أحمدي نجاد يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران    النادي الصفاقسي يطلق منتدى للتشاور مع احبائه ومسؤوليه السابقين    طقس مغيم مع امطار صباح الاحد    ايقاف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويورك    مدير عام منظمة الصحة العالمية.. الجائحة التالية ليست سوى مسألة وقت    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    أخبار المال والأعمال    دليل مرافقة لفائدة باعثي الشركات الأهلية    منوبة .. تهريب أفارقة في حشايا قديمة على متن شاحنة    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    رابطة الأبطال: الريال بطل للمرّة ال15 في تاريخه    إطلاق منصّة جبائية    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    بن عروس.. نتائج عمليّة القرعة الخاصّة بتركيبة المجلس الجهوي و المجالس المحلية    أمطار الليلة بهذه المناطق..    إختيار بلدية صفاقس كأنظف بلدية على مستوى جهوي    الفيضانات تجتاح جنوب ألمانيا    الرابطة 2.. نتائج مباريات الدفعة الثانية من الجولة 24    بنزرت: وفاة كهل غرقا وهو يُحاول إنقاذ أطفاله    شاطئ سيدي سالم ببنزرت: وفاة أب غرقا عند محاولته إنقاذ طفليه    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    لوقف حرب غزة...ماكرون ''يتحدث العربية والعبرية''    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    الحمادي: هيئة المحامين ترفض التحاق القضاة المعفيين رغم حصولها على مبالغ مالية منهم    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة    إمكانية نفاذ منخرطي الكنام إلى فضاء المضمون الاجتماعي عبر منصة 'E-CNAM'    عاجل/ إتلاف تبرعات غزة: الهلال الأحمر يرد ويكشف معطيات خطيرة    وزارة التربية: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة الخاصة بالمترشحين لامتحان بكالوريا 2024    الهلال الأحمر : '' كل ما تم تدواله هي محاولة لتشويه صورة المنظمة ''    كرة اليد: اليوم نهائي كأس تونس أكابر وكبريات.    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    وزيرة الإقتصاد و مدير المنطقة المغاربية للمغرب العربي في إجتماع لتنفيذ بعض المشاريع    حريق ضخم جنوب الجزائر    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    عاجل/ بنزرت: هذا ما تقرّر في حق قاتل والده    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي 'أكوا باور'    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشابي: لا حل في تونس إلا بحكومة قوية منتخبة
نشر في الحوار نت يوم 05 - 06 - 2011

الشابي: لا حل في تونس إلا بحكومة قوية منتخبة
يحظى باحترام خصومه ومسانديه على حد سواء، معارض شرس لنظامي بورقيبة وبن علي لم يقتنع بسياستهما التي فشلت في تحقيق تطلعات التونسيين إلى التنمية العادلة والحرية، ظل صوته عالياً في أصعب فترات الاستبداد يوم خفتت عديد الأصوات، يجمع نشاطه السياسي بين وضوح الفكر وبراغماتية السياسة.
تطوّر في عديد المحطات السياسية منذ منتصف الستينات غير أنه حافظ على خيط رفيع يجمع بين هذه المحطات ما جعله يترك بصمته في الفترات السياسية التي عاشها ويثير لدى الأوساط السياسية التي تفاعل معها شيئاً من الانتقاد.
جريء وشجاع متمسك بمبادئه في الدفاع عن الحرية فالتقى مع حركة النهضة يوم كان الاقتراب منها خطا أحمر بل محرقة، ودافع عن حقها وحق كل المناضلين في النشاط السياسي والحقوقي.
تتوفر في أحمد نجيب الشابي من الخصال ما لم تتوفر في غيره، نقطة قوته تتمثل في الجمع بين رجل المجتمع ورجل الدولة، يصغي إلى تطلعات التونسيين ويتفاعل معها، وفي الوقت نفسه يؤمن باحترام مؤسسات الدولة، كان معارضاً راديكالياً للنظام السابق ولما قامت الثورة وحررت البلاد من الاستبداد بدا الأستاذ رجل دولة رافضاً لتفكيك مؤسساتها.
• تجري حالياً عملية تنظيم الانتخابات في جوانبها العملية، ما هو رأيكم في ملابسات العملية؟
أتمنى أن نكون قد تجاوزنا الأزمة التي أثارتها الهيئة العليا حول تاريخ هذه الانتخابات، أصبح اليوم من الصعب الإبقاء على موعد 24 يوليو/تموز ويتضح أننا نتجه إلى إجرائها في أكتوبر/تشرين الأول ولنا اليوم متسع من الوقت حتى تنظم الهيئة العليا للانتخابات مستلزمات هذا الموعد على المستوى اللوجستي والبشري خاصة بعد أن رصدت الدولة 10 ملايين دينار كدفعة أولى.
