فظيع: وفاة طفل بعد نسيانه داخل سيارة لنقل التلاميذ    اليوم : بطاحات جربة تعود إلى نشاطها    طالبة سعودية تبتكر عصا ونظارة ذكية لدعم المكفوفين    هذا فحوى لقاء رئيس الحكومة بمحافظ البنك المركزي التونسي..    اعتبارًا من هذا التاريخ: تطبيق عقوبة مخالفة تعليمات الحج من دون تصريح    رابطة أبطال أوروبا: بوروسيا دورتموند يتأهل للنهائي على حساب باريس سان جيرمان    اليوم: انطلاق اختبارات البكالوريا البيضاء    ومن الحب ما قتل.. شاب ينهي حياة خطيبته ويلقي بنفسه من الدور الخامس    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ سحب لقاح "أسترازينيكا" في جميع أنحاء العالم..    كوريا الشمالية: وفاة "مهندس تقديس الأسرة الحاكمة"    ماذا في لقاء وزير الخارجية بعدد من الكفاءات التونسية بالسينغال؟    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    الجزائري مصطفى غربال حكما لمباراة الترجي الرياضي والاهلي المصري    المرحلة التاهيلية لكاس الرابطة الافريقية لكرة السلة: الاتحاد المنستيري ينقاد الى خسارته الثالثة    دورتموند يفوزعلى باريس سان جيرمان ويصل لنهائي أبطال أوروبا    مدنين: الجهة قادرة على توفير حاجياتها من أضاحي العيد وتزويد جهات أخرى (رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة)    البرلمان يصادق على تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف والترفيه لتشمل خدماتها فئات جديدة من الأطفال ذوي الهشاشة    جراد: الخونة والعملاء الذين تٱمروا على أمن الدولة يريدون استغلال ملف الهجرة لإسقاط قيس سعيد    وزير السياحة: اهتمام حكومي لدفع الاستثمار في قطاع الصناعات التقليدية وتذليل كل الصعوبات التي يواجهها العاملون به    أمطار أحيانا غزيرة بالمناطق الغربية وتصل الى 60 مم خاصة بالكاف وسليانة والقصرين بداية من بعد ظهر الثلاثاء    لإحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه وبحوزته مخدرات    سيدي حسين: القبض على منفذ عملية براكاج لمحل بيع الفواكه الجافة    فرقة "مالوف تونس في باريس" تقدم سهرة موسيقية مساء يوم 11 ماي في "سان جرمان"    وفاة المذيع والكاتب برنارد بيفو عن عمر يناهز 89 عاما    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بأحواز برقو    البنك المركزي: ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 8 بالمائة موفى شهر افريل 2024    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    الخارجية المصرية.. لا يمكن أن تستمر الانتهاكات الإسرائيلية دون محاسبة    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    اتحاد تطاوين.. سامي القفصي يعلن انسحابه من تدريب الفريق    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    الاحتفاظ بمسؤولة بجمعية تعنى بشؤون اللاجئين و'مكافحة العنصرية'    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    عاجل : صحيفة مصرية تكشف عن الحكم الذي سيدير مباراة الاهلي و الترجي    أبطال أوروبا: ريال مدريد يستضيف غدا بايرن ميونيخ    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    قريبا: وحدة لصناعة قوالب ''الفصّة'' في الحامة    سليانة: تخصيص عقار بالحي الإداري بسليانة الجنوبيّة لإحداث مسرح للهواء الطلق    ليبيا تتجاوز تونس في تدفقات الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا في 2023    عرض الكرة الذهبية لمارادونا في كأس العالم 1986 للبيع في مزاد    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس تسيطر على التداين.. احتياطي النقد يغطي سداد القروض بأكثر من ثلاثة اضعاف    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    فتوى تهم التونسيين بمناسبة عيد الاضحى ...ماهي ؟    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    أولا وأخيرا .. دود الأرض    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبيك حج الفقراء/ مالك بن نبي
نشر في الفجر نيوز يوم 25 - 03 - 2010


الكتاب:لبيك حج الفقراء.. رواية
المؤلف:مالك بن نبي
الطبعة:الأولى –1430 ه /2009 م
عدد الصفحات: 156 صفحة من القطع الصغير
الناشر:دار الفكر – دمشق – سورية
مالك بن نبي (1905- 1973م) من أعلام الفكر الإسلامي الذين أدى حجب فكرهم عن الناس إلى عدم اهتمام الدارسين بهم، فقد أمضى أكثر من ثلاثين عامًا متأملاُ يحلِّل ويضع شروط النهضة للمجتمع الإسلامي. وُلد مالك بن نبي عام 1905 في قسنطينة شرق الجزائر، وكانت مراحل دراسته الابتدائية والثانوية بين مدينتيْ (تِبِسّة) و(قسنطينة). سافر عام 1925 إلى مرسيليا وليون وباريس؛ بحثًا عن عمل ولكن دون جدوى، فعاد إلى الجزائر حيث عمل في تِبسَّة مساعد كاتب في المحكمة، وأتاح له عمله هذا الاحتكاك بمختلف شرائح المجتمع أيام الاستعمار؛ مما ساعده على تفسير ظواهر مختلفة فيما بعد.
