ايقاف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويورك    مدير عام منظمة الصحة العالمية.. الجائحة التالية ليست سوى مسألة وقت    أخبار المال والأعمال    دليل مرافقة لفائدة باعثي الشركات الأهلية    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    منوبة .. تهريب أفارقة في حشايا قديمة على متن شاحنة    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    إطلاق منصّة جبائية    لوقف الحرب في غزّة .. هذه تفاصيل المقترح الأمريكي    رابطة الأبطال: الريال بطل للمرّة ال15 في تاريخه    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    رادس: محام يعتدي بالعنف الشديد على رئيس مركز    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    بن عروس.. نتائج عمليّة القرعة الخاصّة بتركيبة المجلس الجهوي و المجالس المحلية    أمطار الليلة بهذه المناطق..    الفيضانات تجتاح جنوب ألمانيا    إختيار بلدية صفاقس كأنظف بلدية على مستوى جهوي    الرابطة 2.. نتائج مباريات الدفعة الثانية من الجولة 24    كرة اليد: الترجي يحرز كأس تونس للمرة 30 ويتوج بالثنائي    بنزرت: وفاة أب غرقا ونجاة إبنيه في شاطئ سيدي سالم    شاطئ سيدي سالم ببنزرت: وفاة أب غرقا عند محاولته إنقاذ طفليه    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    الحمادي: هيئة المحامين ترفض التحاق القضاة المعفيين رغم حصولها على مبالغ مالية منهم    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة    عاجل/ إتلاف تبرعات غزة: الهلال الأحمر يرد ويكشف معطيات خطيرة    إمكانية نفاذ منخرطي الكنام إلى فضاء المضمون الاجتماعي عبر منصة 'E-CNAM'    وزارة التربية: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة الخاصة بالمترشحين لامتحان بكالوريا 2024    الهلال الأحمر : '' كل ما تم تدواله هي محاولة لتشويه صورة المنظمة ''    كرة اليد: اليوم نهائي كأس تونس أكابر وكبريات.    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    بعد إغتيال 37 مترشحا : غدا المكسيك تجري الإنتخابات الاكثر دموية في العالم    وزيرة الإقتصاد و مدير المنطقة المغاربية للمغرب العربي في إجتماع لتنفيذ بعض المشاريع    حريق ضخم جنوب الجزائر    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    عاجل/ بنزرت: هذا ما تقرّر في حق قاتل والده    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي 'أكوا باور'    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تزويرات التأسيسي الإستباقية - عمار صالح
نشر في الحوار نت يوم 22 - 09 - 2011

تزويرات التأسيسي الإستباقية : حرمان حوالي 0.8 مليون من التصويت وتلفيق 42 مقعد .... والنظام السياسي البديل

بعد مضي ثمانية أشهر تقريبا على قيام الثورة بتونس يلاحظ المرء أن الأوضاع على جميع الصعد تقريبا وصلت إلى درجة تبعث على الشفقة و القلق ، الشفقة على وعي الشعب التونسي الذي فجر ثورة ولم يستطع لحد الآن السيطرة عليها وتوجيهها الوجهة الصحيحة مما أفرز نوادر في هذا الخصوص منها مطالبة الوزير الأول المؤقت : الباجي قائد السبسي بإقالة أحد الموظفين من وزارة الخارجية لكونه يمثل أحد رموز التطبيع مع الكيان الصهيوني في حين كان الأولى هو المطالبة بإقالة الباجي نفسه لأنه هو الذي كان أهم المنفذين لوضع أسس هذا التطبيع منذ قمة فاس 1982 بالمغرب عندما كان وزير خارجية بورقيبة الذي قدم لهذه القمة مشروعا إستسلاميا صحبة الملك فهد ملك العربية السعودية في ذلك الوقت يفرط في فلسطين ويعترف بالكيان الصهيوني بعد أن خذلوا الفلسطنيين كعادتهم وتركوهم بين مخالب الصهاينة لمدة ثلاثة أشهر محاصرين في بيروت تحت رحمة حمم القصف البري والجوي والبحري إنتهى إلى تشتيتهم وتوزيعهم على بعض من الدول العربية وغيرها ، فالسبسي رجل ملوث بورقيبا وعلويا وصهيونيا ماكان له أن يعتلي ذلك المنصب لو وجد وعيا سياسيا متطورا لدى الشعب التونسي وشانه في ذلك شأن فؤاد المبزع ... أما القلق فمصدره الصورة السلبية لمستقبل البلاد التي من جملة الأحداث التي رسمتها تزويرات إستباقية لإنتخابات المجلس التأسيسي كما سنبين ذلك لاحقا تتلخص في حرمان حوالي 0.8 مليون مواطن من الشعب من حقه الإنتخابي إلى جانب عدم وجود قاعدة موحدة بالمرسوم الرئاسي المنظم لإنتخابات المجلس التأسيسي لتحديد عدد مقاعد هذا الأخير مما نتج عنه إضافة ب42 مقعدا لنواب ذوي قاعدة إنتخابية وهمية - كصك بدون رصيد - هذا إذا سلمنا جدلا بالأخذ بالقاعدة الرئيسية الواردة فيه أن لكل 60 ألف ساكن نائب واحد ! هذه حقائق مؤلمة جدا من خلال ما تيسر لنا الإطلاع عليه ومتابعته وربما يكون المخفي أعظم !