بالنسبة إلينا كحزب سنستفيد من هذه المهلة الإضافية لمزيد تحسين حضورنا الميداني والإعلامي واستعدادنا للموعد الانتخابي.
نحن كنا ضد التأجيل لاعتبارات وطنية لا حزبية نظراً إلى أن البلاد تعيش فراغاً دستورياً وحكومة تصريف الأعمال تقوم على توافق سياسي هش الأمر الذي لا يشجع على عودة الاستثمار وإحداث مواطن الشغل بل تسبب في حالة من الاضطراب الاجتماعي والأمني وهي ظواهر ملازمة للمرحلة الانتقالية، لذلك كنا نعتقد ولا نزال أنه لا بد من اختزال هذه المرحلة لعودة الاستقرار والنشاط الاقتصادي.
• منذ انطلاق الثورة تميز حزبكم بمواقفه المبدئية، ناديتم قبل 14 يناير/كانون الثاني بحكومة إنقاذ وطني وشاركتم في الحكومة المؤقتة ثم طالبتم بانتخابات رئاسية كمرحلة أولى لبناء الدولة، وقد نجح حزبكم في تخطي مختلف المراحل، كيف تفسرون ذلك؟
نحن نعتقد أن الحزب يجب ألا يحمل برنامجاً فئوياً بل عليه أن يحمل برنامجاً وطنياً يستجيب لحاجيات البلاد في ظرف ما، قبل سقوط النظام كنا نخشى على الثورة وعلى الدولة في نفس الوقت، كنا نخشى على الثورة من أن تقهر بالقوة مثلما وقع في عدد من الحالات كما وقع في ثورة ماينمار السلمية والتي هزمها الجيش، وكنا نخشى على الدولة من التفكك، فنسقط في سيناريو على الطريقة الليبية، لذلك اقترحنا في ذلك الوقت مخرجاً للأزمة يتمثل في حكومة إنقاذ وطني تنهي في ذات الوقت الحكم الفردي واحتكار القرار السياسي من طرف حزب واحد، وتضع البلاد على سكة الإصلاح والانتخابات الحرة، ولما سقط النظام وتحول هذا المشروع إلى إمكانية قابلة للتحقيق لم نتردد في الانضمام إلى حكومة السيد محمد الغنوشي قصد تحقيق البرنامج الذي طرحناه.
ويمكن لي أن أقول اليوم أن حكومة السيد محمد الغنوشي حققت خلال 45 يوماً الإصلاحات الجوهرية التي كانت تتطلبها الثورة من العفو العام إلى الفصل بين مؤسسات الدولة والحزب الحاكم وتحرير الإعلام والحياة السياسية (تأسيس الأحزاب والجمعيات وتحرير الاجتماعات العامة).
كما وضعت تلك الحكومة الأطر لإصلاح القوانين وتعقب الجرائم التي اقترفت في العهد السابق وأنجزت الإجراءات الاجتماعية ذات الطابع المستعجل (إسعاف عائلات الشهداء والجرحى والترفيع في المعونات المقدمة للعائلات المعوزة والرفع في عدد المستفيدين منها وبرنامج أمل).
لم يكن في رأيي أن تنجز حكومة أكثر مما أنجزته حكومة السيد محمد الغنوشي خلال 45 يوماً فقط.
ونحن نعمل اليوم على نجاح المسار الانتخابي لأنه مدخل تونس إلى الاستقرار والازدهار.
• تعيش تونس اليوم جدلاً حول تمويل الأحزاب، كيف ترون مسألة التمويل وما هي برأيكم المبادئ والضوابط؟
القانون التونسي يمنع التمويل الأجنبي ونحن نتقيد شديد التقيد بهذا المبدأ لأنه يحمي البلاد من أخطار الاختراق الخارجي، وبالنسبة إلينا فإن مصادر تمويلنا تونسية محضة خصصنا لها حساباً جارياً وحيداً، ولا نقبل التبرعات إلا بواسطة الشيكات لأنها تترك أثراً كتابياً وتشرف على هذا الحساب هيئة مكونة من محاسبين وخبراء في المحاسبة ونلتزم بتقديم كشف لأموالنا قبضا وصرفا إلى دائرة المحاسبات كما يقتضي القانون ذلك.
