تركيا ستنضم لجنوب إفريقيا في القضية ضد إسرائيل في لاهاي    أمطار غزيرة بالسعودية والإمارات ترفع مستوى التأهب    الشرطة تحتشد قرب محتجين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة كاليفورنيا    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    بعد اتفاق اتحاد جدة مع ريال مدريد.. بنزيما يسافر إلى إسبانيا    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    حالة الطقس يوم الخميس 2 ماي 2024    المرسى.. الاطاحة بمنحرفين يروّجان الأقراص المخدّرة    أخبار الاتحاد المنستيري...رهان على «الدربي» وفريق كرة السلة يرفع التحدي    في خطإ على الوطنية الأولى: دكتور وكاتب يتحول إلى خبير اقتصادي    صفاقس...حالة استنفار بسبب سقوط جزء من عمارة بقلب المدينة ... غلق الشارع الرئيسي... وإخلاء «أكشاك» في انتظار التعويضات!    مدرب بيارن : أهدرنا الفوز والريال «عَاقبنا»    وفاة الفنانة الجزائرية حسنة البشارية    سعيد يعود احد مصابي وعائلة احد ضحايا حادثة انفجار ميناء رادس ويسند لهما الصنف الأول من وسام الشغل    بنزرت ..أسفر عن وفاة امرأة ... حادث اصطدام بين 3سيارات بالطريق السيارة    تونس تعرب عن أسفها العميق لعدم قبول عضوية فلسطين في المنظمة الأممية    اتفاقية تمويل    وزارة الشباب والرياضة تصدر بلاغ هام..    غدا الخميس: وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي يوقعان اتفاقا ينهي توتر العلاقة بينهما..    جندوبة: فلاحون يعتبرون أن مديونية مياه الري لا تتناسب مع حجم استهلاكهم ويطالبون بالتدقيق فيها    عقوبات مكتب الرابطة - ايقاف سيف غزال بمقابلتين وخطايا مالية ضد النجم الساحلي والملعب التونسي ونجم المتلوي    النادي الافريقي- جلسة عامة عادية واخرى انتخابية يوم 7 جوان القادم    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    وزارة السياحة تقرّر احداث فريق عمل مشترك لمعاينة اسطول النقل السياحي    المؤتمر الإفريقي الأول حول "آفاق تنمية الدواجن بإفريقيا" على هامش الدورة 20 للصالون المتوسطي للتغذية الحيوانية وتربية الماشية    الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه من اجل الانتماء الى تنظيم ارهابي    المجلس الوطني للجهات والاقاليم ...لجنة صياغة النظام الداخلي تنطلق الخميس في النظر في الاحكام العامة والعضوية والحصانة (الناطق باسم اللجنة)    الاحتفاظ بتلميذ تهجم على استاذته بكرسي في احد معاهد جبل جلود    القصرين: وفاة معتمد القصرين الشمالية عصام خذر متأثرا بإصاباته البليغة على اثر تعرضه لحادث مرور الشهر الفارط    عيد العمال العالمي: تجمع نقابي لاتحاد عمال تونس وسط استمرار احتجاج الباعة المتجولين    عيد العمال العالمي: تدشين المقر التاريخي للمنظمة الشغيلة بعد أشغال ترميم دامت ثلاث سنوات    الكاف: اليوم انطلاق فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان سيكا جاز    ندوات ومعارض وبرامج تنشيطية حول الموروث التراثي الغزير بولاية بنزرت    بعد تتويجه بعديد الجوائز العالمية : الفيلم السوداني "وداعا جوليا " في القاعات التونسية    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    اعتراف "أسترازينيكا" بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا قد يسبب آثارا جانبية خطيرة.. ما القصة؟    الفنانة درصاف الحمداني تطلق أغنيتها الجديدة "طمني عليك"    تفاصيل الاطاحة بمروجي مخدرات..    التشكيلة الاساسية للنادي الصفاقسي والترجي التونسي    تحذير من برمجية ''خبيثة'' تستهدف الحسابات المصرفية لمستخدمي هواتف ''أندرويد''..