عملت الإذاعة الوطنية والجهوية في هذا الشهر الكريم على أن تغوص في مشاغل المجتمع وتسهم في الترفيه عن المستمع عن طريق دراما إذاعية تاريخية واجتماعية وهزلية. فقدمت الإذاعة الوطنية مثلا مسلسل «احفظ واترك» تأليف لطفي عبد الغفار إخراج محمد الميساوي توضيب إدريس الشريف وهو من بطولة عبد العزيز المحرزي وفرحات الجديدي ورفيعة بالحوت وقابيل السياري وعماد الوسلاتي وأنيسة لطفي ومسلسل «ضيوف على مائدة أشعب»، تأليف عبد الجبار الشريف إخراج أنور العياشي تمثيل محمد المصمودي نبيلة بالشيخ وفاطمة الحسناوي وسلوى محمد وعلى بن سالم وحداد بوعلاق ومسلسل «صدقني أمان»، تأليف جلال الدين السعدي إخراج محمد على بلحارث تمثيل خديجة بن عرفة صلاح مصدق لطفي العكرمي وسليم محفوظ. وقدمت إذاعة صفاقس «أشكون معايا» و«عمري للفن» وإذاعة المنستير «الجازية «وأذاعة قفصة مسلسل «الحمام» وإذاعة تطاوين «الوكر» و«وين ماشين» وسلسلة «سامحني» و«نحكي لكم يا صائمين». طبعا وإن تميز البعض من هذه الأعمال الدرامية بالعمل على ترسيخ بعض القيم الإنسانية واستحضرت شخصيات من مختلف فئات المجتمع لكل منها ميزاتها ومساوئها لتقدم في صيغة طريفة مظاهر مما شهده المجتمع التونسي من أنماط عيش جديدة فان بعضها الآخر وبقصد الترفيه والإضحاك وعرض المواقف الهزلية بأسلوب ساخر سقط في فخ التهريج واستعمال العامية المبتذلة التي استهجنها مستمعو بعض الإذاعات الجهوية والإذاعة الوطنية خاصة. فقد لفت انتباهنا البعض من القراء إلى ضرورة الحديث عن الدراما الإذاعية التي بثت طيلة هذا الشهر الكريم. هذه الدراما التي أحبها البعض وتعلقوا بحلقاتها لواقعية مواضيعها ونهلها مباشرة من بعض الظواهر الاجتماعية كره البعض الآخر ما رافقها من كلام اعتبروه بذيئا ومتجاوزا للعرف واستاؤوا من سماعه على أمواج الإذاعة الوطنية خاصة ورأوا أنه من المؤسف أن تتضمن هذه الدراما ذاك الكم من الدعاء بالشر والتنابز بالألقاب والكلام السوقي حتى بدا الأمر وكأنه الطريقة الوحيدة التي تضحك التونسي أو ترفه عنه لذا رأوا أنه من الضروري أن تعمل الإذاعة في المرات القادمة على تهذيب هذه اللغة وتشذيبها فحتى وإن كان البعض يستعملها في خطابه اليومي وحتى وإن كانت تجلب الشباب من المستمعين الذين يبدون عداء لما يسمونه ظلما «باللغة المتخشبة» فلا بأس من وضع حدود معقولة لاستعمال بعض الكلمات الجديدة التي تغزوا اللهجة الدارجة التونسية حتى لا يتعلمها صغارنا. ثم من قال إنّ التونسي لا يضحك إلا لسماع الدعاء وكلام الشارع «الجديد» الذي يخجل حتى أصحابه من التلفظ به أمام أفراد عائلاتهم بالعكس فقد أثبتت بعض المواقف الدرامية في بعض المسلسلات ان التونسي قادر على التأقلم مع كل الخطابات وانه يلتقط الموقف الهزلي ويضحك حتى وإن كانت لغة المسلسل العربية الفصحى. وهذا لا يعني الدعوة إلى اعتماد اللغة العربية الفصحى في كل الدراما بالعكس نحن نعرف أن دراجتنا ظريفة ومحببة إلى القلب وخاصة إذا تبلت بنكهة خصوصيات بعض اللهجات الجهوية. إنّ التونسي قادر على المزح والفذلكة والتنكيت بدون اللجوء إلى هذه اللغة المبتذلة.