كشفت مصادر أمنية أن عملية فرار تسعة معتقلين ينتمون الى تنظيم «السلفية الجهادية» من سجن القنيطرة شمال العاصمة الرباط، فجر أول من أمس، تطلبت ما لا يقل عن سنة من الإعداد، ورأت أن حفر نفق بطول 23 متراً يبدأ من إحدى الزنزانات التي كانت تؤوي المعتقلين، ويمتد إلى حديقة إقامة مدير السجن، يحتاج إلى وقت طويل، خصوصاً في ضوء استخدام وسائل تقليدية في الحفر. غير أنها أوضحت أن تربة المنطقة القريبة إلى الساحل الأطلسي الذي يمكن رؤيته من سطح السجن، ذات طبيعة رملية، وتكاد تكون خالية من الصخور، ما قد يكون سهّل حمل الأتربة وتبديدها عبر مجاري المراحيض. بيد أن المصادر ذاتها شددت على وجود شركاء متواطئين من خارج السجن، أقله لجهة تسهيل نقل المعتقلين الفارين مباشرة بعد اجتيازهم حديقة إقامة مدير السجن التي توجد خارج أسوار المعتقل. وتتداول المصادر سيناريوهات عدّة حول ذلك الهروب، أقربه أن تكون سيارتان في انتظارهم أو توجههم راجلين إلى ساحل البحر في حال كان هناك قارب في الانتظار. لذلك عززت قوات الأمن والدّرك دوريات تمشيط عبر كل الاتجاهات، وضمنها الساحل الأطلسي، ما مكّن من تفكيك شبكة هجرة غير شرعية كانت تنطلق من ساحل القنيطرة. ويسود اعتقاد أن الفرار بدأ ليلاً وليس عند الساعات الأولى لطلوع الفجر، كون المناداة على السجناء تتم عادة قبل الساعة السابعة صباحاً، في ما يحتاج عبور النفق إلى وقت أطول. ولم تتمكن دوريات الرقابة التي استخدمت طائرات هليكوبتر وأقامت حواجز تشمل الأسلاك الشائكة عند المعابر المؤدية إلى القنيطرة أو الخارجة منها، إلى القبض على الفارين. كذلك نشرت أجهزة الأمن حواجز عند مداخل العاصمة الرباط، وصدرت أوامر بإغلاق بعض المعابر الحدودية بعد توزيع صور المعتقلين الفارين على المراكز كافة، إذ يخشى أن يتجه الفارون نحو الحدود الشرقية للمغرب مع الجزائر، بخاصة وأنه بعد الهجمات الانتحارية في 16 ايار (مايو) 2003 في الدارالبيضاء حاول مطلوبون العبور نحو الجزائر بهدف الالتحاق بالجماعات المسلحة هناك. ولفتت المصادر إلى أن من بين الفارين اثنان دينا بالإعدام (وليس شخصاً واحداً، كما أفادت المعلومات الأولية). ورداً على سؤال في شأن عدم اقامتهما في «ممرّ الموت» (زنزانات مخصصة للمحكومين بالإعدام) في السجن المدني بالقنيطرة، عزت المصادر تجميع جميع السجناء في زنزانات إلى توفير شروط اقامة كريمة لهم. ويُشار، في هذا السياق، إلى أن المدانين بالإعدام كانوا يوضعون في زنزانات انفرادية في السابق. وأقرّت المصادر بأن التخطيط لتنفيذ عملية الهروب احتاج إلى دراسة عميقة لوضع السجن وتوقيت وجود الحراس، ما ينم عن «تخطيط محكم». يذكر أن سجن القنيطرة كان يؤوي العسكريين المتورطين في مؤامرة إطاحة نظام الملك الراحل الحسن الثاني عامي 1971 و1972، وكذلك معتقلين يساريين، لكنه اليوم يضم مئات المعتقلين الإسلاميين المنتمين إلى تنظيم «السلطة الجهادية» و «التكفير والهجرة» وتنظيمات متطرفة أخرى. الرباط - محمد الأشهب