دافع البعض على استحياء عن تعيين السيد خميس الجهناوي وزيرا للخارجية في تونس، ومنحه البرلمان الثقة معللا ذلك بأن تحمل الرجل لإدارة مكتب تونس بتل أبيب لمدة 4 سنوات كان خيارا سياسيا يتحمل تبعاته زين العابدين بن علي وحده. ولكن ما غفل عنه هؤلاء هو أن الرجل ما كان ليتولى المنصب أو يبقى فيه دون مباركة سلطات الإحتلال ودون دعم جهاز مخابراتها. من المعلوم في الأعراف الديبلوماسية أنه يحق لأي دولة أن تعترض على تعيين أيّ شخص ولا تمكنه ُمن أوراق اعتماده، وقد تم هذا في العديد من المرات. ومن المعلوم أيضا بأن "اسرائيل" شديدة الحرص على فرز من يدخل الأراضي التي تحتلها والتي تقع تحت سلطتها، وسبق ورفضت تعيينات ديبلوماسية وأممية رأت أنها لا تخدم مصالحها. تونس ليس لديها أي علاقات ديبلوماسية مع الاحتلال، والشعب التونسي يرفض بقوة أي تعامل مع هذا الكيان الغاصب. ولكن تسمية وزير الخارجية الجديد الذي عاش في تل أبيب ما يقارب 50 شهرا بأيامها ولياليها وسهاراتها ورعاية مصالحها ... تبعث برسالة غير مطمئنة لشعبنا ولبقية الشعوب التي تعاني وتكافح لصدّ المنظومة التي دمرت بلداننا لعقود. ويتم هذا مع ازدياد عمليات الاصطفاف و فرز إقليمي لا تخدم مصالح الشعوب التي تسعى للحرية والكرامة. وما التدخل الروسي العسكري في سوريا والذي تم بالتنسيق مع اسرائيل وعودة السفير "الإسرائيلي" للقاهرة وفتح مكتب لرعاية مصالح "اسرائيل" في الإمارات إلا دلائل إضافية على حجم التراجع عن مطالب الحرية ودحر الإحتلال. وعلى أعضاء البرلمان التونسي أن يبقوا يقضين باعتبارهم صوت الشعب، ولا يسمحوا بأي تلاعب يمس بثوابت الوطن والمطالب التي قامت من أجلها الثورة. (أنور الغربي: جينيف)