للمشاركة في أول قمّة كورية إفريقية...الوفد التونسي يصل إلى مطار سيول الدولي    قضية أنستالينغو .. راشد الغنوشي يرفض المثول أمام المحكمة    زيارة تفقّد    بطاقة إيداع بالسجن في حق محام اعتدى بالعنف على رئيس مركز الأمن برادس    وزارة التشغيل تمضي اتفاقية شراكة خصوصية مع جامعة مؤسسات البناء والأشغال العمومية    وزارة التجارة تدعو المتدخلين في مجال توزيع الأسمدة الفلاحية إلى تحيين تصاريح نشاطهم    بعد مقترح بايدن لوقف إطلاق النار...نتنياهو بين نارين    العدوان على غزّة في عيون الصحف العربية والدولية ..حماس تفشل خطة صهيونية سرية لإدارة غزّة    المنتخب الوطني .. الجامعة تُحفز الجماهير للحضور بكثافة    اليوم في رولان غاروس .. أنس تتحدى الأمريكية «كوكو غوف»    أحداث الدربي: الداخلية تفتح تحقيقا وإجراءات جديدة للحد من ظاهرة العنف    عاجل: تصفيات كأس العالم: إصابة اللاعب سيف الدين الجزيري    القصرين..اختبار الباكالوريا.. أكثر من 5 آلاف مترشّح و16 حالة تتمتع بإجراءات استثنائية    بتعلّة أنه يسبّ الجلالة ...إرهابي يذبح شابا في جبل الأحمر بالعاصمة    جبنيانة.. ثراء فاحش لشبكة مختصة في الاتجار بالأشخاص    الملتقى الوطني لفنون الصّورة والسّينما والفنون التّشكيلية بالمهدية .. عروض ثريّة للإبداعات والمواهب التلمذيّة    الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي .. تتويج المدرسة الابتدائية السبالة بجائزة العمل المتكامل    عاجل/ أحداث "الدربي": بلاغ شديد اللهجة من النادي الافريقي    الليلة: بعض الأمطار والحرارة تتراوح بين 19 و25 درجة    صفاقس.. قلع 168 كلم خطيّا من التين الشوكي المصاب بالحشرة القرمزية    المغرب/ إحباط محاولة تهريب أكثر من 18 طنا من المخدرات    الوزراء الجدد يؤدون اليمين الدستورية أمام السيسي    عاجل : التن المعلب الموجود في الاسواق هو تن مجمد مورد يتم تحويله في تونس    سوق الجملة ببئر القصعة: ارتفاع سعر البصل ب137 %    كهل يُقدم على الانتحار داخل منزل مهجور بهذه الجهة    المشتبه به عربي الجنسية: إلقاء قنبلة على سفارة الاحتلال في رومانيا    المؤسسات الصناعية في تونس : تشغيل حوالي 534 ألف عامل    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    عاجل : شادي الهمامي لاعب النادي الرياضي الصفاقسي يعتزل    قبلي: الاتحاد الجهوي للشغل يطالب في لائحة مهنية حول تطورات ملف شركة البستنة بتصنيفها كقطاع عام    الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الدولية: تراجع النتيجة الصافية ب30 بالمائة في 2023    "الهريسة التونسية" إصدار جديد للتعريف بهذا التراث الغذائي التونسي المسجل على لائحة اليونسكو    حادث اصطدام بين تاكسي جماعي وسيارة بسوسة..وهذه حصيلة الجرحى..    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    حوادث المرور: 11 حالة وفاة في يوم واحد    اليوم: لجنة التشريع العام تنطلق اليوم في مناقشة تنقيح قانون الشيك دون رصيد    نابل حجز أزياء عسكرية مزركشة معدة للبيع خارج الأطر القانونية.    وزيرة التربية معلقة : '' هناك أشخاص غير أبرياء و لهم أجندة سياسية''    مدير عام المنافسة : وفرة مادتي الفارينة و السميد    أحرز اللقب على حساب دورتموند .. الريال «ملك» رابطة الأبطال    بطولة ايطاليا : صعود فينيتسيا بعد فوزه على كريمونيزي    عاجل/ "المالديف" تحظر دخول حاملي جوازات السفر الإسرائيلية إلى أراضيها..    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    القيروان: برمجة ثرية في مهرجان المشمش بحفوز (صور)    فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ يتوج بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بروتردام    اليابان : زلزال قوي بلغت شدته 5,9 درجات يضرب وسط البلاد    المرصد التونسي للإقتصاد يدعو إلى إرساء سياسة فلاحية تكرّس مبدأ الاستقلالية الغذائية    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    رغم نجاحات أطبائنا...مستشفياتنا تعاني... والصحة «مريضة»    تونس الأولى عربيا في التدخين والسيجارة الإلكترونية بديل قاتل    الهند: موجة حر تخلف عشرات القتلى و25 ألف اصابة بضربة شمس    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    مكتب منظمة الصحة العالمية بتونس: معدّل عمر متعاطي أول سيجارة في تونس يناهز 7 سنوات    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجها لوجه مع الحكومة التونسية المؤقتة : حمادي الغربي
نشر في الفجر نيوز يوم 14 - 02 - 2011

