أنقرة:اتهمت تركيا يوم الجمعة اسرائيل بانتهاك وصايا العهد القديم التي تحرم القتل وقالت انها قد تقلص علاقتها باسرائيل التي كانت ذات يوم حليفة لها الى أدنى مستوى بعد مقتل تسعة ناشطين أتراك في هجوم اسرائيلي على سفينة كانت متجهة الى غزة.قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في أعنف كلمات له حتى الان منذ ان هاجمت قوات كوماندوس اسرائيلية سفينة مافي مرمرة يوم الاثنين "أنا أتحدث اليهم بلغتهم. الوصية السادسة تقول (لا تقتل). ألا تفهمون .."وأضاف أردوغان في خطاب تلفزيوني لانصار حزب العدالة والتنمية الحاكم "سأقول مجددا. أقول بالانجليزية (لا تقتل). هل ما زلتم لا تفهمون .. سأقول لكم بلغتكم . أقول بالعبرية (لا تقتل)." وقارن أردوغان بين الافعال الاسرائيلية وبين ما يفعله المتشددون الاكراد في تركيا وأعلن تأييده لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) واصفا اياهم بأنهم "مقاومون يقاتلون من أجل ارضهم". وقال في لغة تعبر عن اهمية القدس للمسلمين في جميع انحاء العالم "مصير القدس ليس مختلفا عن مصير اسطنبول..مصير غزة ليس مختلفا عن مصير أنقرة." وفي حين وصلت العلاقات بين البلدين الى اسوأ مستوى لها منذ توقيع الشراكة الاستراتيجية بينهما في التسعينات قال نائب رئيس الوزراء التركي بولنت ارينجان ان اتفاقيات عسكرية واقتصادية بين بلاده واسرائيل مطروحة حاليا للنقاش . وقال في حديث لقناة (ان.تي.في) التركية "نحن جادون بشأن هذا الامر." "قد نعتزم خفض علاقاتنا مع اسرائيل الى الحد الادنى لكن افتراض انهاء كل العلاقات مع دولة أخرى على الفور والقول اننا حذفنا اسمكم تماما فان ذلك ليس من عادة بلدنا." وألغت أنقرة التي أيدت القافلة المؤيدة للفلسطينيين مناورات عسكرية مشتركة كانت مقررة مع اسرائيل واستدعت سفيرها من تل أبيب ودعت الى عقد اجتماع طاريء لمجلس الامن الدولي لادانة ما قامت به اسرائيل. وفي اسطنبول انهار والد الصحفي سيفديت كيليكلار بجانب نعش نجله في الوقت الذي أدى فيه الاف الاشخاص صلاة الجنازة في مسجد بيازيت على روح الصحفي البالغ من العمر 38 عاما والذي كان يعمل لحساب المؤسسة الخيرية التركية الاسلامية التي نظمت اسطول الحرية. ورفرفت الاعلام الفلسطينية فوق جموع المصلين بالاضافة الى بعض رايات حماس وحزب الله. وأجريت مراسم جنازة لثمانية من القتلى الاتراك في مسجد باسطنبول يوم الخميس. ونفى بولنت يلدريم رئيس هيئة الاغاثة والمساعدات الانسانية التركية في مؤتمر صحفي ان تكون لهيئته صلات مباشرة بحركة حماس او علاقات بالنشطاء واصفا ذلك بانه "دعاية" اسرائيلية. وقال ان ثلاثة اشخاص اعتبرتهم الهيئة يوم الخميس مفقودين قد عثر عليهم ويخضعون حاليا للعلاج من جروح في أنقرة. ولم تكن لديه اي معلومات عن مكان طبيب من جنوب شرق اسيا قال انه اصيب بعيار ناري اثناء مساعدة جندي اسرائيلي. وحضر المؤتمر الصحفي ايضا ثلاثة حاخامين من الولاياتالمتحدة وكندا وهم اعضاء في حركة نيتوري كارتا التي تعارض دولة اسرائيل باعتبارها تمثل انتهاكا لتعاليم اليهودية. وقال الحاخام يسرويل دوفيد ويس من نيويورك "ندين هذه الوحشية التي ارتكبت ضد تركيا والسفن التي كانت تحمل ناشطين لحقوق الانسان..