الدار البيضاء- "الحج لم يعد حكرا على الشيوخ والمسنين، فقد ربط الله سبحانه وتعالى هذه الفريضة بالاستطاعة، والاستطاعة ممكنة فلِمَ لا أذهب لتلك البقاع الطاهرة المقدسة؟". بهذه الكلمات استهل المغربي، مراد دعسي 34 عاما، حديثه ل"إسلام أون لاين.نت"، معللا إقبال الشباب المغاربة على أداء مناسك الحج هذا العام بعد أن كان معظم الحجاج من المسنين، وقلما يفكر الشباب في أداء هذه الفريضة في مرحلة مبكرة من عمرهم. وقال دعسي: "إن الله سبحانه وتعالى جعل الحج فريضة من فرائض الإسلام الخمس، وربطها بالاستطاعة، والحمد لله فالاستطاعة ممكنة فلِمَ لا أذهب لتلك البقاع الطاهرة المقدسة؟". وأضاف أن "فئة الشباب أصبحت تقبل على أداء مناسك الحج وذلك بخلاف السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حيث كان الحج حكرا على الشيوخ والمسنين، وكانت الاستطاعة مرهونة بالمال فقط"، مؤكدا أن "أداء فريضة الحج في مقتبل العمر له معنى جميل ويدفع الشاب إلى الاستقامة على الطريق السوي بقية عمره". واسترسل دعسي، الذي لم يهدأ هاتفه النقال من اتصالات المهنئين ومن يسأله الدعاء إذا حل بالكعبة المكرمة: "لقد شوَّقني لأداء هذا النسك التعبدي ما سمعته من أصدقاء لي ذهبوا للحج في السنوات الأخيرة، فرجعوا وكلهم شوق أن تتكرر الزيارة للبقاع المقدسة، وتحدثوا عن مشاعر لا توصف في الطواف والإفاضة ورمي الجمرات وغيرها من المناسك". ويُقدر عدد الحجاج المغاربة بحسب وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية المغربية ب26 ألف حاج، وقد تعذر على "إسلام أون لاين.نت" بعد محاولات عديدة الحصول على تصريحات وأرقام دقيقة من الوزارة بخصوص نسبة الشباب ضمن هذا العدد، لكن مصدرا مسئولا بالوزارة رفض الكشف عن اسمه أكد أنهم يمثلون غالبية. يقظة كامنة مريم (26 سنة) التي تحج هذا العام مع زوجها الذي أكمل الثلاثين من عمره، قالت بفرحة: "عندما اقترح علي زوجي، مع بداية حياتنا الزوجية قبل سنتين، رغبته في أن نذهب سويًّا لحج بيت الله الحرام حبذت الفكرة وشجعته عليها، وبدأنا التخطيط العملي لها". وشرحت مريم كيف تعاونا معا في ادخار ما يلزم من مال، قائلة: "بدأنا ندخر شهريا قسطا من المال نقتطعه من الكماليات وأحيانا من الضروريات، حتى توفر لنا مبلغ جيد بداية هذه السنة وأضاف له زوجي جزءا كان يدخره قبل زواجنا". وأوضحت: "حينها تقدمنا للقرعة التي تخصصها الدولة للحجاج، ويسر الله لنا واختارنا من بين الآلاف كي نذهب لزيارة بيته الحرام والسلام على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم". بدوره رأى مصطفى عيني، الباحث في الفكر الإسلامي، أن "الحج اليوم أصبح يعرف إقبالا ملحوظا من الشباب والشابات وذلك بخلاف الماضي، وهو الشيء الذي يدل على أن الأمة الإسلامية تعرف يقظة وصحوة وإن كانت كامنة". وقال عيني، الذي سيحج مع والدته، "ما كان يحكم الآباء هو أن يختموا حياتهم بالحج ليتطهروا من الذنوب قبل الموت، لكن شباب اليوم وبحكم اتساع نطاق الوعي الديني يرون من الأفضل أن يبدءوا حياتهم وهم في مقتبل العمر حتى يكون ذلك أدعى لهم على الاستقامة والالتزام بمنهج الله طوال حياتهم". ويرى مراقبون للشأن الديني بالمغرب أن ظاهرة الإقبال المتزايد للشباب على أداء فريضة الحج تعد إحدى تجليات الصحوة الإسلامية التي يعرفها المجتمع المغربي والعالم الإسلامي بشكل عام؛ إذ ثمة الكثير من مظاهرها كالإقبال على التراويح في رمضان والاستماع إلى الدروس الدينية ومشاهدة المشايخ والوعاظ على الفضائيات والتزام الفتيات بالحجاب.