لقد كان لنا تصورا آخر وآمالا أخرى دون هذه الصورة القاتمة فإبان وصول أحداث الثورة التونسية إلى ذروتها يوم 14جانفي وفرار المخلوع من البلاد ثم تشكيل لجان شعبية أمنية لحماية المدن والقرى كنا نأمل كذلك أن تتشكل على نفس المنوال لجان شعبية سياسية أو مجالس محلية سواء بالمعتمديات أوبالقرى تضم كل من الوجهاء والناشطين المحليين الذين فجروا الثورة إلى جانب من لهم مصلحة في حمايتها وإنجاها وذلك من جميع التيارات ومن بين أعضاء كل مجلس من هذه المجالس يقع إختيار عدد محدد منهم حسب الكثافة السكانية لكل مدينة أو قرية ليشكلوا في مرحلة لاحقة مجلس عام على مستوى كافة البلاد يكون بقطع النظر عن تسميته : مجلس وطني أو برلمان مؤقت أو مجلس تأسيسي أو غيرها من التسميات ليكون الأداة التنفيذية لتحقيق أهداف الثورة وحمايتها وإيجاد كل الأدوات و الأساليب لتجسيد ذلك كتشكيل حكومة ثورية سواء من داخله أو من خارجه أو من الإثنين معا او تشكيل لجان مختصة لتثوير وتطوير جميع الميادين القضائية والإعلامية واللإقتصادية والإجتماعية وغيرها من الميادين إلى جانب تحديد نوعية النظام السياسي المستقبلي لحكم البلاد إن كان ديمقراطية مباشرة ( ديمقراطية جماهيرية على غير الطريقية القذافية ) أو ديمقراطية نيابية أو نصف مباشرة ونصف نيابية وكيفية تجسيد كل واحدة منهم ، كنا نأمل هذا السيناريو وكذلك كنا نأمل أن تتوقف جميع الإضرابات والتحركات المطلبية ليتفرغ الجميع - عملا بقاعدة : أطرق الحديد وهو ساخن - لفرض البديل الثوري من مجلس وطني وحكومة ثورية وإعطائهما فرصة لإنجاح الثورة قبل إشتداد عود الثورة المضادة و تهيئة أرضية صلبة للقطع النهائي مع الجور والدكتاتورية و الإنطلاق بسفينة الثورة نحو المستقبل بآمال عريضة في إعادة الوجه العربي الإسلامي لتونس ونفض غبار التغريب عنه وتطبيق الشريعة الإسلامية بعد تقرير الشعب ذلك ديمقراطيا لتستعيد تونس عافية هويتها وتعود هذه الأخيرة إلى ما كانت عليه قبل أن يتدخل الإحتلال الفرنسي ، كنا نأمل هذا في مرحلة أولى ولكن عندما حادت السفينة عن وجهتها بعد إختطافها من قبل قراصنة الماسوصهيونية وعجائزها وبدأت في مرحلة التوهان في بحر من الأعداء آملنا في مرحلة ثانية أن تتدخل الأحزاب والطبقة المثقفة لتصحيح المسار لكن ماراعنا إلا و ركب جل هؤلاء السفينة لزيادة إضفاء الشرعية على هؤلاء القراصنة بل ومشاركتهم في الإختطاف لمصالح حزبية وذاتية ضيقة على حساب المصالح الحقيقة للثورة وللجماهير التي فجرتها ولم يتفطن البعض من هؤلاء القوى إلى فداحة الجرم الذي إرتكبوه ليقفزوا من السفينة المنكوبة إلا بعد أن ساهموا في تأمين إتجاهها الخاطئ وتمكين القراصنة خاصة عن طريق التشريعات الصادرة عن الهيئة العليا لحماية الثورة من مواصلة القيادة على طريق تحقيق الأهداف الماسوصهيونية عن طريق العديد من التشريعات التي لا تمثل إلا حجر الزاوية لبناء على جرف هار لا ينفع معه على مدى المستقبل القريب الإصلاح ، وتهدف هذه التشريعات إلى مواصلة محاولة طمس الهوية العربية الإسلامية بأدوات جديدة تحت مظلة وهج الثورة وممارسة الديمقراطية غايتها الإبقاء على القوى السياسية ذات التوجه العربي الإسلامي على هامش الفعل السياسي ومشلولة القدرة على تحقيق أهدافها رغم تمتعها بالأغلبية الجماهيرية والإنتخابية كما وقع لغيرها في العديد من التجارب الإنتخابية الدولية السابقة كتجربة حزب كاديما الصهيوني التي لا تزال ماثلة في الأذهان السياسية ، فالتشريعات التي صُمّمت من قبل القراصنة لإفراغ الثورة من مضمونها وجعلها تهدف لمجرد تقليب الأوضاع بدون تغيير جوهرها كثيرة تحت ستار شعارات شتى منها : بناء الديمقراطية والتمسك بالحداثة ومعاداة التطبيع والتمسك بالقيم العربية الإسلامية والشفافية والنزاهة والإحتذاء بالمثل التركي وتمكين الشعب من مقدراته من سلطة وثروة إلى غير ذلك من الشعارات البراقة التي سوف لن يبقى منها سوى الحروف الخاوية على عروشها عند التطبيق لإنطلاق تجسيدها من منظومة تشريعات فاسدة شكلا ومضمونا ومابني على باطل فهو باطل ،و في مايلي نذكر من نص المرسوم المنظم لإنتخابات التأسيسي ثلاثة تزويرات إستباقية فقط تمثل جزء من هذه المنظومة الفاسدة والبعض من تطبيقاتها الخاطئة لأهميتهما البالغة في التأسيس لمرحلة مقبلة خطيرة في محاربة الهوية العربية الإسلامية :