وفي عام 1928 تعرَّف مالك بن نبي على الشيخ عبد الحميد بن باديس (1887- 1940م)، وعرف قيمته الإصلاحية، ثم سافر مرة ثانية إلى فرنسا عام 1930؛ حيث سعى للدخول إلى معهد الدراسات الشرقية، ولكنه لم ينجح في الدخول، وسُمح له بدخول معهد اللاسلكي وتخرَّج فيه مهندسًا كهربائيًّا.
بقي في باريس من عام 1939 إلى 1956، ثم ذهب إلى القاهرة للمشاركة في الثورة الجزائرية من هناك. انتقل إلى الجزائر عام 1963 بعد الاستقلال حيث عُيِّن مديرًا للتعليم العالي، ولكنه استقال من منصبه عام 1967، وانقطع للعمل الفكري وتنظيم ندوات فكرية كان يحضرها الطلبة من مختلف المشارب كانت النواة لملتقى الفكر الإسلامي، الذي يُعقد كل عام في الجزائر، وظل مالك بن نبي يُنير الطريق أمام العالم الإسلامي بفكره إلى أن تُوفي في 31 أكتوبر عام 1973.
كتبه ومؤلفاته
أما آثاره الفكرية، فيمكن القول: إنه لم يكُفَّ عن التأليف من سنة 1946، حيث ألَّف أول كتاب له وهو (الظاهرة القرآنية)، وتلاه برواية (لبَّيك) 1947، وهي رواية فلسفية، ثم (شروط النهضة) 1948، (وجهة العالم الإسلامي)، (الفكرة الأفروآسيوية) 1956، (مشكلة الثقافة) 1959، (الصراع الفكري في البلاد المستعمرة) 1960، وهو أول كتاب كتبه مالك بن نبي بالعربية مباشرة بخلاف معظم كتبه التي ألَّفها بالفرنسية. وفي عام 1960 كتب أيضًا كتابه (فكرة كومنولث إسلامي)، (ميلاد مجتمع) 1962، (إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي) 1969، (مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي)، (مذكرات شاهد القرن) 1970، (المسلم في عالم الاقتصاد)، ونُشر له بعد وفاته كتب (دور المسلم ورسالته في القرن العشرين) 1977، (بين الرشاد والتيه) 1978، ولمالك بن نبي آثار فكرية لم تطبع، وهي في صورة مخطوطات مثل: (دولة مجتمع إسلامي)، (العلاقات الاجتماعية وأثر الدين فيها)، (مجالس تفكير) وغيرها.
الهجرة إلى الحجاز
كان حلم مالك بن نبي وزوجته الفرنسية المسلمة أن يستقرا في الطائف بعد تخرجه من مدرسة المهندسين بباريس، وعبّر عن هذه الرغبة في مذكراته بصورة متكررة: "تأكدت لديّ فكرة السفر إلى الحجاز، فرارًا من العيش في أرض استعمار أو في أرض مستعمرة؛ لأنني سئمت فيها الوجوه والآفاق".
ويقول في موقع آخر: "وبدأت أفكر جديًّا في الهجرة إلى الحجاز لأستقر بالطائف"، وكان لكل منهما مشروع خاص لخدمة هذا البلد، تقوم زوجته بالزراعة وتربية الحيوانات على الطريقة الغربية وتعليم الخياطة ونسج الإبرة للبنات، أما مالك بن نبي فيشتغل بتجارة العطور الفرنسية أو تحويل بقايا أضحية العيد إلى أسمدة، وتحويل الحرارة الشمسية إلى طاقة.
لما تحمس مالك بن نبي للهجرة إلى الحجاز، عرفت أسرته كلها تقريبًا الحجاز وأدت فريضة الحج، وكان ابن نبي حريصًا دائمًا ومنذ صغره على سماع أخبار البقاع المقدسة، وقد أورد في مذكراته اللحظات السعيدة التي قضاها إلى جانب أمه التي كانت تقص عليه ما شاهدته في مكة المكرمة.
