أمطار غزيرة نتجت عنها فيضانات شمالا وجنوبا ملأت الشّوارع عن آخرها بالسّيول الجارفة ، فخلّفت أرواحا بشريّة وخسائر ماديّة فادحة ، ممّا يدلّ على أنّ مشكلة تونس اليوم ، هيّ ميراث خمسين سنة من التخلّف والفساد ، وإهدار المال العام ، وليست بلحية أو نقاب ، ولا بإسلامي وعلماني ، أو حداثي وديمقراطي ، ولا هيّ بحزمة من المحرّمات والممنوعات كالخمر، وتعدّد الزّوجات ، أو انتهاك مكاسب المرأة ، بل هيّ غلاء فاحش في الأسعار ، وفقر مدقّع ، وبطالة مستفحلة ، ونظام تعليمي فاشل ، وبنية تحتيّة لا تصلح ولا تصلح . ومع ذلك يظلّ التجاذب في السّاحة السيّاسيّة قائما ، فمنهم من استنجد بالغرب ، ومنهم من راح يبحث عن المكائد لوضع " العصا في العجلة " عبر تشريع الإضرابات ، وإحداث مجلس تأسيسي مدني موازي . لكن مهما طالت المواجع والآلام فالمخلصون باقون في ذاكرة الأيّام وفي أبيات الشّابي : إذا الشّعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر أمّا الخونة والعملاء وأذناب النظام البائد ، وسماسرة السيّاسة فهم زائلون إلى مزبلة التاريخ ، مزبلة العار والمذلّة . نورالدين الخميري إعلامي تونسي