باريس - يتوجه الفرنسيون اليوم الأحد 14-3-2010 إلى صناديق الاقتراع في انتخابات مجالس البلدية في آخر مناسبة انتخابية قبيل الانتخابات الرئاسية المنتظرة لسنة 2012. وفي أجواء يعيش فيها الحزب الاشتراكي مشاكل داخلية، وفي ظل المصاعب التي تواجه التجمع من أجل الحركة الشعبية الحاكم فإن اليمين المتطرف بقيادة "الجبهة الوطنية" يجد نفسه -بحسب المراقبين- في موقع مناسب من أجل تحقيق نتائج إيجابية. وتجرى الانتخابات البلدية على دورتين يومي 14 و21 مارس القادمين من أجل انتخاب أعضاء 22 مجلسا بلديا، ويتنافس عليها الحزب الحاكم "التجمع من أجل الحركة الشعبية" الذي لا يدير إلا مجلسين فقط، في حين يحاول الحزب الاشتراكي اليساري الذي يسيطر على 20 مجلسا المحافظة على سيطرته، كما يدخل المنافسة العديد من الأحزاب الأخرى، أهمها قائمة الخضر "بيئة أوروبا" والجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة. ويقول آخر استطلاع للرأي أجراه معهد "ت ن س سوفير": إن الحزب الاشتراكي يتقدم بنسبة 30% من أصوات المقترعين، في حين يأتي الحزب الحاكم في المرتبة الثانية بنسبة 29%، وتأتي قائمة الخضر المعروفة بقائمة "بيئة أوروبا" ب14%، في حين يأتي حزب الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في المرتبة الرابعة ب8,5%. عقبات أمام الأحزاب ويطمح الحزب الاشتراكي في مواصلة سيطرته على غالبية المجالس البلدية، غير أن المشاكل الداخلية التي عاشها في الفترة الأخيرة، خاصة استقلال أحد أهم قادته بقائمة مستقلة بقيادة "جورج فريش" الذي طرد من الحزب لتصريحاته العنصرية، ساهم في تقديم صورة سلبية عن تماسك الحزب، خاصة بعد الانقسام الحاد الذي عرفه الحزب بين المؤيدين ل"سيجولين رويال" المرشحة السابقة للحزب للانتخابات الرئاسية السابقة و"مارتين أوبري" الأمينة العامة الحالية للحزب. من جهته يعيش "التجمع من أجل الحركة الشعبية" الحاكم صعوبات كبيرة؛ بسبب تعثر الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة والانتكاسات التي عرفتها سياسة الرئيس نيكولا ساركوزي؛ وعلى الرغم من محاولات هذا الأخير الابتعاد عن الصورة في الحملة الانتخابية لحزبه الذي أسسه فإن كل المراقبين يعتقدون أن تصويت يوم الأحد سيشكل بمثابة "معاقبة" للناخبين الفرنسيين لسياسة الحكومة التي فشلت حتى الآن في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي تعرفها البلاد، خاصة بوصول نسبة البطالة إلى نسبة ال10% وهي نسبة لم تعرفها البلاد منذ وصول الرئيس ساركوزي إلى قصر الإليزيه. مفاجأة اليمين ورغم طموح قائمة "بيئة أوروبا" التابعة لحزب الخضر بقيادة في مواصلة نجاحها الذي حققته في الانتخابات الأوروبية الأخيرة فإن العديد من المراقبين يعتقدون أن الجبهة اليمينية المتطرفة بقيادة العجوز "جون ماري لوبان" مؤهلة أكثر من غيرها من أجل خلق المفاجأة. ويرى المراقبون أن الحزب اليميني سيستفيد من عاملين الأول هو التركيز على ملفات الهوية الوطنية في سياسية الحكومة الفرنسية في الأشهر الأخيرة، والتي مثل فيها التركيز على ملف الإسلام والمسلمين أحد الموضوعات الرئيسية التي تتبناها الجبهة طوال تاريخها بالشكل الذي حرر بالنسبة للبعض الخطاب العنصري، وأما العامل الثاني فهو توقع ارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت بالنسبة لمناصري الأحزاب الديمقراطية التقليدية مقابل الالتزام الانتخابي الذي يبديه أنصار اليمين المتطرف في العادة. وقامت الجبهة الوطنية باستثمار المعادة للمسلمين وللأجانب بشكل عام بفرنسا، عن طريق الملصقات الانتخابية التي أثارت غضب المنظمات الحقوقية، والتي منعت نشرها محكمة فرنسية فيما بعد؛ حيث قلدت الجبهة الملصقات الانتخابية لليمين المتطرف في سويسرا عن طريق استعمال صورة منقبة ومآذن في شكل صواريخ على خريطة فرنسا مغطاة بالعلم الجزائري. وذهبت قائمة قريبة من اليمين المتطرف في شرق فرنسا إلى استنساخ شعار "لا للمآذن" السويسري في أحد ملصقاتها الانتخابية، بينما اعتبر تقليدا للوصفة السويسرية من أجل التضييق على المسلمين بفرنسا. كما يمكن أن يستفيد اليمين المتطرف -بحسب المراقبين- من موجة تقدم الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، خاصة بعد نجاح اليمين المتطرف في سويسرا في فرض قانون في الدستور السويسري يمنع بناء المآذن ونجاح اليمين المتطرف في هولندا في انتخاباتها البلدية الماضية.