القاهرة- أجازت المحكمة الدستورية العليا بمصر الأحد 14-3-2010 تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة، بعد جدل استمر على مدار شهر. وكانت الجمعية العامة لمجلس الدولة قد صوتت في 15 فبراير الماضي على منع تولي النساء مناصب قضائية داخل المجلس، ولكن بعد أسبوع واحد فقط ألغى مجلس القضاء الأعلى تصويت الجمعية. وحسما للجدل أحال رئيس الحكومة أحمد نظيف القضية إلى المحكمة الدستورية لتفسير بندين في قانون مجلس الدولة (الذي يضم المحكمة الإدارية والمحكمة الإدارية العليا)، الأول يتعلق بحق المرأة في التعيين في المجلس، والثاني بالجهة الإدارية المنوط بها الموافقة على التعيينات. وقالت المحكمة الدستورية العليا في قرارها إنه "من حق المرأة التعيين قاضية، كما أن الاختصاص بالموافقة على تعيين المندوبين المساعدين لمجلس الدولة (القضاة الجدد) معقود للمجلس الخاص للشئون الإدارية دون الجمعية العمومية للمجلس". وبموجب القانون، تصدر قرارات تعيين القضاة عن رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية لمجلس الدولة. قاضية وأم وبهذا التفسير الصادر عن المحكمة الدستورية العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في مصر، يمكن صدور قرار بتعيين قاضيات في مجلس الدولة من دون أي تشكيك في مطابقة هذا القرار للقانون. وكان المجلس الخاص للشئون الإدارية لمجلس الدولة قد وافق على تعيين المرأة قاضية، ولكن الجمعية العمومية لمجلس الدولة رفضت ذلك معتبرة أن هناك مشكلات إدارية وإجرائية تحول دون ذلك وخصوصا عدم توافر أماكن لإقامة القاضيات اللواتي قد يضطررن، بحكم قواعد التنقلات التي تحكم عمل القضاة، إلى الإقامة خارج أماكن إقامتهن الأصلية. من جهته أيد نائب رئيس محكمة النقض السابق محمود الخضيري، موقف الجمعية العمومية متسائلا :"هل يتعين على المرأة أن تترك زوجها وأبناءها لكي تعمل في مكان آخر؟ إن الأمومة مقدسة في مجتمعنا ولا يمكن تجاهلها". وحتى العام 2007، لم يكن هناك سوى قاضية واحدة في مصر هي المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، غير أنه في هذا العام تم تعيين 36 قاضية ثم عينت ست أخريات. المصلحة والحاكم من جانبه أوضح الباحث الشرعي ومسئول قسم الفتوى بشبكة "إسلام أون لاين.نت" عصام الشعار أنه بالنسبة لمسألة تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة "النظر الفقهي يتسع لذلك، فقد أجاز الإمام أبو حنيفة أن تتولى المرأة القضاء في القضايا التي تجوز شهادتها فيها، أي في غير الأمور الجنائية، وإن كان الطبري وابن حزم أجازا أن تتولى القضاء في الأموال وفي الجنايات وغيرها". وتابع: "ولما كانت المسألة من مسائل الخلاف، فقد قرر أهل العلم أن حكم الحاكم يرفع الخلاف في القضايا التي ليس فيها نص قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وعلى هذا فإذا قضت أي جهة قضائية بجواز تولي المرأة هذا المنصب، فإن حكمها يكون واجب الاحترام وواجب النفاذ، ويرتفع الخلاف". ولفت إلى أن "مجلس الدولة هيئة قضائية تفصل في الخصومات الإدارية التي تكون الحكومة طرفا فيها، وعلى هذا فلن تفصل المرأة حال كونها قاضية بمجلس الدولة إلا في قضايا إدارية محضة، وعلى هذا فإذا كان معيار الاختيار هو الكفاءة فلا أرى حرجا أن تتقلد هذا المنصب، أما أن يكون تعيينها في هذا المكان لتجميل الصورة أو بسبب ضغوط من الداخل أو الخارج فهذا أمره لا يقره ولا يرضاه عاقل".