افتتاح مؤسسة ''أم الخير'' لرعاية كبار السنّ    عودة نقل المسافرين بالقطار بين تونس والجزائر    أول تعليق للرئاسة الفلسطينية على ادراج الكيان الصهيوني ضمن قائمة الدول التي تنتهك حقوق الطفل..#خبر_عاجل    مع الشروق ..هل تشتعل الحرب الشاملة بين حزب الله والصهاينة ؟    محكوم ب17 سجنًا: الإطاحة بعنصر إجرامي خطير بفوشانة    أولا وأخيرا...«لا باس»    عاجل/ الأمم المتحدة تدرج الكيان الصهيونى على القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الطفل..    الرابطة 2.. نتائج الدفعة الاولى من مباريات الجولة قبل الأخيرة    إحالة ملف حطاب بن عثمان وشخص آخر على الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب    صفاقس الإحتفاظ ب8 أشخاص من أجل تكوين وفاق للإتجار بالأشخاص وتبييض الأموال    خطير/ حجز كمية من التبغ غير صالح للإستهلاك    القيروان.. افتتاح الباقة 24 للمهرجان الوطني للمونولوج    هند صبري تسترجع مهنتها الاصلية في "مفترق طرق"    وزارة الدفاع تدعو هؤلاء للتقدم تلقائيا للمراكز الجهوية للتجنيد    بسبب اشتداد الحرارة...توجيه بإختصار خطبة وصلاة الجمعة في موسم الحج    ل20 عاما: الترخيص لشركة باستغلال وحدة انتاج كهرباء من الطاقة الشمسية بهذه الجهة    يوم تحسيسي حول المستجدات الدولية والوطنية في مجال مكافحة المنشطات    بقيادة مدرّب تونسي: منتخب فلسطين يتأهل الى مونديال 2026    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    الحرارة تكون عند مستوى 31 درجة هذه الليلة بالجنوب    عاجل/ اصطدام سفينة أجنبية بمركب صيد تونسي.. وجيش البحر يتدخّل    بنزرت: الاحتفاظ بإمرأة محكومة ب 48 سنة سجنا    البكالوريا: 22 حالة غش في هذه الولاية    هيئة الانتخابات تعقد جلسة عمل مع وفد من محكمة المحاسبات    مفتي السعودية: "هؤلاء الحجّاج آثمون"..    مسؤول بال"شيمينو": هذا موعد عودة نقل المسافرين بالقطار بين تونس والجزائر    قبلي: انطلاق فعاليات المنتدى الاقليمي حول فقر الدم الوراثي بمناطق الجنوب التونسي    دعوة من الصين للرئيس التونسي لحضور القمة الافريقية الصينية    الحماية المدنية 12حالة وفاة و355 مصابا في يوم واحد.    الرصد الجوي: سنة 2023 في المرتبة الثالثة للسنوات الأشد حرارة    بقيادة التونسي "مكرم دبوب": المنتخب الفلسطيني يتأهل إلى الدور الحاسم لمونديال 2026    تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    لرفع معدل الولادات في اليابان...طوكيو تطبق فكرة ''غريبة''    الرابحي: قانون 2019 للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية فرض عدة إجراءات والتزامات على مُسدي الخدمات    نابل: اقتراح غلق 3 محلات بيع لحوم حمراء لهذا السبب    وزارة التربية: صرف أجور المتعاقدين بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى    كرة السلة: برنامج مواجهات اليوم من الدور نصف النهائي للبطولة    اليوم: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة لمترشحي البكالوريا    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    مناسك الحج بالترتيب...من الإحرام حتى طواف الوداع    مديرة الخزينة بالبريد التونسي: عدم توفير خدمة القرض البريدي سيدفع حرفائنا بالتوجّه إلى مؤسسات مالية أخرى    نظّمه المستشفى المحلي بالكريب: يوم تكويني لفائدة أعوان وإطارات الدائرة الصحية بالمكان    في تونس وبن عروس: قائمة الشواطئ الممنوع فيها السباحة    موعد صيام يوم عرفة...وفضله    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    مدنين: رصد حالة غش في اليوم الثاني من اختبارات البكالوريا    سوريا: قتلى ومصابون إثر سقوط حافلة أطفال في نهر    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    غزة.. إصابة 24 جنديا صهيونيا خلال 24 ساعة    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    عاجل : النادي الإفريقي يؤجل الجلسة العامة الإنتخابية    تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة: وزارة الصحة تصدر بلاغ هام وتحذر..#خبر_عاجل    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الخامسة والعشرين    الصحة العالمية تعلن تسجيل أول وفاة بشرية بمتحور من إنفلونزا الطيور..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا ينتظر التونسيون من زيارة أردوغان.
