السوداني يؤكد وقوف العراق الى جانب تونس    سوسة: سائق تاكسي يحوّل وجعة طفل ويعتدي عليه    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس تشمل اغلبها اجانب    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    غدا الاحد.. انقطاع التيار الكهربائي بعدد من المناطق من ولاية المنستير    تركيا.. إصابة 25 شخصا في حادث مرور    الجمعية التونسية للفضاء: الشمس تطلق توهجات قوية باتّجاه الأرض    منذ بداية سنة 2024.. إعادة قرابة 2500 مهاجر غير نظامي إلى بلدانهم    وزير الشؤون الدينية يصدر هذا القرار    كاتب سيرة ميسي.. ليو سيعود إلى برشلونة    عاجل : رفض الإفراج عن المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بالداخلية    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    عاجل: الاحتفاظ ب"انستغراموز" معروفة..وهذه التفاصيل..    نيوزيلندا تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى    عاجل/ السجن لموظف ببنك عمومي استولى على أموال..    كرة اليد.. انتخاب كريم الهلالي عضوا في المكتب التنفيذي للكنفدرالية المتوسطية    مدير عام المجمع الكيميائي : ''نقل الفسفاط يعدّ المشكل الحقيقي''    يوم تاريخي في الأمم المتحدة: فلسطين تنتصر.. العالم يتحرر    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ تأجيل دربي العاصمة..    عاجل/ الاحتفاظ برئيس بلدية سابق و موظف من أجل شبهة..    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    الجلسة العامة للجامعة: حضور جميع الأندية باستثناء الترجي والقوافل    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    في إطار الاحتفال بشهر التراث...«عودة الفينيقيين» إلى الموقع الأثري بأوتيك    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    المسابقة الأوروبية الدولية بجنيف: زيت الزيتون 'الشملالي' يفوز بميدالية ذهبية    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    عاجل/ الأمم المتحدة: 143 دولة توافق على عضوية فلسطين    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدي بوزيد تعيد عقارب ساعة تونس على سكة الديمقراطية والحريات
نشر في الحوار نت يوم 10 - 01 - 2011


عقدان من حكم نظام الرئيس بن علي
سيدي بوزيد تعيد عقارب ساعة تونس على سكة الديمقراطية والحريات
11-01-2011 الجزائر: ح. سليمان
كان يكفى أن يتعرض شاب بطال لمصادرة طاولة البيع من طرف مصالح الشرطة في أحد شوارع مدينة سيدي بوزيد، حتى تنتقل شرارة الغضب الشعبي بسرعة النار في الهشيم، وتمتد شرارتها إلى عدة مدن تونسية في ظرف قياسي، رغم مسارعة نظام الرئيس بن علي وأجهزته القمعية إلى محاصرة المحتجين. وحتى وإن غذت مطالب اجتماعية بسيطة شرارة الغضب، إلا أن تلك البساطة لم تترك أي مجال للشك في أن تونس توجد فوق كف عفريت، ويكفي هبوب نسمة وليس عاصفة هوجاء، ليهتز عرش الرئيس بن علي، وهو ما عكسته أحداث سيدي بوزيد التي يتجاذب اليوم أكثر من جهة من أقصى اليسار إلى اليمين إلى الإسلاميين، لرسملتها لصالحه وكسب نقاط ومواقع تحسبا لمرحلة ''انفتاح'' في تونس آتية عاجلا أو آجلا، بعدما أحرق نظام بن علي طيلة 20 سنة من القبضة الحديدية، كل أوراقه إلى درجة أن مسح ''الموس'' في الأيادي الخفية أو اتخاذ وزراء ككبش فداء لم تعد تغير أو تقنع أحد في الشارع التونسي الذي يرى أن تونس التي ضيعت قطار الديمقراطية مقارنة بجيرانها المقربين، ليس بمقدورها أن تظل تخزن رأسها كالنعامة في عصر لم تترك فيه تسريبات ''ويكيليكس'' مجالا للدبلوماسية العالمية للتفاوض تحت الطاولة أو فوقها، خصوصا ما تعلق بالحقوق السياسية والاجتماعية.