#خبر_عاجل    هام/ وزارة التربية تدعو إلى تشكيل لجان بيداغوجية دعما لتلاميذ البكالوريا..    هام/ إصدار 42 ملحقا تعديليا من جملة 54 ملحقا لاتفاقيات مشتركة قطاعية للزيادة في أجور العاملين في القطاع الخاص    وزارة التجارة: لن نُورّد أضاحي العيد هذه السنة    تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    غرفة القصابين: معدّل علّوش العيد مليون ونص    مهرجان سيكا جاز: تغيير في برنامج يوم الافتتاح    اليوم: تونس تحيي عيد الشغل    اليوم.. تونس تحتفل بعيد الشغل    وزارة الفلاحة تضبط قيمة الكيلوغرام من التن الأحمر    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    خبراء من منظمة الصحة العالمية يزورونا تونس...التفاصيل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون الإرهاب والإرهاب المقنن
نشر في الحوار نت يوم 11 - 06 - 2014

لم يكن قانون الإرهاب التونسي الصادر في ديسمبر 2003 منتوجا تونسيا، ولا ثمرة تطوّر طبيعي لظاهرة إجرامية مستحدثة نابعة من رحم المجتمع، ولكنه كان قانونا مملى من جهات أجنبية، كما ورد صريحا في ديباجته من أنه استجابة للمجهود الدولي لمكافحة الإرهاب،
وكان ذلك على إثر ما تعرضت له الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001 من إسقاط الأبراج الأمريكية بواسطة طائرات مدنية وقتل آلاف المدنيين الأبرياء، وبعدما اتضح أن التخطيط للجريمة كان عبور حدودي، فسرت عدوى قوانين الإرهاب في كثير من دول العالم ومنها بلدنا تونس،
ومنذ صدور القانون تعالت أصوات الحقوقيين لإلغائه واعتبر قانونا ظالما وماسا بأصول المحاكمات العادلة، ولكن كان يتباهي به النظام السابق ويستعمله لإدخال ألاف الأبرياء للسجون، بل كان مبررا لرضى دولي على نظام " بن على" باعتباره رائدا في محاربة الإرهاب..
حين يصبح القانون مغذيا للمظالم
والآن وبعد ثورة عارمة ضد الظلم بكل أشكاله وضد المحاكمات الجائرة والقوانين التي لا تراعي حقوق الإنسان، وبعد تجربة تطبيقية لقانون الإرهاب لمدة أزيد من عشر سنوات، اتضح فشل هذا القانون في التصدي للظاهرة الإرهابية، بل ساهم في تغذيتها بعد المظالم التي سلطت على كثير من الشباب المتدين بمقتضاه، فسيق كثير من الشباب للسجون لمدد طويلة ولمجرد الشبهة، وعلى أساس الهوية الدينية، وبدون أدلة إدانة،
وازدادت الانتقادات للقانون بعد الثورة وتصاعدت الدعوات لإلغائه، بل ثمة بعض القائمات الانتخابية كانت وعدت بذلك في برنامجها،
غير أنه وبعد الانتخابات وبعد الصراع المرير على السلطة بين الحكام الجدد والمعارضين لهم ، وبعد عودة الجريمة الإرهابية بقوة، وبعد اغتيالات طالت شخصيات سياسية كبري وأحداث قتل عشوائي لكثير من الأمنيين ومواجهات مسلحة لم يعهدها التونسيون من قبل، عاد الحديث للسطح بقوة عن قانون الإرهاب ووقع التراجع في دعوات إلغائه بل على العكس تعالت الدعوات لمزيد تفعيله أو تعديله بصفة جوهرية بما يتماشى والطموح الديمقراطي وذلك بتخليص القانون من كل ما من شانه أن يمس من ضمانات المحاكمة العادلة
كنا ننتظر أن يكون القانون الجديد موضوع استشارة وطنية واسعة، وأن يتخذ في سنّه أسلوب تشاركي تساهم في صياغته كل القوى الحية بالبلاد من أحزاب وجمعيات وشخصيات وطنية وخبراء وحقوقيين وضحايا وأمنيين ومتضررين من الإرهاب ومتضررين من قانون الإرهاب وغيرهم من المعنيين بالموضوع،
إلا أن تسارع الأحداث الإرهابية وتنوعها وتصاعد حدتها وتردد الجهات الرسمية في تفعيل القانون القديم رغم انه ما يزال ساري المفعول وما زال يحاكم الناس بمقتضاه، عجّل بوضع مشروع القانون الجديد على طاولة المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليه بصيغته القديمة تقريبا بلا تعديلات جوهرية على كبريات الخوارق لضمانات المحاكمة العادلة،
