يعترف عميد مسجد باريس دليل بوبكر، بوجود جو سياسي معاد لكل ما هو أجنبي في فرنسا، هذه الأيام، وبوجود عداء للإسلام وليس للعرب في أوساط الرأي العام الفرنسي. ويربط بوبكر ذلك بارتفاع درجة الحراك السياسي تحسبا لانتخابات الرئاسة الفرنسية عام .2012 يحدث هذا في وقت تشير إحصائيات غير رسمية إلى أنه في كل يوم يتحول 10 فرنسيين إلى الإسلام، وهو ما يعني أن 3600 فرنسي يسلمون كل سنة. وهناك من يقول أن حالة العداء للإسلام في أوروبا عموما وفي فرنسا خصوصا لم تتسبب سوى في شعبيته، واليوم تحصي فرنسا أكثر من خمسة ملايين مسلم فوق أراضيها وهي بهذا تحتل المرتبة الأولى أوروبيا، لكن المفارقة أن عدد المنقبات اللواتي أصر ساركوزي على محاصرتهن بقانون، لا يتعدى عددهن 500 منقبة. وبالنسبة لعميد مسجد باريس في حديثه ل''الخبر'' عبر الهاتف، فإن ''حالة العداء التي يعاني منها مسلمو فرنسا موجودة في كل أوروبا وليس في فرنسا فقط''، ويعتقد دليل بوبكر أن ''العداء له أبعاد دينية وليس عرقية فيما يتعلق بالمسلمين، أي أن الرأي العام الفرنسي مشحون ضد الإسلام وليس العرب''. وبخصوص موافقة الحكومة على سن قانون يمنع ارتداء البرقع في فرنسا، أوضح دليل بوبكر أن ''الرأي العام يطالب الحكومة بإجراءات ضد الأجانب، ومنع البرقع جزء من هذه الإجراءات''. ويرى عميد مسجد باريس أن ''البرقع دخيل على فرنسا ولم يظهر إلا بعد صعود دول كإيران وباكستان وأفغانستان إلى واجهة الأحداث، حيث ظهر البرقع كنوع من التضامن مع ما يجري في هذه البلدان''. ويبدو في هذا السياق أنه أمر مثير للسخرية أن يتطوع رجل الأعمال الفرنسي ذي الأصل الجزائري، وهو رشيد نكاز، بدفع كل الغرامات التي قد تطال المنقبات الخمسمائة اللواتي تم إحصاؤهن في فرنسا. والحقيقة الأخرى التي ربما تخاف منها الحكومة الفرنسية ولا تتحدث عنها، هي تحول الإسلام إلى هوية لكثير من الفرنسيين والمسلمين المولودين في فرنسا. وهنا تشير الدراسات التي تنجزها مراكز بحث وسبر للآراء أنه ''إلى جانب مواظبة المسلم الفرنسي على آداء العبادات الفردية كالصلاة اليومية، هناك زيادة ملحوظة في الإقبال على العبادات (الاجتماعية)، والمقصود بها الصلاة في المسجد، صيام رمضان، الحجاب''. وتعليقا على الأمر، يقول عبد الرحمن غول رئيس جمعية مسجد مرسيليا في اتصال مع ''الخبر'' أن هناك ثلاث فئات تقبل على اعتناق الدين الإسلامي في فرنسا وهي ''فئة المثقفين والجامعيين وهم قلة، وفئة الراغبين في الزواج من المسلمات وهم الكثرة، وفئة ثالثة من الفرنسيين تبحث عن العمل في بلدان عربية''. ويبدو للمراقبين أن المشكلة التي أصبحت تؤرق الساسة الفرنسيين المتخوفين من المنحى التصاعدي لانتشار الإسلام، تتعلق بأن من يقود ''عملية الدعاية'' للإسلام شخصيات تحظى بالقبول لدى فئات واسعة من المجتمع الفرنسي. ويتعلق الأمر ببساطة بالرياضيين، بل بنجوم المنتخب الفرنسي (الديكة)، أبرزهم فرانك ريبيري ونيكولا أنيلكا وإيريك آبيدال. وفي هذا المستوى يمكن تفسير الحملة الإعلامية الشعواء التي يتعرض لها أحد ''رموز'' الإسلام فرانك ريبيري ومواطنه كريم بن زيمة في قضية أخلاقية لا علاقة لها بعالم الكرة المستديرة وبمستوى أداء اللاعبين. وهنا يرى رئيس جمعية مسجد مرسيليا متحدثا ل''الخبر'' أن ''اليمين الفرنسي المتطرف يختلق مشاكل الهوية والاندماج وهذا للأسف يدفع نحو انتهاج حملة عنصرية ضد المسلمين''. مؤسساتيا، لم تستطع الحكومة الفرنسية تجاهل مطالب الجالية المسلمة في الحصول على أماكن للعبادة، خصوصا وأن فرنسيين وعددهم بالآلاف (يتم الحديث عن وجود ما بين 30 ألف إلى 70 ألف فرنسي متحول للإسلام) يقفون في واجهة المطالبين، وبالأرقام يوجد بفرنسا الآن حوالي 2000 مكان للعبادة، بعدما كان عددها عام 1976 حوالي 150 قاعة صلاة و900 قاعة صلاة عام 1985، لكن يظهر الفرق جليا بمقارنة عدد أماكن العبادة للمسلمين مع المسيحيين، حيث يوجد بفرنسا أكثر من 45 ألف كنيسة. ومن المهم الإشارة إلى وجود قانون صدر عام 1905 يمنع على الدولة المساهمة في بناء دور العبادة، الأمر الذي أحال المهمة بالنسبة للمسلمين لدول إسلامية معروفة، يوجد في مقدمتها السعودية والجزائر والمغرب.