نجح مسلمو مدينة جلاسكو الأسكتلندية في إقناع الحكومة بتخصيص قطعة أرض لبناء مقبرة جديدة مخصصة لهم بدلا من المقبرة الحالية التي ضاقت بمن فيها، وذلك بعد معاناة استمرت عدة أشهر من رفض عدد من مواطني المدينة غير المسلمين لبناء تلك المقبرة. ولاقت تلك الخطوة ترحيبا كبيرا من مسلمي المدينة، الذين أعربوا عن أملهم في أن يتم بناء المقبرة على هذه الأرض في أسرع وقت ممكن. ووفق ما نشرته جريدة "ذى إيفنينج تايمز" الأسكتلندية اليوم الجمعة، فإنه بمقتضى اتفاق بين مجلس المدينة ومساجدها، تم تخصيص مساحة 31 فدانا محازية لمنتزه "لين" بقرية "كارمونوك" جنوبي جلاسكو للمقبرة الجديدة. وتوشك مقبرة "كاثكارت" الإسلامية الحالية على العجز عن استيعاب متوفين جدد، وهو ما جعل السكان المسلمين بحاجة ماسة إلى مكان آخر. وفي تعقيبه على القرار الجديد لمجلس المدينة، قال بشير أحمد عضو البرلمان الأسكتلندي عن جلاسكو: "أنا سعيد بأن المجتمع المسلم سيحصل أخيرا على أرض لبناء المقبرة الجديدة، وعلى المساجد أن تتكاتف معا وأن تتعاون مع مجلس المدينة من أجل إعداد مقبرة مناسبة للأجيال القادمة". ومن جانبه قال بشير معن الواعظ بمجلس مسلمي أسكتلندا: "المجتمع المسلم في أسكتلندا يتطلع لأن يرى المقبرة جاهزة في أقرب وقت ممكن". بعد اعتراضات ويعد الاتفاق نهاية لحملة طويلة نظمها سكان غير مسلمين بقرية "كارمونوك"؛ احتجاجا على قرار سابق للمجلس خصص بموجبه مساحة 30 فدانا لبناء المقبرة، مبررين ذلك بأنه سيهدد الحزام الأخضر المحيط بالقرية، بحسب قولهم. وخلال الحملة المناهضة لبناء مقابر للمسلمين، قاد المعارضون جرارا باتجاه الدوائر الرسمية في المدينة لعرض وجهة نظرهم، وسلموا عريضة احتجاجية ممهورة بتوقيع 3 آلاف شخص. وفند أسامة سعيد المتحدث باسم رابطة مسلمي بريطانيا اعتراضات أهل القرية بقوله: "ما أجده غريبا هو أننا نسمع مزاعم غير مقنعة حول الاعتراضات على بناء المقابر، من أنها ستقتطع من الحزام الأخضر المحيط بالقرية، كيف ذلك والمقابر نفسها ستكون مليئة بالأشجار!"، مشيرا إلى أن المسلمين سيعملون على حماية الحزام الأخضر وليس انتهاكه. وتعد مدينة جلاسكو أكبر مدن أسكتلندا (الجزء الشمالي من بريطانيا العظمى) التي بها تجمعات إسلامية حيث تعد مركزًا مهمًا للأقلية المسلمة -معظمها من أصول آسيوية- التي نجحت في الاندماج لدرجة نجاحها في إيصال أحد ممثليهم (الباكستاني محمد سروار) إلى مجلس العموم البريطاني مرشحًا عن حزب العمال الحاكم، وأصبح بذلك أول نائب مسلم يدخل مجلس العموم البريطاني. وقد حقق مسلمو أسكتلندا على مدار تاريخهم في البلاد إنجازات كبيرة لم تحققها العديد من الأقليات المسلمة، حيث أنشئوا مساجد ومدارس ومراكز خاصة بهم، يأتي على رأسها مجلس مسلمي بريطانيا، فرع أسكتلندا الذي يعد المؤسسة الجامعة لكل مسلمي البلاد، ومركز معهد الفكر الإسلامي السياسي الذي أدى دورًا كبيرًا في توحيد مسلمي أسكتلندا كقوة انتخابية لا يمكن تجاهلها.
وقبل تفجيرات 11 سبتمبر 2001، كانت أوضاع مسلمي أسكتلندا هادئة، يقيمون شعائرهم ويمارسون أنشطتهم بحرية بعيدا عن أجواء الرقابة، ثم تغير هذا الأمر بعد وقوع التفجيرات، وزاد من الأحداث العنصرية التي يتعرض لها مسلمو أسكتلندا وقوع تفجيرات 7 يوليو 2005 بلندن ثم الهجوم الفاشل الذي استهدف مطار جلاسكو يونيو 2007، والذي اتُهم فيه مسلمون. منى الدريدي