كما تقاس الأمم بماضيها و تاريخها و فكرها و حضارتها فهي تقاس أيضا بعملتها النقدية و قيمتها في السوق العالمية، وهي عنوان هويتها، و لهذا يقال أن الدولة التي لا تُحترم عملتها النقدية بلد متخلف و غير متحضر كل يوم يصبح المواطن الجزائري على تجار الأورو و الدولار و صوته يصدح الأذان أمام مرأى المسؤولين من إطارات الدولة في البريد المركزي و البنوك بوسط مدينة قسنطينة، و أمام الأمن و هم يتبادلون العملة الصعبة في أيديهم بقيمة تفوق بثلاثة أضعاف قيمة عملتنا الوطنية ( الدينار) لأن عملتنا الوطنية غير معترف بها في سوق العملات ( الفوركس) و في الدول الأجنبية التي أصبحت تتعامل ب: " الدولار" و "الأورو" في معاملاتها و تبادلاتها التجارية، و أصبح هاجس المواطن الجزائري هو الاستبدال (الشونج change ) لدرجة انه أصبح يحتقر عملة بلاده و لا يؤمن بها حتى داخل وطنه، لأنها لا تسمن و لا تغني من جوع خاصة بالنسبة للفئة التي لا يتعدى راتبها الشهري العشرة آلاف دينار. و الحديث عن الدينار الجزائري حديث ذو شجون من حيث نوعية ورقه و ما يحويه من رسومات، فالدول العظمى التي تحترم رجالاتها و شخصياتها من الزعماء و المثقفين و المفكرين تنقش أسماءهم و صورهم في عملاتها النقدية، و يمكن الوقوف على الأوراق النقدية الجزائرية بين الأمس و اليوم، ففي وقت ما كانت أوراق الجزائر النقدية ذات دلالة على سيادتها ، أما اليوم فقد أصبحت بالية، و موضع شك و تخوف لدى مستعمليها بسبب جرائم تبييض الأموال و عمليات التزوير فيها، فضلا عن أنها تشهد صور لرؤوس حيوانات، و كأن الجزائر لم تنجب من بطنها رجالا و أبطالا، و كأن الجزائر لا ماض لها و لا تاريخ، وأصبح الشعب الجزائري ينعت بالتخلف و الجهل في كل ميادين الحياة، بعدما أصبحت الجزائر تعتمد على الخبرات الأجنبية في دراسة مشاريعها ووضع مخططاتها ، و على اليد الأجنبية في إنجاز هذه المشاريع، و تلجأ إلى - الآخر- في حل مشاكلها الداخلية و الخروج من أزمتها الاقتصادية، تتودد له بكل صور التودد، و تنشر لمواطنيها ثقافة التنازل و الخضوع، بدليل أنها أصبحت عاجزة عن اتخاذ قرارات صارمة في القضايا التي تتعلق بالسيادة الوطنية مثلما هو الشأن بالنسبة لقانون تجريم الاستعمار. علجية عيش / الجزائر