1 - التزوير الإستباقي الأول (بالفصلين 16 و 34 ) وتهدف فلسفته بدرجة أولى إلى خدمة مصلحة الأحزاب بطريقة لا أخلاقية ولا ديمقراطية وذلك بفرض مترشحين جلهم مجهولي السيرة والأهلية من خارج محيط الناخب سواء كانت عمادة أو معتمدية وإكراهه على إختيارهم متوخيا في تكريس هذه الفلسفة إعتماد القائمة المغلقة والمتناصفة بين المترشحين رجالا ونساء وهو تشريع فاسد شكلا ومحتوى فمن ناحية الشكل فإنه وعكس القائمة المفتوحة يُحرم الناخب من التصويت فقط لمن يثق فيهم ويعرفهم سلوكا وأهلية سواء أكان مترشحا واحدا أو عدة مترشحين من نفس القائمة فارضا عليه إما إختيار جميع من في القائمة أوترك جميعهم بدون أدنى إحترام لإرادته ، مما يجعل هذه الطريقة أمرا مرفوضا لعدم منطقية وعقلانية تصويت الناخب لمجموعة من الأشخاص لا يعرفهم لا إجتماعيا ولا أهليا ؟! أما من ناحية المضمون فمن المرجح أن هذا التشريع سيلحق مظلمة بالمترشحين أنفسهم لإن غايته الرئيسية لا تهدف إلا إلى تحقيق التساوي بين عدد الرجال وعدد النساء ولا يأخذ أساسا له رضاء الناخب عنهم و أهليتهم لتمثيله مما سيضع هؤلاء على الأرجح أمام صعوباب جمة إن لم نقل الفشل أثناء ممارسستهم لمهامهم بالمجلس التشريعي نتيجتها ستكون تشريعات لا تمت للهوية العربية الإسلامية بصلة وفي أحسن الحالات لا تخدم إلا مصلحة الأحزاب دون الجماهير ، وهذا كله يمثل عملية تزوير لجوهر عملية الإختيار الديمقراطي برمتها لإنتفاء عملية الإختيار الحر و الإطمئنان إلى الأهلية مما ينجر عنه ديكتاتورية مغلفة بثوب ديمقراطي مزيف لا تخدم إلا مصلحة الأحزاب التي طالما تتغني بالديمقراطية وإحترام إرادة الناخب الذي يجد نفسه من جديد أمام نفس ممارسة العهد المباد وما فرضه عليه من نواب لأكثر من عقدين لا ناقة له ولا جمل في إختيارهم فنفس التجربة تتكرر لكن بأساليب جديدة وبأدوات متطورة وممارسات أكثر خبيثا لا تضاهيها إلا ممارسات ذلك التاجر المفلس الغشاش الذي يستغل حاجة الحريف الضرورية والملحة لبضاعة ما ليفرض عليه بضاعة أخرى أو جملة من البضائع الأخرى البائرة والفاسدة لديه : إما أن يشتري الجميع أو أن يترك الجميع وفي نفس الوقت تجده يتغنى زورا وبهتانا بالخوف من الله تعالى وبالأمانة وبالصدق وهمه الوحيد من ممارسة التجارة هو خدمة الحريف !
2 - التزوير الإستباقي الثاني ( بالفصلين 32و 36) وهو ملازم للأول يصطلح عليه بالأخذ بأكبر البقايا وهو أسلوب تلفيقي لا يخضع لمعادلة علمية واضحة رغم إشتماله على بعض العمليات الحسابية التمويهية تنتهي بإسناد مقاعد لقائمات لا تستحقها وحرمان قائمات أخرى مما تستحقه مع إهمال بعض من الأصوات التي تحصلت عليها تعد بالآلاف في أحيان وربما بعشرات الآلاف في تجارب أخرى وهي في نهاية الأمر طريقة تعطي من لا يستحق وتحرم من يستحق مع التلاعب بأصوات الناخبين إهمالا أو تضخيما إلى جانب عدم إحترامها وأخذها بعين الإعتبار في التصويتات اللاّحقة على مشاريع القوانين بعد تشكل المجلس التشريعي .فهذه التصويتات يجب أن تعكس بطريقة أو بأخرى عدد الجماهير عن طريق النواب وليس عدد النواب في حد ذاتهم والأحزاب التي ينتمون إليها ( كما سيتبن لنا لاحقا من خلال آليات النظام السياسي االمقترح ) فكما إستمد النائب فوزه من خلال الأغلبية الجماهيرية التي تسانده فكذلك يجب لأي تشريع ديمقراطي أن يستمد قوته من خلال الأغلبية الجماهيرية التي تسانده وليس من خلال العدد الملفق للنواب في حد ذاته الذي يمكن تشبيهه بالصك بدون رصيد ، فالتصويت المعمول به حاليا في العالم بعدد ملفق من النواب قد أثبت فشله إلى حد كبير في تلبية طموحات الجماهير وتطلعاتها واثبت أيضا أن هذه الأخيرة في واد وممثليها في واد آخر خاصة في الدول الأروبية كما كشفت عنه بشكل جلي كل من الحرب على العراق ومحرقة غزة !
