كشفت دراسة أعدها معهد فوبرتال الألماني للطاقة والمناخ والبيئة أن مشاريع أوربا لتوليد الكهرباء في شمال إفريقيا والشرق الأوسط لا تراعي مصالح البلدان المنتجة لهذه الطاقة بما فيه الكفاية، وأخذت الدراسة الجزائر نموذجا لذلك تبنت أوربا في السنوات الأخيرة مشاريع كبرى لتوليد الكهرباء على نطاق واسع في شمال إفريقيا والشرق الأوسط انطلاقا من الطاقات المتجددة. وتتجسد هذه المشاريع في إنتاج الكهرباء من خلال محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتنقل الكهرباء المنتجة فيما بعد إلى المستهلكين الأوربيين عبر كابلات تعبر البحر المتوسط. ويعد مشروع "ديزرتيك" الضخم من أهم هذه المشاريع التي لقت صدى واسعا لدى وسائل الإعلام في أوروبا وهو مشروع لقي تأييدا من قبل الاتحاد ألاوربي، ويسعى المشاركون فيه إلى استثمار أكثر من أربعمائة وخمسين مليار يورو في محطات كبرى للطاقة الشمسية في شمال إفريقيا لتلبية خمسة عشر في المائة من حاجة أوربا من الكهرباء بحلول عام ألفين وخمسين. وأكد مؤسسو ديزرتيك في مناسبات عديدة أن مشروعهم سيفيد المنتجين والمستهلكين على حد سواء، فإلى أي حد تمكنوا من تحقيق هذا الهدف؟ الجزائر نموذج تحت المجهر أظهرت دراسة معهد فوبرتال أخذت الجزائر نموذجا، وجهات نظر مختلفة إزاء مدى استفادة الدول المنتجة من هذه المشاريع، وتبين أنها لا تراعي مصالح هذه البلدان المنتجة بشكل كاف. ويوضح الدكتور دانيل فالنتين، الباحث في المعهد ذاته، أن الجزائر لا تريد أن يكون مشروع ديزرتيك فقط عبارة عن شركات أوروبية تنشط في الجزائر بدون أن يستفيد الاقتصاد الجزائري من ذلك، بل تطمح إلى أن يساهم المشروع في نقل التكنولوجيا والمعرفة إليها وأن تستفيد هي الأخرى من بناء محطات لتوليد الطاقة. وحسب رأي فالنتين، فهذا هو السبب الرئيسي لتحفظ الجزائر تجاه مشروع ديزرتيك. ويرجع تحفظ الجزائر أيضا إلى كون قطاع الطاقة في الجزائر يعتمد بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي، الذي تتوفر البلاد على احتياطات ضخمة منه. لكن الجزائر تدرك كذلك أن ثروتها من المحروقات ستنتهي في يوم ما، لذلك أقرت سنة ألف وتسعمائة وتسع وتسعين قانونا يدعم إنتاج الطاقات المتجددة. غير أن هذا القانون لم يدخل حيز التنفيذ بعد، وهذا يحول دون تفعيل الإمكانات المتوفرة الآن في هذا المجال. شراكة متساوية كشرط للتعاون وفيما يخص إمكانية تعاملها مع مبادرة ديزرتيك، صرحت وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية أنها لا تعتبر مشروع ديزرتيك موجودا بشكل رسمي. ويرجع فالنتين موقف الجزائر هذا إلى عدم قيام ديزرتيك بمناقشة الموضوع مع الحكومة الجزائرية بشكل رسمي وعدم اتصالها بها. بيد أن الحكومة الجزائرية تريد أن يتم تبادل حقيقي قبل أن تعترف بديزرتيك كمبادرة حقيقية وتتقبلها. ويرى معهد فوبرتال للطاقة والمناخ والبيئة أنه من الضروري أن تقوم مشاريع توليد الطاقة هذه على أساس التعاون والشراكة المتساوية بين الطرفين وأنه يجب مراعاة مصالح البلدان المنتجة لهذه الطاقة بشكل أقوى. ويتوقف نجاح مشروع ديزرتيك وما يشابهه من مشاريع توليد الطاقة الكبرى، حسب رأي فالنتين، على قيام الجهات المعنية بمفاوضات جدية وعلى مدى نجاح هذه المفاوضات في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف. ومن المهم أيضا أن يتم التوصل إلى اتفاقيات تناقش المسائل التقنية مثل البنية التحتية وشبكات نقل الكهرباء والشروط التي تضعها الدول المنتجة في هذا السياق. بشير عمرون مراجعة: حسن زنيند 19.09.2010