نشر في الحوار نت يوم 13 - 09 - 2011

ماذا ينتظر التونسيون من زيارة أردوغان.
قبل الإجابة على ذلك السؤال دعونا ننظر في زيارة رئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان إلى مصر محطته الأولى ضمن سلسلة زيارات يتفيأ فيها ربيع الثورة العربية. زيارات قد تحمله إلى غزة كذلك وربما بعدها إلى إيران.
من تصريحات أردوغان في مصر.
1 حانت ساعة الشعوب وذهب الإستبداد إلى غير رجعة.
2 لا بد من التفريق بين عالمانية الدولة وبين عالمانية المواطنين.
3 تمنى وجود عالمانية في مصر ولكنه أكد أن مصر لها من البنى التحتية ما يجعلها تمر بالمرحلة الإنتقالية بسلام.
4 العالمانية التركية في دستور 1982 هي توخي مسافة واحدة متساوية بين كل الأديان.
5 الهدف من عالمانية تركيا هي : إحترام كل الأديان.
6 أنا رئيس دولة عالمانية ولكني مسلم.
كما ذكر أنه أكد على بعض تلك المعاني خاصة بعدما إستقبل بشعارات تدعو إلى الخلافة الإسلامية. ومعلوم أنه يزور مصر بوفد إقتصادي كبير ومهم. وأنه عرض على الحكومة المصرية قبل الثورة في عهد المخلوع مبارك إلغاء التأشيرات بين البلدين ولكن المخلوع رفض. وأنه يعيش الهم السوري منذ إندلاع الثورة الشعبية هناك سيما أن الحدود بين البلدين تمسح زهاء ألف ميل كامل وأنه يخشى سيناريو الحرب المذهبية الذي يطمح إليها بشار. ومعلوم أن الرجل إتخذ الموقف الإسلامي المطلوب من أول يوم حيال الثورة السورية بإنحيازه إلى الشعب رغم أن حجم التبادل الإقتصادي بين البلدين كبير جدا شأنه مع إيران التي إنحازت إلى النظام السوري. ومعلوم كذلك أن الرجل وفى بعهده كاملا حيال العدوان الصهيوني على سفينة الحرية قبل عامين إذ كان قد توعد الدولة العبرية بقطع العلاقات إذا لم تعتذر بصورة رسمية ولم تؤد ما هو مطلوب منها لجبر بعض الأضرار. وفى الرجل بوعيده فما إن إنتهت المدة المحددة بصدور تقرير ( بالم ) الأممي الذي برأ إسرائيل تبرئة كاملة ولم يعتب عليها سوى إسرافها في إستخدام القوة رغم أن العدوان جد في المياه الدولية الإقليمية وأن السفينة لم تكن تحمل سكينا واحدا يمكن أن يهدد السلم والأمان .. ما إن إنتهت المدة حتى بادر الرجل بطرد السفير الصهيوني وتحديد التمثيل إلى أقصى حد ممكن فضلا عن تجميد التعاون العسكري بالرغم من أن سفيرة أمريكا طلبت من وزير خارجيته مباشرة تأجيلا جديدا فضلا عن وساطات أروبية وغربية وعربية كثيرة.
الثورة بدأت من غزة ثم من تركيا ثم من تونس.
