نمنا في العراء هناك في القصبة في ليالي فبراير, و بعد مداولات في كواليس الدولة, افضت إلى ان جاؤوا لنا برجل من ارشيف النظام ذاته. و مع ذلك وافقنا و لم يكن اقتناعا منّا بقدرة هذا الرّجل على ادارة المرحلة و إنّما ايمانا منا بأنه لابد انم نخرج من معاناة اللاشرعية الى مؤسسات الدولة الشرعية و المنتخبة و قد تعهّد ان دوره هو السير بتونس الى الاستحقاق الانتخابي, و لكن ان تتبعنا مسيرته هو و عُصبته في الحكومة ما ظهر منها و ما بطن يرى أنه كان خائنا لعهده بل كان استمرارا للدكتاتورية و القرارات المسقطة و تعييناته كانت تحدّيا صريحا للشارع التونسي ( المعتمدون و الولاّة و مديري الامن و الوزراء ...) و لم نشهد محاكمة واحدة لمن اطلق الرصاص في اعناق و رؤوس شهدائنا في القصرين و غيرها ( نسأل ان يتقبلّهم الله شهداء ) بل نراهم يُرقّون و توضع الاوسمة على اكتافهم, كيف لا و هم من اتقن فنّ القنص و اطلق الرصاصة في عنق من هتف طلبا للحرية, فكان جزاءه أن وافته المنيّة, و لم نرى جُنيْهًا واحدا ,من الاموال المهربة المجمدة و غير المجمّدة في بنوك الغرب و العرب, يعود الى الوطن بعدما سلبته عائلة الرئيس المخلوع و حاشيته بل على النقيض فالأحكام الصادرة في حقهم كانت احكاما فاقدة للمصداقية, و لا تستند لأي من اسس العدالة الحقّة و لو رويتها لمن كان في المهد صبيّا, لانتفض من مضجعه و قال هذا ليس استقلالا قضائيّا, بل كان عرضا مسرحيّا. ثمّ امضى على القروض الدولية, ليبقى القرار رهين التبعية, حتى و ان قامت بعد الانتخاب حكومة شرعية. و اليوم هو يسافر الى الولاياتالمتحدةالامريكية, حامية حمى الديمقراطية, في البلدان العربية, وطبعا ليست الديمقراطية الغربية, بل هي في نسختها العربية, حيث المقياس مصلحة الغرب لا الرعيّة. تحدّث عن فترة ما بعد الانتخابات, و وضع اختيار التونسيين على طاولة المفاوضات, فبأي حق ايها الوزير تصادر خيار المواطن البسيط, خدمة لمصلحتك و اسيادك وراء الستار و خلف المحيط. جعلت المجلس التأسيسي كعكة و اسندت كلّ طرف حصّته منها فهل المجلس التأسيسي هبة منك علينا؟ هل كان أصلا مطلبك, بحقّ من خلقك؟ لماذا تحشر انفك فيما لا يعنيك أمْ أنّك نسيت أمسك القريب حين كنت شريكا في صناعة الدكتاتورية و حرّيفا في الالتفاف و التزوير, و باعترافك ايها الوزير. فبحق الله عليك ماذا انجزت في هذه الشهور؟ تظهر علينا بخطاب الواعظين, و تسب اعداء الثورة الماكرين, و تنسى نفسك انك من اشد اعدائها المتربصين. باي حق تعطي نسبة كل حزب في الانتخابات و انت لا تملك حتى الشرعية و انما ضمان بقائك الوحيد هو التوافق, قد قالها وزير من حكومتك ان نسبة التيار الاسلامي سوف لن نسمح لها ان تتعدى 30% ثمّ انت الان تعيدها و تحدد النسبة من جديد, فما الحاجة من الانتخابات و لماذا الانفاق على الحملات الانتخابية التي تقدّر كلفتها ب 7 مليون دولار. ثمّ تتحدّى الجميع و تأبى أن تتنحى بعد الانتخابات و تتشبّث بالكرسي مُدّعيا ولاءك للوطن, بالله عليكم اتركوا الوطن بحكومتك ما ظهر منها و ما بطن, لقد سئمناكم يا شيوخ الفتن, بقيتم في الحكومة شهورا معدودات, فانظر كم اشعلتم من فتنة و نعرات. ألهذا الحدّ بلغ بك الغرور أم أنك لم تعتبر بمن سبقك و لم يبلغك نبؤهم فأنظر الى عاقبتهم, جعلت من بورقيبة صنما و ذاتا الهية, محاطة بهالة قدُسيّة, و سمحت للإعلام بالتعدّي على الاسلام ( ربّا و رسولا و اصحابه و اتباعه) و ملأت منابر الاعلام بأشباه المثقّفين, ثلّة من المهرطقين, أعداء للوطن و الدين .و هذا ليس صدفة بل هو مخطط له في الكواليس بعدما فشلت كل محاولات افشال العملية الانتخابية من اجل خلق حالة من الاضطراب و الفوضى للإيجاد ذريعة بهدف تأجيل الانتخابات او الغائها لكن هيهات لقد صبرنا كثيرا و تعلّمنا من صبرنا و لن تنالوا ما اليه انتم تطمحون . تركتم قناة " متصهينة " تسب الدين و الرسول, اطلقتم لها العنان في تعدّيها على ثوابت ثقافتنا و تقاليدنا بينما كان القضاء الهزيل سريعا في التصدي لقنوات اخرى من اجل خرقها لقانون الحملة الانتخابية. و في هذا السياق ألم تقم جريدة الصباح بإشهار سياسي لقائمة مستقلة و ألو يخترق الحزب الحر و الديمقراطي التقدمي قانون الاشهار؟ فمالكم كيف تحكمون؟ و صدق من قال الشيء من مأتاه لا يُستغرب, فمن سمح في الماضي بتزوير الانتخابات و الاحتيال على ارادة الشعب فلن يكون اليوم شريفا راعيا للديمقراطية مؤمنا بحتمية الانتقال السلمي للسلطة. بيننا و بينكم يوم فصل, يوم 23 اكتوبر حينها سنكون نحن المقررون, و لكم في الامس القريب عبرة ان حاولتم الالتفاف او التزوير, حينها ستكون ايام مسير, و سنسقط كل كيان غير شرعي. لقد مللنا كتم الغيظ و شعلة الثورة لم تنطفئ و لن نعود الى بيوتنا, الاّ بعد ان نضع اسس دولتنا, و نضمن كرامة الاجيال التي تلينا. ما عاد يهمنا فإمّا حياة كريمة أو جهاد في سبيل الوطن حتى الشهادة التي سبقونا اليها اخواننا و قطعنا لهم وعذا أمام الله اننا عن مسارهم لن نحيد. و لم تعد ترهبنا قوتكم, و بوليسكم, و هيبة دولتكم, التي كلت آذاننا سماعها لم تعد تعنينا, فلن نهدأ حتى نطمئن ان السلطة بأيدينا. فإياكم و التلاعب بأصواتنا, حينها لا احد يتوقع ردة فعلنا, و التي حتما لن تكون تقليدية كالاعتصام او الاضرابات فاحذروا غضبنا يا من بلغتم من العمر عتيّا, و لا تحسبنّ انّ دم الشهيد و صرخة أمه صارا نسيا منسيّا, بل صوتها و صوت الحريّة, في مسامعنا يدوّي دويّا, فإمّا كرامتنا و الحرية, أو نلتحق بالشهيد و ننل الاجر سويّا. فاتركنا بسلام يا قائدًا سبسيّا.