أثبتت الأيام التي خلت أن الشباب التونسي كان شديد الكرم و السخاء حيال حكومته المؤقتة التي دخلت للمطبخ التونسي خلسة و تحت جنحة الظلام و التهمت البقرة الحلوب لوحدها و ألحقتها بالكعكة المسكرة كتحلية في نهاية الاحتفال وغلقت الأبواب في وجه الجماهير و أجبرتهم على العودة لبيوتهم بخفي حنين .

بورقيبة... بن علي ... الغنوشي :

الشائع ، و دون الولوج في التفاصيل كان الرئيس الأول لتونس الحبيب بورقيبة صانع الاستقلال الترابي للجمهورية و قد فرح به الشعب التونسي على انجازه الوطني كما فهمه المواطنون آنذاك و سلمه التفويض المطلق لتأسيس الدولة و تشكيل الحكومة تحت اطار شرعية النضال والكفاح للزعيم الفذ ، و بشكل عام لم يتدخل الشعب التونسي في تفاصيل الحكومة التونسية الجديدة لأنه ما يزال تحت تأثير صدمة و فرحة الاستقلال ، و يعتقد الجمهور التونسي أن كل ما يأتي من قبل بورقيبة لا خوف منه ، لأنه تونسي مثلهم و لا يمكن بأي حال من الأحوال خيانة الوطن و المواطنين و عليه استلم بورقيبة البطاقة البيضاء و التزكية المطلقة من قبل الجماهير و صنع ما حلا له من قوانين و دساتير و تعيينات دون رقيب أو عتيد .
و بنفس العقلية كان للرئيس المخلوع بن علي نفس التفويض و التزكية المطلقة من قبل الشعب التونسي لأنه كان صاحب التغيير كما يحلو له أن يلقبه الآخرون خاصة و أنه بشر الشعب بقائمة من الأحلام الزاهية و الوعود الوردية شأنه شأن كل رئيس جديد مغتصب للسلطة يحلل انقلابه عبر فتح نوافذ للتنفيس كاطلاق سراح المساجين السياسيين و تغيير بعض وجوه قديمة ترمز للعهد السابق و السماح في بادئ الأمر ببريق من الحرية و الديمقراطية لحين أن يتمكن و اثرها يظهر الوجه الآخر من الشخصية الناعمة و الدافئة و المحبة للجماهير الى شخصية بوليسية متوحشة تفترس كل من يعترض طريقها .
أما حكومة الغنوشي الحالية فالوضع يختلف تماما و ليس هنالك أي مقارنة تذكر بينه و بين سابقيه فان كان بورقيبة يلقب بالمجاهد الأكبر و صانع الاستقلال و الرئيس المخلوع بن علي يلقب بصاحب التغيير بانقلابه على سابقه فان الغنوشي و الى يومنا هذا يلقب بسارق للثورة من أيدي الشباب الثوار و لا يملك أي شرعية قانونية و لا دستورية باعتبار أن الثورة أسقطت كل المواثيق السابقة بما فيها الدستور و الحكومة و البرلمان ، و الشرعية الحالية ما تزال بأيدي الثوار رغم المحاولات اليائسة من الحكومة المؤقتة للبحث عن شرعية أخرى غير التي بيد الشعب و تسعى يوميا للالتفاف على الثورة و افراغها من روحها و سلطتها الثورية ليرسم لنفسه و لشلته طريقا معبدا نحو الجمهورية الثالثة المغتصبة .

