بعد أن تعرّضت فرنسا في المدّة الفائتة لاعتداءات داعش الوحشية، تحدّثنا وندّدنا وكتبنا عن تحامل بعض سياسييها على المسلمين، والمضايقات والنّظرات المريبة الّتي أصبحنا نتلقّاها، وأنا شخصيا كتبت وقلت ولم أسكت وإن كانت كتاباتي موجّهة للقارئ العربي..
لكن في الحقيقة نبالغ كثيرا إذا قلنا إنّ كلّ النّوايا في فرنسا بلا استثناء سيّئة جدّا اتّجاهنا وأنّه ليس هناك من هو معتدل في التّعامل معنا ومتفتّح علينا،
فمنذ يومين، في محافظة "الرّون آلب" الّتي أقيم فيها دُعِي المسؤولون عن الجالية المسلمة، هم والأئمّة وإطارات الجمعيات الثّقافية و المسجدية إلى اجتماع مع المحافظ وبعض المسؤولين المحلّيين،
وطُلِب منهم أولا أن يفعّلوا هياكلَ توحّدهم وتتبنّى جمعياتهم وتجمعهم، ثمّ تنفتح بمراكزها الثّقافية ومساجدها على غير مرتاديها من غير المسلمين تحت ما يُسمّى بالفرسية "الأبواب المفتوحة" portes ouverts وهذا يعتبر أكبر باب للدّعوة والتّعريف بالإسلام و أوسع جهد يمكن أن يبذل في نشر الإسلام، وقالوا لنا نريد أن نأتي إلى مساجدكم ومراكزكم الثّقافية ونطّلع على ماذا تفعلون في داخلها وماذا تتحدّثون..
استغربتُ في الحقيقة، فهم باختصار يقولون لنا بصريح العبارة تنظّموا يا مسلمين وتهيْكلُوا واتّحدوا وسنساعدكم على ذلك، وهذا ما لم نستطع فعله حقيقة منذ تواجدنا هنا في فرنسا فجمعياتنا متشتّتة ومتنافرة ومتخاصمة وأوضاعها تبعث على الإشمئزاز..
ويقولون لنا أيضا: وبعد ذلك انفتحوا علينا وادعونا في فضاءاتكم لنعرف حقيقة دينكم..!!!
هل تنقلب الآية وتتحرّك فرنسا في الإتّجاه المعاكس للّذي كنّا نراه ربّما أو نتوهّمه فتعمل على ترقيتنا وتنظيمنا وتحريكنا لصالح ديننا..
ليس غريبا، وقد يأخذوا الأمور بأيديهم حتّى يصلوا إلى مرحلة يدعوننا فيها إلى الإسلام..؟؟
ليست فرنسا فقط، ولنذهب في إطار أوسع، فهذه "أنجيلا ميركل" ذهبت إلى أبعد من ذلك ودعتْ آل سعود المستحوذين على مناسك الحجّ أن يضعوا مداخيل الحجّ والعمرة الّتي تفوق ال20 مليار دولار على ذمّة المسلمين جميعا لإيواء اللّاجئين منهم وإغاثة ضحايا الكوارث، وعدم الإستئثار بها..
سؤالي الآن في ذيل هذه التّدوينة هو هل ستخدم فرنسا الإسلام بنفسها بعد أن يئست منّا وخشيت من انحرافنا نحو الإرهاب، وهل يسخّر الله غيرنا لخدمة ديننا...؟؟
يبقى السّؤال مطروحا لأنّ المعنيين به نائموووووون... وإلى تدوينة أخرى....