بالإضافة إلى العامل الديني الذي يحث المسلمين على الحج ودراسة سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم، والصحابة - رضوان الله عليهم - التي وقعت معظم أحداثها في شبه الجزيرة العربية، وتأثره ببعض المثقفين الذين درسوا وعاشوا في الحجاز كما ذكرنا من قبل، كان مالك بن نبي يرى في الدولة السعودية الفتية كيانًا سياسيًّا قائمًا على المجتمع الإسلامي الذي كان ينشده، وتجسيدًا على أرض الواقع للدعوة الوهابية في بُعدها التجديدي التي آمن بها، فلا شك أن من طبيعة الإنسان أن يسعى لدعم الدولة القائمة على الفكرة التي اعتقد بها وخدمتِها، وخاصة أن الملك عبد العزيز كان يريد الاعتماد أكثر على الإطارات الإسلامية في بناء دولته الجديدة حتى يتجنب الأخطاء والمشكلات التي وقع فيها الملوك العرب الذين استقدموا العلماء والمهندسين من أوروبا، وكانت النتيجة تضخم الديون وبقاء التخلف، وفتح المجال للغزو الاستعماري في كل أشكاله.
لم تكن رغبة مالك بن نبي للإقامة في الحجاز شعورًا عابرًا، فقد قام بكل الإجراءات الإدارية لتحقيق حلمه وتحويله إلى واقع ملموس، لكن القنصلية المصرية بباريس رفضت أن تمنحه تأشيرة للمرور على ميناء السويس، فكانت بحق صدمة عنيفة له: "إن الاستعمار يستطيع أن يتمسك في بعض الحالات بمظاهر المشروعية؛ لأن خونة من بين العرب ومن بين المسلمين يتولون الأمر، للقيام بالدور الذي لا يسمح له به كبرياؤه في تلك اللحظة"، وازداد وقع الخيبة حين علم أن أحد زملائه من يهود أوربا الشرقية تحصل على التأشيرة المصرية بدون عناء، واستقر عامًا في مصر. لم يتمكن مالك بن نبي من الهجرة إلى الحجاز والاستقرار مع أهله في الطائف، وتحقق جزء من حلمه في الخمسينيات عندما أدى فريضة الحج، وحرص على العودة إلى بيت الله الحرام في الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الميلادي الماضي.
لبيك حج الفقراء
"لبيك حج الفقراء" الرواية الوحيدة التي أبدعها يراع المفكر مالك بن نبي، وفيها يرسم عمق الروح الجزائرية وشخصيتها المنتمية إلى تراث الثقافة والحضارة الإسلامية المنشدة إلى منازل الوحي، وهو أحد إبداعات المؤلف في الأدب الفرنسي. ومكة والكعبة أنشودته وروحه والمنطلق في مشروعه والمعاد إليها في بناء جديد لحضارة الإسلام وهي تُبعث من جديد.
تدور أحداث الرواية في مدينة عنابة (بونة إبان الحقبة الاستعمارية)، وتضع القارئ آنذاك وحتى اليوم في الأجواء التي كان يعيشها الإنسان الجزائري البسيط في كل مدينة جزائرية كعنابة، حيث مؤثرات النمط الأوربي قد طغت على الجو العام. فالعم محمد والطفل هادي والسكير إبراهيم وزوجته كانوا يمثلون الشعب الجزائري بكل فئاته، فالعم محمد يمثل الأصالة المتجذرة في الأمة، ويمثل إبراهيم، مع انحرافه عن الطريق السليم، الجيلَ الذي احتك وعايش المجتمع الأوربي في الجزائر، حيث كان في حيرة من أمره. فما تعلمه صغيرًا وغاص في أعماقه لا يتناسب بما يطفو على السطح مع أحاسيسه العميقة. إنه الفراغ الذي يعانيه كل امرئ غير مقتنع بعقيدته ومقوماته الأخلاقية، لكنه استدرك الأمر وأدّى إبراهيم فريضة الحج، مما يدل على أنه مهما حاد المؤمن عن سواء السبيل، فإن إخلاصه لابد أن يعيده إلى الهداية وإن طال زيغه. وظلت زهرة زوجة إبراهيم على ما عانته من ويلات وعربدات زوجِها الليلية تكِنُّ له كل الاحترام، وتتمنى له الخير وتعامله كأنه أخوها أو ابنها. ومسبحة أم إبراهيم كانت تمثل لها الرصيد الثقافي المتوارث عبر الأجيال. ويتوب إبراهيم السكير، والطفل هادي يتحدى رفاقه ويصعد إلى المركب ليحج هو الآخر بعزيمة أقوى من أن تقهر. وتتميز الرواية بسلاسة الأسلوب في سرد الأحداث وغناها بعنصر التشويق والتنكيت والطرافة.