3- التزوير الإستباقي الثالث ( بالفصلين 31 و33 ) ويهدف إلى تحديد المقاعد بالمجلس التأسيسي على عدة قواعد لا تعكس إلا عدم المساواة بين المواطنين رغم إنتمائهم إلى بلد واحد إذ مكن هذا التزوير من إسناد مقاعد لدوائر إنتخابية لا تستحقها وحرم دوائر أخرى مما تستحقه والأولى كان تطبيق القاعدة القائلة بنائب واحد لكل 60 ألف ساكن - رغم معارضتنا لها - على جميع الدوائر وعدم قصرها على البعض دون الآخر . وكثرة القواعد أسفر عمليا عن عدد إجمالي للمقاعد المسند لجميع الدوائر داخليا وخارجيا لاىمكن الحصول عليه إلا بتخفيض عدد السكان إلى 49 ألف ساكن لكل ناخب عوضا عن 60 ألف ورغم إيجابية هذا العدد في تمثيلية السكان إلا أنه لا يعكس الإستحقاق الطبيعي للمقاعد المسندة لكل دائرة من جهة وينطوي من جهة أخرى على عدة أخطاء منها :
أ - تكريس سياسة جديدة تفرق بين أبناء الجهات تحت ستار تمكين بعض الجهات المحرومة سابقا من التنمية ومن النمو الطبيعي وهو أمر لا يمكن تحقيقه بتضخيم عدد مقاعدها بالمجلس التأسيسي وإنما بإحالة الأموال التي يتقاضاها أصحاب هذه المقاعد الملفقة على الأقل لفائدة هذه الجهات خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار أن النائب الواحد يتقاضى حوالي ألف ومائتي دينار في الشهر الواحد (كما جاء في جريدة الشروق أون لاين بتاريخ 2008.10.15!)
ب - زيادة في عدد المقاعد بالمجلس التأسيسي تقدر ب 43 مقعدا تقريبا لنواب ذوي قاعدة إنتخابية وهمية مما نتج عنه قفز في عدد المقاعد من 176 مقعدا إلى 219 مقعد كان بالإمكان تفاديه بتعميم تطبيق قاعدة 60 ألف ساكن للنائب الواحد على جميع الدوائر داخليا وخارجيا والعدد 176 مقعدا هو حاصل قسمة عدد السكان الكلي للبلاد المساوي ل10549 ألف حسب تقديرات 2010 كما جاءت في الموقع الإلكتروني للمعهد الوطني للإحصاء ، قسمته على 60 ألف ، وهذه الزيادة في عدد المقاعد ناتج عن سببين :
* الأول : ترقية الأعداد العشرية بفاصل لعدد المقاعد لكل دائرة إلى عددعشري بدون فاصل ، فمثلا عدد أو حاصل مقاعد دائرة منوبة يساوي 6.14 مقعد ( وهو حاصل قسمة عدد سكان الدائرة على 60 ألف حسب تقديرات 2010 الإحصائية ) فيرقى إلى 7 مقاعد كاملة وهذا ينجر عنه تضخيم العدد ب 0.86 مقعد حتى يصبح العدد مساوى ل 7 مقاعد كاملة ، وعند تطبيق هذا التضخيم على كل دائرة إنتخابية سينجر عنه زيادة في عدد المقاعد الكلي للمجلس إلى 24 مقعد تقريبا ، مع العلم أن هذه الترقية يمكن تفاديها بطريقة حسابية أكثر دقة عند الأخذ بعين الإعتبار عدد السكان الذي يمثلهم النائب كقيمة لصوته عند التصويت بالمجلس التأسيسي عوضا عن صوت النائب نفسه كما سنرى لاحقا في آلية البرنامج السياسي المقترح !
* الثاني : إضافة 19 مقعدا للدوائر التي تمثل المواطنين المهاجرين بالخارج وهي إضافة في غير محلها لأنها تخلق تمييزا بين مواطني البلد الواحد الذين يحق للبعض منهم التمتع مرتين إثنتين في التمثيل : أحدهما بدائرته الإنتخابية داخل القطر والآخر بدائرته الإنتخابية خارج البلد في حين يفرض تمثيل واحد على البعض الآخر الذي لم يغادر البلد !!
- التزوبر الإستباقي الثالث ( بالفصل 2 ) ويهدف إلى حرمان شريحة من المواطنين البالغين شرعا عقليا وجسميا من حقهم السياسي تتراوح أعمارهم مابين سن 15 عاما و18 عاما يقدر عددهم بحوالي 0.8 مليون شاب إنطلاقا من إحصائيات 2004 المقدرة لعددهم ب ( 627146) مواطن يضاف إليه حاصل نمو هذا العدد للفترة الممتدة مابين 2004 إلى 2011 المقدر بنسبة نمو تساوي 1.2 % تقريبا لكل عام . لقد وقع حرمان كل هذا العدد دون الإستناد إلى منطق علمي يمكن التعويل عليه نتيجة لسببين على الأقل : الأول : عدم الرجوع إلى الشرع لمعرفة وتبين وقت سن الرشد او البلوغ العقلي من عمر الفرد ، والثاني : الخلط بين مفهومي البلوغ العقلي و البلوغ الجسمي ، فالبالغين عقليا والقادرين على تحمل المسؤوليات لا يمكن حصرهم فيما فوق سن 18 عاما فقط لأن تحديد مثل هذه السن كشرط للناخب تعزز من متطلبات المترشح ولا تلائم متطلبات الناخب لوجود عدة مبررات وجيهة منها :
أ - الجماهير التي نزلت إلى التظاهر في الشوارع بصدور عارية ضد رصاص الطاغية شملت الشيب والشباب ولم تكن مقصورة فقط على من هم أصحاب سن 18 عاما فما فوقها ، فالجميع تحمل المسؤولية بدرجات متفاوتة في إنجاز الثورة بمن فيهم اولئك البالغين عقليا والذين تتراوح أعمارهم ما بين السن 15 عاما وال18 عاما لتركبها الأحزاب فيما بعد وتحرم هذه الشريحة الهامة من المجتمع من تحمل مسؤوليتها في إختيار النواب في الإنتخابات المقبلة فمن المتناقضات أن تقبل الأحزاب بمسؤولية هذه الشريحة في إنجاز الثورة ولا تقر لها بتحمل نفس المسؤولية في الإنتخابات وتحرمها من حقها فيها رغم تغنيها ليلا ونهارا تزلفا ونفاقا بفضل جميع شرائح المجمتع في إنجاز الثورة !