بعد 20 سنة من القبضة الحديدية وقمع المعارضة في تونس
نظام الرئيس بن علي أمام معادلة التجدد أو التبدد
هل كانت أحداث سيدي بوزيد في تونس بمثابة دق الطبول على نظام الرئيس بن علي الجاثم على قلوب التونسيين منذ عام 87 وإيذانا له بأنه وصل إلى حدوده القصوى، وأن حالة ''الثوران'' للبركان التونسي الخامد لا يمكن أن يوقفها سوى المبادرة بفتح المجال لديمقراطية حقيقية تتماشى وتطلعات الشعب تونس؟
يشبه العديد من نشطاء حقوق الإنسان أو رجال السياسة في تونس، نظام الرئيس بن علي في تسييره للشؤون البلاد بأنه أقرب ما يكون إلى تسيير ''ثكنة كبيرة'' بسبب سياسة التضييق والغلق السياسي والإعلامي المفروض على تحركات الأحزاب والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني. وحتى ما يتباهى به النظام من تحقيقه لنسب نمو اقتصادي ومن رخاء اجتماعي في ميادين التعليم والصحة والسياحة، لتغطية محرماته في مجال الحريات العامة، لا يرى فيه البعض نتائج تحفظ ماء وجه النظام، لكونها نتائج لم يشعر بها كافة التونسيين، بدليل أن احتجاجات سيدي بوزيد كشفت أن عملية التنمية تسير بخطى عرجاء ولم تمس كل مناطق البلاد.
وبعدما كانت الاحتجاجات والمظاهرات السابقة على قلتها في السنوات الماضية، يطالب نشطاؤها خصوصا من المحامين والحقوقيين في الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بإصلاحات سياسية ودستورية وبمزيد من الانفتاح على المعارضة، اختلفت الصورة هذه المرة خلال المظاهرات التي انطلقت شرارتها الأولى من منطقة سيدي بوزيد المعروفة بأنها أحد قلاع النشاط النقابي بتونس، بحيث تصدرت المطالب الاجتماعية على غرار البطالة وفتح مناصب شغل جديدة ومسألة غلاء الأسعار لائحة القضايا المطروحة من طرف المحتجين، وفي ذلك رسالة على أن الأطروحة التي ظل الرئيس بن علي يواجه بها خصومه في الداخل ويسكت بها ضغوط الشركاء في الخارج التي تطالبه بإصلاحات ومزيد من الانفتاح والديمقراطية، من أنه حقق أفضل معيشة للتونسيين، ونجح في تطوير الاقتصاد، لم تعد تقوم لها قائمة بعد هذه الأحداث التي فضحت كل شيء وأظهرت تونس في صورة مغايرة تماما عما كان يسوقه النظام، صورة لشبان تونسيين في قمة اليأس والبؤس الاجتماعي. إذ عندما يقدم شاب على الانتحار من أجل الظفر بمنصب شغل، فهي صورة تعكس لوحدها أن نظام بن علي لم يعد بمقدوره فتح آفاق جديدة وقد وصل إلى حدوده القصوى، خاصة وأن طالبي العمل يملكون شهادات جامعية وأعدادهم بالآلاف. فكيف تتجاهلهم مخططات التنمية إن كانت موجودة حقا؟
وسبق أيضا أن هجر سكان المناطق الحدودية بتونس باتجاه الجزائر منذ سنتين، فرارا مما أسموه تدهور ظروف المعيشة بفعل غياب برنامج تنموية في هذه المناطق التونسية المعزولة، ويومها حاول النظام التونسي تبرير ذلك بكونها عمليات معزولة لا علاقة لها بالوضع العام في تونس.. استمرار النظام في سياسة الهروب عن مواجهة الواقع واعتماده سياسة الغلق السياسي قد جعل الغليان الاجتماعي شبيه بالهواء المضغوط داخل طباخة ''الكوكوت مينوت''، خصوصا وأن هذا السلوك ظل معتمدا من طرف نظام بن علي منذ أكثر من 20 سنة. فهل بالإمكان كتم أنفاس التونسيين طيلة عقدين دون أن يحدث ذلك الانفجار؟
إذا كان التونسيون قد تنازلوا كرها عن حقوقهم السياسية والديمقراطية، بعد مطالب أجهضت بهراوات البوليس في الكثير من المرات بشوارع تونس، فلا يبدو أنهم مستعدون للتنازل عن حقوقهم الاجتماعية في العيش الكريم، والتي لم يعد النظام قادرا على تحقيقها، ولم يعد أيضا مقنعا ببعبع الإرهاب أو الإسلاميين الذي ظل الرئيس بن علي يستعمله كشماعة لتخويف المواطنين ودفعهم لقبول أطروحاته برفض أي إصلاح سياسي في البلاد. والنتيجة أن تونس تمر بحالة مخاض قد يولد معها عهد جديد، فهل حانت ساعة الحقيقة.
