طرابلس:شنت قوات الزعيم الليبي معمر القذافي هجمات مضادة ضد بلدات واقعة تحت سيطرة المحتجين مما يزيد المخاوف من أن ليبيا تتجه صوب حرب أهلية على عكس الثورتين الشعبيتين اللتين شهدتهما تونس ومصر. وقدرة قوات القذافي على استعادة نشاطها في وجه المعارضة المسلحة التي بدأت بمنتصف فبراير شباط وقدرتها على شن هجمات مضادة أثارت احتمال أن تكون ليبيا المصدرة للنفط تتجه صوب صراع طويل. ولكن بعد ما وصفه سكان بالقتال الشرس يوم الاحد بنيران المدفعية والصواريخ وقذائف المورتر أعلن المعارضون المسلحون صدهم قوات القذافي في بلدتي الزاوية غربي طرابلس ومصراتة الى الشرق. ولكن سكان بلدة راس لانوف النفطية الشرقية الواقعة تحت سيطرة المحتجين يغادرونها يوم الاثنين بسيارات محملة بمتعلقاتهم خشية التعرض لهجوم من قوات الحكومة وقال محتجون انهم نقلوا أسلحة الى الصحراء لحمايتها. وليست هناك مؤشرات تذكر على وجود معارضين مسلحين على الطريق الرئيسي المتجه شرقا من راس لانوف الواقعة على بعد 660 كيلومترا شرقي طرابلس بعد يوم من تقهقرهم الى البلدة من بن جواد المركز الاخر الى الغرب وسط اطلاق نيران مدفعية كثيف من جانب قوات الحكومة. وقال أحد المحتجين لرويترز على الطريق السريع "سمعنا أن نقاطنا ستقصف ومن ثم أبعدنا أسلحتنا." وقال اخر "أخذناها الى الصحراء." وقال محتج ثالث ان المعارضين المسلحين يعيدون الانتشار في الصحراء للاعداد لمحاولة استعادة بن جواد. ولكن علامات التوتر بين المحتجين عند نقاط التفتيش حلت محل الشعور بالثقة الذي كان سائدا بينهم من قبل وقالوا ان العائلات تفر من راس لانوف وبن جواد للابتعاد عن أي ضرر محتمل. وقال رب أسرة في سيارة مليئة بالمتعلقات "نغادر لان ذلك سيكون أكثر أمانا بالنسبة لنا." ومع تصاعد الصراع في ليبيا ارتفع سعر النفط الخام الامريكي يوم الاثنين ليسجل أعلى مستوياته منذ عامين ونصف العام اليوم في حين يتابع مستثمرون عن كثب المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وحيث توجد أكبر طاقة فائضة بين الدول الاعضاء في أوبك والتي نهى رجال الدين بها عن القيام باحتجاجات من المقرر أن تنظم في مطلع الاسبوع. وارتفع الخام الامريكي لعقود ابريل نيسان 1.90 دولار ليصل الى 106.32 دولار للبرميل وهو أعلى سعر له منذ سبتمبر أيلول عام 2008 ليزيد المخاوف من أن يؤدي ارتفاع الاسعار الى خروج الانتعاش الاقتصادي العالمي عن مساره. وأكدت الحكومة الامريكية أنها قد تسحب من احتياطيها النفطي الاستراتيجي لدعم النمو الاقتصادي. وطالب الامين العام للامم المتحدة بان جي مون يوم الاحد بانهاء الهجمات " العشوائية" ضد المدنيين في ليبيا وحذر طرابلس من أن أي شخص يخرق القانون الدولي سيحاكم. وتحدث بان مع وزير الخارجية الليبي موسى كوسة يوم الاحد وأبلغه أنه يتعين على طرابلس "تعزيز مسؤوليتها في حماية مواطني البلد والاصغاء للطموحات المشروعة للشعب الليبي بالعيش بكرامة وسلام." ومصراتة التي يقطنها 300 ألف نسمة هي أكبر بلدة يسيطر عليها المحتجون خارج شرق البلاد الذي أصبح تحت سيطرة المحتجين. وقال