عبث الحكومة المؤقتة :
من الوهلة الأولى التي خطف فيها الغنوشي اللحظة و آلتقط فيها الفرصة عند فرار المخلوع برهنت على شدة مكره و دهائه السياسي لأنه ليس أي سياسي يقدر على استثمار مثل هذه اللحظة و في حينها ...اذا نحن أمام شخصية ماكرة و متمرسة و لكن الأخطر من ذلك انه و ان لم تكن شخصيته من صنيعة بن علي فهي صانعة لبن علي لكنه يختلف عن سابقه التي طغت عليه العقلية الأمنية و الغباء السياسي فهو متمرس و صاحب التجارب الكثيرة و الذي يحافظ على ظهوره في الاعلام كالرجل الزاهد في السلطة و ليس له هم سوى الحفاظ على الأمن و اعادة الحياة الى مجراها الطبيعي ، غير ان الطريقة التي استلم بها السلطة اتسمت بالمكر والخدعة و الطريقة التي شكل بها الحكومة كانت توحي بأن الرجل يبحث عن كوادره القدامى و السرعة التي لبى فيها كل طلبات الغرب دون العودة حتى لشركائه في السلطة من المعارضة توحي بان الرجل أولويته طمأنة الغرب و يبقى المجتمع التونسي بالنسبة له مسألة ثانوية يمكن اسكاته من خلال حبوب مسكنة للألام على حسب الحاجة و حالة المشتكي .

الحكومة و سياسة جس النبض :

ما زالت تعتبر الحكومة المؤقتة أن الشعب التونسي يشكل خطرا عليها و على مصالحها و على هذا الأساس تعتمد طريقة التعامل مع المجتمع على سياسة الاقصاء و التهميش و قد مر على تشكيلها شهرا تقريبا و لكن جل قراراتها مبعثرة تتسم بالعشوائية و التخبط و هي غير قادرة على الحسم و هي في صراع داخلي بين المتطلبات الشرعية للثوار و الخوف من ضياع السلطة من بين أيديها و يمكن للمتتبع للأحداث أن يكشف ذلك في قرار اطلاق سراح المساجين كيف تلكأت في البداية و حاولت اللف و الدوران على وعدها المكره و أطلقت دفعة أولى و ما يزال المئات قابعين في سجون بن علي ضحايا قانون الارهاب السيئ الذكر ثم مسألة تسليم الجوازات للمبعدين و المراوغة في التعاطي مع التونسيين المقيمين بأروبا ، ثم مسألة الترخيص للأحزاب و الى يومنا هذا ما تزال كبرى أحزاب المعارضة التونسية تنتظر الفرج من وزارة الداخلية في حين ان سيد وزير الداخلية الجديد لما داهم مكتبه عناصر البوليس التابعين للرئيس المخلوع لم يتردد لحظة في اعتقالهم و اعتقال وزيرهم السابق و احالته على المحكمة .

لجان المحاسبة و صياغة القوانين :

من المنطقي جدا و في ظل الثورات الشعبية و كحالة تونس القريبة و التي انخدعت سابقا من طرف الرئيس المخلوع حين انقلب على بورقيبة فانها غير مستعدة اطلاقا للانخداع مرة أخرى و من قبل موظفي الرئيس الهارب عبر جسر لجان الخدعة و الزور الذين تم تعيينهم من قبل الحزب الحاكم وان لم يكونوا هم أنفسهم ضلال الحزب الدستوري و من الأكيد أن نتائج التحقيق سوف تصب في صالح الغنوشي و زمرته و بهذه المهزلة تتبخر الثورة و تصبح في قصص ألف ليلة و ليلة .