كثيرا ما يحن بعضنا إلى ضرب من ضروب النرجسية الوطنية. ربما يفرط بعض المصريين في ذلك عندما يتجاهلون أن الثورة بمعناها الشعبي الجماهيري الذي نعيشه هذه الأيام إنطلقت من تونس وليس من مصر. بعضهم يذكر ذلك ثم يتدارك وبعضهم يعاجله التجاهل فيمضي لا يلوي على شيء. بعض التونسيين كذلك منهم من يفرط في نسبة إنطلاق الثورة إلى تونس نسبة فيها ما فيها من روح النرجسية والبطولة. لسنا مع ذلك في شيء. إنطلقت الثورة بصورتها الراهنة من تونس دون ريب ولكن المضي بذلك إلى حد يجرح مشاعر إخواننا العرب والمسلمين بل حتى الأحرار الذين يتوقون إلى ثورات في بلدانهم ليس أمرا مرغوبا فيه.
ليفتخر التونسيون بذلك ولكن بحدود مقبولة ومعقولة لا تهدد الوحدة العربية والإسلامية في مستقبلها النفسي والشعوري والعاطفي والروحي.
إذا أردنا تجاوز ذلك فإن ما حدث في غزة قبل ثلاثة أعوام تقريبا من صمود عجيب دوخ الأرض كلها في أثناء المحرقة الصهيونية التاريخية على إمتداد شهرين تقريبا حولت الأرض جحيما لاظيا والسماء نارا تمطر نارا.. إن ما حدث في غزة يومها فلم يفتك بغزة بل زاد أهل غزة صمودا ومقاومة .. لم يكن ذلك ليسمى أي شيء إلا ثورة. تلك هي الثورة الصامدة التي ألهمت العرب والمسلمين الذي ألهمت من معاني الثورة. ما ينبغي للأنظار العربية والإسلامية أن تتجاهل ذلك أبدا ولا أن تتناساه يوما.
وبمثل ذلك فإن تركيا شهدت ثورة أخرى على يد حزب العدالة والتنمية عام 2002. أجل. هي ثورة بكل المقاييس الثورية. كيف لا. وقد تمكن الحزب بقيادته ( عبد الله قول ورجب الطيب أردوغان و أوغلو ) فك أسطورة تاريخية مركبة معقدة إسمها : عالمانية مفروضة بالحديد والنار يحميها العسكر تمكنت منذ عام 1924 حتى 2002 أي أزيد من ثلاثة أرباع قرن من سلخ البلاد من هويتها الثقافية بعدما كانت هي عاصمة تلك الهوية الثقافية من بعد ما إنتقلت إليها تلك الهوية من : المدينة المنورة ثم من دمشق ثم من بغداد.
إما أن تكون الثورة شعبية جماهيرية بمثل ما نرى اليوم من تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا وإما ألا تكون ثورة! لا. تلك قسمة ضيزى.ذلك تصنيم للثورة وتنميط لها وتسطيح.
الثورة بمآلاتها : هي ثورة في غزة لأنها دشنت عهد زوال الكيان الصهيوني الذي يزول يوما من بعد يوم. وهي ثورة في تركيا لأنها إستعادت تركيا من أن تكون قنطرة بين الشرق والغرب خادمة للغرب إلى أن تكون قنطرة شرقية تعامل الغرب بندية. كيف نعطي لأنفسنا الحق في إيلاء الثورة المصرية ما تستحق وما لا تستحق لأنها ثورة في أكبر بلد عربي ثم لا نعطي ذلك الحق ذاته لثورة غزة وهي القضية الأم للأمة الأم أو لا نعطي ذلك الحق لتركيا وهي آخر عاصمة للوحدة الإسلامية قبل أن تنالها أسنة الهالك مصطفى كمال.
وما يضيرنا نحن أصلا أن تنطلق الثورة من غزة ثم من تركيا؟ أليست هي الشوفينية القذرة النتنة الكريهة؟ أنى لنا أن نغمط الناس أشياءهم؟
ماذا ينتظر التونسيون من زيارة أردوغان.
1 ننتظر إستلهاما للتجربة الديمقراطية التركية على أساس من الوفاء للهوية الثقافية لتونس.لقد ضربت تركيا بحزب العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد ضمن تحالف منذ عقد كامل تقريبا مثلا للعرب والمسلمين بأن الوفاء للهوية الإسلامية لا يتعارض مع إقامة حياة ديمقراطية بل إن ذلك يغذي التجربة الديمقراطية ويؤسسها على قيم أخلاقية كفيلة بحفظها. هل قامت الديمقراطية الألمانية مثلا على التنكر للديانة المسيحية؟ ذلك وهم يحاول العالمانيون التونسيون زرعه وما هو بمزروع. لا يعني ذلك أننا نستنسخ التجربة الديمقراطية التركية إذ التجارب لا تستنسخ والثوارت لا تصدر بمثل ما توهم أرباب الثورة الإيرانية يوما ولكن التجارب والثورات يستأنس بها ثم تبقى الملابسات المحلية هي الحاكم على كل ذلك.