الناشطة سهام بن سدرين تقرأ ل''الخبر''
أحداث سيدي بوزيد''بدون فرنسا لا يمكن لنظام بن علي أن يستمر''
تعتبر الصحفية والناشطة الحقوقية التونسية سهام بن سدرين، الأوضاع المضطربة التي تعيشها تونس بمثابة ''تكذيب لاذع للصورة التي سوّقها نظام بن علي بخصوص ازدهار اقتصادي مزعوم في تونس''. وترى بأن النظام التونسي ما كان ليستمر لولا دعم الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا.
قالت الناشطة التونسية المعروفة سهام بن سدرين، في اتصال هاتفي مع ''الخبر'' إن أحداث تونس ''كذبت تكذيبا قاطعا مزاعم النظام التونسي والصورة التي قدمها للعالم حول رفاهية تونس، والمجالات التي نجحت فيها وفشل جيرانها''. وأفادت بأن تلك الصورة التي يعرفها العالم عن تونس ''انتزعتها الأحداث بشكل فظيع، وأظهرت البلد على حقيقة جلية هي وجود اختلالات كبيرة في التوازن بين جهات البلاد''.
ويتميز الوضع في تونس، حسب الصحفية التي تواجه مشاكل كبيرة مع السلطة في تونس، بغياب تام لفرص العمل ''ولكن أيضا وهو الأخطر أن السلطة تتعامل مع الشباب العاطل عن العمل بعقلية أمنية بوليسية، وتعتدي يوميا على كرامته''. وتقول إن الشاب الذي أقدم على حرق نفسه في سيدي بوزيد ''كان القطرة التي أفاضت الكأس، فالبوليس يداهم المقاهي التي يرتادها الشباب لاقتيادهم إلى مخافر الشرطة بدون تهمة ولا حتى شبهة، وإنما لترهيبهم وفرض استراتيجية الخوف على الشعب''. ودفع هذا الوضع، حسب بن سدرين، بالشباب التونسي ''إلى المخدرات كملجأ يهربون إليه، وإلى البحر يركبونه نحو أوروبا، ويجدون في الانتحار في بعض الأحيان وسيلة للهروب من واقع مرير''.
وقد اتهم الرئيس زين العابدين بن علي ''أياد أجنبية'' كتفسير للأحداث. عن مدى صحة ضلوع طرف أو أطراف من خارج تونس، في ''ثورة البطالين''، تقول سهام بن سدرين ''لا أعرف لمن تتجه هذه التهمة بالضبط، لكن ذلك تكتيك قديم يحتمي به نظام بن علي عندما يواجه متاعب، فهو دائما يلقي بالمسؤولية على الآخرين ولكنكم تلاحظون أنه لم يذكر أية جهة لأنه ببساطة لا يوجد أي أحد من خارج تونس متورط في تلك الأحداث، فما وقع رد فعل عفوي على الاعتداء على كرامة المواطنين التونسيين''.
ولا تجد بن سدرين مبررا للأزمة الاجتماعية التي فجرت الأوضاع فجأة في تونس، وتقول إن البلد يتوفر على طاقات وقدرات كبيرة ''لكنها محل نهب من طرف عائلة بن علي، وما لا يعرفه الكثير من خارج تونس أن شركات عمومية تم خوصصتها وتملكتها عائلة بن علي. يكفي فقط أن أذكر بأن كل المؤسسات الإعلامية الخاصة بدون استثناء، يملكها أفراد عائلة بن علي''. ومن بين هذه المؤسسات، إذاعات ''موزاييك أف أم'' و ''جوهرة أف أم'' وأكسبريس أف أم'' و''شمس أف أم'' و''راديو زيتونة''.