قانون الإرهاب بين اللغو والتنزيل
خلافا لما يروّج له إعلاميا من أن مشروع قانون الإرهاب الجديد تجاوز سلبيات قانون 2003 وأنه أقام الموازنة الصعبة بين حق المجتمع في مقاومة ظاهرة الإرهاب وحق الفرد في المحاكمة العادلة وضمان عدم انتهاك حقوقه الإنسانية طبق الدستور الجديد وطبق ما صادقت عليه تونس من مواثيق دولية ذات الصلة،
وعكسا لما جاء في ديباجة المشروع من أنه يسعى إلى ضبط تعريفات دقيقة للجرائم الإرهابية ورفع الضبابية عنها حتى لا يكون مدخلا لانتهاك حقوق الإنسان كما وقع استغلاله سابقا، وأن المشرّع سعى إلى اقتراح أحكام إجرائية مضبوطة والى تحقيق التوفيق بين معادلة تحقيق الأمن ومجابهة خطر الإرهاب من جهة واحترام مبادئ حقوق الإنسان وحقوق الدفاع من جهة أخرى ،
تعارضا لكل ذلك فان المشروع الجديد أعاد نفس الأخطاء الأولى وكرّس القضاء الاستثنائي الذي عانى منه التونسيون طويلا وما زالوا، وهو لا شك سمة من سمات القهر والاستبداد السياسي، فهو قانون طوارئ بامتياز، لا تكفل فيه ضمانات المحاكمة العادلة في جميع أطوارها ، سواء في طور الأبحاث أو في طور المحاكمة أو فيما يتعلق بالإثبات، وهو يميز بين الناس أمام القانون ولا يساوي بينهم ، كما يفتح الباب أيضا أمام انتهاك الحرمات الشخصية وينتهك السر المهني ويؤسس لدولة المخبرين الذين لا يمكن أن نعرف لهم هوية ولا ينطبق عليهم ما ينطبق على الأمنيين من ضرورة الحياد (الفصل 19 من الدستور).
اجتهاد يستدعي التركيز والانتباه
رغم اجتهاد واضعي المشروع في محاولة تعريف بعض المصطلحات ذات الصلة بقانون الإرهاب كالجريمة الإرهابية والتنظيم الإرهابي والوفاق الإرهابي أو الجريمة العبر وطنية وغيرها فان معيار التصنيف الحقيقي يبقى خاضعا لاجتهاد الجهات الأمنية والقضائية المكلفة بالبحث والمخول لها محاكمة المتهمين ب "الجرائم الإرهابية" لان التعريفات ومهما كانت دقتها لا يمكنها الإحاطة بهذا النوع من الجرائم المستحدثة وذات المفاهيم الضبابية وغير المستقرة مما يفسح الباب دوما للاجتهاد في أمور خطيرة قد تهدد لا فقط حرية وحرمة مواطنين أبرياء ولكن حياتهم
إذ بمجرد التصنيف يجد المتهم نفسه أمام نظام قضائي استثنائي فيه تمييز واضح في التعامل في كل مراحل القضية، بداية من توجيه التهمة وحتى تسليط العقاب،
فأن تكون ذا شبهة مثلا في قضية عنف أو جرح قصدي مصنّفة إرهابية يختلف وضعك القانوني في قضية عنف لا تأخذ هذا الوصف، فأنت في الأولى مهدد بالخطية وفي أقصى الأحوال بالسجن وتحاكم طبق المجلة الجنائية ولك ضمانات الدستور ومجلة الإجراءات الجزائية ،
أما في الثانية فأنت مهدد بالإعدام وتحاكم في محكمة استثنائية وبإجراءات استثنائية لا تتوفر لك فيها ضمانات المحاكمة العادلة ،
فالفصل13 من المشروع الجديد يعاقب بالإعدام كل "من يتعمد بأي وسيلة كانت إلحاق أضرارا جسيمة بشخص أو مجموعة أشخاص إذا كان تنفيذا لمشروع فردي آو جماعي يهدف بحكم سياقه أو طبيعته لبث الرعب بين السكان .."
ولا نجد تعريفا لهذا "السياق " آو تلك "الطبيعة " التي تهدد مرتكب العنف الناجم عنه أضرار جسيمة لشخص أو مجموعة أشخاص بالإعدام ، كما لا نجد تعريفا لما يسمى بالأضرار الجسيمة ؟ وكيف يمكن حصر ذلكم المصطلح ذي المفهوم الهلامي المعبر عنه ب "بث الرعب بين السكان " ..
المتهم مجرم قبل ثبوت براءته
كل ما سبق وذكرنا يعيدنا إلى التعريفات الفضفاضة التي يمكن أن تستخدم أسوا استخدام لا فقط لتصفية الخصوم السياسيين ،ولكن لإنهاء حياة مواطنين أبرياء .
