محكمة الإستئناف بتونس تصدر حكم عدم سماع الدعوى.. لمتهم كل القرائن تقر بأنه “مستهلك للمخدرات”.. ما الحكاية؟؟؟ ورقات تونسية / كتب حكيم غانمي: عندما تسارع الأجهزة الأمنية ببلادنا الى اللهث وراء تسجيل محاضر وقضايا ضد الناس بتعلة الواجب المهني، وحينما يكون همهم المسارعة في إيقاف من يشتبه فيهم او بهم لسبب اجرامي ما ان كان من صنف المخالفات او الجنح او الجناية.. حينها فقط يتناسوا بعض من قانون الإجراءات الجزائية التي نظمتها مجلة مستقلة بحالها معززة بفقه القضاء.. وعلني ها هنا اشير الى ان بطلان الاجراءات حتما سيكون سيد الموقف من الناحية القانونية طبعا.. وفي ذات السياق أطرح بعض من أسئلة كثيرة.. أهمها ما مصلحة باحث البداية، أو الهيكل الأمني الذي يباشر البحث في قضية عدلية ضد طرف ما.. ويكون قد تغافل عن ضمان سلامة الاجراءات القانونية الواجب اتباعها وفق القانون؟؟.. وما ضر الباحث الذي هو من السلط الامنية أن تحرص على توفير أدلة سلامة الإجراءات الجزائية المتبعة في البحث، حتى تقدمها للمحكمة المختصة كتكملة لأدلة الجريمة؟؟؟.. كل اجراء مخالف للاجراءات الجزائية يعتبر منطلقا للحكم بعدم سماع الدعوى لبطلان الاجراءات.. وهنا أذكر أن مجلة الإجراءات الجزائية التونسية جاءت بالفصل 11 بما مفاده أن "مأمورو الضابطة العدلية .. هم مساعدون لوكيل الجمهورية، ولهم في الجنايات والجنح المتلبس بها ما له من السلط وعليهم أن يعلموه حالا بما قاموا به من الأعمال، وليس لهم فيما عدا ذلك إجراء أي عمل من أعمال التحقيق ما لم يكونوا مأذونين بإجرائه بإذن كتابي.".. وهنا تكمن اهمية الاذن الكتابي من ممثل النيابة العمومية لاجراء اي عمل من شأنه أن يكون مهما في القضية بل في طورها التحقيقي.. ومن خلال ماتقدم يعتبر ان كل اجراء مخالف للاجراءات الجزائية يعتبر منطلقا للحكم بعدم سماع الدعوى لبطلان الاجراءات.. وهذا ما حصل مؤخرا بحكم أصدرته محكمة الاستئناف بتونس في قضية استهلاك مخدرات.. وبالرغم من الادلة المادية التي تدين المتهم فإن الدائرة الإستئنافية نقذت الحكم وحكمت من جديد بعدم سماع الدعوى لبطلان الاجراءات.. وهذا نقل للحيثيات كما اوردته "الشروق" في عددها اليوم 15 سبتمبر 2009..
------------------------------------------------------------------------ سابقة قضائية: البراءة لمتّهم اعترف باستهلاك المخدّرات! تونس (الشروق): أصدرت احدى الدوائر الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس خلال أحد الايام القليلة الماضية حكما في قضية مخدرات اعتبر سابقة قضائية، إذ اعترف المتهم وتبيّن من خلال التحاليل تورّطه في الاستهلاك، وكل القرائن تؤكد اتهامه، إلا أن المحكمة قضت ببراءته. ملفات القضية تفيد بأن المتهم، وهو في العقد الثالث من العمر، أوقفته دورية أمنية بحي النصر عندما كان مرفوقا بصديقته في سيارته وقد اشتبه المحققون في أمره، ففتشوا السيارة ليعثروا بداخلها على قطع من مخدر الزطلة، لذلك قرروا إيقافه وصديقته، وتمت إحالتهما على مخبر التحاليل البيولوجية، حيث جرى إخضاعهما للتحاليل بعد أخذ عينات من سوائلهما. وقد تبيّن، بأن الشاب كان واقعا تحت تأثير استهلاك مادة مخدرة مدرجة بالجدول «ب» وأثبتت التحاليل تورطه ووجود نسبة كبيرة من المادة المخدرة في سوائله، فيما أثبتت التحاليل وجود نسبة ضئيلة في سوائل الفتاة، ويبدو أن ذلك ناتج عن عملية الاستنشاق وليس الاستهلاك المباشر.. أبلغ المحققون ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بأريانة، فأذن بالقيام بالابحاث والتحريات اللازمة، وقد اعترف المتهم بكل ما نسب إليه وأكد اندماجه في مجال المخدرات وقال إنه كان واقعا تحت تأثير مادة الزطلة، ساعة إلقاء القبض عليه في سيارته بحي النصر. وبعد أن أنهى المحققون أبحاثهم وتحقيقاتهم أحالوا المتهمين على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بأريانة، الذي قرر إصدار بطاقة إيداع بالسجن ضد المتهم الاول واتهامه بارتكاب جريمة مسك واستهلاك مادة مخدّرة مدرجة بالجدول «ب» فيما قرر الابقاء على المتهمة الثانية بحالة سراح وقد أيدت دائرة الاتهام قرار ختم البحث وقررت إحالة المتهمين على أنظار احدى الدوائر الجنائية المختصة لمقاضاتهما من أجل ما نسب اليهما. مثل المتهمان أمام هيئة المحكمة حيث اعترف المتهم الاول بكل ما نسب اليه وبالاستهلاك فيما نفت الثانية الاستهلاك وتمسك محاميها بفرضية الاستنشاق، فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة طبقا لفصول الاحالة ونصوصها القانونية، فرأت المحكمة بعد أن استمعت الى كافة أطراف القضية حجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم لتقرر إثر ذلك الحكم بثبوت الادانة وسجن كل منهما لمدة عام مع غرامة بألف دينار.. طعن المتهمان في هذا الحكم بالاستئناف، وقد مثلا يوم السبت الماضي أمام هيئة احدى الدوائر الجنائية لمحكمة الاستئناف بتونس، حيث تمسك كل من المتهمين، بما كان قد صرح به أمام هيئة المحكمة في طورها الابتدائي. من جهته قال لسان الدفاع إن أعوان الامن فتشوا سيارة منوّبه دون إذن من وكيل الجمهورية وأنهم أيضا أحالوه على التحاليل البيولوجية دون إذن قضائي، فضلا عن عدم التزامهم بما تنص عليه مجلة الاجراءات الجزائية في خصوص طريقة الايقاف والتفتيش والحجز وطلب على أساس ذلك القضاء ببراءة منوّبه من خلال بطلان الاجراءات، واحتياطيا طلب القضاء بالتخفيف قدر الامكان القانوني فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بإقرار حكم البداية. فقررت المحكمة، بعد أن استمعت الى كافة أطراف القضية حجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم، لتقضي إثر ذلك بالقضاء بعدم سماع الدعوى لبطلان الاجراءات، وذلك لعدم التزام باحث البداية بمقتضيات مجلة الاجراءات الجزائية