وحول احتمال أن تدفع الأحداث بالنظام إلى فتح المجالين السياسي والإعلامي، كما وقع بالجزائر بعد أحداث 5 اكتوبر 1988، تقول بن سدرين ''كان رجاؤنا أن يستوعب النظام الرسالة فيبادر بحل سياسي للأزمة، لكن الجميع سمع خطاب الرئيس بن علي الذي غلبت عليه لغة التهديد، فهو لا يتقن إلا لغة الهراوة''. وتضيف الناشطة التونسية ''بدون فرنسا والاتحاد الأوروبي لا يستطيع هذا النظام أن يستمر، لهذا أطبقت باريس وعواصم أوروبا الصمت إزاء الأحداث رغم خطورتها، فهم متواطئون مع النظام''.
الجزائر: حميد يس
نظام بن علي يتهم الغاضبين بتسييس الملف دون توصيف
احتجاجات شعبية تبحث عن ''تبني'' سياسي
الاحتجاجات الشعبية التي تقوض محافظة سيدي بوزيد ومناطق أخرى بتونس، منذ أيام، أظهرت مدى هشاشة المعالجة الرسمية لاحتجاجات كثيرا ما أثارت تساؤلات إن كانت عفوية أم مخطط لها؟ سياسية أم اجتماعية بحتة تحركها البطالة والفقر؟
يشبه المتتبعون الاحتجاجات الحاصلة في منطقة سيدي بوزيد ومناطق أخرى بتونس، بانتفاظة خمسة أكتوبر 1988 في الجزائر التي وإلى الآن لم يحصل هناك إجماع حول دوافعها وأسبابها الحقيقية، بيد أن نتائجها حملت مؤشرا على أن الأسباب كانت ضمان الانتقال من نظام الأحادية إلى التعددية، ما حصل فعلا، غير أن أحداث سيدي بوزيد بتونس انطلقت من حادث واحد، تمثل في حرق مواطن جسده بالبنزين، قبل أن يستفحل الغضب بأرجاء المنطقة، ثم تونس ككل انتقاما من أوضاع اجتماعية مزرية وبطالة خانقة. واختلفت التخمينات حول إن كان المنحى الخطير الذي اتخذته الاحتجاجات، حركته أطراف وجدت في انتفاظة المواطنين قطار يركب إلى حلم ''التغيير'' فزادت تطعيمه بشحنات من الغضب لم تعهده تونس قبل اليوم، غير أن فرضية ''اليد الخفية'' مازالت لم تنضج بعد، وإن اتهم الرئيس بن علي المتظاهرين بتسييس القضية، إلا أن الجهة المحركة -إن وجدت- بقيت خفية، في مقابل سعى الحقوقيون إلى تفنيد ''مزاعم'' السلطة على أن ''الاحتجاجات ذات خلفية اجتماعية والمطلوب الاستجابة لمطالب المواطنين''، ويقول مدافع حقوق الإنسان، التونسي إياد الدلهامي المقيم بباريس في تحليله الوضع ''هناك حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي في البلاد، وغياب لكل الأطر للحوار والتفاوض مع السلطة، مما يحول هذا الاحتقان في لحظة من اللحظات وبفعل وجود حدث معين إلى انفجار الوضع، مثلما حدث في منطقة الحوض المنجمي، ومدينة الرديف تحديدا، أو مثلما حدث في بن قردان، أو مثلما حدث أيضا ولو بشكل ونسب متفاوتة في مدن أخرى مثل الصخيرة، أو بوسالم، أو جندوبة أو أريانة''. وأضفت تحليلات الخارج على الوضع في تونس صبغة سياسية كون ما يحدث بمثابة فسحة للتنفيس على كبت اجتماعي فرضته حالة القمع السياسي وكبت الحريات العامة في البلاد. التحليل الذي أيده العديد من المحامين في تونس، بينما قدم الاتحاد العام التونسي للشغل إشارات على أن هناك أسباب خفية للاحتجاجات، دعا في بيان له، السلطات إلى ''البحث عن أسباب الحقيقية ومعالجتها''. وإن كانت انتفاظة سيدي بوزيد قد سبقتها احتجاجات في السابق، إلا أنها لم ترق من حيث القوة إلى مصاف الاحتجاجات الأخيرة، التي تفادى فيها المحللون تحمل مسؤولية