والأخطر من ذلك انه ينتج أيضا عن التصنيف إتباع إجراءات خاصة للمحاكمة تعد استثنائية وخطيرة على حرية الفرد وتمس من حقوق الإنسان وحرمته وخارقة لكل الضمانات المكتسبة فيما يتعلق بالمحاكمة العادلة،وذلك سواء فيما تعلق بالبحث الأولى وجمع الأدلة أو التحقيق أو حتى المحاكمة ،
فالجهة المكلفة بالبحث الأولى هي فرق خاصة بمقاومة الإرهاب تخضع لسلطة السيد وكيل الجمهورية بتونس ، وهي خارقة للاختصاص الترابي وتعمل داخل كامل تراب الجمهورية بكل حرية ، ولا سلطان عليها لباقي وكلاء الجمهورية ، الذين ليس لهم إلا إجراء الأبحاث والتحريات الأولية المستعجلة شانهم شأن أعوان الضابطة العدلية ، فحتى لو ارتكبت أفعال وصفت بالإرهابية داخل مجالهم الترابي فهم ملزمون بالاحتفاظ بذي الشبهة وإعلام وكيل الجمهورية بتونس ووضعه على ذمته وتقديمه له في اقرب وقت ، كما أن المحكمة المتعهدة هي المحكمة الابتدائية بتونس (فصول 36,37,38) ،وإذا أضفنا الإجراء المتبع بتخصيص دوائر معينة لدى ابتدائية تونس متخصصة في مثل هاته الجرائم ولها خبرة في هذا المجال منذ عهد بن علي ،وربما لها موقف خاص من هذا الطرف السياسي أو ذاك فإننا نجد أنفسنا فعلا أمام قضاء استثنائي بامتياز يمكن إن تحول وجهته إلى ارتكاب التصفيات السياسية بكل سهولة ،
القضاء الاستثنائي عنوان من عناوين الاستبداد
إن أطوار التتبع والمحاكمة بهذا الشكل لا يمكن أن تكون إلا استثنائية وتمس من المساواة أمام القضاء ومن وحدة النظام القضائي ، وتكرس القضاء الاستثنائي الذي لا يتأقلم مع الوضع الديمقراطي وإنما مع وضع الاستبداد والتسلط .
أما في مرحلة التحقيق فلئن كان وجوبيا في كل الجرائم الإرهابية حتى لو وصفت بالجنحة البسيطة ، فأن تكون ذي شبهة فيمكن لقاضى التحقيق من تلقاء نفسه أو بطلب من وكيل الجمهورية وضع كل أملاكك منقولات كانت أم عقارات قيد الحجز ، ويحرمك من حق التصرف فيها خرقا لكل النصوص الدستورية التى تقدس حق الملكية ، بل أكثر من ذلك يمكنه أن يحدد بكل حرية ولا رقيب أوجه التصرف فيها وفي أفضل الأحوال يضعها تحت الائتمان (فصل 43 ).
وليس لك حق الحضور والتجريح في الشاهد الذي يشهد ضدك ولا حق لك في مكافحته أن رفض ذلك (فصل 44 )ولا معنى للتنصيص بالفصل المذكور على بيان أوجه التجريح ما دام لم يعرض الشاهد على ذي الشبهة فمن الذي سيثير هذا التجريح ؟
وإذا كنت شاهدا في قضية إرهاب ورأى السيد حاكم التحقيق أنك أخللت " بموجبات أداء الشهادة " ولا احد يقدر ذلك إلا السيد حاكم التحقيق فلم ينص القانون على أوجه هاته الاخلالات ، إذا قدر هذا الإخلال فانه يحيلك فورا على النيابة لإحالتك على المحكمة في الحين وهو ما يعبر عنه ب " الإحالة توّا" دون إجراء أية أبحاث وتكون مهددا بالسجن لثلاثة أشهر مع الخطية (فصل 34) ،
أما إذا كنت مؤتمنا على سر مهني بمقتضى قانون مهنتك ، محام مثلا فأنت مجبر على الوشاية بحريفك والأخبار عما ورد إلى علمك مما يمكن أن تصنفه النيابة أو التحقيق بجريمة إرهابية ولك أن تقدر أن ذلك الإخبار قد يمنع ارتكاب جريمة في المستقبل ، وان أسأت التقدير ولم تخبر وحصل ما لم تكن تحتسب فان عقوبتك اشد ممن اخل بموجبات الشهادة ،(السجن من عام إلى خمسة (فصل 33)،
ثغرات تحيل على الانتهاكات
بخصوص ما سماه القانون من طرق التحري وفي ما سماه " الحالات التي تقتضيها ضرورة البحث " بكل ما في الكلمة من عموم وضبابية، بما يجعلها تنطبق على كل ما من شانه أن يوصف بجريمة إرهابية مهما كانت حقيقة الأفعال،
