عادت قضية المثليين المغربة لتطفو على السطح من جديد، خاصة بعد إصدارهم مؤخرا مجلة إلكترونية في خطوة اعتبرها البعض "سابقة هي الأولى من نوعها في العالم العربي". وتقدم المجلة التي أثارت جدلا كبيرا في المغرب معلومات خاصة ب"مجتمع المثليين" ومواضيع عن الهوية الجنسية، كما تتابع المستجدات التي تهم المثليين في المغرب. وأوضح أصحاب المجلة أن "الهدف الأساسي من هذه الوسيلة الإعلامية الجديدة هو فتح باب للحوار يعنى بمثليي الجنس، عن طريق خلق مكان سهل الوصول وامن لتقديم معلومات دقيقة وحساسة وقيمة تهم المجتمع المثلي المغربي والعربي" وتسعى السلطات المغربية للتصدي بكل حزم لكل الممارسات والمنشورات والكتب التي ترمي إلى المس بالقيم الدينية والأخلاقية للبلاد. وكانت وزارة الداخلية المغربية وضعت العام الماضي أجندة جديدة من أجل "صيانة الأمن الأخلاقي للمواطن وتحصين مجتمعنا من كل تصرف غير مسؤول مسيء لهويته ومقوماته الحضارية"، حسب موقع "مغاربية". وتفيد تقارير أن هذه المبادرة جاءت ردا على مقالات إعلامية تدعو إلى قبول أكبر للشذوذ كتبها مؤخرا الصحفي سمير بركاشي منسق جمعية "كيف كيف" التي تدافع عن مصالح الشواذ. وأكد بركاشي أن جمعيته التي تتخذ من مدريد مقرا لها تلقى دعما من جانب أحزاب وجمعيات حقوقية وبعثات دبلوماسية أجنبية في المغرب، مشيرا إلى أن الشواذ منتشرون وسط حقول الإعلام والمجتمع المدني والسياسي المغربي. وذكرت تقارير صحفية أن مثليو المغرب تمكنوا أخيرا من طباعة مجلة وتوزيعها سرا في المغرب، وقال الصحفي المختار الغزيوي في مقال له بصحيفة "الأحداث المغربية" إن المجلة "طُبعت في الرباط ووُزعت في الخفاء". وقال محمد خربوش منسق الإعلام والنشر بمجموعة "كيف كيف": "إن التحدي الأكبر كان نجاحنا في مزج هويتنا المغربية بالهوية الجنسية. نأمل بان تكون المجلة الجديدة مكانا يجمع مثليي الجنس المغاربة بعضهم ببعض". وأكدت صحيفة "المساء" المغربية أن خروج مثليو المغرب من السر إلى العلن ينذر بتحول عميق في بنية المجتمع المغربي، "واصطفافهم داخل تنظيمات وإطارات جمعوية تدافع عنهم وتعلن عن طبيعتهم تثير الكثير من الجدل داخل الوسط الحقوقي". وتقول أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إن ظاهرة المثليين في مجملها ليست جديدة على المجتمع المغربي. وتشير إلى أن الجدل الذي يحدثه التطرق لهذا الموضوع هو "خروجه من بوتقة الغرف المظلمة إلى النور، ومن السر إلى العلن، مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الناس المتحدث عنهم الذين لهم تركيبة فيزيولوجية خاصة، وهم أيضا لهم حقوق وواجبات. كما أن المرجعية الحقوقية العالمية تعطي الحق لهؤلاء في أن يكونوا متواجدين وأن يعرف الجميع ميولاتهم". وينص القانون الجنائي المغربي على العقاب "بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وغرامة مالية من 200 إلى 1000 درهم (من 24 الى 122 دولارا) لمن ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه ما لم يكن فعله جريمة أشد". وتقول بوعياش إن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان قامت بإنجاز عدد من الحوارات مع المعنيين بقضية المثليين، كما فتحت نقاشا من أجل ملامسة الظاهرة عن كثب، موضحة أن الإشكالات المرتبطة بالشذوذ الجنسي لا يمكن للقوانين وحدها أن تعالجها، بل يتعين أن تتدخل عدة إجراءات أخرى لفهم الظاهرة. وأصدر القضاء المغربي عام 2007 في مدينة القصر الكبير بشمال المغرب أحكاما بالسجن على 6 أشخاص من ضمنهم شخص أدانه القضاء بالمثلية الجنسية و"الزواج" من شخص آخر وعلى أربعة آخرين حضروا "حفل الزفاف". ويقول سمير بركاشي منسق جمعية "كيف كيف": "نحن لا نخطط لهدم القيم في المجتمع.. نحن نريد أن نفهم الناس أن المثلية ليست حالة مرضية." ويضاف "أنا مثلي. هذا قدري. المجتمع المغربي لا يقبلنا. الاسلاميون يقومون بحملات رهيبة ضدنا والسلطات تسجننا على جريمة لم نخترها." وكانت السلطات المغربية اعتقلت العام الماضي 20 شخصا يشتبه أنهم مثليين بضواحي مدينة مكناس على بعد 136 كيلومترا شرقي الرباط بعد تجمعهم في موسم ولي يدعى "سيدي علي بن حمدوش" وشروعهم فيما يبدو في ممارسة طقوس وزيجات فيما بينهم. ويقول عالم الاجتماع المغربي عبد الصمد الديالمي "المثلية كانت دائما موجودة في المغرب وفي العالم منذ تواجد البشر على وجه الارض." ويضيف "في الماضي كما في الحاضر هناك رفض للظاهرة مبني على أساس شرعي فقهي. لكن رغم الرفض السلوكيات موجودة بشكل مستمر." ويرى أنه لم يكن هناك وجود "لتبني الهوية المثلية في الماضي لا على الصعيد الفردي ولا على الصعيد الجماعي بحيث كانت الممارسات محتشمة متسترة يشعر الممارس فيها بالذنب وبأنه مجرم." ونقلت صحيفة "المساء" عن خليل الإدريسي الكاتب العام لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان قوله إنه "يتعين تشخيص حالات الشذوذ الجنسي قبل إبداء أي موقف إزاءها، فربما كانت حالة الشاذ مرتبطة بانحراف خلقي أو تكوين عضوي في الأجهزة التناسلية أم مرتبطة بوضعية نفسية عاشها الشخص الشاذ خلال مراحله الأولى من حياته أو تعود إلى ظروف اجتماعية معينة مر منها مرتبطة بأسرته". ويؤكد الإدريسي أن ما يذهب إليه البعض من اعتبار سلوك الشاذ وضعا عاديا، كما تحاول جهات غربية الانتصار لذلك، ومحاولة إعطاء الشواذ ودعاة المثلية الجنسية امتيازات معينة غير مخولة حتى للإنسان العادي يبقى أمرا مرفوضا".