لا أذكر الآن في أي من كتب مالك بن نبي قرأت كلاما له في هذا المعنى، ولكن لا يراودني شك في ذلك، بل أذكر تفسيره وتعليله لهذا الحكم، وهو أن كثيرا من المسلمين أو المنتسبين إليه بحسب الميلاد والنشأة الاجتماعية والانتماء الوطني ينفرون غير المسلمين ويحولون دون اعتناقهم الإسلام بسبب ما هم عليه من أحوال وأوضاع ناطقة بالتخلف في أكثر مجالات حياتهم، إذ لا يتمثلون تعاليمه في سلوكهم ولا يتحققون بقيمه الإيجابية في أفعالهم وعلاقاتهم، تلك التعاليم والقيم الدافعة للعمل والفعالية والانضباط والإنجاز وتحمل المسؤولية في كل مستوى من مستويات وجودهم الفردي والجماعي. تذكرت هذه المقولة التي أفاض مالك بن نبي في شرحها وبيان آثارها السلبية بالنسبة للإسلام، حتى إنني لأذكر أنه ذهب إلى أن المسلمين قد يكونون عبئا على الإسلام! تذكرتها بمناسبة قصة حكاها لنا ليلة البارحة صديق عزيز ونحن على مائدة العشاء في أحد المطاعم العربية في مدينة كولالمبور. قال محدثنا القادم لتوه من باريس في زيارة عمل في ماليزيا: كان هنا شاب فرنسي غير مسلم يعيش مع شابة "مسلمة متحررة" من أصل جزائري، واستمرت العلاقة بينهما عدة سنوات استمتعا فيها بكل أنواع المعاشرة الممكنة بين رجل وامرأة. وفي أحد الأيام، صرح الشاب الفرنسي "غير المسلم" لصديقته "المسلمة" بأنه يرغب في الزواج منها! فامتنعت من ذلك لأنه غير مسلم! ثم اشترطت عليه أن "يسلم" إن كان فعلا حريصا على الزواح منها، فاستخبرها عن كيفية ذلك، فنصحته بالذهاب إلى بعض المراكز أو المساجد الإسلامية ولقاء المسؤولين فيها من إمام أو غيره، والنطق بالشهادتين والحصول من ثم على "شهادة" تثبت اعتناقه الإسلام. ولشدة تعلق الشاب بصديقته، هرع إلى أقرب مسجد والتقى بإمامه عارضا عليه أمره ومستعجلا قضاءه! إلا أن الإمام لم يبد حرصا كبيرا على دخول ضيفه في الإسلام أو لنقل إنه كان متريثا في الأمر. ولذلك نصح الشاب الفرنسي غير المسلم بأن يتمهل ويتريث، لكي يدرس الإسلام دراسة فهم وتبصر ويتعرف على المسلمين ويخبرهم عن قرب، فإن راقه الأمر أسلم عن فهم وقناعة ودراية، وإلا بقي على ما هو عليه. ولكن الشاب رفض هذا الاقتراح وألح في طلبه، وعندها سأله الإمام عن سبب حرصه واستعجاله، فأجابه بأنه لا يريد أن يضيع فرصة الزواج من صديقته "المسلمة" الجميلة! ومرة أخرى، نصحه الإمام بأنه لكي يكون زواجه ناجحا فإنه من الخير أن يبنيه على قاعدة قوية، وأن صديقته ستنظره ولن تتخلى عنه. ولم يجد الشاب "غير المسلم" بدا من الرضوخ لنصيحة الشيخ الإمام، فتفرغ لمدة غير قصيرة لدراسة الإسلام والتعرف على المسلمين ومخالطتهم، منقطعا في الوقت نفسه عن صديقته، وما انقضت تلك المدة إلا ووجد الرجل نفسه قد ملأ عليه الإسلام عقله ووجدانه فاعتنقه اقتناعا به ورغبة فيها، فأصبح ملتزما بأداء ما افترضه الشرع من واجبات في الشعائر والسلوك واجتناب ما نهى عنه. وعندها ذهب إلى صديقته التي عاتبته عن غيابه عنها ليخبرها بتحقيقه ما اشترطته عليه من اعتناق الإسلام، ففرحت بذلك واستحثته لإتمام مراسم الزواج، ولكن الرجل فاجأها إذ دعاها لأن تسلم هي الأخرى، ومبينا لها أن الإسلام ليس مجرد انتساب بالوراثة أو الهوية الوطنية، وإنما هو اعتقاد ومعرفة والتزام يتبعها سلوك وعمل يترجم بهما المسلم قيم الدين في تصرفاته وعلاقاته. عندها استشاطت السيدة "المسلمة" واتهمت "عشيقها" بأنه قد سلك الطريق غير السوي، وأنه قد صار من زمرة الإرهابيين، مهددة إياه بالتبليغ عنه لدى الأجهزة الأمنية المختصة. ولكن الرجل الذي كان على بصيرة من أمر نفسه لم يهزه وعيدها، بل رد عليها بأنها هي وأمثالها ومثيلاتها من "المسلمين" هم الإرهابيون في الحقيقة بما يرتكبونه من تشويه لحقائق الإسلام وافتراء وتزوير في حق الملتزمين بتلك الحقائق. وهكذا يكون كثيرون من المسلمين بمجرد شهادة الميلاد والوراثة الاجتماعية عقبة بين الناس والإسلام، ولكنا نرى في هذه الحالة الأمر ينعكس نتيجة ومآلا، ونسأل الله أن يصلح حال تلك المرأة وييسر توبتها وأوبتها فيحسن حالها كما حسن حال الرجل الذي كانت هي سببا في إسلامه عن غير قصد منها. مصدر الخبر : بريد الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=30363&t= "المسلمون" عقبة تحول دون اعتناق كثير من الناس للإسلام!&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"