ب - أن القانون التونسي مازال لم يوحد بعد سن الرشد المدني ( 18عام فما فوق ) وسن الرشد الجزائي (13 - 18 عاما ) رغم وجود قاسم مشترك بينهما يتمثل في تحميل كليهما الفرد المسؤولية عند إقترافه لجريمة ما مع إختلاف في نوعية المحكمة التي يحال عليها كل منهما : فالأول تنظر له محكمة عادية في قضيته والثاني محكمة خاصة ، وهنا كذلك يبدو التناقض صارخا فكيف يحمل أصحاب السن خاصة من 15 إلى 18 المسؤولية على الجرائم التي يقترفونها بقطع النظر عن جزاءها ويُحرمون في نفس الوقت من تحمل مسؤوليتهم الإنتخابية حتى ولو تحت رعاية أوليائهم لإختيار نواب لمجلس الثورة التي تحملوا مسؤولية تفجيرها وإنجاحها ؟ !
ت - أن القانون التونسي يسمح بتشغيل الأفراد إنطلاقا من سن 16 عاما ويحمل هؤلاء مسؤولية العمل والإنتاج ، كذلك هنا : كيف يسمح القانون بتحميل هؤلاء مسؤولية إستغلال أرباب العمل لهم تحت يافطة العمل والتدريب ولا يسمح لهم بتحمل مسؤولية إختيار نوابا يمثلونهم في الإنتخابات المقبلة ؟!
ث - أن النظام التربوي في البلاد يحمل التلميذ الذي لم يبلغ سن 18 والمنقطع عن التعليم خاصة بعد المرحلة الأساسية ( سنة تاسعة ) يحمله مسؤولية مواصلة تعليمه بإحدى شعب التكوين المهني أو البحث عن طريقة أخرى تلائم تكوينه للإندماج في المجتمع ، و الأولى كذلك أن يحمل مسؤوليته السياسية !
ج - ان البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة الذي صادقت عليه الدولة التونسية يحمل المسؤولية للأفراد إنطلاقا من سن 15 عاما في الإنضمام إلى المدارس الحربية المسمات تهذيبا بمدارس القوات المسلحة مع منعهم من المشاركة المباشرة في الأعمال الحربية ما لم يبلغوا سن 18 عاما ، كذلك كان من الأولى أن يحمل مسؤولية الإنتخابات عوضا عن تحميله مسؤولية التحضير لحروب قد تكون ضد بني جلدته ومواطنيه ؟!
ح - ان الشرع ومن خلال جمهور الفقهاء يعتبر أن كل من بلغ سن 15 عاما بالغا ويُحمّل مسؤولية تبعات جميع تصرفاته هذا إلى جانب وجود علامات بلوغ أخرى تحمل كذلك الفرد مسؤولية تصرفاته ذكرها القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة ليس هذا مجال لذكر تفاصيلها . فالشرع الذي إبتعد عنه هذا التشريع كان بإمكانه تمكين جميع البالغين من ممارسة حقهم السياسي لو وقع إحترامه إلتزاما مع ماجاء في الدستور التونسي (2004) الذي ذكر في توطئته أن الشعب التونسي " مصمم على تعلقه بتعاليم الإسلام ... " وذكر الفصل الأول من بابه الأول : أن " تونس دولة حرة ... الإسلام دينها ، والعربية لغتها ... ) ... فهذه النصوص إلى جانب أن تونس تحتل المرتبة الثانية بعد أفغانستان من حيث نسبة عدد المسلمين فيها التي تساوي 99.5 % كما جاء في موسوعة ويكيبيديا الحرة ، هذا كله لم يقنع القراصنة الذي إختطفوا الثورة والذين يمثلون قلة مجهرية من الشعب التونسي عن التوقف عن مواصلة غيهم ومحاولة هندسة نظام سياسي عن طريق التزويرات الإستباقية للإبقاء على الدين الإسلامي خارج التشريع ومحاربة الهوية العربية الإسلامية والإبقاء على الهيمنة الماسوصهيونية وتكريسها على البلاد كما كُرّست من قبل على الغرب الذي أصبحت ديمقراطيته شكلا بدون محتوى وظاهرا مخالفا للباطن تتحدد فيه معالم القيم حسب الأهواء الماسوصهيونية خاصة بعد أن وقع تحييد القوى الديمقراطية الحقيقية فيه مما يحتم علينا أخذ الحيطة وعدم إسقاط التجارب الديمقراطية الغربية بحذافيرها على واقعنا مع التدقيق والإحتراز في إختيار الإيجابي من بعض آليات وأهداف هذه الديمقراطية للإستعانة بها في تصميم نظام سياسي عربي إسلامي ثوري يساعد على تفعيل نظام الشورى الإسلامي الذي سبق جميع الأمم في المساواة بين الرجل والمرأة في إتخاذ القرار كرست في بعض الأحيان في شكل عقد إجتماعات عامة يتخذ القرار فيها بشكل مباشر ودون نيابة - كما تهدف إلى ذلك الديمقراطية المباشرة أو الديمقراطية الجماهيرية حاليا - والتاريخ يذكر لنا في هذا الصدد ذلك