الحوارنت \ تونس - تستعد الحكومة التونسية إلى إدخال تعديلات جذرية على أنظمة التقاعد في القطاعين الخاص والعمومي. ويقوم جوهر مشروع الحكومة على ثلاثة محاور أساسية هي: الترفيع في سن التقاعد من 60 إلى 63 سنة أو 65 سنة والزيادة في مساهمة الأعراف والشغّالين في صناديق التقاعد والتخفيض في جراية التقاعد إلى جانب توحيد أنظمة التقاعد في نظام واحد. وتبرر الحكومة إقدامها على هذا المشروع الخوف من عجز الصناديق التي وباتت مهددة بالإفلاس بعد بضعة سنوات الذي بدوره سيؤدي إلى عدم الإيفاء برواتب المتقاعدين حسب زعمها. وقد عارض الإتحاد العام التونسي للشغل هذه الخطة فعلى لسان السيد رضا بوزريبة "أن السلطة والأعراف هم الذين يتحملون المسؤولية في هذه الأزمة" وفي تصريح لقناة الجزيرة قال عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل المولدي الجندوبي معلقا على هذا المشروع أنّ التعديلات التي اقترحتها الحكومة لن تعالج الأزمة بل لا بد من معالجة الأسباب التي أدت إلى عجز صناديق التقاعد ومنها: - التسريح المبكّر للعمال نتيجة إفلاس بعض الشركات - عدم الاستمرار في اتجاه الخصخصة - التخلي عن تحويل صناديق التقاعد إلى صناديق التضامن الاجتماعي (مثل صندوق إعانة المرأة الأرمل..إلخ) مما يؤثّر سلبا على هذه الصناديق. ولكن المتابع للضعف الحاصل لدى المفاوض من قبل الإتحاد العام التونسي للشغل نظرا للتغوّل الأمني والتعامل على أساسه مع كل الأطراف الاجتماعية والسياسية فإن حظوظ إبطال هذا المشروع أو إمكانية تأجيلة ضئيلة جدّا إضافة إلى أنّ هذا التمشي في الإتجاه يعتبر تتابعا لسلسلة من الهجومات الكاسحة على أنظمة التغطية الإجتماعية والصحية في مجال حق الشغل وضمانات الإستقرار في العمل والحق النقابي التي من المفروض أن تعدّ من المكاسب التي تحصل عليها العمال. ويرى المنتقدون لمثل هذه المشاريع أنها آتية لا شك فيها بحكم أنها من إملاءات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في اتجاه هيلكلة أنظمة الصناديق الاجتماعية بدعوى "الإصلاح" وقد بدأت بها النظم في أوروبا مثل فرنسا وألمانيا وغيرها من البلدان ذات التوجه الرأسمالي وهو نفسه الذي يراد تطبيقه في تونس للحفاظ على مصالح المترفين والمتنفذين الرأسماليين وأصحاب الشركات تحت شعار القضاء على البطالة. فهل سيصمد الاتحاد العام التونسي للشغل أمام هذا التمشي للحكومة أم أنه سيحني الظهر ويتنكب لمصالح الأجراء والعمال والمتقاعدين متعذرا بصورة من الصور؟