فإن المشروع فيه تقنين واضح وصريح لعدة انتهاكات لحقوق الإنسان وخرق واضح للضمانات الإجرائية التي يتمتع بها ذي الشبهة عامة، فبدعوى شبهة الإرهاب التي تخضع لاجتهاد السيد وكيل الجمهورية بتونس أو حاكم التحقيق طبق ما يصلها من تقارير من الجهات الأمنية المتخصصة للبحث في الجرائم الإرهابية يمكن التنصت على أي مواطن تونسي وتسجيل كل اتصالاته على شبكات الهاتف والانترنات وكل وسائل الاتصال وفي كل الأوقات وذلك لمدة تصل إلى ثمانية أشهر كاملة (فصل 51من المشروع ) ،
كما يمكن الإذن لمأموري الضابطة العدلية ب "تثبيت عدّة تقنية تهدف إلى التقاط وتثبيت ونقل وتسجيل كلام وصور لأشخاص بصفة سرية ودون علمهم بأغراضهم الشخصية أو بأماكن أو عربات خاصة أو عمومية " وذلك في كل الأوقات خلافا للضمانات الواردة بالفصل 95 من مجلة الإجراءات الجزائية ،
ولا يهم بعد ذلك إن اتضح أن ذلك المواطن له علاقة بالإرهاب من عدمه، ففي كل الأحوال حسب القانون لن تعتمد تلك المعطيات كوسائل للإثبات في غير الجرائم الإرهابية (فصل 60) ؟
كل واحد منا مشروع اتهام
ا نرى معنى بعد ذلك لإجراءات الحماية التي نص عليها القانون طبق قوانين حماية المعطيات الشخصية ، خاصة وان الفصل 59 من قانون الإرهاب الذي جرم إفشاء تلكم الأسرار اشترط ركن التعمد في الإفشاء وهو أمر صعب الإثبات بما يجعل مفشي تلك الأسرار ضامن للإفلات من العقاب متحصنا بقرينة حسن النية وافتراض البراءة ، وعلى من يدعى خلافه عبء الإثبات وهو أمر صعب المنال لتعلقه بالنية الخالصة لمفشي السرّ الذي لا يعلمها إلا هو،
فالأصل انه مسموح بانتهاك الحرمة الشخصية والأسرار الخاصة لكل واحد منا بحكم هذا القانون المرتقب ، فكل واحد منا مشروع اتهام طبق القانون حتى تثبت التحريات وإجراءات التنصت إننا أبرياء ولا علاقة لنا بالإرهاب ،
فبمقتضى قانون الإرهاب كل مواطن مشتبه به حتى تثبت التحريات القانونية التي تنتهك حرماته الشخصية انه بريء،
ولا معنى في هذا الجانب لهاته الرقابة القضائية وهذا التقنين الذي يخرق حق الفرد في امتلاكه لمعطياته الشخصية وأسرار حياته الخاصة، وذلك حتى لو وقع التنصيص في القانون على ما سماه ب " حماية تلك المعطيات طبق قوانين حماية المعطيات الشخصية " ، فلا معنى لذلك بعد عمليات التنصت التي قد تقوم بها الجهات الأمنية لمجرد الشبهة.
مخبرون دون رقابة ولا رقيب
أنت أيها المواطن المغلوب على أمرك ، إن اشتبه أن لك علاقة بالإرهاب ، يمكن أن تتعرض لعملية اختراق ، أي مراقبة ومتابعة لصيقة ولنفس المدة (8اشهر ) قد تتجدد أيضا لنفس المدة مع كل اشتباه جديد ، وذلك ليس فقط من عون امن متخفي ولكن مما سماه الفصل 54 من القانون ب " المخبر المعتمد " لدى الجهات الأمنية المتخصصة في البحث في الجرائم الإرهابية أي أن المخبرين الذين عانى من ظلمهم ووشاياتهم الكاذبة التونسيون لعشرات السنين أصبح لهم وجود قانوني طبق مشروع قانون الإرهاب الجديد وبهوية مستعارة (أي له هوية وبطاقة أصلية وأخرى وهمية هي " ماعون الخدمة ") ولهم بالتالي الحماية الخاصة الواردة بهذا القانون ،وهي التحجير التام للكشف عن هوياتهم الأصلية وألا تعرض من فعل إلى عقوبة أدناها خمس سنوات سجن وقد تصل إلى عشرة أعوام بحسب التفريق بين الكشف الذي لا ينجر عنه ضرر للمخبر والكشف الذي ينجر له منه ضرر ،كما للمخبر أو المخترق حصانة فهو بحسب الفصل 56 من القانون لا يؤاخذ جزائيا على ما يقوم به من أعمال تتطلبها عملية الاختراق مهما كانت وبصفة مطلقة ولا يحد من تلك المؤاخذة إلا سوء نيته التي هي مسالة باطنية في ذهن المخترق تبقى مستعصية عن الإثبات بما يطلق يده ويمنحه حماية عما يمكن أن يرد في تقاريره من أكاذيب ووشايات باطلة وما قد ينجر عنها من مظالم
