عن الزواج لضيق ذات اليد كما ادعو الى التركيز على ظاهرة العزوبية ودراستها بشكل معمق وشامل وايجاد آليات كفيلة باستئصال اسبابها والقضاء بالتالي على أحد عوامل السلوكيات والعلاقات المحظورة التي قد يقع فيها البعض وما يمكن ان تجلبه من مخاطر صحية جسيمة وفتاكة.. وشدد في هذا السياق على اهمية الرسالة الموكولة للواعظ الديني في هذا المجال والمتمثلة في تعزيز جانب الحماية الذاتية لدى الشبان وتدعيم ايمانهم وتقيدهم بتعاليم الاسلام الناهية عن الفحشاء والمنكر والمرغبة في التوادد والتراحم والتآزر وتجنب المعاصي بما يعزز عوامل الحماية والحصانة الذاتية لدى الشباب ويقيه خطر الانرلاقات. واكد السيد الونيسي بحزم ضرورة ان تكون الوقاية مستندة الى خصوصيات الدين الاسلامي المانع تماما للعلاقات الجنسية الخارجة عن أطر الزواج وليس من منطلق استنساخ مقاربة المجتمعات الغربية في تعاطيها مع مرض السيدا وغيره من الامراض المنقولة جنسيا عبر التركيز على بعض وسائل الوقاية عند اقامة العلاقات المحظورة باعتبارها الحل في نظرنا للتصدي للسيدا. فيما تعد المراهنة على تقوية الوازع الديني وترسيخ الضوابط والقيم الاسلامية في سلوكياتنا اليومية خير واق من كل المخاطر. تأثير الخطاب الديني.. بسؤال السيد أحمد عبد الناظر مدير ديوان الاسرة والعمران البشري عن دواعي استهداف رجل الدين في الجهود الرامية الى مكافحة مرض نقص المناعة المكتسب والاضافة التي يمكن ان يقدمها في تعزيز التحرك التوعوي والتثقيفي ومخاطبة المصلين او المشاركين في حلقات الوعظ والارشاد بطريقة مباشرة وصريحة رغم خصوصية الموضوع المطروح اشار الى ان الغاية من ذلك تكمن في الاستفادة والاستئناس بالتكوين الروحاني والفكري لرجل الدين لما للوازع الديني من سلطة واثر على الناس ومن هذا المنطلق نسعى الى توظيف الخطاب الديني استنادا الى المبادئ الاسلامية في خدمة اقضايا المجتمع الحقيقية والهادفة وهذا لب وجوهر الشريعة الاسلاكية التي لا تفصل بين الدين والدنيا ومن هذا المنطلق تم التوجه في نشر التوعية والتحسيس حول الوقاية من الامراض المنقولة جنسيا نحو كل صاحب رأي وكل من له خطاب يمكن ان يفيد في عمليات التوعية. الوقاية اولا واخيرا.. لكن ماذا عن المقاربة التي ينشدها الساهرون على تنفيد برنامج الوقاية من السيدا وغيرها من الامراض في مستوى هذه الورشة التكوينية الموجهة للوعاظ وماذا عن الرسالة التي يعمل على بثها المنظمون عبر رجال الدين؟. «تبقى الوقاية أولا وثانيا هي اوكد اهدافنا ومشاغلنا ولأن العقيدة الاسلامية زاخرة بالتعاليم والمبادئ الداعية الى محافظة المسلم على صحته وسلامته وعدم الالقاء بنفسه الى التهلكة ومنع الحاق الأذى بالغير فاننا لم نخرج عن هذه المبادئ والثوابت بل نرغب في مزيد نشرها وترسيخها لدى الشباب وحثهم على السلوك المستقيم» هكذا رد محدثنا مضيفا بان «السيدا يعد المرض الوحيد الذي ينتقل اليه الشخص ويتوجه اليه خلافا لبقية الامراض التي تصيب الانسان رغم انفه وتنتقل اليه عبر العدوى وغيرها من الوسائل.. وبالتالي يكون التوقي منها بتجنب مخاطرها بالامتثال الى مبادئ الاسلام خير وسيلة لصدها ومكافحتها.. منية اليوسفي