• هذا بالنسبة لتمويل الأحزاب، وما هو موقفكم من التمويل الأجنبي للجمعيات؟
أنا شخصيا كنت دائما ضد التمويل الأجنبي وأعتقد أن مبررات هذا التمويل قد زالت بفضل الثورة التي حررت الطاقات ومنها الطاقات الخيرة التي تتبرع بسخاء لفائدة العمل العمومي، وإن كان من موجب لتلقي المعونات الأجنبية فليتم عن طريق الدولة التونسية التي توزعها على المستحقين في كنف الشفافية والعدل.
• برأي الأوساط السياسية والإعلامية، تكمن نقطة قوة حزبكم في التطابق بين التصور الفكري والخيار السياسي والاقتصادي والانتصار للطبقة الوسطى، كيف سيتعامل حزبكم مع هذه الخيارات خلال الانتخابات؟
بالفعل نحن نعتقد أن المجتمع التونسي مجتمع وسطي ونعتقد أن التنمية التي عرفها في العقود الماضية كانت قاصرة على رفع تحديات كبرى من بينها التشغيل وخاصة تشغيل أصحاب الشهادات الجامعية.كما أنها لم تكن عادلة في توزيع الثروة بين الجهات والفئات لذلك يرتكز برنامجنا على رفع تحدي التشغيل والرفع من الطاقة الشرائية للمواطنين وعلى التنمية الجهوية وحماية المكاسب الاجتماعية وخاصة في ميداني الصحة والتعليم بعدما اعتراهما الضعف والوهن.
وقد عرضنا الخطوط الكبرى لهذا البرنامج في ندوة عامة انعقدت خلال الأسبوع الماضي وهو يحتوي على 110 مقترحا تهم جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في بلادنا.
أما بخصوص خلفية حزبنا الفكرية فهي خلفية إصلاحية في المجال الثقافي وفي الحقلين الاقتصادي والاجتماعي، ونحن نعتبر أنفسنا امتدادا لحركة الإصلاح التونسي التي بدأها المصلح خير الدين باشا واستمرت أكثر من قرن حملها مصلحون كبار مثل الشيخ عبد العزيز الثعالبي والطاهر الحداد وجسدتها الدولة الوطنية بعد الاستقلال التي حررت المرأة وراهنت على التعليم وعلى نشر الصحة.
وفي تصورنا فإن الثورة كانت في جانب منها ثورة على الفساد والاستبداد، وفي جانب اخر توقاً إلى استكمال وتعميم هذا المسار الإصلاحي الذي تتشكل منه هوية تونس المعاصرة.
• هل سيقيم حزبكم تحالفات خلال الاستحقاقات الانتخابية القادمة؟
حزبنا يتوجه إلى خوض الانتخابات القادمة بالاعتماد على قواه الخاصة سيما أن القانون الانتخابي لا يشجع على التحالفات الانتخابية، لكن نفس هذا القانون لم يعد يتيح لأي حزب أن ينفرد بالقرار السياسي لذلك سنعمل على إقامة تحالفات داخل المجلس التأسيسي تؤمن استمرار تونس على نهجها الوسطي الحداثي، أعني الحفاظ على اقتصاد السوق المنفتح على الاقتصاد العالمي والحفاظ على الهوية العربية الإسلامية المعاصرة لتونس.
• تحالفتم سابقا مع حركة النهضة وبعد الثورة حذرتم من نزعتها للهيمنة على مؤسسات الدولة ورفضتم طريقة خطابها بالقول: "لسنا في حاجة لمن يعلمنا إسلامنا"، كيف تفسرون ذلك؟
نحن دائماً في حاجة إلى من يدعونا إلى ديننا لكن ذلك يكون بالموعظة الحسنة وليس بالاعتماد على القوة القهرية للدولة ذلك أن الدولة في المجتمعات المتحضرة الحديثة تحتكر العنف لحماية حياة البشر وأموالهم وحرياتهم دون أن تتدخل في حياتهم الشخصية، لهذا السبب نحن مع استقلالية وذاتية كل من الحقل السياسي والديني، أي أننا ضد إقحام الدين في الصراعات السياسية لأن ذلك مدخل للشقاق وتهديد للحريات الذاتية.
ليس بين التونسيين خلاف حول المسائل العقائدية التي يمكن تناولها في فضاءات المجتمع المدني دون أن تتحول إلى برامج سياسية تستعمل الدولة لإكراه الناس.
