بدأ الناخبون البريطانيون صباح اليوم الخميس 6/5/2010 التصويت في انتخابات برلمانية من المتوقع أن تشهد تنافسا حادا بين حزب العمال الحاكم و حزبي المحافظين و الديمقراطيون الأحرار وسط توقعات بأن لا يفوز أي حزب بالأكثرية كما تتحدث المؤشرات عن مشاركة عالية للمسلمين في عملية التصويت هذه المرة. وفتحت مراكز الاقتراع الساعة السادسة صباحا بتوقيت جرينتش وستغلق الساعة التاسعة مساءا بتوقيت جرينتش، وسيبدأ فرز الأصوات بمجرد إغلاق مراكز الاقتراع ومن المتوقع ظهور النتائج الأولى بعد ساعة من بدء الفرز. ويحق لحوالي 45 مليون بريطاني إدلاء أصواتهم في حوالي 42 ألف مركز اقتراع لتحديد الفائزين بمقاعد البرلمان التي يصل عددها في هذه الانتخابات إلى 650 مقعدا وكان الإقبال على التصويت في انتخابات عام 2005 حوالي 61%، والتي حصل فيها حزب العمال على 356 مقعدا فيما حصل حزب المحافظين على 198 و الديمقراطيون الأحرار على 62 مقعدا. تنافس حاد ويشهد السباق الانتخابي تنافسا حادا بين حزب العمال بزعامة رئيس الوزراء الحالي جوردن براون، وحزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون، و حزب الديمقراطيين الأحرار بزعامة نك كليغ. وفيما أظهر آخر استطلاعات الرأي تقدم حزب المحافظين على حزبي العمال والديمقراطيين الأحرار، أشارت الاستطلاعات كذلك إلى وجود نسبة كبيرة من الناخبين تصل إلى 40% لم تقرر بعد لمن تدلي بأصواتها مما جعل التوقعات بتحديد الفائز صعبا. وبلغ التنافس على أصوات الناخبين المترددين ذروته بين زعماء الأحزاب البريطانية الرئيسية الثلاثة أمس الأربعاء حيث واصل زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون الحملة الانتخابية حتى الليل كما قام براون بزيارة في ساعة مبكرة من صباح نفس اليوم للعاملين في الأسواق شمال إنجلترا لكسب ود الناخبين الذين لم يحددوا مواقفهم بعد. وأشار استطلاع رأي الأمس إلى تحسن موقف حزب العمال الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون، حيث أظهر استطلاع لمؤسسة (يوجوف) لصالح صحيفة (صن) أن الزخم الذي كان قد اكتسبه حزب المحافظين المنتمي إلى يمين الوسط توقف فحصل على نسبة تأييد لم تتغير وهي 35 % في حين ارتفعت النسبة التي حصل عليها حزب العمال إلى 30 %. بينما تراجع حزب الديمقراطيين الأحرار الذي كان يتمتع بتزايد قوي في نسبة تأييده نظرا لارتفاع مكانة زعيم الحزب نيك كليغ الذي يجيد الظهور على شاشات التلفزيون أربع نقاط لتستقر عند 24 %. وتعني المفاجآت التي ربما يحدثها النظام الانتخابي البريطاني -الذي يختار فيه الناخبون عضوا بالبرلمان من دائرتهم الانتخابية- أن مثل هذه الأرقام ستتيح لحزب العمال أن يظل أكبر حزب لكنه لن يحصل على الأغلبية البرلمانية. ويتولى حزب العمال السلطة منذ عام 1997 لكنه عانى بسبب حالة الركود الاقتصادي وغضب المواطنين إزاء فضيحة متعلقة بمصروفات برلمانية طالت كل الأحزاب الرئيسية. وأوضح استطلاع لمؤسسة (كومريس) لصالح صحيفة (اندبندنت) أن نسبة التأييد للأحزاب لم تتغير مع تقدم حزب المحافظين على حزب العمال بثماني نقاط ليصبح أكبر حزب في البرلمان المؤلف من 650 مقعدا لكن لن يحصل على السيطرة الكاملة