بدلة قانون جديد بأزرار قديمة
ربما يعد ذلك قمة التجديد في قانون الإرهاب الجديد الذي حافظ على كل ما في القانون القديم من عيوب وضاف لها أخرى مستحدثة أكثر خطورة ، كان يجرى العمل بها في عهد بن على ولم تكن مقننة فبشرى للتونسيين بتقنينها،
فكل الخروقات التي كان يقوم بها النظام البائد أصبحت مقننة بمقتضى قانون الإرهاب،
أما أكثر فصول القانون إرهابا ، فهي الفصول 67 و68و69 و70 من قانون الإرهاب الواردة تحت عنوان آليات الحماية ، وفي ما سماه القانون بحالات " الخطر الملم " دون بيان لماهية هذا الخطر الملم وأوصافه وحالاته وشروط توفره ، وأبقاه خاضعا للتقديرات الشخصية لحاكم التحقيق ولرئيس المحكمة ،
إن تلك الفصول تخرق كل قواعد المحاكمة العادلة ، وتخرق ما ورد بالدستور التونسي الجديد من أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة تكفل له فيها كل ضمانات الدفاع في أطوار التتبع والمحاكمة،
(فصل 27من الدستور )
و فيه أيضا خرق للفقرة 1 من الفصل 108من الدستور التي تنص صراحة على انه لا تمييز بين المتقاضين وأنهم متساوون أمام القانون وان " لكل شخص الحق في محاكمة عادلة "
غياب الضمانات قد يعطي المبرررات
فعلى مقتضى تلكم الفصول يمكن لقاضى التحقيق أو رئيس المحكمة، فيما سميت بحالات الضرورة، إجراء أعمال البحث أو عقد الجلسات في غير الأماكن المخصصة لها ، فلا يعرف المتهم المكان الذي يحاكم فيه ،
كما يمكن استنطاق ذي الشبهة وسماع الشهود والمتضررين والمخبرين وكل من هناك فائدة في سماعه ، بطريقة وسائل الاتصال السمعى البصري دون ضرورة لحضورهم جميعا ، ولنتخيل ما يمكن أن ينجر عن ذلك من شك في هوية كل الذين يقع سماعم باعتبارهم لا يمثلون إلا افتراضيا أمام التحقيق أو القضاء ،كما نتخيل أيضا مدى الشك الذي يحصل في هوية جهة البحث آو التحري ،
كما يمنع القانون كشف هوية الشهود أو المخبرين وحتى المتضررين ، بل وتتخذ تدابير لعدم الكشف عن هوياتهم ، فلا يعرف المتهم اسم المتضرر الذي يشتكيه بتهمة الإرهاب ، ولا يعرف أسماء الشهود ومكان إقامتهم حتى لو اختاروا محل مخابرتهم لدى وكيل الجمهورية بتونس كما يقتضيه الفصل 68 من القانون ، ولا يكون أصلا متأكدا من وجودهم من عدمه ولا يمكن مكافحته بهم ، ولا يعرف المتضرر ، ولا المخبر المعتمد ، كما لا يعرف من يستنطقه ولا يراه ثم لا يعرف من يحرر معه في المحاكمة ولا يراه ،
بما يلغي كل ضمانات المحاكمة العادلة ، ولا نرى معنى في هذا الإطار وبهاته الظروف والملابسات للمحاكمة أية أهمية لما نص عليه القانون من ضرورة "اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حق المتهم في الدفاع عن نفسه "(فصل 67 نهاية الفقرة الأولى) والحال انه يستحيل بتلك الإجراءات ضمان نجاعة هذا الدفاع وجدواه فكيف يدافع عن نفسه ذي الشبهة الذي يمنعه القانون من معرفة من اشتكاه ومن شهد ضده ومن اخبر عنه ومن يحقق معه ومن يحاكمه بحجة "الخطر الملم" و" مقتضيات الضرورة " التي لا يعلم مداها ومنتهاها إلا من اتخذ القرار مجتهدا
مضمون المحاضر والأوراق