الإجتماع التاريخي العظيم الذي إستطاعت فيه إمرأة فرضت نفسها بدون قائمة متناصفة أن تقنع الخليفة عمر بن الخطاب رضي عنه بالتراجع عن نيته في تحديد قيمة المهور والأخذ برأيها .... فهذه التجربة وكثيرات أخرى من أمثالها التي حفل بها خاصة عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده كانت تمارس بالمساجد التي كانت تمثل بؤرة إتخاذ القراربدون تنسيق المواقف فيما بينها في الغالب لبساطة ممارسة الحياة بجميع أنواعها في ذلك العهد ، هذه التجربة تفرض علينا الآن الإقتداء بها مع تحديثها آخذين بعين الإعتبار طبيعة العصر الحديث ومتطلباته التي تقتضي المحفاظة على جوهر هدفها المتمثل في ممارسة الشورى (الديمقراطية ) مع تحديثها بإستبدال أماكن إنعقادها من المساجد إلى أماكن أخرى عامة مفتوحة لكل البالغين الراغبين في المشاركة في رسم سياسة البلاد بقطع النظر عن إنتماءاتهم السياسية والفكرية غير مخوّنين لهم ما لم يثبت عليهم ذلك ، وهذه الأماكن يمكن أن تكون في كل عمادة - حسب التقسيم الإداري الحالي - وأقلها في كل مركز معتمدية ويمكن أن يطلق عليها عدة تسميات منها : مجالس قاعدية أو مجالس شعبية أو مؤتمرات شعبية - على غير الطريقة القذافية - أو مؤتمرات قاعدية أو أيّ إسم آخر لأن العبرة ليست في التسمية والحقيقة ضالة المسلم أينما وجدها فهي ملكه كما جاء في الحديث الحسن حسب حكم الألباني ( الكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها ) سواء وجدها عند كافر أو فاسق أو مجرم أو دكتاتور ... وهذه الأماكن العامة أو المؤتمرات القاعدية يمكن أن تمثل حجر الأساس لنظام سياسي ثوري جديد مرن في تأطير الحياة السياسية للبلاد إذ يمكن ان يكون في بداية تطبيقه ديمقراطي مباشر في طرفه الأول المتصل بالجماهير ونيابي برلماني في طرفه النهائي المتصل بالحكومة وبالنواب ومع مرور الوقت وترسخ الممارسة الديمقراطية يمكن أن يكون ديمقراطي مباشر بالكامل إذا إختار الشعب ذلك ، وهذه المؤتمرات مع هذا النظام السياسي الثوري - الذي سيفصل لاحقا - يمكن أن يكون أقل ما يمكن تقديمه إلى الجماهير التي فجرت الثورة وضحت من أجل إنجاحها ، تقدم لها كهدية في مقابل هديتها التي قدمتها للبلاد كعرفان من الأحزاب لها بالجميل وعدم تركها في الشوارع للتظاهر تحت رحمة القمع البوليسي ، فكما أن للأحزاب مقرات تجتمع فيها فالأولى أن تكون كذلك مقرات للجماهير- في كل عمادة وأقلها في كل معتمدية - للإجتماع فيها أيضا والمشاركة في صياغة سياسة البلاد وعلى الأحزاب الإلتحاق بها كما إلتحقت بها بالشارع للتظاهر وصنع الثورة ، فلا يعقل وليس من شيم القيم العربية الإسلامية أن تقبل هدية الثورة ويغلق الباب في وجه مقدمها ويترك في الشارع ليلقى مصيره مع قوى القمع وقراصنة السياسة وسماسرتها ، كذلك فإن الجماهير التي تمول الأحزاب من دمها وعرقها وعلى حساب قوتها لا يعقل أن يفرض عليها قسرا الإكتفاء بقول نعم أو لا لهذه الجهة السياسية أو لتك أو التظاهر بالشوارع تحت رحمة سياط الجلادين ضد سياسة ما أو موافقة لسياسة ما ولا يسمح لها في صياغة هذه السياسة أو تلك !!ولتلافي ما سبق وغيره وكعرفان لفضل الجماهير التي فجرت الثورة ولجميع من إلتحق بها فيما بعد لإنجاحها نقدم في مايلي الفلسفة أو اهم القواعد والآليات المرنة والعادلة التي سيرتكز عليها مشروع النظام السياسي المقترح لضمان حقوق كل المواطنين البالغين متحزبين ومستقلين تهدف إلى تلافي سلبيات النظام السياسي الحالي بكل أطيافه ويعوضه كحجرأساس لإنطلاق حياة سياسية على أرضية سليمة خالية من التزويرات الإستباقية ومعبرة عن إرادة الجماهير ومعززة لمكاسبها , واهم هذه القواعد هي كالتالي :
- تشريك كل بالغ وعاقل يبلغ من العمر 15 عاما في صياغة سياسة البلاد كل حسب مؤهلاته
- وجوب ان يكون النائب معروف لدى ناخبيه مما يحتم وجود نائب على أقل تقدير لكل معتمدية وليس نوابا مجهولي الحال كما تفعل ذلك القائمة المغلقة .