2 كما ننتظر تعاونا إقتصاديا وثيقا بين الثورتين : ثورة تونس الشعبية الجماهيرية السلمية وثورة تركيا الديمقراطية. التحدي الإقتصادي في تونس تحد حقيقي واقعي سيثقل كاهل الحزب الفائز في الإنتخابات أو التحالف الفائز فيها مباشرة من بعد إنتهاء الفترة الإنتقالية المحدد بعام تقريبا وسيما من بعد الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة ( ربما عام 2013 ). نحتاج إلى شريك إقتصادي قوي وأمين من مثل تركيا التي تربطنا معها علاقات الإسلام. لو فازت الأحزاب العالمانية التونسية في الإنتخابات المقبلة أو التي بعدها فإنها ستحتاج كذلك إلى شريك إقتصادي قوي وأمين مثل تركيا. هل ستجد تلك الأحزاب تعاونا مثمرا أم أن الإسلام الذي يفرق بين الحكومتين سيكون حائلا دون أن يصل ذلك التعاون مداه المطلوب؟
تونسيون كثيرون يعيشون من التجارة مع تركيا وكل تسهيل في ذلك الإتجاه إنما يكون بالتجانس بين الدولتين في الإختيار الديمقراطي المؤسس على الإعتزاز بالهوية الوطنية الثقافية للبلدين.
3 كما ننتظر تكافلا على حمل قضايانا العربية والإسلامية حملا لا تناله المقايضات الدولية ولا إستخدامات الفيتو المفروضة علينا ظلما وإجحافا من بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية بسحق التحالف للمحور. البلدان المسحوقة من مثل ألمانيا إستدركت أمرها وفرضت نفسها في السنوات الأخيرة من البوابة الإقتصادية وهي تتهيأ لأن تكون عضوا دائما سادسا يتمتع بحق الفيتو. إذا إستدركت البلدان المسحوقة (بلدان المحور ) فيكف نرضى لأنفسنا منزلة ذيل القافلة : لم نشارك في حرب ضد التحالف الفائز في تلك الحرب ورغم ذلك نظل أزيد من نصف قرن كامل هدفا لراجمات حق النقض الجائر؟ أولى تلك القضايا العربية والإسلامية هي القضية الأم للأمة الأم : قضية فلسطين التي أدرجها ضيفنا أردوغان من أول يوم على جدول أعماله وهو يتقدم فيها خطوة من بعد خطوة. من الموقف الشهير غير المسبوق في وجه الرئيس الصهيوني في آخر قمة لداغوس قبل زهاء عامين أو ثلاث حتى طرد السفير الصهيوني سيما أن العملية تزامنت مع طرد الثورة المصرية وليس الحكومة المصرية العسكرية المؤقتة للسفير الصهيوني من القاهرة.
ذلك التكافل ترحب به مناخات الثورة العربية في مصر وليبيا واليمن وسوريا في الطريق إن شاء الله تعالى. الحديث عن ذلك التكافل لم يعد سمرالليالي. بل هو حديث حقيقي تبدو بشائره في الآفاق. ليس هناك خاسر من الثورة العربية أكبر من إسرائيل : خسرت أكبر حليفين في سنوات معدودات. خسرت تركيا أولا ثم خسرت مصر ثانيا وهي مهددة بخسارات أخرى شاقة عليها.
كل تلك المناخات تساهم في صنع مناخات أخرى أرحب لوحدة عربية وإسلامية متدرجة. الحديث عن ذلك قبل الثورة كان حديث شعراء واليوم هو حديث سياسيين في السلطة. الفرق شاسع وبعيد.
أردوغان بزيارته يبارك الديمقراطية وليس حركة النهضة.