وكما جاء على لسان عمر مسقاوي، تلميذ مالك بن نبي، فإن قصة "لبيك حج الفقراء" قد رسمت عمق الروح الجزائرية وشخصيتها المنتمية إلى تراث الثقافة والحضارة الإسلامية المنشدّة إلى منازل الوحي.
ففي هذه الرواية ذات الأحداث البسيطة, استطاع مالك أن يقدم لنا وصفًا للمجتمع الجزائري ببساطته وأصالته ومحافظته على هويته وتراثه ودينه رغم كل المحاولات الفرنسية لطمس هذه الهوية وحرف الشعب عن فطرته وإنسانيته.
فإبراهيم بطل القصة الذي قرر الاستجابة لنداء الفطرة والدين ونداء المجتمع وعاداته وتقاليده.. نداء الذكريات العائلية التي حفرت في نفسه قيم دينه وأمته ومجتمعه.. وكان يمثل تلك العودة إلى الروحانية والنقاء بعد ابتعاده عن تلك القيم، وغوصه في قذارة الانحلال والمادية.
لا أعتقد أن مالكًا كان يبتغي من كتابة روايته تلك أن يبدع رواية أدبية وكفى، بل كان يريد أن يؤكد على أن في هذا المجتمع قيمًا راسخة ليس من السهولة طمسها، وأن هذه القيم هي التي ستحمي حضارتنا من الذوبان والاضمحلال. فقوة الدين.. قوة المركز، تشد دائمًا أفراد المجتمع لتعيدهم نحو تلك القيم مهما ابتعدوا عنها، ومهما أثرت فيهم دعوات المادية الفجة.
لم يكن مالك بن نبي منشغلاُ بمسألة الهوية بقدر انشغاله بالبحث عن أسباب الانحطاط والقابلية للاستعمار, ولكنه في هذه الرواية تطرّق بحسه السليم إلى مسألة الهوية، وكيف تكون حامية ومنجية للشخصية ومكوناتها.
وبالرغم من أن تلك الرواية قد كُتبت قبل سنوات كثيرة -أكثر من ستين عامًا (1947م)- فقد جاءت من الروايات التأصيلية التي تعاملت مع المجتمع من منظور الاحترام وليس من منظور النقد والاحتقار، فقد صورت لنا تلك البساطة والحميمية في التعامل بين أفراد المجتمع، وتطرقت لمسألة في غاية الأهمية وهي مسألة الانتماء للمجتمع، فالفرد الذي يخرج عن قيم المجتمع هو فرد منبوذ ومطرود من قِبل الشعب، ولكنه سرعان ما يعود للاندماج ويلاقَى بالترحيب والسرور إذا عاد للالتزام بهذه القيم واحترامها.
"لبيك حج الفقراء".. رواية بسيطة ولكنها مؤثرة، لا تخلو من تشويق، وهي رغم سلاسة أحداثها، من تلك القصص التي نسمعها عن رحمة الله بعباده وأنه يهدي من يشاء إلى طريقه المستقيم، ولكنها من الروايات التي تذكرنا بأن قيمنا وهُويَّتنا هي طريق نهضتنا، وأن عودتنا لتلك الأصول هي التي يجب أن ننطلق منها لرسم حياة جديدة وحضارة اتصالية نابعة من ذاتنا ومن أخلاقنا ومن خصائصنا تؤكد للعالم أن هناك حضارة قوية راسخة, تستطيع مقاومة تيار المادية الجارف الذي يريد الهيمنة على باقي الحضارات ومحوها من الوجود.
تتناول الرواية مختلف شرائح المجتمع بمختلف مستوياتهم وخلفياتهم وجنسياتهم (على الرغم من أن الجزائر هي بلد الحدث) وتوثق أسلوب حياتهم في حقبة من الحقب -بداية القرن العشرين الميلادي- لتُبرز قصة أغلى رحلة في قلوب المسلمين وهي رحلة الحج في ذلك الزمان.
رحلة الحج التي تميزت ببساطتها وعفويتها تجعل من المسلم متشوقًا لعيشها وتجربتها كما جربها أبطال
الرواية. والرواية قصيرة معبرة وواقعية ومليئة بالمشاعر والأمل.
وقد أراد بها -كما قال مالك بن نبي لناشرها الفرنسي- أن يمسّ جزءًا مهمًا من القيم والعادات الجزائرية التي لا تبعد كثيرًا عن القيم الإسلامية، وقد قام بترجمتها عن الفرنسية مؤخرًا الدكتور زيدان خوليف الذي عثر على هذه الرواية أثناء إعداده لرسالة الدكتوراه عن حياة مالك بن نبي وأعماله.
الاسلام اليوم
الخميس 09 ربيع الثاني 1431 الموافق 25 مارس 2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.