أكد رئيس الجمهورية الباجئ قائد السبسي في كلمته في مؤتمر رؤساء دول وحكومات الإتحاد الإفريقي أديس أبابا أنّ الخيار الدّيمقراطي الذي انتهجته تونس خيارٌ ثابتٌ لا رجعة فيه، وهو رديفٌ للمسار الذي تشهده بلدان قارّتنا نحو مزيدٍ من الدّيمقراطية والحرّيّة والانفتاح، كلٌّ وِفْقَ خياراته وضمن احترام سيادته وخصوصيّاته. وقال أن التّونسيين، كتبوا منذ أسابيع قليلة، صفحةً مضيئة في تاريخهم، فأثبتوا، من خلال تنظيمهم لانتخاباتٍ حرّة وتعدّدية ونزيهة، أنّه بإمكان أبناء القارّة أن ينحتوا حاضرهم ومستقبلهم بأيديهم. ولم يكن ذلك بالأمر الهيّن لولا إصرار التّونسيين على اختيار نهج التّوافق الذي سيظلّ عنوان المرحلة السّياسيّة المقبلة. وعبّر عن اعتزازه بما أنجزه الشّعب التّونسي وما قدّمه من تضحيات تُوّجت بالتّصويت على دستورٍ مدنيٍّ وديمقراطيٍّ وبإجراء انتخاباتٍ تشريعيّة ورئاسيّة شهد العالم بنزاهتها، فإنّني أعرب عن الامتنان للأشقّاء الأفارقة الذين ساندوا تونس في مسيرتها نحو الاستقرار والدّيمقراطيّة، وأن تونس فخورةٌ بانتمائها الإفريقي، وهي مُصمّمةٌ على استعادة مكانتها ووهج علاقاتها التّاريخيّة مع دول القارّة سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، وهي التي وَهَبَتْ إسمها للقارّة وكانت منذ السّنوات الأولى من استقلالها سندًا قويًّا لكلّ الدّول الإفريقية الطّامحة للتّحرّر من ربقة الاستعمار. وهي تضعُ اليوم امكانيّاتها وتجربتها في خدمة الشّراكة الافريقيّة المتضامنة. وشدّد على أن تونس عازمةٌ على العمل مع الأشقّاء الأفارقة من أجل تعزيز وتنويع تعاونها معهم في شتّى المجالات، وعلى تدارك ما شاب هذه العلاقات من نقائصَ في السّنوات السّابقة حالت دون تحقيق فرص شراكة فعليّة، وأن قارتنا التي حقّقت نسب نموٍّ محترمة خلال السّنوات الأخيرة، قادرةٌ على الاستجابة لتطلّعات شعوبها في التّنمية والأمن والاستقرار. وأضاف أن تُونس تسجل بارتياحٍ انخفاض عدد النّزاعات في إفريقيا، فإنّها تؤكّد على ضرورة مواصلة فضّ هذه النّزاعات واحتوائها في إطارٍ إفريقيٍّ يعتمد التّوافق نهجًا لحلّ الخلافات الدّاخليّة، كما أنّ دعم أُسس العمل المشترك وتكثيف التّشاور أمران ضروريّان للخروج من دائرة العنف التي تعيشها بعض بلدان القارّة على غرار الشقيقة ليبيا التي نشاركها السّرّاء والضّرّاء، فأمنُها من أمن تونس، بل من أمن المنطقة كلّها، ويشجع كل الجهود الخيّرة الرّامية لإيجاد حلٍّ سياسي للأزمة في ليبيا الشّقيقة، فإنّنا نأمل أن يتوصّل الإخوة اللّيبيّون، من خلال حوارٍ وطنيٍّ شامل وتوافقي، إلى إنهاء الأزمة بطرقٍ سياسيّة وتحقيق الأمن والاستقرار ببلدهم، وأنهم على كامل الاستعداد لتشجيع اللّيبيّين على انتهاج خيار المصالحة والتّفاهم سبيلاً لحلّ الأزمة الحالية. واعتبر أن القارة تخوض اليوم حربًا ضدّ التّنظيمات الإرهابية المتستّرة بالدّين، وهي مَدعُوّةٌ اليوم لتوحيد صفوف قُواها الوطنيّة في الدّاخل والتّحرّك إقليميًّا ودوليًّا ضمن مقاربة مُتضامنة وحازمة..وكما وَحَّدَتْنَا في الماضي الحربُ ضدّ الاستعمار، تُوَحِّدُنَا اليوم الحربُ ضدّ الارهاب. معبرا عن تضامنه مع كلّ الدّول التي تستهدفها الظّاهرة الإرهابيّة، فإنّنا نؤكّد على أنّ دَحْرَ هذه الآفة العابرة للحُدود هي مسؤوليّة كلِّ دُول العالم. فالخطرُ محدقٌ بالجميع وليست هناك دولةٌ بمنأى منه.