أما بالنسبة لعلاقتنا بحركة النهضة فقد دافعنا في العهد السابق عن حقها في العمل السياسي الشرعي باعتبارها مكوناً من مكونات المشهد السياسي الوطني ووقفنا ضد ما لحقها من قمع وظلم شأنها في ذلك شأن العائلات الفكرية والسياسية والنقابية التي تعرضت إلى القمع والتقينا معها سنة 2005 لرفع مطالب أساسية ثلاث هي حرية التعبير وحرية التنظم والعفو العام، ثم افترقت سبلنا بمناسبة انتخابات 2009 ثم بمناسبة الحملة التي أطلقناها ضد مخططات التمديد والتوريث للعهد السابق.
وتعززت اختلافاتنا مع حركة النهضة خلال الموقف من حكومة السيد محمد الغنوشي إذ عملت النهضة على إسقاطها بدعوى أنها مخضرمة ودعت إلى إخراج الوزراء السياسيين منها.
واليوم، وبعد أن تحققت للجميع حرية التنظم والتعبير والمشاركة في الحياة العامة فإن علاقة حزبنا بحركة النهضة هي علاقة تنافس بين حزبين يحملان مشاريع مجتمعية مختلفة، وسنحتكم إلى الشعب لفضّ هذا التنازع، وسنقبل بحكمه مهما كان وفقا لمقتضيات التنافس الديمقراطي.
نحن مع تحييد المساجد عن الصراع السياسي كما أننا مع تحييد الإدارة والعمل النقابي والمهني لأن فيه استغلالاً للنفوذ في غير محله أو لغير ما أعد له، وأتمنى أن ينص على هذا المبدأ في الدستور الجديد وأن تتكفل القوانين بضمان تنفيذه.
إن الديمقراطية تقوم على سوء الظن بالناس فمنتسكيو يقول بان الإنسان مجبول على الاستبداد ما لم يجد قوة تحد من سلطته، لذلك فإن الديمقراطية تبتكر من المؤسسات ما يحد من السلطة ويحدث التوازن والمراقبة المتبادلة بينها، لذلك فإن السياسة لا تكتفي بالخطاب وإنما تستوجب قيام توازن في علاقات القوى وتؤمن احترام كل الأطراف لتعهداتها المعلنة.
• عبرت عدة مؤسسات إقليمية ودولية عن دعمها لمسار الانتقال الديمقراطي من خلال منح قروض، هل ترون مثل هذا الدعم أمراً إيجابياً أم سلبياً؟
يجب أن ندرك بأن الحياة العصرية تقوم على الاقتراض، لو تأملنا في حياة الأشخاص لوجدنا أنه لا يمكن لأحد أن يقتني بيته أو سيارته دون اللجوء إلى الاقتراض، هذا فضلا عن إحداث المؤسسات الاقتصادية الكبرى.
والأمر نفسه بالنسبة للدول إذ قد تتجاوز نفقات الدولة مداخيلها فتضطر إلى الاقتراض، وما من دولة في عصرنا لا تلتجئ إلى الاقتراض الداخلي أو الخارجي، المهم أن نحافظ على نسبة من الاقتراض لا تفقد المقترض دولة كان أو شخصا مصداقيته.
لذلك فإن الاقتصاد الوطني سجل خسائر فاقت 5 ملايين دينار في غضون الأشهر القليلة الماضية أي منذ ثورة 14 يناير/كانون الثاني والاستثمارات الكبرى التي تقتضيها التنمية الجهوية تتطلب هي الأخرى موارد ضخمة قد لا تتوفر للدولة.
وفي الخلاصة فإني لا أرى أي حرج من الاقتراض بل أرى في ذلك ضرورة وطنية خاصة وان نسبة المديونية للبلاد التونسية تعتبر مقبولة.
• يشهد محيط تونس المغاربي والعربي حركات احتجاج وثورات، ما رأيكم في تأثير ذلك على حاضر تونس ومستقبلها؟
إذا ما نجحت الشعوب العربية في إقرار الديمقراطية فإنها ستدخل عصرا جديدا من حياتها، إذ ستوفر لها شروط التبادل التجاري في ما بينها وستشكل بفضل الديمقراطية فضاء شاسعا للاستثمار المحلي والأجنبي، تفتح بذلك طريقا سيارة لنموها وازدهارها واندماجها في العالم المعاصر.