يتخوف بعض الناس من أن تكون زيارة أردوغان مساهمة في حملة إنتخابية مجانية لحركة النهضة. هل أن حركة النهضة هي التي رتبت تلك الزيارة وهل هي تشارك في السلطة حتى يتسنى لها ذلك؟
هناك بعض الحقائق التي طواها التاريخ أو يكاد. مؤسف جدا أن يطوي التاريخ حقيقة تاريخية واحدة. من تلك الحقائق أن حركة النهضة سيما منظروها الأوائل من مثل الشيخ الغنوشي والأستاذ بن عيسى الدمني وليس هناك غيرهما تقريبا يمكن أن يحمل صفة المنظر للحركة في إنطلاقتها المبكرة في أواخر 1969 هي أول حركة إسلامية كان برنامجها السياسي هو برنامج رجب الطيب أردوغان وحكومته اليوم أي : أولوية الديمقراطية على الإيديولوجيا بالتعبير المعاصر. لسنا من هواة أو محترفي : كان أبي .. أو يوم كنا خير أمة .. ولكن ذلك لا يعني أن نغمط الناس أشياءهم أو أن نتماهى مع الآخرين في نكران أو تجاهل ونسيان الحقائق التاريخية. من تلك الحقيقة إنبجست حقيقة تاريخية أخرى هي : نسبة كبيرة جدا من نظرية حزب العدالة والتنمية إنما إستلهمها من حركة النهضة التونسية التي ترجمت الحركة الإسلامية التركية أكثر كتاباتها وأدبياتها إلى اللغة التركية. ليس ذلك أمرا سرا أو مكتوما بل إن الأتراك أنفسهم يقرون بذلك دون أي غضاضة أو كبر. سوى أن الذي حدث في مفارقات عجيبة هو أن المنظر الأول لأولوية الديمقراطية والعدالة على الإيديولوجيا أي حركة النهضة سيما منظريها الأوليين : الغنوشي والدمني إستهدفته السجون والمنافي بما طوى ذكره إلا في حدود ضيقة يغلب عليها المطلب الحقوقي التظالمي في حين أن أكبر المستفيدين من ذلك التنظير بوأتهم الأقدار مناصب الدولة وهم يعرفون الفضل لأهله فلم يبخلوا على حركة النهضة وقيادتها يوما بالإشادة والعرفان.
نلتمس من ضيف تونس الكريم أن يزيد الأمر وضوحا.
أجل. نلتمس منه أن يحدثنا عن تجربته الناجحة التي جمعت بين الوفاء للهوية التركية الإسلامية من جانب وبين الوفاء لقيم الحرية والكرامة والديمقراطية من جانب آخر. لقد تبين أن الرجل يقتصد في حديثه إقتصادا عجيبا جدا : إقتصادا يكثف المعنى ويركزه في الإتجاه الذي يريد ثم يضع ذلك في ثوب من الدبلوماسية السياسية التي ترسخ الحق فلا تبخس أحدا ولا تظلم أحدا. نلتمس منه أن يحدثنا لنزداد طمأنينة على مستقبل بلادنا التي تتهيأ لأول مرة في التاريخ إلى الجمع بين الوفاء لهويتها العربية الإسلامية وبين الوفاء لقيم الحق والعدالة والكرامة والحرية والديمقراطية.
ألا يحق للتونسيين أن يقولوا له : هذه بضاعتنا ردت إلينا؟ بضاعة حركة النهضة في أولوية الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة ردت إلينا بعد ما كاد التاريخ أن يطويها طيا لولا ثورة 14 يناير 2011.
يحق لنا ذلك لولا أن الأفكار لا تبيد ولا تبيس بل تزيدها الأعاصير رشدا ونضجا ورسوخا.
يحق لنا ذلك لولا أن المصنع الذي أثمر ذلك وأنتجه حتى أفادت منه التجربة التركية مازال حيا وقادار على إنتاج ما هو خير منه أي ما هو أنسب لتونس 2012.
مرحبا بالبطل القومي : رجب الطيب أردوغان..
مرحبا بمن علمنا كيف تفتك الحقوق ولا تشحذ..
مرحبا بمن إقتبس من التجربة التونسية الإسلامية واليوم تقتبس منه التجربة الديمقراطية التونسية.
الحوار.نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.