أصبح موقع "فيس بوك " هو البطل الحقيقي لهذا القرن، فلا يكاد يخلى خبر مقروء أو مسموع سواء كان سياسيا أو فنيا أو حتى خبرا خفيفا من وجود ذلك الاسم السحري في مضمونه إن لم يكن في عنوانه الرئيسي ، وكأنه نجما سينمائيا تهتم به وسائل الإعلام وتسعى لنقل أخباره لجمهوره العاشق الذي دائما ما يبحث عن ما هو جديد لديه، وهو يستحق ذلك التقدير، فهو بالنسبة للعرب أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت شباب هذا الجيل بل والشعوب العربية جميعها إلى الخروج من حالة الصمت والإذعان إلى الاحتجاج والاعتراض على الحكومات المستبدة. وبالنسبة للغرب فهو سمة هذا العصر وتكنولوجيا التواصل الاجتماعي. الملهم بأسماء المواليد
الغريب في الأمر أن درجة الاهتمام بالفيس بوك والولع به قد زادت بشكل ملحوظ إلى الحد الذي ذهب فيه بعض الآباء إلى تسمية أبنائهم بأسماء غريبة مستوحاة من موقع التواصل الاجتماعي. فبعد ثمانية عشر يوما من الاحتجاجات في مصر والتي أدت إلى إنهاء حكم الرئيس حسني مبارك الذي دام لثلاثة عقود، قام جمال إبراهيم مصري في العشرينيات من عمره بتسمية ابنته "فيس بوك" كوسيلة منه لتكريم الشبكة الاجتماعية ورد الجميل لها باعتبارها أداة استخدمت لحشد المتظاهرين وكانت راعيا رسميا لنجاح الثورة.
كما طالعتنا الصحف الإسرائيلية أيضا على أن الزوجين الإسرائيليين ليور وفارديت أدلير ، المقيمان ببلدة هود هاشارون الواقعة في الشمال الشرقي من تل أبيب ، قاموا بتسمية مولودتهم الجديدة ب "لايك" بدلا من انتظار مستخدمي الفيس بوك للضغط على زر "أعجبني" عند رؤية الصور الخاصة بمولودتهم. وصرح الأب لصحيفة هآرتيس الإسرائيلية أنه في الماضي كان الآباء يسمون أبناءهم بأسماء الكتاب المقدس لأنه كان رمزا لذلك الوقت، واليوم الفيس بوك هو أكثر الرموز شهرة في هذا العالم ، وأضاف مازحا "يمكن أن ينظر إلى اسم "لايك" باعتباره النسخة الحديثة من الاسم اليهودي التقليدي "أهوفا" الذي يعني المحبوبة."
الفيس بوك يصلح من صورته
كثيرا ما اتهم الفيس بوك بأنه السبب الرئيسي في ظاهرة التفكك الأسري وأنه مضيعة لوقت الشباب وأنه نوعا من أنواع الإدمان "إدمان الإنترنت" ، ودائما ما وصف الجيل السابق الشباب بأنهم "شباب الفيس بوك" في إشارة منهم إلى الاستهتار واللامبالاة ،السطحية ،عدم الانتماء للوطن، وحب الاتجاه للغرب وتقليدهم تقليدا أعمى. استمر ذلك الوضع قائما حتى انتفض شباب الوطن العربي ضد استبداد الحكومات والأوضاع المعيشية السيئة ونظموا الثورات عن طريق الفيس بوك مفاجئين بذلك الجيل السابق ليتحول مصطلح "شباب الفيس بوك" إلى مدح ويصبح إشارة إلى النضال والإقدام والشجاعة، كما تصبح إيجابيات شبكة التواصل الاجتماعي أكثر من سلبياتها، فهي منظمة الثورات التي غيرت خارطة الشرق الأوسط بل وغيرت استراتيجيات دول كبرى وأحبطت مخططاتها.
إيجابيات أخرى
بعد مهمة إطلاق الثورات أصبح للفيس بوك مهمة أخرى تدعم الأولى فهو يعد وسيلة لنقل الحقيقة التي حاولت الحكومات إخفائها عبر إعلامها المضلل فعن طريقه نشاهد فيديوهات الجرائم التي يرتكبها النظام في حق الثوار وصور الدمار، وبهذا يصبح الفيس بوك "بعبع" الأنظمة الذي ينقل الوقائع بعيدا عن الإعلام الرسمي دون تزييف أو تجميل ، مما دفعها إلى قطع تلك الخدمة عن المواطنين محاولة منهم لمنع وصول تلك الصورة إلى الرأي العام العالمي بالإضافة إلى تخفيف أو تقليل التواصل بين الثوار.
على الرغم من خوف الأنظمة والحكومات العربية من الفيس بوك إلا أنهم وجدوا فيه إيجابية يمكنهم استغلالها ، فبعد أن ألقى الزعماء العرب بتهمة تأجيج المواطنون ضدهم على أميركا، أو إسرائيل أو قوى المعارضة لم يعد هناك من يلقون عليه اللوم سوى الفيس بوك كما فعل معمر القذافي في ليبيا والحكومة السورية التي أضافت الفيس بوك إلى قائمة المتواطئين ضدها وذلك حين اتهمت صحيفة الثورة الرسمية السورية إدارة موقع الفيس بوك بالتآمر على الشعب السوري مؤسسين اتهامهم على قيام الموقع بإغلاق صفحة "الجيش السوري الالكتروني" من دون إنذار مسبق، و إغلاق صفحة ثانية أنشئت في نفس اليوم تحت نفس العنوان ، بينما حافظت على صفحة المعارضة التي تحمل اسم "الثورة السورية ضد بشار الأسد"، كما نقلت الصحيفة عن مدير صفحة "الجيش السوري الالكتروني" توعده لإدارة الفيس بوك بمفاجأة لن تنساها وهي مفاجأة يجري إعدادها بالتعاون مع مبرمجين وطلاب الجامعات السورية.
يذكر أن الثورات العربية لم تكن هي الأولى من نوعها من حيث كونها ثورات "فيسبوكية" ، ففي عام 1999 صنع الفيس بوك ثورة مدينة بوجوتا في كولومبيا تلك المدينة التي شهدت تظاهر مئات الآلاف من الكولومبيين احتجاجا على ممارسات متمردي حركة القوات المسلحة الثورية في كولومبيا أو ما تعرف ب "فارك" لاحتجازها عددا كبيرا من أنصار الحكومة كرهائن.
مصدر الخبر : محيط a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=18070&t="فيس بوك" .. ثورة تكنولوجية بروح شعبية&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"