طرابلس وكالات: سادت أجواء من الحزن في ليبيا وبلدان أخرى إثر توارد أنباء عن سقوط مئات القتلى في 'معركة طرابلس' التي شنتها قوات العقيد معمر القذافي على الاف المتظاهرين المطالبين برحيله، تزامنا مع استقالات واحتجاجات في السلك الدبلوماسي الليبي ونزوح جماعي لعمال ومقيمين غربيين. وتضاربت الأنباء عن الحصيلة الحقيقية للضحايا، لكن وقع إجماع على أنها تقدر بالمئات، وسط تعتيم إعلامي كلي تمارسه السلطات الليبية منذ بدء الانتفاضة الشعبية الخميس الماضي. وقال سكان من العاصمة الليبية طرابلس عبر الهاتف الاثنين ان 'مجزرة' وقعت في حيي فشلوم وتاجوراء في المدينة، حيث تم اطلاق النار عشوائيا على السكان مما ادى الى وقوع قتلى من بينهم نساء. وقال احد سكان حي تاجوراء لوكالة الصحافة الفرنسية ان 'ما حدث في تاجوراء هو مجرزة'. واكد ان 'مسلحين يطلقون النار عشوائيا. وهناك نساء بين القتلى'، مضيفا ان مكبرات الصوت في المساجد تطلق نداءات استغاثة. وتحدث اجانب وصلوا الى ايطاليا قادمين من ليبيا الاثنين عن اطلاق نار طوال الليل وانتشار رجال امن غامضين في شوارع طرابلس ووجود مئات الاشخاص في المطار يحاولون الفرار من اتساع رقعة العنف. وقالت قناة 'الجزيرة' التلفزيونية إن طائرات حربية هاجمت حشودا من المتظاهرين المناهضين للحكومة في العاصمة الليبية طرابلس امس الاثنين. وقال رجل ليبي يدعى سولا البلازي الذي قال انه معارض نشيط للجزيرة عبر الهاتف، ان طائرات القوات المسلحة الليبية قصفت 'بعض المواقع في طرابلس'. وقال انه يتحدث من احدى ضواحي طرابلس. وقال عادل محمد صالح الذي يقيم في طرابلس ان ما تشهده المدينة (اليوم) امر لا يمكن تخيله، فالطائرات الحربية وطائرات الهليكوبتر تقصف منطقة بعد اخرى بلا تمييز. وقال ان هناك عددا كبيرا من القتلى. وأضاف صالح الذي وصف نفسه بأنه ناشط سياسي ان القصف استهدف في بادئ الامر جنازة. وقال ان المواطنين يموتون، واصفا ذلك بسياسة الارض المحروقة. ومضى يقول ان الطائرات تعاود القصف كل 20 دقيقة. وسئل ان كان القصف ما زال جاريا فقال انه مستمر وكل من يتحرك حتى ولو في سيارته يتعرض للقصف. واقتحم متظاهرون مبنى تلفزيون واذاعة حكوميين واحرقوا مراكز للشرطة ومقرات للجان الثورية في طرابلس التي وصلتها الحركة الاحتجاجية، على الرغم من اعلان النظام الليبي عن تصميمه على القتال 'حتى اخر رجل'. وافاد شهود عيان بان مبنى يضم قناة الجماهيرية الثانية واذاعة الشبابية 'تم نهبه' مساء الاحد. واضاف الشاهد ان مبنى قناة الجماهيرية الاولى، القناة الحكومية الرئيسية في ليبيا، لم يمس. وتوقف بث قناة الجماهيرية الثانية مساء الاثنين لكنها ما لبثت ان عاودت البث. من جهة اخرى افاد شهود عيان ان عددا من المباني العامة تم احراقها في عدد من احياء العاصمة مساء الاحد بينها خصوصا مراكز شرطة ومقرات للجان الثورية قرب الساحة الخضراء في وسط العاصمة، حيث دارت مواجهات عنيفة مساء بين متظاهرين مناوئين للنظام واخرين موالين له. وقال احد سكان طرابلس ان 'قاعة الشعب' المبنى الواقع في وسط العاصمة والذي تجري فيه غالبا الفعاليات والاجتماعات الرسمية تم احراقه ايضا. وليل الاحد الاثنين سمع اطلاق نار كثيف في العديد من احياء العاصمة حيث دارت ايضا مواجهات بين متظاهرين موالين للنظام ومعارضين له. واعلنت منظمة 'هيومن رايتس ووتش' في حصيلة جديدة امس الاثنين ان 233 شخصا على الاقل قتلوا في ليبيا منذ الخميس، مشيرة الى ان 60 قتيلا سقطوا الاحد في مدينة بنغازي لوحدها. ووصلت الاحتجاجات الى العاصمة تزامنا مع تحذير سيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي معمر القذافي ليل الاحد من ان ليبيا امام خيارين، إما اندلاع حرب اهلية وتقسيم البلاد او بدء حوار وطني لقيام 'ليبيا جديدة'. وبوصول الثورة الى العاصمة، بدا حكم القذافي المستمر منذ أربعة عقود في خطر حقيقي. وأصبحت عدة مدن في الشرق في أيدي الشعب المطالب برحيل القذافي وأبنائه. وقالت قناة 'الجزيرة' القطرية ان 250 شخصا قُتلوا برصاص الامن الليبي في العاصمة طرابلس وحدها أمس الاثنين فقط. وازدادت عزلة القذافي باعلان زعماء قبليين رأيهم صراحة ضد القذافي وانضمت وحدات من الجيش للشعب، في الوقت الذي تشهد فيه ليبيا المصدرة للنفط واحدة من ادمى الثورات التي تهز العالم العربي والتي كلفتها أكثر من 200 قتيل حتى الآن.