اتهام أي جهة سياسية بالوقوف وراءها، رغم أنها تحمل بصمة سياسية في الأسباب الظاهرة للتصعيد، على اعتبار أن عديد الحقوقيين والمنظمات غير الحكومية حذرت نظام بن علي من عواقب الاستمرار في غلق المجال السياسي. ورغم أن الإسلاميين، التيار الأقرب لتحمل ''التهمة'' نظرا لمعارضة نشطائه للنظام الحاكم وانتقادهم المستمر لسياساته، وتأييدهم للمطالب المرفوعة، إلا أنهم لم يتهموا صراحة، من أي طيف سياسي، حتى وإن كان التيار العلماني أو القريب من التوجه العلماني المحسوب عليه عائلة بن علي. وعوض الغضب الشعبي في تونس، ما عجز عنه السياسيون، أمام ''نظام الحكم المنغلق''، ما يعني أن الانفجار الاجتماعي سهل الحدوث في ظل هذا الوضع، ولا ينتظر صفارة من سياسيين معارضين، بل إن السياسيين في حالة احتجاجات سيدي بوزيد هم من استأنسوا بالمحتجين وليس العكس. ويوضح في هذا الشأن المحامي التونسي الدهماني ''النظام التونسي نظام منغلق، ليس فيه فضاءات للحوار. وبنية النظام استبدادية، ولهذا تطالب قوى المعارضة بضرورة إجراء حوار وطني يشارك فيه الجميع، من أجل مراجعة هذه السياسات، ومن أجل تنمية اقتصادية واجتماعية تكفل التوازن الجهوي''.
الجزائر: محمد شراق
بن علي وصف أحداث تونس ب''عمل إرهاب''
وصف الرئيس التونسي الاحتجاجات الدامية التي عاشتها تونس في الأسابيع الماضية بالأعمال ''الإرهابية''واتهم ''أطرافا خارجية'' و''عصابات ملثّمة'' بتأجيج الأوضاع، في خطاب تلفزيوني ألقاه أمس.
وأعلن في نفس الوقت عن مشاريع هامة لإنشاء 300 ألف منصب شغل في جميع المجالات. ودعا إلى الاستشارة بين الأطراف الفاعلة في المجتمع.
في هذه الأثناء تواصلت الاحتجاجات وسقط ضحايا في المواجهات بين المحتجين وأعوان الأمن. فيما ندّد الاتحاد الأوروبي بالقمع الذي مورس ضد المحتجين، ودعت الحكومة التونسية إلى إطلاق سراح المعتقلين. كما أدانت فرنسا تلك الانتهاكات ودعت الولايات المتحدة سفير تونس بواشنطن للاستفسار في وقت سابق.
ق. د
25 قتيلا والسلطة تتفهم مطالب المحتجين
بلغ عدد قتلى الاضطرابات الاجتماعية التي تعيشها تونس منذ الثامن عشر من الشهر المنصرم 25 ضحية حسب المصادر النقابية التونسية، التي يبدو أنها تؤطر الاحتجاجات، أربعة عشر من هؤلاء القتلى سقطوا يوم أول أمس بمدينتي تالة والقصرين المحاذيتين للحدود الجزائرية. في هذا الوقت، أخذ خطاب السلطة من هذه الأحداث الدامية منحنى مهادنا، حيث أعلن وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية، سمير العبيدي، تفهم السلطة للاضطرابات، وقال بأن الحكومة فهمت جيدا الرسالة وستتخذ إجراءات تصحيحية، وقال في حوار له مع قناة الجزيرة القطرية ''سنستخلص العبرة من أجل تصحيح ما يمكن تصحيحه''. ق.د

رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي ل''الخبر''
انتفاضة سيدي بوزيد نزعت الماكياج عن وجه نظام بن علي القبيح
11-01-2011 حوار: حميد. يس
قدم زعيم حركة النهضة التونسية السيد راشد الغنوشي في حوار مع ''الخبر'' عبر الأنترنت، قراءته لأحداث سيدي بوزيد ولتداعياتها على نظام الرئيس بن علي. وخلص السيد الغنوشي إلى أن التغيير في تونس قادم وسيتهاوى نظام بن علي مثلما تهاوى نظام شاوسيسكو.