هذا مرتبط ايضا بسلسلة الجرائم والماسي التي ارتكبت ضد تركيا وغزة وفلسطين. وقالت متحدثة باسم نشطاء على متن سفينة أخرى تحاول كسر الحصار انهم سيواصلون رحلتهم. وتعهدت اسرائيل التي تواجه غضبا عالميا بسبب عمليتها البحرية باعتراض السفينة ريتشل كوري التي تحمل اسم ناشطة أمريكية قتلتها جرافة اسرائيلية في غزة عام 2003. وأمر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قواته "بتوخي الحذر والتحلي بالكياسة" في التعامل مع السفينة التي من المتوقع أن تقترب من المياه قبالة غزة بحلول يوم السبت. وشددت اسرائيل حصارها لقطاع غزة بعدما سيطرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) عليه في 2007. ودافعت اسرائيل عن الحصار وقالت انه يمنع حماس من جلب أسلحة لمحاربتها. لكن مسؤولين قالوا أمس ان نتنياهو يفكر في ادخال تعديلات على الحصار. ويفكر نتنياهو في شكل من أشكال الدور الدولي في فرض حظر على الاسلحة مع السماح بالسلع المدنية بالدخول. واعترفت تركيا الدولة العلمانية الوسطية باسرائيل بعد فترة قصيرة من اعلانها عام 1948 ووقعت في التسعينيات اتفاقيات للتعاون العسكري وفي مجال المخابرات مع اسرائيل عندما ناصب البلدان العداء لسوريا. وعلاقات البلدين الاقتصادية قوية ووصلت التجارة الثنائية بينهما الى 2.5 مليار دولار العام الماضي حيث تمثل تركيا مشتريا كبيرا للاسلحة الاسرائيلية. وتقدر قيمة عدة مشروعات في مجالات خطوط المياه والطاقة والزراعة بعدة مليارات من الدولارات. وتسعى تركيا منذ تولي حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الاسلامي السلطة فيها عام 2002 الى علاقات أفضل مع ايران وجيرانها العرب خاصة سوريا. وبدأت علاقة الصداقة بين تركيا الدولة الاسلامية الوحيدة في حلف شمال الاطلسي واسرائيل تتراجع بعد حرب اسرائيل في غزة. وأصبح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان منذ ذلك الحين واحدا من أشد منتقدي اسرائيل حيث تؤكد تركيا بشكل متزايد على انها طرف قوي في العالم الاسلامي. ويأتي الخلاف بين أقرب حليفين للولايات المتحدة في الشرق الاوسط في وقت صعب بالنسبة لواشنطن التي تسعى في الوقت الحالي لفرض عقوبات جديدة على ايران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وقال الرئيس الامريكي باراك أوباما ان الهجوم على السفينة يجب أن ينظر اليه كفرصة لتحقيق تقدم في جهود السلام بالشرق الاوسط. وأضاف في مقابلة مع لاري كينج في قناة (سي.ان.ان) التلفزيونية "أعتقد أن المهم الان هو أن نخرج من المأزق الحالي وان نتخذ من هذه المأساة فرصة." والتقى نتنياهو اليوم بجورج ميتشل المبعوث الامريكي للسلام في الشرق الاوسط الذي يتوسط في محادثات غير مباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين يشكك محللون في أنها ستحقق انفراجة. وأجرى ميتشل محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الاربعاء قال مسؤول فلسطيني ان حصار غزة والغارة الاسرائيلية على سفينة المساعدات هيمنا عليها. وكانت الولاياتالمتحدة أقل انتقادا لاسرائيل من دول أخرى صديقة وعبرت عن تعاطفها مع المخاوف الامنية الاسرائيلية بينما قالت ان سكان قطاع غزة يجب أن يحصلوا على الامدادات التي يحتاجون اليها. (رويترز)