بدأت بعض الأقلام تستخدم بشكل غير لائق أخلاقيا ماأنجز بتونس لتلقي باللوم مرة أخرى على "الإخوان" في مصر لأنهم أصروا حسب زعمهم على الاستفراد بالسلطة، وهذا تحريف متعمد للتاريخ هناك ومحاولة يائسة لتبرير فاضح وضمني أو صريح لانقلاب ودستور الدم بمصر، صحيح أن الإخوان ما كان لهم أن يشاركوا في الانتخابات الرئيسية في تقديري ولا أن يختاروا تسويات مع العسكر على حساب أجندة ثورة 25 يناير، لكن أيضا صحيح أن الجميع قبل بمسطرة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وشارك فيها ترشيحا وتعبئة، وصحيح أيضا أن الإخوان حازوا أغلبية المقاعد التشريعية في انتخابات شهد الكل بنزاهتها، وصحيح أن الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس مرسي كانت انتخابات شفافة ديمقراطية ونزيهة بدليل حدة النقاش أثناء الحملة والمناظرات والدور الأول والدور الثاني وقبول الكل بنتائج الدور الأول والثاني، وصحيح أن كل محاولات الرئيس مرسي لاستدعاء الأطراف للمشاركة في التأسيسية والحوار الوطني لم تلق تجاوبا بقدر ماكان التصعيد والتجييش المفتعل في غالبه ضد الرئيس مرسي قد بدأ، وصحيح أيضا أن الدستور الذي صاغته التأسيسية وحاز تأييد الشعب في استفتاء ديمقراطي كان دستورا متقدما من حيث إقراره باستقلالية القضاء وإعمال مبدأ المحاسبة وفصل السلطات والتعددية وحقوق الأقليات واستقلالية المؤسسات الدينية سواء الأزهر أو الكنيسة من حيث التسيير والتقرير والتدبير، وصحيح أيضا أن نزول 30 يونيو كان باكورة التجييش المفتعل وتبين من بعد أنه كان مدبرا ومخططا له لعودة الدولة الاستبدادية العميقة إلى الحكم بشرعية خطفتها من نزول 30 يونيو، وصحيح أيضا أن الإعلان عما سمي خارطة الطريق هو انقلاب كامل الأركان على كل المؤسسات الشرعية، وصحيح أيضا أن ما بعد هذا الانقلاب كله دماء وقتل وقنص ومحاولات انتقام من منجزات ثورة 25 يناير، وأن هذا المسار الدموي توج بدستور الدم وبحكومة انقلابية دموية قتلت المتظاهرين وسفكت دماء الأبرياء وفضت الاعتصامات وقننت منع التظاهرات بقوانين، إذن فوضع أخطاء الإخوان في كفة ومساواتها بكفة كل هذا الانقلاب الدموي ومخططه بمذابحه وجرائمه واعتقالاته هو حيف وظلم وتحيز واضح ضد الإخوان وتجربة مصر الثورية والتي لازالت مستمرة، فلا يظنن أحد أن مصر قد استوت على الانقلاب، بل هي تجربة نستلهم منها دروس الصمود والنضال والثبات ومعنى قيادة الجماهير وقد فقد بعضها فلذات أكباده واعتقل لكنه ظل ثابتا، مصر الثورة هي مصر الصمود والثبات وهي مصر الثورة المستمرة حتى استعادة الإرادة الشعبية التي صادرها الانقلابيون، إذن كفى شماتة بمصر وبآلاف الشهداء في كل ميادين الثورة هناك، والربيع قد يبدو خريفا هناك لكنه ربيع الأزهار التي تأبى أن تنحني وربيع القامات التي لا تموت إلا واقفة شامخة، وربيع الأصول التي كل ما ازداد الضرب عليها ازداد انغراسها في الأرض ثباتا وأنفة وعزة وصمودا حماية للمبدأ والقيمة والمعنى والشرعية المجتمعية... أحمد بوعشرين الأنصاري مكناس المغرب عضو اللجنة التحضيرية لحزب الأمة المغربي