السلطة اتهمت ''أياد أجنبية'' بالضلوع في تلك الأحداث. إلى أية جهة تتجه هذه التهمة؟
لا نعلم غير المعسكر الغربي حامي نظام الاستبداد في تونس، جهة ذات نفوذ عالمي قادرة على زعزعة الأوضاع في تونس لو شاءت فوجهت سياحها ومساعداتها إلى جهة أخرى، فهل لهذه مصلحة في زعزعة الأوضاع في تونس بل حتى مجرد إزعاج النظام، بله تغييره، بينما هو حلقة أساسية في منظومتها الدفاعية الإستراتيجية في الحرب على الإسلام تحت مسمى الحرب على الإرهاب، كما أنه معدود التلميذ النجيب للمؤسسات الرأسمالية كالبنك الدولي بعد أن فتح لها أبواب البلاد على مصراعيها. والدليل الواضح هو الصدمة التي أوقعتها انتفاضة سيدي بوزيد في الأوساط الغربية حتى أصابت صحافتها بالخرس بينما كانت بالأمس القريب تضخم تحركات المعارضة الخضراء في إيران وهي اليوم مشغولة بتنصيب عملائها في ساحل العاج. وإذن فليس غير التنصل من حقائق الأمور والهروب منها، ما يفسر هذا الزعم الواهي أن قوى أجنبية هي التي حركت هذه الملايين من وسط البلاد إلى جنوبها وشمالها. أما آن للسلطة أن تكسر القوقعة التي حشرت نفسها فيها فتفتح كوة ترى من خلالها الوقائع على حقيقته وبألوانه الطبيعية فتعترف به وتتعامل معه.
هل شعرت حركة النهضة وأنتم شخصيا، بالاستهداف من وراء هذه التهمة؟
حركة النهضة مستهدفة قبل الأحداث وخلالها، وذلك منذ برزت إلى ساحة السياسة. حركة النهضة مستهدفة بقدر حجم معارضتها لخيارات السلطة تلك، مثل غيرها، ولاسيما بعد تحوّلها في الثمانينيات وخاصة بعد انتخابات 89 التي فازت فيها كابوسا، بل أعظم كابوس يقضّ مضاجع السلطة، منذئذ لم تكف يدها عن النهضة ولم تفتر عن الاستخدام السياسي لما تسميه ب''الخطر الأصولي'' حتى بعد أن أكدت مرارا أنها قضت عليه القضاء المبرم. تتفنن في التلويح بالخطر الأصولي والإرهاب من أجل ترهيب نخبة ''الحداثة'' في الداخل ضمانا لولائها ورصّها إلى جانبها لتستخدمها في حربها على المجتمع بذريعة التصدي للخطر المزعوم، كما تستخدم تحريك هذا البعبع لضمان تواصل المساعدات الغربية. والحقيقة أنه إذا كان هناك متطرف في بلد الاعتدال تونس فليس غير دولتها المستبدة الفاسدة.
هناك من يرى بأن أحداث سيدي بوزيد كشفت فشل النظام في معالجة أزمة اجتماعية معقدة، وأظهرت أيضا عجز المعارضة بما فيها الإسلامية، عن تأطير الشارع التونسي وتبني انشغالاته؟
للأسف ذلك صحيح في الجملة. أما عجز النظام فقد شهد عليه الشارع المنتفض الهادر غضبا، من بنقردان إلى بنزرت، يصرخ من أعماقه ضد الفساد والاستبداد والقائمين عليهما، مطالبا بالتغيير، بحقه في الحياة. فهل من شهادة أعظم على سفاهة وضلال المعجزة التونسية التنموية في مجتمع تتجاوز نسبة بطالة الخريجين فيه إلى 40% كما هو في سيدي بوزيد؟ أما عن عجز المعارضة عن تأطير هذا الغضب فهو صحيح، وأنى لها أن تفعل ذلك والسياسة محظورة أصلا؟ وإنه لمن التجوّز -كما يذكر صديقنا المنصف المرزوقي- الحديث عن ''معارضة'' في نظام دكتاتوري.