في حالة الضرورة أيضا والخطر الملم يمكن إقامة ملف سري مواز للملف الأصلي ومنفصل عنه ، و يتخذ حجة ضد ذي الشبهة ، ويحفظ فيه كل ما من شانه أن يكشف هوية المتضرر من الإرهاب أو صاحب الشكاية الإرهابية أو الشاهد أو المخبر أو غيره من ذوى الإفادات ،ولا يمكّن مشروع القانون المتهم أو محاميه من حق الاطلاع على تلكم المحاضر إذ جاء في الفصل 71 منه انه يمكن للمتهم او محاميه الاطلاع على ما سماه " مضمون تلك المحاضر والأوراق " وليس نسخا منها ، بما يطلق لجهة التحقيق آو الجهة القضائية الحرية الكاملة في الاجتهاد في الطريقة التي يتم بها الاطلاع على ما تضمنته المحاضر والاجتهاد في المعلومة التي يجب أن تعطى وتلك التي يجب أن تبقى سرية ،
كما ان هذا المشروع قنن كل الممارسات السابقة الخارقة لحرمة الأفراد المنتهكة لحرياتهم ، فقد مكن من التنصت على المكالمات الهاتفية وعلى الانترنات وخول إمكانية تركيز أجهزة تسجيل أو تصوير في المحلات الخاصة لمجرد الشبهة وهو ما يهدد حرمة الحياة الخاصة للأفراد ،
قانون الإرهاب سيفا متربصا بكل الأعناق
إن المشروع الجديد لم يأت بأي جديد يذكر فيما يتعلق بحق المتهم في محاكمة عادلة وبقي قانون الإرهاب سيفا مسلطا على رقاب التونسيين ولا بد من التخلي عنه ،
انه قانون يخالف طموح التونسيين في دولة يسودها القانون ويتساوى فيها الناس أمام قضاء موحد ويتساوون في إجراء محاكمات عادلة تضمن لهم فيها حقوق الدفاع ومواجهة التهم ودفعها
إن هذا القانون ينسف كل ما أنجز لحد الآن من قوانين لمصلحة حقوق الإنسان ولمصلحة الدولة الديمقراطية المنشودة التي يطمئن المواطن فيها على حريته وحرماته من كل انتهاك محتمل بالقوانين الاستثنائية التي لم تعد تتأقلم والوضع التونسي الجديد ،
كان علينا أن نستلهم من القانون الفرنسي في هذا الجانب الذي وإن أضاف بعض الفصول المتعلقة بتعريف الجريمة الإرهابية المستحدثة ووضع العقوبات المناسبة لها في الفصول 421 وبعده من القانون الجنائي الفرنسي إلا أنه لم يشرّع لنظام قضائي استثنائي ولم يشرّع لطرق جديدة في الإثبات ولا لإجراءات تتبّع خاصة ، وإنما أبقي على كل الضمانات الواردة بالقانون الفرنسي ولم يميز بين المتهمين في جريمة إرهابية أو عادية في إجراءات التتبع والمحاكمة والإثبات ليبقى الناس متساوون أمام القانون
الاقتداء بالأسوأ طعنة للثورة
إن جنحة العنف التي تؤدي لحبل المشنقة لمجرد التصنيف هو اقتداء بأسوا القوانين في هذا الجانب ، وبخاصة القانون العراقي لمكافحة الإرهاب الذي لم يتضمن أكثر من ستة فصول فيها تعريف واسع جدا للجرائم الإرهابية وسلط عقوبة الإعدام على مرتكبيها وعلى كل من له صلة بالموضوع بطريقة جزافية خطيرة فاعدم كثير من الأبرياء على مقتضاه وما زالوا يعدمون ،
لماذا قدرنا أن نقيس ونقتدي بالأسوا ،
إن دولة مثل تونس تطمح لان تكون ديمقراطية تكفل فيها الحريات والمساواة في الحقوق وأمام القانون والقضاء ، كان عليها أن تقتدي بالدول الديمقراطية ولا تقتدي بالدول التي ما زالت تعيش تحت الصراعات الطائفية والعرقية ،
فهل نفهم من قانون الإرهاب أو مشروعه أننا بصدد مقاومة طائفة معينة وليس أمام تحصين المجتمع من طائفة من الجرائم المستحدثة اسمها الجرائم الإرهابية ؟
لن يكون القانون التونسي اقل خطورة على الحرية المكتسبة للتونسيين وقد يقع توظيف هذا القانون من جديد للتخلص من المعارضين السياسيين فيكفي أن يسند وصف الإرهاب لأي فعل مهما كان تدنى درجة خطورته ، ومهما اجتهدنا في حصر المفاهيم ، ليجد المواطن نفسه أمام قضاء استثنائي تخلت عنه البشرية أو تكاد نهائيا
