يفرح النّاس بالتّكنولوجيا، ويرون أن حياتهم أصبحت بها أجمل، وأكثر رفاه، لكن، لم ينتبهوا أن العالم فيما بين ثلاث ثورات صناعية متتالية أصبح غامض المصير، فثورة ما بين1750 و1850 من ميلاد المسيح عليه السّلام الّتي انطلقت في أنقلترا وسمّيناها ثورة البخار والّتي جاءت بالسّكك الحديدية، ثمّ تلتها ثورة ثانية وكانت هي الأخرى ذات أثر على الإقتصاد في الأرض كيف لا وقد جاءت بالمحرّك والكهرباء والهاتف ورسّختْ عقلية السّرعة، ثمّ تأتي ثورة ثالثة وسمّيناها ثورة المعلومات الّتي بدأت في القرن الواحد والعشرين ونحن في أوْجها الآن.. لكن، لماذا يفرح النّاس بالتّطوّر التكنولوجي والحال أنّه كلّما حلّت آلة داخل مصنع إلاّ وطُرِد منه عشرات العمّال إن لم يكن المئات، وكنّا نذهب إلى السّوق ضروريا لكي نلتقي بعدد هائل من التّجار وعند كلّ واحد من أولائك التّجار حاجة من حاجاتنا، واليوم يندثر أولائك التّجار أمام التكاليف وتكسد تجارتهم وقد أصبحنا نتلقّى كلّ حاجياتنا من تاجر واحد وراء شاشة الكمبيوتر، وكنّا نسافر ونتحرّك ونبذل المال لكي نزور عزيزا ونطمئنّ عليه واليوم بالهاتف الجوّال ونحن أمام التّلفزة نطمئنّ على جالية بأكملها دون أن نتكبّد عناء السّفر، وحتّى المحاضرات نستطيع المشاركة فيها عن بعد وننتخب رئيسا ونوّابا عن بعد، وندرس وننال الشّهائد عن بعد.... الآن انظروا إلى المهمّشين والمرضى النّفسانيين والمتسكّعين في شوارعنا، أليس أغلبهم حملة ديبلومات ودكاترة ومهندسين..؟ باختصار، هل يحقّ لنا أن نفرح بالتكنولوجيا الغازية لحياتنا، دون تحفّظ، وبالخصوص ونحن نرى أن الممسكون ناصية التّكنولوجيا هم دائما الأغنياء الّذين تخلّوا عن العمّال واستبدلوهم بالآلات والرّوبوتات وجمّع في البنوك الملايين والمليارات ودفعو بالأرض إلى الهلاك... أترككم، هي هواجس مثقّف في عالم تكنولوجي جاف، سأكلّم أمّي ب"الواتس آب" أو "الإيمو" وإذا سألتها لمذا لم تردّي عليّ البارحة ستقول لي "وليدي ما نسمعش فيك الرّيدو طايح" .. وإلى تدوينة أخرى.. مخلوف بريكي