- عدم فرض النواب على الناخبين كما هو معمول به في حالة القائمة المغلقة وترك حرية الإختيار للناخب سواء بالمؤتمرات القاعدية مباشرة أو عن طريق القائمة المفتوحة .
- إعطاء كل حزب ما يستحقه من مقاعد على ضوء ما تحصل عليه من أصوات الناخبين بدون زيادة أونقصان عكس مايفعل في عملية الأخذ بأكبر البقايا المعمول بها حاليا.
- عدم إهمال أصوات الناخبين كما يفعل كذلك بعملية الأخذ بأكبر البقايا .
- إعطاء الحجم الحقيقي لصوت كل نائب بالمجلس التأسيسي وعدم المساواة بين أصوات جميع النواب إذا كانت أعداد الجماهير التي يمثلها كل واحد منهم مختلف عن الآخر على خلفية القاعدة الجديدة القاضية بعدم إهمال أصوات الناخبين وتعويضها بأصوات النواب سواء كان ذلك أثناء الإنتخابات أو بعدها بالمجلس التأسيسي وهو أمر ممكن كما سنرى لاحقا ، ، فإذا كان عدد الناخبين هو الذي يحدد فوزالناخب في المجلس فكذلك يجب ان يكون عدد جميع السكان الذي يمثلهم ذلك النائب على مستوى المعتمدية او العمادة هو الذي يحدد حجم ووزن صوته وهو كذلك الذي يحدد قبول أو رفض تشريع ما لكون هذا الأخير سيكون موضوع تطبيقه منوط بعهدة السكان .
- وجوب أن يكون حجم صوت كل ممثل بالمجلس الوطني ( النيابي ) مقدرا بالنقاط بطريقة تعكس الأخذ بعين الإعتبار عدد سكان المعتمدية التي يمثلها عند كل عملية للتصويت على مشاريع القوانين ، وكما سبق ذكره فليس من العدل في شيء أن تتساوى قيمة أصوات النواب رغم الإختلاف في عدد سكان المعتمديات الذي إنتخبهم ، و عمليا يمكن تحقيق ذلك بإسناد نقطة واحدة لصوت النائب الذي يمثل المعتمدية الأقل سكانا على مستوى جميع البلاد ، ثم إسناد عدد من النقاط يكون نتيجة حاصل قسمة عدد سكان كل معتمدية من بقية المعتمديات على عدد سكان المعتمدية الأقل سكانا وكل حاصل لكل عملية قسمة يكون قيمة صوت كل ممثل من بقية الممثلين لبقية المعتمديات ، كما هو مبين بالمثال التالي المأخوذ عن الإحصائيات الرسمية لسنة 2004 :
*معتمدية ذهيبة تضم أقل عدد سكان على مستوى جميع البلاد : ع1 ويساوي 3971 ساكن وعليه فإن حجم صوت ممثل هذه المعتمدية يكون ص1 مساوى لنقطة واحدة ( ص1=1)
* معتمدية إريانة تضم عدد سكان : ع2 يساوي 97687 ساكن وعليه فإن حجم صوت ممثل هذه المعتمدية ص2يكون مساوى لحاصل :ع2 /ع1 = 97687 / 3971 =24.6 نقطة ( ص2=24.6 )
* معتمدية صواف : ع3 =12095 ساكن ... ص3 = ع3 / ع1 =3.04 نقطة ( ص3 =3.04 )
* معتمدية العلاء : ع4 = 31773 ساكن .... ص4 = ع4/ع1 =8 نقاط ( ص4 = 8 ) وعلى نفس هذا المنوال يقع حساب قيمة حجم صوت ممثلي بقية المعتمديات ، ولتبسيط عملية معرفة نتائج التصويت على مشاريع القوانين داخل المجلس التأسيسي يكتفي النائب بالضغط على أحد الأزرار الموجودة على مكتبه لتظهر النتائج النهائية لعملية تصويت ما أمام الجميع على شاشة كبيرة بعد برمجة جهاز حاسوبي لهذا الغرض و هو أمر من أبسط الأمورلدى المختصيص المعلوماتيين ! وبهذه الطريقة يكون جوهر الديمقراطية المبني على إحترام قرار أغلبية الجماهير محترما في جميع المراحل سواء أثناء عمليات إنتخاب النواب أو أثناء التصويت داخل المجلس التأسيسي على القرارات، وهذه الطريقة عكس الطريقة المعمول بها حاليا والتي تبدأ بالأغلبية الجماهيرية وتنتهي بالأغلبية النيابية التلفيقية !