الدكتاتورية تعمل على تدمير المجتمع وتفكيكه، وفي الوقت ذاته تعمل على إفساد الدولة وتحويلها من جهاز خدمة للصالح العام إلى جهاز قمعي رهيب. إنه لا أحد ناطقا باسم حزب من الأحزاب التونسية يزعم اليوم أنه يقود انتفاضة سيدي بوزيد المباركة، وإنما هو المجتمع يتحرك من أعماقه مدافعا عن حقه في البقاء. التاريخ اليوم يعيد نفسه إذ تضع الجماهير أمام المعارضة الجادة فرصة تاريخية أخرى لفرض مطالب التغيير. الإسلاميون وهم أكثر من دفع الأثمان الباهظة من أجل التغيير حري بهم الانخراط مع غيرهم من القوى السياسية الجادة في هذه المسيرة المباركة بموالاة التضحيات من أجل فرض الإصلاح السياسي.
اتهم الحزب الحاكم كل من تحدث عن قمع المتظاهرين، ب''التضليل الإعلامي''. هل تعتقدون أن صورة تونس كبلد ''مقبرة لحقوق الإنسان'' ستزداد تكريسا لدى الرأي العام في الخارج، بعد الأحداث والطريقة التي تعامل بها النظام مع الغاضبين؟
ألا يدعو للعجب أن تتخذ دولة، عدوا لها وخطرا يتربص بها ويهدد استقرارها، مجرد وسيلة إعلامية مثل قناة الجزيرة، محظورة من العمل في تونس، بينما هذه الدولة تملك العشرات من الوسائل الإعلامية بكل أنواعها؟ إنه منطق الدكتاتور أبدا، لكن وقد انتشر الحريق في البلد وزلزلت أرض الانتفاضة المباركة زلزالها، ولم تبق غير الجزيرة ناطقا باسم المهدي التونسي المنتظر ''التغيير'' فقد شرع على استحياء الإعلام الستاليني يتلمس طريق الخروج الجزئي من غيبوبته متحدثا فقط عن أحداث عارضة لا تمس من صنم ''المعجزة التونسية التنموية'' ولكن جهات خارجية وجماعات سياسية أصولية تكيد لتونس وتصطاد في الماء العكر ولا تريد لتونس خيرا!!
استطاعت تونس أن تسوّق عن نفسها صورة بلد يحقق الرفاهية لسكانه، هل ثورة العاطلين عن العمل ستهدَم هذه الصورة برأيكم؟
بحّت حناجرنا طيلة عشرين سنة ونحن نصرخ في العالم أن لا تنخدعوا بالمكياج السياحي البراق الذي يزخرف وجه تونس بأصباغ الحداثة وحقوق الإنسان والازدهار الاقتصادي وحقوق المرأة ليستر الحقائق الصلبة والمرة، حقيقة دولة تحولت إلى شركة خاصة لابن علي وأسرته وشركائه، شركة حولت جهود التونسيين وكفاحهم ومدخراتهم خلال ربع قرن إلى ملكية خاصة بشراكة مع الرأسمالية الدولية، وهكذا صفيت شركات ناجحة كشركة الاتصالات والنقل والماء والغاز والكهرباء والبترول.. وفي سنوات محدودة ظهر منهم مليونيرات لم يكونوا يملكون شيئا.. كل ذلك وماكينة الإعلام الدولي تترنم بالمعجزة التنموية التونسية. لقد بحّت أصواتنا خلال عشرين سنة دون أن نحقق نجاحا يذكر في إقناع أحد بأن ما يتراءى أمامهم يتلألأ ليس ماء زلالا وإنما سراب خادع. لقد بحّت أصواتنا لنقنع الناس بزيف هذا ''النموذج''، نموذج يناقض نفسه بنفسه تنمية في ظل نظام بوليسي يقمع المواطن ولا يقف عند حد في إهانته وانتهاك كرامته ويفرض عليه الاغتراب ويكمم فاه قائلا له ''استهلك واصمت'' ثم لا يجد ما يستهلكه غير إضرام النار في جسد لم يجد ما يغذيه. لقد حسمت انتفاضة سيدي بوزيد الجدل العقيم، وكأنها أطلقت كلمة السر فاستجاب لها ليس فحسب مئات الآلاف من العاطلين ومعظمهم أصحاب الشهادات، وإنما معهم النقابيون والمحامون والطلبة والتلاميذ. لا مجال للتبشير داخل تونس أو خارجها والافتتان بهذا النموذج وتسويغه. ذلك الافتتان الذي لم يسلم منه حتى حكام الجزائر المفترض فيها أن تكون بتراثها الثوري العظيم متبوعة لا تابعة، فسمعنا -آسفين- لمسؤولين في القمة يبشرون منذ سنوات بنجاح التجربة التونسية!