إن من نادى بإلغاء قانون الإرهاب لعام 2003عليه أن يقف في وجه هذا المشروع الخطير الذي يتهدد المسار الديمقراطي بأكمله ويتهدد حرية الناس بشكل كبير ويخالف الدستور وكل المواثيق الدولة ،
على كل من يسعى لبناء دولة القانون المرتقبة في تونس أن يرفض تمرير هذا القانون وعلى المجلس التأسيسي ألا ينساق في ضرب مكتسبات ثورة 14 جانفي بالمصادقة على هذا القانون الكارثي على مستقبل أجيالنا ،
بل أكثر من ذلك فعليه مسؤولية تاريخية للسعي إلى إلغائه ، وأن يقتدي بالمشرع الفرنسي فيقوم بمجرد تعديل للمجلة الجنائية يضيف فيه هذا الصنف الجديد مما يسمى بالجرائم الإرهابية ويضع عقوبات لها تتناسب مع خطورتها ويبقى على النظام الإجرائي ونظام الإثبات والنظام القضائي العادي في تطبيقها،
الوقوف سدا منيعا
لقد رأينا الكثير من السياسيين والحقوقيين ويتبعهم إعلاميو الموالاة، في حالة انزعاج وخوف كبير من أن الدوائر المتخصصة التي جاء بها قانون العدالة الانتقالية للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان قد تتحول إلى قضاء استثنائي ،
ولكن لا نلحظ اليوم هذا الانزعاج حول المخاطر الحقيقية المحدقة بمستقبل أجيالنا من مشروع قانون الإرهاب، ولا يجب أن يتوهموا أنهم غير معنيون به وانه على مقاس طائفة معينة ، فهو قانون طوارئ لن يميز لاحقا بين لون ولون سيأتي وسيتسلّط سيفه على الجميع دون استثناء ،
علينا أن نطلق صيحة فزع وعلى المجتمع المدني أن يسعى جاهدا للإلغاء قانون الإرهاب لسنة 2003 ، لا تكريس قانون تأسيسي جديد أسوا منه وأكثر قوة قانونية باعتباره صادرا عن مجلس وطني منتخب.
أسئلة متوترة
لتبقى الأسئلة الحارقة حول هذا الموضوع كيف يمكن التوفيق بين الضمانات والحقوق والمساواة وضمانات المحاكمات العادلة وغيرها مما ورد بالدستور وهاته المخاطر التي تتهددنا جميعا بقانون الإرهاب ، كيف يمكن تطبيق هذا القانون في ظل الدستور التحرري الجديد خاصة وان فصل القانون الأول يحيل إلى ضرورة احترام السلط المطبقة للقانون للضمانات الدستورية والاتفاقيات الدولة المصادق عليها في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ،وما في ذلك من تناقض بين الدستور ونص هذا المشروع ،
هل قرأ واضع المشروع مشروعه قبل أن يضع هذا الفصل الثاني؟
آم أن من وضع المشروع ليس من وضع الفصل الثاني؟
هل علينا أن نتفهم الداعين إلى إلغاء هذا الفصل الثاني حتى يبقى هذا القانون قانون طوارئ بامتياز دون شائبة ،
ما مدى صمود هذا القانون لو وقع الطعن فيه بعدم الدستورية وعدم المطابقة للاتفاقيات الدولية ذي العلاقة
كيف يمكن التوفيق بين ما ورد بنصوص هذا القانون من مخالفات واضحة وصريحة للضمانات الإجرائية للمحاكمة العادلة في حدودها الدنيا الموجودة بمجلة الإجراءات الجزائية والتي ضمنها الدستور وما ورد بالفصل الرابع من المشروع الذي يعطى أولوية التطبيق للنصوص الإجرائية الواردة بقانون الإرهاب في صورة تناقض النصوص ،
لا يجب أن ننخدع بما نراه من أعمال إرهابية ترتفع وتيرتها يوما بعد يوم لنقبل بهذا القانون الكارثي على مستقبل الحرية والديمقراطية في بلادنا
والذي لم ترد فيه أية ضمانات على الإطلاق لذي الشبهة الذي تثبت براءته بعد تتبعه أو محاكمته مما يطلق يد " المخبرين المعتمدين " وسلطات الضبط الخاصة والنيابة العمومية الخاصة والمحكمة الخاصة المكلفة بهاته الجرائم ويحرم المتهم الذي لم يثبت ارتكابه لأي جرم من حق رد اعتبار له.
.


ًَُ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.