قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إنه لا حق لقضاة بلاده في معارضة الإصلاحات الدستورية التي تعتزم حكومته تقديمها للبرلمان. ودعا أردوغان- الذي يتزعم حزب العدالة والتنمية الحاكم، في كلمة أمام البرلمان- هؤلاء القضاة إلى "الكف عن التدخل في عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية". وقد تصدى خصوم العدالة والتنمية لمشروع الإصلاحات الدستورية، واتهموا الحزب بالسعي من خلال هذه التعديلات إلى السيطرة على السلطة وخدمة ما يقولون إنه "أجندة إسلامية خفية".
إصلاحات غير دستورية وانضم قضاة إلى منتقدي مشروع الإصلاحات الدستورية، حيث قال رئيس مجلس الدولة القاضي مصطفى بردن في تصريحات متلفزة إن مقترح الحكومة "سيمس بفصل السلطات وبالبنية القانونية للدولة"، وأضاف أن المقترح "يرجع بنا خطوة إلى الوراء في ما يتعلق باستقلال القضاء". أما رئيس المحكمة العليا في تركيا القاضي حسن جيرتشيكر فقد صرح بأن التعديلات المقترحة "غير دستورية"، وتأتي ضمن جهود الحكومة للسيطرة على القضاء. وأضاف جيرتشيكر -في تصريحات بثتها قناة "أن.تي.في" التلفزيونية الإخبارية الاثنين- أن المقترحات تستهدف نزع صلاحيات القضاء، وتناقض مبادئ فصل السلطات. غير أن وزير الاقتصاد التركي علي باباجان قال يوم أمس الثلاثاء في ندوة بالعاصمة البلجيكية بروكسل، إن هذه الإصلاحات ستصحح الاختلالات الموجودة في النظام القضائي التركي، وتجعل البلد أكثر ديمقراطية وأكثر جذبا للاستثمارات. وبدوره أكد جميل جيجك نائب رئيس الوزراء التركي في مؤتمر صحفي أن حكومته تريد بهذه التعديلات "رفع معايير الديمقراطية"، منوها بأن تركيا تحتاج إلى دستور جديد، لأنه من الصعب عليها تحقيق تقدم في مسألة العضوية في الاتحاد الأوروبي في ظل الدستور الحالي. ومن جهة أخرى أظهر استطلاع للرأي نشر يوم أمس أن غالبية الأتراك يؤيدون الإصلاحات التي قدمتها الحكومة ويعارضون الانقلابات وإغلاق الأحزاب. وأجرت الاستطلاع مؤسسة "بول مارك" ونشرت نتائجه صحيفة "توادي زمان" وشمل 5039 شخصا يعتقد 58% منهم أن تركيا بحاجة إلى دستوري مدني، مقابل معارضة 20%. وبينت النتائج أن 41.5% من المستطلعة آراؤهم سيصوتون ب"نعم" لصالح الإصلاحات الدستورية التي طرحتها الحكومة إذا أحيلت على الاستفتاء الشعبي، في حين ربط 28.2% منهم تصويتهم عليها بمحتواها، بينما أعلن 13.8% منهم فقط أنهم سيعارضون هذه الإصلاحات.
تعديل جزئي والتعديل المقترح جزئي ويتضمّن 26 مادة من الدستور منها 23 دائمة وثلاث مؤقتة، وتتضمن أبرز المقترحات زيادة أعضاء المحكمة الدستورية من 11 إلى 19 يسمي رئيس الجمهورية 16 منهم، وثلاثة ينتخبهم البرلمان لمدة 12 عاماً. كما تتضمن المقترحات الجديدة تعديل تركيبة الهيئة العليا للقضاء ووكلاء النيابة، وهي أهم هيئة تعارض الحكومة في سلطاتها التنفيذية، ليصبح أعضاؤها 31 منهم عشرة مؤقتون ويكون وزير العدل رئيساً للهيئة. ومن المقترحات إخضاع قرارات مجلس الشورى العسكري لرقابة القضاء المدني, وإخضاع العسكر للقضاء المدني والسماح بمحاكمتهم أمام المحاكم المدنية. ومنها كذلك زيادة صعوبة حظر الأحزاب السياسة، وهو مقترح يذكر بمحاولة حظر حزب العدالة والتنمية أمام المحكمة الدستورية قبل عامين، بعد مزاعم بسعيه إلى قلب النظام العلماني وإقامة نظام وفق الشريعة الإسلامية. كما تلغي المقترحات مادة تعوق محاكمة منفذي الانقلابات العسكرية السابقة، مما يعني إمكانية محاكمة الرئيس السابق كنعان إيفرن والجنرالات الذين نفذوا انقلاب عام 1980، ومنح الموظفين في القطاع العام حق الإضراب والحقوق النقابية الأخرى. وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم قد بدأ عقد لقاءات مع مختلف الأحزاب السياسية للتوصل إلى اتفاق بشأن التعديلات التي اقترحتها الحكومة. وسيطرح التعديل على البرلمان بعد انتهاء المناقشات، مع الإشارة إلى أن أغلبية العدالة والتنمية في البرلمان لا تكفي لإقراره, لكنها كافية لطرحه على الاستفتاء العام.