تفتح قضية إغتيال مجموعة من قيادات حركة أحرار الشام السورية - الجبهة الإسلامية - في مثل هذا التوقيت المجال لطرح مجموعة من الأسئلة، ولا سيما وأنه يتم التنسيق والإعداد دولياً وإقليمياً لعقد مؤتمر في المملكة السعودية للحد من تَوَسُع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وقد سبق هذا التحرك العديد من الإجتماعات العلنية والسرية، فإذا بهذه الإجتماعات الأممية تتمخض عن ضربة بأسلحة كيماوية أو غيرها تستهدف قيادات وازنة في فصائل الثورة السورية أثناء عقدها إجتماعاً في ريف إدلب، في حين يتم تجاهل عنف وإجرام النظام السوري ويتم إعتبار بربرية داعش ومسلكياتها الهمجية هدفاً معلناً ومن المحتمل إقراره في خِتام هذِهِ الإجتماعات، ويبدو بأن الهدف من وراء إغتيال قيادات حركة أحرار الشام في مثل هذا التوقيت هو تحجيم دورها القوي وفاعل على الأرض السورية حتى لا تُمثل بديلاً ويتسع نفوذها العسكري والسياسي على حساب تراجع نفوذ الدولة الإسلامية "داعش"، وذلك في حال تسديد ضربة عسكرية ضدها بغطاء عربي وإيراني ودولي، ويظهر جلياً بأن المستهدف من وراء عملية الإغتيال المقصدة هو الشعب السوري وثورته وبدرجة كبيرة الدور الإقليمي والمحوري لتركيا، ولذلك رفضت تركيا المشاركة في هذا التحالف، وإن تم إقرار هذا التحالف فهو لصالح التوسع الإيراني "الشيعي" والسعودي "الوهابي" في أرض العراق وسوريا "منطقة الهلال الخصيب" حيث يتيح ذلك للولايات المتحدةالأمريكية تأجيج حدة الصراعات المذهبية في المنطقة بهدف ضمان أمن إسرائيل وإستقرارها الإقليمي. ويبدو بأن الإجتماع الأمريكي العربي المرتقب في "11 سبتمبر / أيلول 2014م" في العاصمة السعودية الرياض هو بمثابة مؤامرة تستهدف الثورة السورية وتؤدي إلى تسويف مطالب شريحة واسعة من عموم الشعب العراقي، ولن يؤمل من هذه التحالفات خيراً، فهي مرحلة جديدة من حرب كان قد قادها "آل بوش" على العراق عام 2003م وتستهدف الإسلام ونُظُمِهِ وقَيِمهِ، وهي حلقة من ضمن سلسلة التأمر الإقليمي تجاه مطالب الشعوب العربية، وأُعلن عنها رسمياً حين تم التأمر قبل عام ونصف على الثورة المصرية، وتم وسفك دماء الآلاف من الأبرياء في ميادين القاهرة ومحافظات مصر. وفي خضم هذه التطورات نتساءل هل الهدف من هذه الإجتماعات الإقليمية برعاية الجامعة العربية هو القضاء على نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، أم هو بمثابة تقليم لأظافرها، في حين يتم تجاهل إجرام الأنظمة الطائفية المستبدة في بغداد ودمشق، ويبدو بأن هذه إجتماعات تهدف بالأساس إلى إعادة ترسيم الحدود بين الدويلات والطوائف في المشرق العربي برعاية آل سعود وعسكر مصر. وتشمل هذه اللقاءات توزيع المهام والخطط الأمريكي بين صعاليك العرب بهدف إنهاء الثورة السورية وضرب فصائلها الثورية الفاعلة على أرض الشام ، وأيضاً بهدف تقاسم العراق بين قوى إقليمية ومراكز نفوذ طامعة، وفي المحصلة النهائية يتم الحفاظ على المربعات الأمنية الطائفية في بغداد ودمشق وما يحيط بهما، ومن المتوقع أن يتضاعف نفوذ إيران الإقليمي في المشرق العربي، تحديداً في جنوب وشرق شبه جزيرة العرب والعراق والشام ومصر، في حال تسديد ضربات مؤثرة لتنظيم الدول "داعش"، قد نشهد موجات من التَشَيُع السياسي والمذهبي ، وهذا نتاج براغماتية وندية لواقع تحالفات إيران مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهي تحالفات ليست بجديدة، حيث شهدناها بوضوح أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م ولأفغانستان عام 2007م، حيث تمكنت إيران في حينه من إعادة ترتيب أوراقها، والحفظ على كيانها، وتصفية الكيانات المزعجة لها إقليمية على حساب القضايا العربية، وتم لها ذلك، وهو نتاج فشل النظام السعودي، وربما عدم رغبته في بناء إستراتيجية عربية فاعلة محورها السعودية وتركيا ومصر قبل إنقلاب 3 يوليو / تموز 2013م في مصر، وبذلك أضاعت المملكة أكبر فرصة ذهبية تنموية شهدتها منطقة المشرق العربي بعد إنتخاب محمد مرسي رئيساً لمصر.