أشكر الأحبّة الكرام الطيّبين، ممّن تفاعلوا مع إدراجي أدناه (*)، على المشاعر الطيّبة التي لم تخل من مساندة محبّذة... والحقيقة أنّ أسماء رضي الله عنها، لمّا مرّت بشهيدها رضي الله عنه، وردّدت قولتها سمعها الحجّاج - كما تقول القصّة - وفهم فحوى الرّسالة... فقد كان الحجّاج ذكيّا منتبها سريع التجاوب مع الهمسات... وقد رأيت فجر هذا اليوم التأسّي بأسماء لعلّي أصادف بقية من آثار الحجّاج في قومي، ليس من ناحية ظلمه فقد وفّوا في ذلك الجانب وتجاوزوه، ولكن من ناحية انتباهه إلى ظلمه وتجاوب منسوب المروءة فيه مع أنّات الظالمين، فكتبت ما كتبت!... والحقيقة أنّ المروءة في بلادي قد انخفض منسوبها كثيرا، فأثْرَت لؤما وإجراما عطّلا مناحي الحياة ثمّ أخذا بتلابيبها يخنقانها حتّى بدا وجهها كالحا غير مرغوب فيها يفرّ الكثير من أهل البلاد منها بالانتحار المحرّم!... وعندي أنّ "الإرهاب"، مثلا، هو صنيعة من صنائع كارهي المروءة وكارهي الخير... ولولا الشعار المتخلّف اللئيم الذي علّم بعض أهل بلدي القعود والتواكل والنّفاق: "الدنيا مع الواقف"، لرأى التونسيّ بقليل من التركيز كيف كان أبطال "الإرهاب" يُكرمون من طرف مسؤولي الأحزاب ومن طرف الشخصيات المرموقة في البلاد!... ف"الإرهاب" عندي، هو بذرة أو فسيلة خبيثة، أنبتها وسقاها خبثاء ماكرون أبناء حرام، فقط من أجل إبطال عناية يجب أن تكون ومنع عدالة يجب أن تردّ المظالم وإبعاد صالحين يجب أن يشجّعوا على ولخدمة البلاد!... فالإدراج إذًا ليس خوفا من الموت وإن كان كُره الموت واقعيّا (وقد يكرهه الجميع)، وليس تعبيرة عن نفاد الصبر وعدم الاستعداد لمقاومة الظلم بما أوتيت (ولم أوت إلّا قلمي ولساني)، ولكنّه نداء يؤكّد على ضرورة توقّف الظلم ووضع حدّ لغربة قدّرها الله تعالى (ونحن راضون بقدره) ولكنّ أسبابها ظلمة يجب أن تُنتزع منهم حقوقنا انتزاعا... ولكنّ أسبابها مفسدون يجب أن يُضرب على أياديهم، كما سوف تضرب الملائكة الكرام على وجوههم وأدبارهم، بقسوة!.... علينا أن نبطل هذا السلوك المتخلّف الموغل في الكراهية والعقوق... فكلّما لاح في الأفق إمكانيّة الإصلاح وكلّما تحدّث أناس عن العدالة والقسط، عوّم شاشاتنا ساقطون يتحدّثون عن كيلوغرامات النّضال ويدافعون عن إبداع أنتج الأمّهات العازبات واللقطاء والدياثة ومحاربة الله تعالى، فشجّعوا "إرهابا" يصنع "الوطنيّة" الزائفة، وصنعوا التفافا منافقا كاذبا حول "أمن" بات همّه نقاباته، وأخرسوا كلّ صاحب حقّ لا يراعي "المصلحة العليا للبلاد"!... وأمّا الموت فهو أولى من حياة ترصّدها الفاسدون الساقطون المجرمون... وأمّا القبر فهو خير من ظاهر أرض نجّسها القاذوراتيون، وأمّا أنتم أحبّتي فأسأل الله أن يجمعني بكم أحبّة على سرر متقابلين!... والله من وراء القصد...
عبدالحميد العدّاسي، التائق إلى أرض آبائه وأجداده، يوم السبت 09 يولويو 2016
---------------------------------------- (*): [انتبهت - وقد دخلت هامش أعمار أمّته، وأنا من أمّته صلّى الله عليه وسلّم - إلى نحيب نفسي، فساءلتها وقد قسوت: كيف تُفني يا نفس نفسي بتفكير تُضنين به نفسي!... كيف تفكّرين في مجاورة قوم بعد الممات، قد كرهوا لك الوجود بينهم زمن الحياة، فحرموك حقوقك وأسباب الحياة!... ثمّ ما لبثت أن رصدت سكون نفسي، وقد اطمأنت إلى تراب ترقد فيه غير راغبة فيه، حفاظا منها على كرامة نفسي!... ولله الأمر من قبل ومن بعد، وحسبنا الله ونعم الوكيل!... وغدا نُوقف الظلَمَة والسائرين في ركابهم عند ملك الملوك نسائلهم: لم حرمتمونا تراب بلادنا ومجاورة آبائنا وأجدادنا]!...