سوف لن يقدر أحد على اتّهامي بالتكفير إذا رأيت السيسي وبشّار الأسد لعنهما الله من غير المسلمين، وإذا ألحقت بهما كلّ الذين ناصروهما من الجيوش والمثقّفين والإعلاميين. فقد اشتركوا جميعا في تقتيل المسلمين وتحريقهم كما يُنقل ذلك على شاشات التلفاز يوميّا، وساهموا في تخذيلهم بما أغدقوا عليهم من صفات يعشقها الصهاينة ويتّخذونها حجّة لانتهاك حرمات المسلمين في ديارهم دون نكير. فعندما يقول الحبيب صلّى الله عليه وسلّم: "المسلم أخو المسلم" يبادر إلى أوّل ما يميّز المسلم عن غير المسلمين فيقول: "لا يظلمه ولا يسلمه"، أي لا يفتري عليه الأكاذيب ولا يحاصره بالشائعات ولا يكبّله بالسجون ولا يمنعه الكلام ولا يقتله في ساحات الاعتصام ولا يمنعه الحكم إذا وصل إلى الحكم عن طريق وسيلة تواطأ الجميع عليها ولا يحرّقه ولا ينتهك حرماته ولا يرمّل نساءه ولا يغتصب محارمه، ولا يسلّط عليه الآخرين ممّن علم كرههم للدّين كالصهاينة أو ممّن اعتصموا بالدين لإخفاء حقدهم على المتديّنين كأهل الإمارات والسعوديّة وغيرهم ممّن قد تفاجئنا الأيّام المنكرات بهم. ثمّ ينصرف الحبيب إلى ما ينمّي الحبّ بين المسلمين ويقوّي علاقاتهم ويجعلها عبادة يُرجى بها الله تعالى فيقول: "ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" فمن نشط في خدمة إخوانه واجتهد في إدخال البهجة عليهم كان الله في حاجته بواسطة حبّ اجتهد في الحصول عليه بالواجبات والطاعات والنّوافل حتّى كان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. ويسترسل الحبيب عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام يعدّد سلوكات المسلمين بعضهم مع بعض: "ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة"، فتفريج الكربات هو من أقوى عوامل التحابب والترابط في الدنيا وهو السبيل إلى تفريج كرب يوم القيامة، وهي قيمة لا ينتبه إليها إلّا من عرف الله حقّا ومن اطّلع على خارطة يوم القيامة وأهوالها وكربها وامتحاناتها ومن جرّب الكرب في هذه الدنيا، فإنّ "المترفين" لا يغنمون خيرا جهلوا قيمته. وإنّك لتجزم غير حانث أنّه ما آمن بالله ولا تحوّط ليوم القيامة من ظلم النّاس متعمّدا. ثمّ أنظر قيمة الستر وقد جعله المصطفى صلّى الله عليه وسلّم من خصال المسلم، فليس أكثر راحة للعبد من تيقّنه من ستر ذنب اقترفه، ستر لو كشف لغيّر الوجود من حوله، وهو أمر لا يفقهه كذلك إلّا وقّاف مع ذنوبه متحوّط منها ولها غير متكبّر وغير متعال!... والمسلم كما في الحديث الآخر لا يحقر أخاه المسلم ولا يصفه بالأوصاف المهلكة الدونيّة الدنيئة، فيقول عنه كما يردّد المرجفون في المدينة هنا وهناك، عبّادُ أعداء الله تعالى، أنّه "إرهابيّ" أو أنّه خطر على الإنسانيّة جمعاء!...
تلك علاقات المسلمين بعضهم ببعض، استقيتها من حديث أو حديثين شريفين دون كثرة حواشي أو ادّعاء علم تأصيلي، تضعنا جميعا أمام تصرّفات عبّاد السيسي في مصر وعبّاد بشّار في سوريّا وعبّاد الصليب والصهيونية العالميّة في السعوديّة والإمارات، أولئك الذين لم تزدهم بروجهم العالية - وهم يتطاولون في البنيان كما وصفهم الحبيب صلّى الله عليه وسلّم - إلّا بعدا عن الله تعالى وبعدا عن تعاليم الإسلام السمحة وإكثارا لتحقير المسلمين، والحبيب صلّى الله عليه وسلّم ينادي: "كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه، حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" لنقول فيها قولا فصلا قد لا يرضي إلّا الله تعالى!... إنّهم يعبّون الشرّ عبّا ويحقرون المسلمين ويحقّرونهم كما لم يكونوا يوما منهم!... وإنّي لن أشعر يوما بأنّ مثل هؤلاء يمكن أن يكونوا منّي أو أن أكون منهم!... لا والله إنّهم لمن ألدّ أعداء المسلمين وما كان المسلم للمسلم عدوّا لدودا بل كان وسوف يظلّ إلى يوم القيامة سندا صلبا وأخا سمحا ودودا!... ومن كره المسلمين فليس لاعوجاج في المسلمين وإنّما لانتفاء الإسلام عنه. فإنّما يتحابّ المؤمنون بالإيمان وإذا انتزع الحبّ من بعضهم فلا بدّ أن يكون الإيمان قد غاب عن بعضهم ولن يتحابّوا إلّا استرجعوا إيمانهم جميعا!...
ولكن هل بقوا بعد خروجهم - كما أراهم - من الإسلام عربا محافظين على أخلاق عرب ما قبل الإسلام!... للإجابة على ذلك أضعهم أمام مشهد عربيّ جاهليّ، قال عربيّ فيه لابن أبي قحافة، وهو يومئذ "إرهابي" من إرهابيي الدّين الجديد في مكّة: مثلك لا يخرج، ثمّ رجع به إلى مكّة وأجاره... فعرب الجاهليّة كانوا يحوزون على مروءة فقدها هؤلاء اللاشيئيون!... ولا أراهم بعد أن رزؤوا دينهم ونسبهم العربي إلّا عبّاد صهيونيّة استعملتهم قديما لتشتيت شمل الخلافة الإسلاميّة وتستعملهم اليوم لتشتيت شمل المسلمين!... والله غالب على أمره، ولا نامت أعين المتطاولين!...