القاهرة- يتواصل هبوب رياح الاحتجاج على قطاعات حكومية مختلفة في مصر للمطالبة برفع أجور العاملين فيها أو الحصول على مستحقات مالية متأخرة، وفي أحدث تحركاتها وصلت هذه الرياح إلى قطاع الأئمة في وزارة الأوقاف. فقد نظم نحو 150 إماما من عدة محافظات وقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب (الغرفة الأولى بالبرلمان) في العاصمة القاهرة الإثنين 15-2-2010؛ للمطالبة بإقرار كادر خاص لهم، وإنشاء نقابة للدفاع عما وصفوه بمطالبهم المشروعة، و"وقف التدخل الأمني" في شئون عملهم، منتقدين ما قالوا إنه "تجاهل" من وزارة الأوقاف لمطالبهم. وقال الشيخ محمد داود، أحد المشاركين في هذه الوقفة، في تصريحات لصحيفة "اليوم السابع" المصرية: "إن حقوقنا المادية المتمثلة فى عمل كادر وتوفير الحماية والحصانة هى حقوق مشروعة لنا، فأنا بعد 9 سنوات أتقاضى 500 جنيه (90 دولارا) بالبدلات والحوافز". وأضاف قائلا: "نطالب بنقابة ترعى مكانتنا الاجتماعية التى يتم امتهانها من قبل بعض فئات المجتمع، وهو ما يحدث خاصة فى المسلسلات والأفلام التى لا يحترمون فيها الزى الرسمي للأئمة". فيما قال إمام آخر شارك في الوقفة الاحتجاجية في تصريحات لبرنامج "العاشرة مساء" على فضائية "دريم" المصرية الخاصة: إن راتب الإمام في بداية عمله يبلغ 138 جنيها (25 دولارا) فقط، مضافا إليها بدل زي يقدر بنحو 28 جنيها، في حين أن قيمة الزي الذي يرتديه تتجاوز 400 جنيه". أما الإمام مصطفى إبراهيم فانتقد ما وصفه بتدخل الجهات الأمنية فى خصوصيتهم وفي أعمالهم، وهو ما يجعل الأئمة غير قادرين على العمل فى بيئة مناسبة، على حد قوله. أمر ضروري هذه الوقفة الاحتجاجية علق عليها الشيخ صلاح نصار، رئيس اتحاد الأئمة (رسمي)، في تصريحات ل"إسلام اون لاين.نت" اليوم الثلاثاء 16-2-2010 بالقول: إن "قيام الأئمة بهذه الوقفة كان أمرا ضروريا في ظل استمرار تدني أجورهم.. ما قام به الدعاة هو وقفة مؤدبة ومهذبة ليصلوا إلى حقهم". وشدد على أن: "رفع راتب الأئمة أصبح من الضروريات التي يباح من أجلها كل عمل يمكن من خلاله الحصول على حق الداعية، فالداعية لا يستطيع بالراتب الحالي حتى أن يحصل على ما يحتاجه من الكساء والطعام". وبالرغم من هذه المطالب يرى الشيخ نصار أنه "لا يوجد تجاهل من وزارة الأوقاف، حيث طالبت بكادر للدعاة لكن لم يتم مناقشته" من قبل الجهات الحكومية المعنية بالأمر. بدوره، قال الشيخ بسيوني عبد العزيز، إمام مسجد رابعة العدوية بالقاهرة: إن "ثمة ضعفا خطيرا في راتب الداعية، وهو غير قادر على العيش بهذا الراتب.. الداعية الذي يعاني ماديا مضطر اليوم للبحث عن مهنة إضافية لكفاية عائلته ماديا، وهذا يؤثر بشكل كبير على ثقافة الدعاة". ومضى قائلا: "لقد وجهت دعوات كثيرة لرفع مستوى معيشة الدعاة الذين أصبح العديد منهم كما أعلنت اللجنة الدينية في مجلس الشعب يعملون في مهن لا تليق بمكانة الداعية، وهو ما جعل بعضهم لا يحضرون أصلا إلى المساجد في أوقات عملهم لانشغالهم بمحاولة توفير احتياجات عائلاتهم المادية". ورثة الأنبياء معلقا على وقفة الأئمة الاحتجاجية قال الشيخ سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف للدعوة، في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت": "نحن في الوزارة لا ننتظر وقفات احتجاجية لنحسن أوضاع الأئمة". واستطرد: "الوزارة من قبل هذه الوقفة تنظر لدعاتها على أنهم أبناء وليسوا مجرد موظفين، ولذلك يسعى وزير الأوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق جاهدا لتحقيق الاكتفاء المادي للدعاة". وكشف الشيخ عبد الجليل عن قيام الوزير بتكليف لجنة منذ أكثر من شهر ببحث زيادة أجور الأئمة، وتقرير هذه اللجنة موجود حاليا أمام مجلس الوزراء، وعن طلب بعض الأئمة إنشاء نقابة رأى أنه "لا داعي لإنشاء نقابة، حيث يوجد اتحاد أئمة في كل محافظة". 200 مليون جنيه فيما قال الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس اللجنة الدينية في مجلس الشعب، في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت": "أتبنى منذ عامين فكرة أن يكون هناك كادر للدعاة لتحسين أوضاعهم التي لا تتناسب مع مهنتهم". وأوضح د. هاشم أن "بعض الدعاة لا يجدون قوت يومهم ويضطرون للعمل في مهن أخرى، وإذا كنا لن نؤمن احتياجات ورثة الأنبياء، فكيف سنقيم العدل؟! لقد عقدنا اجتماعات كثيرة لهذا الهدف حضرها ممثلون عن وزارة المالية وتمت الموافقة على اعتماد 200 مليون جنيه (35 مليون دولار) لكادر الدعاة، لكن حتى الآن توجد عراقيل تحول دون تفعيل هذا الكادر، مع أن كادر الدعاة هو أحد أوجه تطبيق دعوة الرئيس (المصري) حسني مبارك بالارتقاء بالخطاب الديني". شبه يومي وإلى جوار الوقفة التي نظمها الأئمة أمس نظم العاملون في جهاز المدعي العام الاشتراكي سابقا وقفة احتجاجية جديدة أمام مجلس الشعب، اعتراضا على ضمهم لوزارة العدل بعد إلغاء نظام المدعي العام، مطالبين ب"تحسين أحوالهم المالية التي تدهورت بعد الانضمام إلى الوزارة". كما لا يزال اعتصام عمال شركة طنطا للكتان والزيوت قائما منذ أكثر من أسبوع أمام مجلس الوزراء بالقاهرة، للمطالبة بحل مشاكلهم المالية مع إدارة الشركة. وعلى مدار الأعوام الماضية ركب قطار الاحتجاج، الذي يسير بشكل شبه يومي في مصر للمطالبة بتحسين الأجور ومستحقات مالية، قطاعات عدة، منها العمال وأساتذة الجامعة والمدرسون والأطباء وموظفو الضرائب العقارية، وغيرهم الكثيرون.