على البرلمان. ويشير الاستطلاعان إلى احتمال أن يكون هناك "برلمان معلق" يمكن فيه أن يكون ميزان السلطة في يد حزب الديمقراطيين الأحرار المنتمي إلى الوسط. ولم تشهد بريطانيا مثل هذا النوع من الانتخابات غير الحاسمة منذ عام 1974 وهي غير معتادة على الائتلافات التي يشيع تشكيلها في دول أوروبية أخرى. أصوات المسلمين من جهتها قامت هيئات إسلامية في بريطانيا بحث الناخبين من ذوي الأصول المسلمة على المشاركة المكثفة في الانتخابات، وحسب استطلاع أجرته مبادرة أطلق عليها You Elect (أنت تصوت) في بريطانيا، فقد قال 74 % من الذين استطلعت آراؤهم عبر الإنترنت بأنهم سيصوتون هذا العام لصالح حزب الديمقراطيين الأحرار، في مؤشر على تغيير واضح في مزاج الناخبين المسلمين الذين اعتادوا تقليديا منح أصواتهم لحزب العمال، حسب تقرير نشرته إذاعة دويتشه فيله الألمانية يوم الثلاثاء الماضي. وقال إسماعيل باتل، مدير المبادرة، أن الاستطلاع يشير "إلى استعداد أكبر للمشاركة في الانتخابات وتغير ملحوظ في التوجهات الانتخابية لدى الجالية المسلمة في بريطانيا" ملاحظا أن سياسات حكومة حزب العمال خلال العقد الماضي في العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى ملفي الهجرة ومكافحة الإرهاب تعتبر من أهم الأسباب التي تساهم في تغيير توجهات الناخبين المسلمين. وأكد 83% من المشاركين في الاستطلاع أنهم منشغلون بقضايا الصراع في الدول الإسلامية مثل فلسطين والعراق وأفغانستان، و8% بالسياسات الموجهة لدول العالم الثالث، و2% بالاتحاد الأوروبي.
واحتلت القضية الفلسطينية الصدارة في اهتمامات المسلمين البريطانيين بالقضايا الخارجية، إذ قال 72% إن هذه القضية تقلقهم أكثر من قضايا أفغانستان والعراق وإيران وكشمير. والجدير بالذكر أن المسلمين يشكلون شريحة لا يُستهان بها في لوائح مرشحي الأحزاب البريطانية في الانتخابات النيابية التي تشهدها بريطانيا اليوم، في مؤشر إلى ثقلهم الانتخابي المتزايد في بلد يمثّل المسلمون نحو 4% من عدد سكانه (2,4 ملايين مسلم من اصل 60 مليون بريطاني، بحسب آخر الإحصاءات التي نُشرت في العام 2009). ومن المتوقع جدا أن يدخل مجلس العموم القادم أول نائب مسلم عن "حزب المحافظين" وهو العراقي ناظم الزهاوي، المرشح في دائرة يملك فيها المحافظون تقدماً واضحاً على بقية الأحزاب، ليكسر بذلك احتكار "حزب العمال" للنواب المسلمين، وهم أربعة في مجلس العموم الحالي (انتخابات 2005). وثمة توقعات واسعة بأن تنضم إلى المجلس المقبل نائبات مسلمات للمرة الأولى في تاريخه. ووصل أول نائب مسلم إلى البرلمان البريطاني في العام 1997، وهو النائب محمد سرور عن دائرة في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، ثم زاد العدد إلى اثنين في انتخابات 2001، ثم ارتفع إلى أربعة في انتخابات 2005. ويتوزع المرشحون المسلمون، وبينهم 16 امرأة، على غالبية الدوائر الانتخابية ال650 في عموم المملكة المتحدة (إنكلترا واسكتلندا وويلز) وايرلندا الشمالية، لكن ثقلهم الأساسي هو في العاصمة لندن حيث يخوض المعركة 19 مرشحاً مسلماً. ويتنافس هؤلاء ال19 في 16 دائرة انتخابية من الدوائر المخصصة للندن وعددها 73 مقعداً.