ولتعزيز ما سبق من مباديء وآليات ديمقراطية يمكن إقتراح نظام سياسي متطور كما سبق ذكره مستمد من تجربة التراث الشورية المساجدية - نسبة إلى المساجد - ومتفاعل مع تجارب المجالس النيابية العصرية يهدف إلى تشريك الجماهير وعدم الرمي بها في الشوارع حتى تتمكن من صناعة سياسة البلاد في مرحلة أولى نقاشا وإنتخابا بشكل مباشر ثم تقريرا عن طريق نواب وفي مرحلة ثانية نقاشا وإنتخابا وتقريرا بعد أن تقرر الجماهير تنفيذ ذلك ديمقراطيا وفي إنتظار تنفيذ هذه المرحلة نقترح شكل النظام السياسي الذي يجسد المرحلة الأولى ويهيء للمرحلة الثانية وهو يتكون من المؤسسات والأجهزة والآليات التالية :
- مجالس قاعدية - أو أي إسم آخر - على مستوى كل عمادة ، ويضم كل البالغين من سكان هذه العمادة بقطع النظر عن إنتماءاتهم السياسية ، ينتخب كل مجلس من هذه المجالس أو يتوافق على لجنة تنفيذية من صلبه - يمكن تسميتها باللجان القاعدية - لتنفيذ قراراته الذاتية على مستوى العمادة والقرارات العامة الملزمة لجميع سكان البلاد بعد صدورها عن الجهات التشريعية . وهذه اللجنة تنتخب عضوا منها أو يتوافق أعضاؤها علىه للإشتراك أو لتمثيلهم في المجلس المحلي ( أنظر المجالس المحلية تحت ) ، ومهمة هذه المجالس القاعدية مناقشة خاصة الأوضاع الذاتية على مستوى العمادة وإتخاذ القرارات في شانها التي لاتتعارض مع القوانين العامة الصادرة عن المجلس الوطني ( أنظر المجلس الوطني تحت )إلى جانب مناقشة الأوضاع العامة وإقتراح مشاريع القوانين على المجلس الوطني عن طريق ممثليهم لمناقشتها والبت فيها قبولا أو رفضا حسب المصلحة العليا للبلاد .
- مجالس محلية ، على مستوى كل معتمدية أو كل بلدية ، وتضم ممثلي كل المجالس القاعدية على مستوى المعتمدية أو البلدية لتنفيذ القرارات المحلية والقرارات الحكومية ، وينتخب كل مجلس محلي من هذه المجالس عضوين : أحدهما إلزاما لتمثيل المجلس المحلي التابع له على مستوى وطني في المجلس الوطني والآخر إختيارا لتمثيل المجلس المحلي التابع له على مستوى جهوي في مجلس جهوي . ومهمة هذه المجالس المحلية مناقشة الأوضاع المحلية وإتخاذ القرارات في شأنها التي لاتتعارض مع القوانين العامة وبعد التنسيق مع المجالس القاعدية لكل عمادة على مستوى المعتمدية الواحدة .
- مجالس جهوية ، على مستوى كل ولاية ( محافظة / دائرة ) وهي غير ضرورية إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك واقرها المجلس الوطني وتضم ممثلي المجالس المحلية على مستوى الولاية لتنفيذ القرارات الجهوية والحكومية ، وينتخب كل مجلس جهوي من هذه المجالس ممثل له لدى المجلس الوطني تكون له الصفة الإستشارية مثله في ذلك مثل النقابات والروابط المهنية لكون أعضاء هذه الأخيرة هم أعضاء بالمجالس القاعدية ولهم ممثليهم االقادرين على إيصال أصواتهم ومقترحاتهم إلى المجلس الوطني للبت فيها على ضوء المصلحة العليا للبلاد
- مجلس وطني ، على مستوى كافة البلاد ، ويضم نوعين من الممثلين ، ويمكن تخصيص غرفة لكل نوع منهما : غرفة أولى : للمجلس الوطني وغرفة ثانية للمجلس الإستشاري الوطني
* النوع الأول : ممثلين عن كافة المجالس المحلية لهم الشرعية الشعبية لتجسيد إرادة هذه الأخيرة منها : إقتراح مشاريع القوانين ومناقشتها والتصويت عليها إلى جانب إختيار أعضاء الحكومة وإنتخاب رئيس الدولة وتحديد مهامهما ومراقبتهما أو إختيار عضو أو عدة أعضاء من صلبه لرئاسة الدولة في إطار البيعة الصغرى ثم عرض هؤلاء على الشعب لإختيار أحدهم في إطار البيعة الكبرى ، وبهذا تكون العملية الإنتخابية هي المجسدة لأرادة الجماهير قاعديا ووطنيا .
* النوع الثاني : ممثلين عن كل من الجهات و النقابات والجمعبات المهنية والفنية وغيرها تكون لهم الصفة الإستشارية والإرشادية في ميادينهم للإستأناس بها في المجلس الوطني عند مناقشة مشاريع القوانين و التصويت عليها ....
وبهذا النظام السياسي يكون المثقفين والأحزاب وكل من يهمه أمر إنجاح الثورة أوفياء أكثر مايمكن للجماهير كما كانت هذه الأخيرة وفية لهذا الوطن ... وبهذا البرنامج نكون قد قابلنا هدية الجماهير بهدية ترجع إليها إعتبارها وتمكنها من الثروة و السلطة إلى حد قولا وفعلا .... وبهذا النظام السياسي يمكن لنا التصدي للفساد الديمقراطي بأكثر نجاعة ممكنة .... وبهذا النظام السياسي نضمن لأنفسنا أكثر ما يمكن توجها عربيا إسلاميا عصريا .....وبهذا النظام نكون قد سلكنا طريقا جديدا لا شرقيا ولا غربيا و لا أردغانيا مع إحترامنا للجميع بقدر إحترامهم لخياراتنا ....
عمار صالح / هولندا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.