حافظ خوجة المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي في مؤتمر صحفي في بنغازي في وقت متأخر من مساء أمس ان النظام ينشر شائعات وان الزاوية ومصراتة في أمان واصفا اياهما بالمدينتين المحررتين. وهاجمت قوات القذافي مدعومة بالدبابات والطائرات الحربية والطائرات الهليكوبتر ونيران المدفعية مواقع قرب مرفأ راس لانوف النفطي. وقال مؤمن محمد لرويترز "القذافي مزقنا أشلاء. يقصفنا بالدبابات والصواريخ. لا أعلم ما سنفعله الان." وعندما سئل أحد المعارضين المسلحين عند عودته الى راس لانوف من بن جواد مصابا عما شاهده هناك أجاب "الموت" ولم تسمح حالته بذكر المزيد. وتقع بن جواد على بعد 160 كيلومترا فقط من سرت مسقط رأس القذافي وقال محتجون انهم يعتزمون مهاجمة بن جواد من جديد صباح يوم الاثنين الا أن هناك شكوكا في ذلك في ظل التقهقر من راس لانوف. وقال قادة المعارضة المسلحة لرويترز ان قوات القذافي تعزز نفسها في سرت حيث يوجد أكثر من 20 ألف مقاتل. وذكروا أنه توجد في المدينة قوات الساعدي (ابن القذافي) التي تضم أربعة ألوية اضافة الى أفراد قبائل مسلحين. وتدفق مؤيدون للقذافي على شوارع طرابلس فجر أمس وأطلقوا النيران في الهواء وهم يحملون صورا للقذافي الذي يحكم البلاد منذ 41 عاما. وحاصر محتجون القوات المتمركزة قرب وسط الزاوية على بعد 50 كيلومترا غربي طرابلس وواجهوا هجوما اخر بعد صد هجومين بالدبابات والمشاة قبل ذلك بيوم. وقال يوسف شاقان أحد المتحدثين باسم المعارضة المسلحة هاتفيا يوم الاحد "صباح اليوم وقع هجوم جديد أكبر من هجوم أمس. اندلع قتال لمدة ساعة ونصف الساعة... سقط قتيلان من جانبا وأصيب كثيرون." وشنت ألوية بقيادة خميس ابن القذافي أيضا هجوما على مصراتة الواقعة على بعد 200 كيلومتر شرقي طرابلس. وقال أحد سكان البلدة طالبا عدم نشر اسمه "حاولت الالوية الوصول الى وسط البلدة لكن الثوار تمكنوا من صدها. تراجعت الالوية الى القاعدة الجوية." وصرح طبيب لرويترز عبر الهاتف بأن 18 قتيلا على الاقل بينهم رضيع سقطوا في القتال في مصراتة أمس. وذكر أطباء في مستشفى راس لانوف أن المستشفى استقبل قتيلين و22 مصابا. وقال طبيب ان صحفيا فرنسيا أصيب في ساقه وان أربعة محتجين أصيبوا بجروح بالغة تهدد حياتهم. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج يوم الاحد ان فريقا بريطانيا وصفه بأنه فريق دبلوماسي غادر ليبيا الان بعد أن احتجز في مدينة بنغازي في الشرق. وكانت صحيفة صنداي تايمز ذكرت يوم الاحد أن وحدة من القوات الخاصة البريطانية احتجزت بعد فشل مهمة سرية للاتصال بقادة المعارضة. وقال صرح مصدر من المحتجين في بنغازي يوم الاحد ان المعارضين المسلحين "احتجزوا أفرادا من القوات الخاصة البريطانية. لم يتمكنوا من تأكيد ما اذا كانوا أصدقاء أم أعداء. من أجل سلامتنا احتجزناهم ونتوقع أن تحل هذه المسألة قريبا." (شارك في التغطية الكسندر جاديش من اجدابيا ومحمد عباس من راس لانوف وستيفانو أمبروجي من لندن ونيك فينوكار من بارس وتوم فايفر من بنغازي) (رويترز) من ماريا جولوفنينا ومايكل جورجي