الحكومة و الحزب الدستوري :

الحكومة المؤقتة في حالة يرثى لها لأنها لا تملك التفويض و الشرعية في ادارة البلاد و هي بين المطرقة و السندان ،بين مطرقة الحزب الدستوري الذي لم يف بوعده لرئيسه السابق بالعودة عند هروبه الى السعودية و سندان الشعوب الغاضبة الكارهة للرئيس المخلوع و عائلته المافيا و حزبه الفاسد .
الغنوشي و سياسته في التعامل مع بقايا الحزب الحاكم يعتمد سياسة المد و الجزر و مسك العصا من الوسط ، فهو من جهة يغلق مكاتبهم و يعلق أنشطتهم و لكن يغض الطرف عن الألاف القابعين في دواوين الحكومة و مكاتب الدولة و بناء على سياسته المترددة و غياب القرار الفاصل تعمل عصابة الحزب على زعزعة الأمن و بث الفوضى في الشارع التونسي و تعطل صدور قرارات وطنية و مطالب شرعية كثيرا ما ترقب المواطن خروجها للنور فضلا عن الوعود الكاذبة لتخفيف وطأة الضغط الاجتماعي على العائلات و مؤازرة العاطلين و تحسين ظروف حياة التونسي عامة ... و بما أن الغنوشي لم يلتزم بوعوده و لم يبد حسن النية في سياسته التي امتازت بالخدعة و المراوغة فان الشعب التونسي لن يكون حكما بين صراع الاخوة الأعداء و لا يرى خيرا في الأخوين فهما وجهان لعملة واحدة و أبناء المخلوع الذي جرد البلاد من كل حسنة و من كل شئ جميل فيها .

الثورة و سياسة الردع :
يعود الفضل بعد الله سبحانه و تعالى الى الشرارة التي أطلقها الشهيد محمد البوعزيزي و أتبعها فيما بعد الشباب التونسي الثائر الذي قلب الموازين و فاجأ الجميع بجرأته و شجاعته و ألهم شباب الوطن العربي و الاسلامي للخروج على حكامهم الفاسدين و اجبارهم على الهروب لخارج البلاد و لكن بمثل القدر الذي فتحنا به الأبواب لأخواننا فلا بأس أن نستفيد من كيفية الاستمرار و الحفاظ على الثورة من سرقتها من قبل الحرامية السياسيين .
و حتى تتعقل هذه الحكومة المؤقتة و تحترم الثورة و ترتقي لمطالب الشعب التونسي فلا يمكن بأي شكل من الأشكال تركها ترتع لوحدها في تونس الخضراء بدون رقيب و عليه و حتى لا تضيع مكاسب الثورة و نموت غما و هما و حسرة و ننتظر جيلا آخر بعد ربع قرن آخر ليحررنا من ديكتاتور محتمل فاني ارى الآتي حتى لا تتبخر ثورتنا و نبني تونس جديدة بجيل جديد يتشوق للحرية و العدالة و الحياة الكريمة :
حل الحزب الدستوري و ذلك باسم شرعية الثورة .
طرد أعضاء الحزب الدستوري الفاسدين و المتورطين في أعمال مشبوهة بكل أشكالها من دواوين الحكومة .
حل البوليس السياسي و محاكمة كل مجرم و قاتل و فاسد .
حل لجان تقصي الحقائق و اعادة تشكيلها بمقاييس الثورة وبالمثل لجان صياغة الدستور و القوانين .
اعادة تشكيل الحكومة الجديدة بالتوافق مع أحزاب المعارضة و شباب الثورة و التشديد هنا على ابعاد عبد السلام جراد المتواطئ مع بقايا النظام السابق .
تأسيس منظمة وطنية تشمل كل ألوان أحزاب المعارضة الجادة و شباب الثورة لحماية مكاسب الثورة و كمراقب لسياسة الحكومة الجديدة .
نصب خيام أمام كل مؤسسات الحكومة من وزارات و ولايات و معتمديات و مكاتب حكومية مما صغر حجمها كسياسة ردع و رقابة دائمة لحين تنظيم انتخابات .
تنظيم مسيرة اسبوعية لتبقى الثورة مشتعلة و انذارا للحكومة الجديدة الى أن يتبين لحماة الثورة أن الأمور تسير كما رغبت الجماهير .
اننا غير مستعدين أن نعاني ربع قرن آخر من القمع و الكبت و القتل و التشريد و لا يمكن أن نلدغ مرتين و لا نريد لأولادنا العذاب و الخوف و التهميش ....يكفي ما عانينا و لا نرضى أبدا لأولادنا المثل ، و نأمل أن تعود تونس لمجدها و عزها و ريادتها العربية و الاسلامية و العلمية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.