شهدت الجزائر ظروفا مشابهة في 1988، فسارع النظام السياسي آنذاك إلى اعتماد التعددية السياسية والإعلامية في خطوة تترجم استيعابه ل''ثورة الشباب''. هل تعتقدون بأن النظام التونسي سيبادر إلى فتح المجالين السياسي والديمقراطي؟
هذا سؤال مهم جدا لأنه يضع أصابعنا على موطن الخلل في بنياننا الفكري والسياسي المتمثل في أنه كثيرا ما كانت قدرتنا على هدم الباطل تفوق بكثير قدرتنا على إقامة الحق بديلا عنه.
ذلك كان شأن انتفاضة تونس في 78 وفي 84 و87، وانتفاضة الجزائر في أكتوبر 88، وأمثالها في كثير من أوطاننا لم تحقق شيئا مذكورا في اتجاه المثال المراد، وسرعان ما عادت حليمة إلى عادتها القديمة، مجرد تغيير في بعض الأشكال والعناوين.
المعارضون التونسيون لسلطة الحزب الدستوري لم يفعلوا شيئا من أجل تحويل انتفاضات الشعب سنة 79و84 و87 إلى فرض إصلاحات سياسية حقيقية بسبب تشرذمهم وتنافسهم على الزعامة، ما يسر للنظام القديم-الجديد في 78 و84 أن ينفض عنه الغبار ويستعيد الزمام مكتفيا بإيهامهم بالإصلاح دون إصلاح حقيقي، فهل ستضيع الرابعة التي فجرها بوزيد الهلالي؟
وهو الأمر ذاته الذي وقعت فيه المعارضة الجزائرية بعد انتفاضة اكتوبر المجيدة، رغم ما التمع من ''ربيع ديمقراطي'' إلا أنه تبين أن التغييرات كانت شكلية.
وخلافا للتجربتين التونسية والجزائرية فإن الموريتانيين كانوا أرشد، إذ فرضوا على الجنرال ولد فال من أجل الاعتراف به أن يوقّع معهم عقدا يلتزم بمقتضاه تنظيم انتخابات ديمقراطية خلال سنتين يشترك فيها الجميع عداه هو ووزراؤه، وذلك الذي كان، فأمكن انتخاب لأول مرة حاكم مدني في انتخابات ديمقراطية تعددية، غير أن الأمور لم تمض بعيدا، بل تصرمت عليه وخانته الشجاعة لاتخاذ قرارات حاسمة قد تغضب الغرب عليه مثل طرد السفارة الصهيونية وما يقتضيه ذلك من بحث عن تحالفات جديدة، ما وفّر فرصة لمن يقدم على ذلك فكان انقلاب رئيس حرسه عليه الجنرال ولد عبد العزيز. وبمساعدة تدخلات إفريقية وأجنبية انتهى الأمر إلى وفاق وإلى حلول وسطى بين الحكم والمعارضة، على أساسها جرت انتخابات تعددية لم يقص منها طرف وصفت بالديمقراطية.
وإذا كانت الأوضاع العربية في جملتها قد أخرت دورة التغيير الديمقراطي فإن هذه الدورة قادمة لا محالة. فهل ستكون المعارضات جاهزة لاستقبال عطايا هذه الشعوب الأصيلة؟
لقد فجرت انتفاضة بوزيد كوا من الغضب التونسي، بما لا سابقة له في تاريخ البلاد الحديث.. فما ترى ابن علي فاعلا؟ وكما تحطم الأنموذج التنموي وتهشم، خسر نظام القمع لأول مرة المعركة الإعلامية مع شعب ذكي متعلم يحسن استخدام أحدث وأدق التقنيات، كل ذلك يؤكد مدى هشاشة النظام الأمني مهما عتا إذا تحركت الشعوب حركة جماعية فتغرقه أمواجها وتصاب بالشلل، تلك هي قصة شاوسيسكو

قام بتجميعها وتنسيقها للحوار نت الصحفي نور الدين الخميري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.