تونس - خدمة قدس برس أثارت تصريحات وزير الخارجية التونسي الأسبق والقيادي في حركة "النهضة" الدكتور رفيق عبد السلام بشأن الموقف التونسي من سورية سجالا حادا يقول المراقبون إنه بداية لمعارك مقبلة بين حركة "النهضة" وحراك شعب الموطنين الذي أعلن الرئيس التونسي السابق الدكتور المنصف المرزوقي عن تأسيسه. القصة بدأت بتصريحات رفيق عبد السلام لأحد القنوات التلفزيونية التونسية، بتأكيده أن قرار قطع العلاقات مع سورية الذي اتخذه الرئيس السابق الدكتور المرزوقي كان في ما يتعلق بالمجزرة اول بداية الثورة السورية، مضيفا أن المرزوقي أرسل الى وزارة الخارجية بيان احتجاج ومواقف مساندة للشعب السوري وللثورة السورية. وذكر عبد السلام أنه تم الاتفاق مع رئيس الجمهورية وقتها في ما يتعلق بالمواقف الاحتجاجية، مضيفا ان رئيس الجمهورية ألمح في نص البيان الى قطع العلاقات مع سورية، مؤكدا أنه تولى بنفسه شطب السطر الذي يشير الى قطع العلاقات، معتبرا أن ذلك موقفا متسرعا ، مؤكدا أن وزارة الخارجية تفاجأت في ما بعد بقرار قطع العلاقات مع سورية، وقال: "كان علي التحفظ باعتباري وزيرا للخارجية وضمن دولة وحكومة واحدة". وأضاف: "للحقيقة وللتاريخ فإن الدكتور المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية السابق هو الذي اتخذ موقف قطع العلاقات وهي مواقف مبدئية وحقوقية لكن لا تكون هكذا السياسة الخارجية"، على حد تعبيره. وقد نفى أنور الغربي مستشار الرئيس التونسي السابق للشؤون الدولية هذه المعلومات، وأكد أن رئيس الحكومة التونسية ووزير خارجيته كانا على علم بطرد السفير السوري، وأكد أن الأمر لا يتعلق بقطع علاقات، وقال: "نجدد التأكيد على أن تونس لم تقطع علاقاتها مع سورية. في العرف الديبلماسي ما تم اسمه طرد سفير لنظام متهم بارتكاب جرائم إبادة ضد جزء من شعبه وتدمير ممنهج لأجزاء كبيرة من البلاد. النظام الذي لا يحترم شعبه ولا يبني بل يدمر لا يمكن مواصلة البناء معه خاصة بعد ثورة أخذت عناوين الحرية والكرامة". وأضاف: "نعم نظمنا مؤتمر أصدقاء سورية ولكننا رفضنا تسليح المعارضة حينها ودفعنا ثمن هذه المواقف، نعم اعترفنا بالإئتلاف السوري كممثل للشعب ولكننا جددنا رفضنا للتدخل الخارجي في سورية، نعم دافعنا عن حق الشعب في الحرية. وكنا ندعم المبادرات في اتجاه مخرج سياسي لا عسكري، نعم نددنا بممارسات النظام الوحشية ولكننا رفضنا أن يتم الالتفاف على حقوق الشعب عبر التدخلات الخارجية ودعم الجماعات المشبوهة والخطيرة، نعم سعينا لإيجاد قنوات تواصل عبر طرف ثالث لحماية مصالح جاليتنا في سورية وفي نفس الوقت كان طاقم السفارة في بيروت على تواصل دائم لمساعدة الراغبين في العودة، نعم أوجدنا مكتب اتصال لحماية مصالح من بقي من أبناء وطننا هناك، نعم أرسلنا مساعدات غذائية وطبية إلى اللاجئين السوريين في تركيا والأردن ولكننا رفضنا الدخول الى داخل الأراضي السورية احتراما للسيادة الوطنية، نعم سعينا إلى إيجاد حلول إلى الأجئين السوريين في تونس وخاصة في ما يخص الإقامة المؤقتة وإيواء العائلات وعلاج المرضى وتدريس الأطفال وكل هذا بالتعاون مع الوزارات المعنية". وتابع: "حذاري من السقوط في ردود الأفعال، حذاري من الذهاب الى وجهات مجهولة، الفطن هو الذي لا يلعن المستقبل، مستقبلنا مع شعوبنا وتمسكنا بمبادئنا دون السقوط في الشعبوية والمجازفة الخطيرة. ومرة أخرى أؤكد أن لا مصلحة لتونس ولديمقراطيتها الناشئة في سجال كهذا لا