الدكتور إدريس الشوك يا للمفارقة تتوهم بعض العقول الفريدة بأن النقاب سمو بجسد الأنثى حتى لا يكون مصدرا للإثارة الجنسية و مبعثا للشهوانية الحيوانية و لكنهم لا يعلمون أنهم بهذا النمط من اللباس يحصرون الحضور المادي للمرأة في مجرد هيكل جسدي بلا عقل و لا روح, إنهم يختزلون وجودها الإنساني في بعد وحيد و هو آلة إغواء جسدية. إنهم يلغون بذلك عقلها و عقولهم من خلال تصويرها و تقديمها على أنها خطر جنسي أو قنبلة جنسية موقوتة يجب تطويقها و حجبها قدر المستطاع حتى لا تفتك بأعين الرجال البريئة. يختفي وراء الدعوة إلى النقاب تصور للمٍرأة يستبد به النظرة الشهوانية الحيوانية و المحقرة لكنه المرأة و الرجل على حد السواء. أليس من الأجدر و الأنفع تقويم العقول و ترشيد الأذهان و تنظيف السريرة عوض تعتيم الوجوه و تغليف الأجساد؟؟؟ لقد اختصروا كل هذا الكائن الإنساني الرائع في كتلة من اللحم المثيرة للغريزة الحيوانية من خلال التركيز المطلق على مسألة ظهور أجزاء من جسمها من عدمه, إنهم لا يفقهون أن الإصرار على التغطية الكلية للجسم إنما إقرار واضح بالعجز في مجابهة جسد المرأة باحترام و عقل أخلاقي و هم يُقرون بذلك بضعف الرادع الأخلاقي بداخلهم و بقصور عقولهم في توجيه سلوكهم التوجيه القويم. و هم في الوقت نفسه يغتالون عقل المرأة باعتبارهم بنفون عنها قدرتها على توظيفه في سلوكياتهم, فالسلوك القويم لا يتأسس على اللباس بل على العقل الأخلاقي, ليس اللباس هو الذي يتحكم في حركات الجسد و لا غائياته بل هما العقل و الروح. لماذا لا تصقلون عقولهن و عقولكم و تسمون بأرواحهن و أرواحكم حتى تتحقق غايتكم من النقاب دون ارتداءه و هم العفة و العفاف إذا ما كانت هذه غايتكم أصلا؟؟؟؟ إن الإصرار على تغطية جسد المرأة بالكامل ينبع في الواقع من القصور الذهني و الأخلاقي في التعامل الراقي و القويم مع الغريزة الحيوانية الكامنة فينا, فمن يرى ضرورة في تغطية جسده أو جسد غيره بالكامل فهو يقر بأن عقله و أخلاقه لا يخولانه التحكم في جسده و لا التعاطي القويم و المحترم مع جسد غيره!!! ثم أولئك الرجال الذين يأمرون و يدعون نساءهم و بناتهم إلى ارتداء النقاب ألا يثقون برفعة أخلاقهن و تجذر قيم العفاف و التحشم في نفوسهن؟؟؟ أهل العيب في الجسد غير المنقب أم في العقول المريضة و الغرائز المكبوتة و النفاق النفسي و التدين الشكلي و الصوري! من هو متدين تدينا قيميا لا صوريا مظهريا لا يرى ضرورة في فرض النقاب و لا ارتدائه فالنقاب استنقاص لعقل المرأة و تقزيم للرجولة إلى مجرد فحولة النكاح. للأسف من يساند دعاة النقاب لا يخدم الإسلام و مقاصده فمع تعميم النقاب و جعله ظاهرة عامة لن يتحقق ما يصبو له الإسلام من رفعة الأخلاق و عموم الفضيلة بل سنكون إزاء مظاهر صورية و شكلية من التدين و حينها سيتحول الإغواء و الإغراء و النكاح اللامشروع إلى البيوت المغلقة و صالونات المجون و بلاط الأغنياء!! أدعو كل عاقل في هذه البلاد إلى التفكير في الجدوى الأخلاقية الفعلية من النقاب!!!! إن الرادع الوحيد من الرذيلة و الفساد هو الاقتناع الراسخ و الواعي بمبدأ الاستقامة و الاتزان الأخلاقي. ما عدى ذلك لن يتعدى الظواهر الصوتية و المرئية شأنه في ذلك شأن الفلكلور الشعبي.