تونس:فاجأ أكاديميون أوروبيون زملاءهم خلال ندوة أقامها أخيرا معهد الدراسات الأوروبي المتوسطي (مقره في برشلونة) بطرح فكرة غير متوقعة ترمي لضم تونس للإتحاد الأوروبي بعد استكمال المرحلة الإنتقالية نحو الديموقراطية. وبدأت تونس تجربة ديموقراطية فريدة بعد الثورة التي أطاحت الرئيس زين العابدين بن علي في الرابع عشر من الشهر الماضي بعد 23 عاما من الحكم الفردي المطلق. ورأى بيار بيكوش أستاذ الجغرافيا في جامعة باريس في كلمة ألقاها في الندوة أن سيناريو انضمام تونس إلى الإتحاد "يبدو اليوم سيناريوها واقعيا أكثر من أي وقت مضى"، مستدلا بأن كلا من البرتغال واسبانيا واليونان انضمت للإتحاد الأوروبي في أعقاب ثورات ديموقراطية شبيهة بالثورة التونسية. وكذلك الشأن في أوروبا الشرقية بعد الإطاحة بالأنظمة الشمولية التي كانت تحكمها. وأطلق متحدثون في الندوة على تلك الثورة اسم "تونسونامي" تشبيها لها بالعاصفة التي ضربت عدة بلدان في آسيا، وبالنظر للهزات الإرتدادية التي أحدثتها في عدد من البلدان العربية والمتوسطية مثل مصر والجزائر واليمن وألبانيا. وأشار باحثون تكلموا في الندوة إلى أن الحجم السكاني في اليونان والبرتغال لا يختلف عن تونس (10 ملايين ساكن) بالإضافة لكونها لا تملك ثروات طبيعية ما يجعلها في حاجة للتكامل مع الإتحاد الأوروبي لبناء اقتصادها. وشدد بيكوش الذي يعمل أيضا مستشارا علميا للمعهد المتوسطي ببرشلونة على أن الثورتين التونسية والمصرية أحدثتا تغييرا جوهريا في العلاقات المتوسطية الأوروبية. وقال استاذ الجغرافيا: "سنتعاضى عن القضية الجوهرية إذا لم نطرح السؤال الأساسي الآن وهو المتعلق باحتمال انضمام تونس للإتحاد الأوروبي؟". لكنه نبه إلى أن طرح المسألة لا يعني أن الجواب سيكون بالضرورة بالإيجاب. وكانت تونس والإتحاد الأوروبي أطلقتا في السنة الماضية مفاوضات كان يُؤمل أن تُتوج بمنح تونس رتبة الشريك المتقدم، أسوة بالمغرب الذي حصل عليها في 2008. وانطلقت الجولة الأولى في بروكسيل في 11 أيار (مايو) الماضي، لكن لم يتحقق تقدم في المفاوضات. وفيما تحمست بعض البلدان مثل فرنسا واسبانيا وإيطاليا لمنح تونس المرتبة المتقدمة من الشراكة من دون شروط على رغم السجل الحافل بالإنتهاكات للرئيس المخلوع بن علي، وضعت بلدان أخرى من بينها ألمانيا وبريطانيا والسويد، شروطا تتمثل أساسا في القيام ببعض الإصلاحات في مجال الحريات وحقوق الإنسان. وأكد الأكاديميون أن تونس تحتاج في المرحلة المقبلة إلى تحولات على ثلاثة أصعدة هي السياسي والإقتصادي والإجتماعي، تؤدي إلى نقل البلد إلى وضع أرقى شبيه بوضع تركيا المُرشحة لعضوية الإتحاد الأوروبي. لكن يُعتقد أن الأوروبيين سيتعاملون مع التونسيين بحساسية أقل مما أظهروه مع تركيا، التي تثير مخاوفهم بسبب حجم سكانها الذي يقارب ثمانية أضعاف عدد سكان تونس. وأشاروا إلى ثلاثة عناصر ستُسهل برأي المحللين ضم تونس للإتحاد الأوروبي في مقدمها تقارب المنظومة التونسية مع "معايير كوبنهاغن" الأوروبية، وارتفاع مستوى دخل الفرد فيها إلى مستوى مشابه لتركيا، أما العنصر الثالث فهو استفادة تونس من مسار التأهيل الذي شمل قسما مهما من البنية الصناعية والخدمية المحلية، بدعم من الإتحاد الأوروبي، في سياق ارتباط الإقتصاد التونسي بالإقتصادات الأوروبية بنسبة 80 في المئة. وذهب البعض إلى القول إن تونس يمكن أن تشكل "مخبرا لبعض البلدان المتوسطية الأخرى تمهيدا لضمها للإتحاد أسوة بدول أوروبا الشرقية والوسطى".