غير انه إذا ما فشلت في إرساء الديمقراطية وحلت دكتاتوريات جديدة محل الديكتاتوريات القديمة فإنها ستفوّت على نفسها فرصة ذهبية لن تعود إليها قبل وقت طويل.
• كنت معارضاً عنيداً بل شرساً لنظامي بورقيبة وبن علي، وعبرتم بصوت عال عن رفضكم لسياساتهما، كيف ترون دوركم اليوم في هذه المرحلة التي تمر بها تونس؟
لقد تخلصنا من الاستبداد وأمامنا فرصة لتدارك ما فاتنا من فرص النمو، أعني توفير الشغل للعاطلين وتحقيق العدل في توزيع الثروات بين الجهات والفئات وهذا لن يتم إلا بإرساء الديمقراطية والمصالحة الوطنية.
لذلك أرى أن دور السياسي يتمثل اليوم في جمع كلمة التونسيين حول برنامج يحقق هذه الأهداف في كنف ما تحقق لنا من حرية.
• هل كانت معارضتك لابن علي كشخص أم كنظام حكم؟
معارضتي لابن علي لم يكن فيها أي بعد شخصي، بل كانت تتركز على نظام الإقصاء السياسي والتفرد بالقرار وما ينتج عنه حتما من استشراء للفساد وإهدار للطاقات الخلاقة في البلاد وتفويت الفرصة لرفع تحدي البطالة وتحقيق العدل الاجتماعي ونسب أرفع من النماء.
• كيف تتعايشون مع الثورة؟
على المستوى الشخصي اشعر بالسعادة لأنني لم أكن أحلم يوماً بان أعيش كمواطن حر، وها أنا اليوم مواطن حر في بلدي، كنت يائسا من أن أرى الحرية ترفرف على بلدي لكنني كنت موقناً بان ابني سيعيشها.
على مستوى الحزب فإنه يعيش تحولاً كبيراً، تحول من حزب معارض للاستبداد إلى حزب مدعو إلى تحمل مسؤوليات الحكم.
ذلك أن الفراغ الذي حدث في مستوى الدولة بعد 14 يناير يدعو الأحزاب إلى الارتقاء إلى مستوى تحمل أعباء الحكم أي التحول من النضال السلبي إلى النضال الإيجابي.
ولن تتمكن هذه الأحزاب من تحقيق هذه المهمة إلا إذا انفتحت على الطاقات الهائلة التي حررتها الثورة وتحيين برامجها وتوسيع هياكلها حتى تصبح أحزابا جماهيرية عصرية قادرة على تحمل مسؤوليات الحكم، وهي المهمة التي ينصرف إلى تحقيقها الحزب الديمقراطي التقدمي في هذه المرحلة.
• يتفق مساندوكم ومعارضوكم على أنكم جمعتم في الوقت نفسه بين خصال رجل المجتمع الذي يتفاعل مع مشاغل المواطنين وخصال رجل الدولة الذي يؤمن ببناء دولة مدنية حديثة؟
كان الوضع في الماضي يتطلب الجرأة للوقوف في وجه الاستبداد ودفع المواطنين إلى مواجهته لكن اليوم وقد انهار سد الاستبداد فالمطلوب من رجال السياسة التسلح ببرامج قادرة على تحقيق المطامح التي ثار من أجلها التونسيون، والتحلي بالواقعية وبعد النظر الذي يتطلبه إنجاز هذه البرامج.
ولذلك فلا غرو أن يتحول السياسيون من معارضين راديكاليين إلى رجال دولة قادرين على إدارة دفة الحكم ذلك أن التحول العظيم الذي حدث في البلاد يقتضي منهم ذلك، وقد قال داروين سابقا حول الكائنات الحية "التأقلم أو الاندثار".
• لا يخفى عليكم أن الشارع التونسي يعيش حالة قلق خلال هذه المرحلة وهي حالة تعكس أزمة ثقة، نريد أن نتعرف على موقفكم من مستقبل عملية الانتقال الديمقراطي؟
بقدر ما نملك مميزات تدفع بنا إلى التفاؤل وفي مقدمتها الحرية، حرية الاجتماع وحرية التعبير وحرية التنظيم والمشاركة في الحياة العامة، بقدر ما تحوم مخاطر حول مستقبل الانتقال إلى الديمقراطية، ذلك أن هذه المرحلة الانتقالية جعلت المستثمرين يحجمون عن ضخ أموالهم في الدورة الاقتصادية وهو ما ينجم عنه تفاقم للبطالة وعودة للقلق في أوساط الشباب الذين لم يروا أوضاعهم تتحسن وبدأ صبرهم ينفد وهو ما يقف اليوم وراء مظاهر الاضطراب في عدة مناطق لذلك فإن اختزال المرحلة الانتقالية والمرور الى الانتخابات لإفراز حكومة قوية يعد شرطا أساسيا لتغليب العناصر الإيجابية التي نمتلكها ومحاصرة ما اعترى وضعنا من سلبيات.