يخدم إلا أعداء الديمقراطية"، على حد تعبيره. وقد رفض عبد السلام الرد على هذه التعليقات، واكتفى بالقول في تصريحات نشرها على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك": "ما أفصحت عنه فيما يتعلق بالملف السوري على قناة /نسمة/ لم يكن بأية حال من الأحوال دفاعا عن النظام السوري او تفص من تحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية في الدفاع عن حق الشعب السوري في الحرية والعيش الامن، بعيدا عن القتل وإهراق دماء الأبرياء، بقدر ما يتعلق باجلاء الحقيقة للراي العام التونسي، فيما يخص قرار قطع العلاقات الديبلوماسية مع سورية، وما اثاره من هواجس وتساؤلات لدى الكثير". وأضاف: "يهمني ان أشير هنا الى أن هذا الموضوع يعني رئيس الجمهورية السابق الدكتور محمد منصف المرزوقي وهو المعني بالرد دُونَ غيره، ان كان هناك ما يستوجب ذلك، وليس من مشمولات فريق الموظفين الذين كانوا حوله. مع العلم انني لست في موقع الخصومة او المناكفة مع اي كان، ولا أتصور ان السيّد المرزوقي في حاجة الى منح الوكالة لأي كان لإدارة معارك ومساجلات بالنيابة عَنْه"، على حد تعبيره. وكان المتحدث باسم الرئاسة السابق عدنان منصر قد كتب على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي، ما نصه: "اطلعت على ما قاله البارحة السيد رفيق عبد السلام حول مسألتين: ظروف قطع العلاقات مع نظام دمشق، وتسليم البغدادي المحمودي. مكنني ذلك، أخيرا، من اكتشاف أن السيد وزير الخارجية الأسبق كان غير موافق على قطع العلاقات مع النظام السوري. ما قيمة أن تعلن ذلك الآن سوى رغبة متأخرة في ركوب موجة لم تكن موجتك والاستثمار في حياء الآخرين وترفعهم عن تعميق الجراح؟ من أجل تنشيط ذاكرة يبدو أن التوافق قد أصابها ببعض الصدأ، أنا من خاطبك ذلك اليوم، وأعلمتك بتوجه الرئيس، طالبا منك وضع رئيس الحكومة في الصورة، ثم عدت إلي بمكالمة لم تبد فيها أي اعتراض على الموضوع، لا من قبلك ولا من قبل رئيس الحكومة. صادف ذلك اليوم ذكرى المولد النبوي الشريف، وهو اليوم الذي ارتكب فيه نظام بشار مجزرة درعا الأولى التي راح ضحيتها العشرات من المواطنين السوريين، وكانت الثورة لا تزال سلمية ترفع فقط مطالب الاصلاح. لا يزال نظام بشار إلى حد اليوم يلقي على شعبه بالبراميل المتفجرة، وليس هناك ما يدعو إلى الخجل من موقف أخلاقي ومبدئي لا يزال موقفنا وسيبقى. نظام بشار نظام مجرم، فلم تبدو في حاجة للتبرؤ من موقف مبدئي أمام مجرم؟ يشرفنا أن ينسب الأمر إلينا فحسب، فنحن لا نتبرأ من أخلاقنا التي تدفعنا للتعاطف مع الضحية واتهام الجلاد". وأضاف منصر: "وددت لو ذكرتنا بموقفك في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري عندما كنا بمفردنا ضد الفصل السابع وضد التدخل الأجنبي في صراع كان لا يزال بين السوريين، ولكن لا بأس، فلعلك تكون قد نسيت. لا يكتب التاريخ لسوء الحظ بالتوافق سي رفيق، بل بالحقائق". وحول الموقف من تسليم البغدادي المحمودي، قال منصر: "أما موضوع تسليم البغدادي المحمودي الذي التهمته في نصف جملة، فلن أسهب فيه كثيرا، لأن كلامي سيكون مؤلما جدا جدا، ولا رغبة لي اليوم بالإيلام. رفضنا مجازر النظام في سورية انطلاقا من أخلاقنا، ورفضنا تسليم البغدادي المحمودي دون ضمانات بمحاكمة عادلة انطلاقا من أخلاقنا أيضا. على عكس ما قد يبدو لك سي رفيق، ليست الحقيقة متعارضة مع الأخلاق بالنسبة لمن كان ضميرهم راضيا مطمئنا"، على حد تعبيره