• كيف تقيّمون أداء الحكومة المؤقتة الحالية؟
أرى أن حكومة السيد الباجي قائد السبسي تقوم بكل ما في مقدورها لتحسين الوضع في بلادنا، فقد ساهمت بشكل فعال في تخفيف التوتر السياسي والاجتماعي اللذين كانا سائدين إبان استقالة حكومة السيد محمد الغنوشي، وقطعت بفضل هذه التهدئة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي أشواطاً في تقديم الإطار القانوني لقيام انتخابات حرة ونزيهة.
كما تحسنت الأوضاع الأمنية نسبياً، غير أن حكومة السيد قائد السبسي لا تملك الوقت والإمكانيات لحل القضايا الجوهرية التي تواجه التونسيين وهي موكولة للحكومة القادمة.
• أثارت معلقاتكم ونشاطكم للتعريف بحزبكم وبرامجه انتقادات مما حدا بالبعض إلى القول بأنكم تخوضون حملة انتخابية قبل أوانها؟
مثار هذه الانتقادات الخلط بين الحملة الانتخابية التي تدور ضرورة داخل الدوائر الانتخابية وحول المرشحين وبين الحملة السياسية التي تهدف إلى التعريف بالحزب وببرامجه وهو عمل سابق من حيث الزمن للحملة الانتخابية ويعد استعدادا وتمهيدا لها.
يخوضها الحزب في مختلف جهات البلاد، كما عمل على التواصل مع جمهور المواطنين عبر وسائل الإعلام السمعية والبصرية وهي أنشطة مطلوبة من كافة الأحزاب وكنت أتمنى أن ينافسنا خصومنا في هذا المجال عوض توجيه الانتقادات إلينا بغير موجب أو حق.
• ارتفاع عدد الأحزاب السياسية إلى أكثر من 80 حزباً، هل هو ظاهرة إيجابية أم سلبية؟
طفرة الأحزاب التي ظهرت خلال الفترة الماضية تعد ظاهرة طبيعية برزت في كل البلدان التي عرفت انتقالا إلى الديمقراطية وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد نشأ في إسبانيا 232 حزباً في فترة الانتقال من الفرنكية إلى الديمقراطية كما نشأ في بولونيا 120 حزباً بعد سقوط جدار برلين، غير أن هذه الطفرة من الأحزاب سرعان ما تختفي بعد أول انتخابات ليتلخص المشهد السياسي في عدد محدود منها وفقا لشروط كل بلد.
• نريد أن نعرف موقف حزبكم من مشاغل المواطن اليومية وأين يقف الحزب من الاحتجاجات والاعتصامات؟
أعتقد أن للمواطنين مطالب مشروعة تتمثل في التشغيل وفي الترسيم وفي الرفع في الأجور والحق في الصحة وفي التعليم وقد أتيحت لهم الفرصة للتعبير عنها فجاءت دفعة واحدة واتخذت شكل الإضرابات والإعتصامات.
وبقدر ما يقر الحزب بشرعية هذه المطالب وبضرورة العمل على حلها، يرى أن حلها دفعة واحدة أمر غير متيسر وانه لا بد من التدرج في ذلك وفق رزنامة تراعي الأولويات وتحدد من خلال الحوار الاجتماعي، كما يرى الحزب أن الاحتجاجات مقبولة كوسيلة من وسائل التعبير ما لم تنل من حق الآخرين أو من حق المجموعة الوطنية، فليس من المعقول أن تقطع الطرقات أو تحرق المنشآت أو يقع تعطيل التبادل الخارجي للبلاد فيحرمها من مداخيلها التي هي في حاجة إليها لتحقيق تلك المطالب الاجتماعية.
إن اللوم في هذا المجال غير مجدٍ وإنما المجدي هو إفراز حكومة قوية من خلال صناديق الاقتراع تعيد الثقة والأمل وتقرن القول بالفعل، هي وحدها القادرة على إعادة الاستقرار وتحقيق المطالب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.