أجيبك يا أحمد صواب بعد كل ما نطقته بعظمة لسانك و صريح عباراتك في لقائك الصحفي المنشور بجريدة ''المغرب'' ليوم الإربعاء 19 مارس 2014 و الذي نزعت فيه بصفة واضحة لا غبار عليها ثوب القضاء . أجيبك و في نفسي مرارة و لوعة لأنني أردت من صمتي طيلة السنتين و نيف تجنب كل ما من شأنه أن يمس من هيبة و مكانة المحكمة الإدارية منذ إحداثها و حتى من وضعيتك الوظيفية كقاض ينتمي إلى هذه المؤسسة الدستورية التي ستظل على الدوام مستقلة و في عليائها رغم ما يكاد لها . إن كنت تعتقد أنك كسبت المعركة التي صرحت أنك أعلنتها منذ سنتين و نصف على المحكمة الإدارية و قضاتها الشرفاء عبر طرق باب الحكومات المتعاقبة فإنك خسرتها في لحظة فارقة من لحظات زهوك بانتصارك و في غفلة منك. خسارة مدوية بإذن الله كشفت بنفسك الحقيقة الكاملة عما أضمرتموه من سوء لهذه المحكمة . لقد أسأت بما جاء على لسانك لنفسك و لزملائك باتحاد القضاة الإداريين و للجهة مصدرة قرار تنحية الرئيسة الأولى للمحكمة الإدارية السيدة القاضية الفاضلة روضة المشيشي أكثر مما أردت أن تسيء لهذه السيدة . إن إجابتي ستكون بقدر ما تقدمت به من مغالطات واحدة بواحدة دون أن أزيد عليها ، فكما قلت " نحن القضاة الإداريون نعرف بعضنا منذ 40 سنة " . إن حالة الإحتقان و التقسيم التي تدعي أن المحكمة الإدارية تعيشها هي بفعل أعمالك و أعمال اتحاد القضاة الإداريين و خير دليل على ذلك ما جاء على لسانك من أن " اتحاد القضاة الإداريين شكل سلطة مضادة للرئيسة السابقة للمحكمة الإدارية و للموالين لها و كان دوره حاسما في تنحيتها ". إن هذه " السلطة المضادة " هي لعمري فعل خطير طالما أنها تشكلت ضد رئيسة المؤسسة و كذلك زملائك القضاة و الأخطر أن سبب تشكلها لا شرعية له حسب النصوص النافذة لحد هذا التاريخ و قد تمثل هذا السبب الباطل حسب قولك في " رفضكم ترأس رئيس الحكومة للمجلس الأعلى للمحكمة الإدارية و تدخل الحكومة في تسمية الرئيس الأول لهذه المحكمة " و الحال أنكم ، كما سبق أن بينته، قد ناضلت مع اتحاد القضاة الإداريين " المدافعين عن استقلال القضاء " من أجل إعفاء قاضية فاضلة و ذلك عبر طرق كل أبواب الحكومات السابقة، فبالله عن أي غي تدافعون ؟ لقد قاطعت أنت وزملاؤك باتحاد القضاة الإداريين استنادا ، إلى حجتكم الواهية و الباطلة ، ست دورات متتالية للمجلس الأعلى للقضاء رغم أنكم تعلمون علم اليقين أن العرف بالمحكمة الإدارية جرى على عدم ترأس رئيس الحكومة لمجلسها الأعلى و تفويضه ذلك إلى رئاسة هذه المحكمة ، كما تعلمون علم اليقين أن كل تغيب يفضي إلى عدم توفر النصاب القانوني يعطل لامحالة تسيير المحكمة و حسن سير القضاء بها إن لم يكن نكرانا للعدالة بها . ألا تعلم يا أحمد صواب أن من العجب العجاب أن من زملائك القضاة المقاطعين لأعمال المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية و المنتمين لاتحاد القضاة الإداريين قد انتفعوا من أعمال هذا المجلس و نالتهم الترقيات و التسميات المقررة به ، فكيف بالله عليكم تنكرون على هذا المجلس شرعيته و لا ترفضون غلته ؟. اعلم يا أحمد صواب أن من تم إرسالهم مؤخرا في دورة تكوينية بالخارج كانت طبق المعايير الموضوعية التي وضعتها الجهات المنظمة لهذه الدورة ، ضف إلى ذلك أن كل من شارك في هذه الدورة لم يسبق له طيلة مساره المهني الذي يفوق العشرين سنة أن شارك في دورة تكوينية بالخارج على خلافك وخلاف العديد من الزملاء الذين يصغرونهم سنا و أقدمية بالمحكمة . اعلم يا أحمد صواب إن كنت ما زلت لا تعلم أنه لم تعد توجد خزانة سوداء كما كانت موجودة بالعهد السابق و لتعلم أن توزيع القضايا المتشابهة و الحساسة على غرار القضايا المتعلقة بالقضاة المعفيين هو من صميم حسن إدارة القضاء القائم على وجوب توزيع مثل هذه القضايا على عدة دوائر تجنبا لأي تأثير أو ضغوطات على القضاة المتعهدين بها و في ذلك ضمانا لحسن سير القضاء . ألا تعلم أن ما جاء على لسانك بخصوص عدم البت في قضايا هو تدخل سافر في سير عمل الدوائر المتعهدة بتلك القضايا و تجاهل للإجراءات التي يقتضيها القانون . ألا تعلم أن الرئيسة الأولى قد دافعت عنك للبقاء في لجنة المصادرة كما دافعت عن غيرك من المنتمين لاتحاد القضاة الإداريين للبقاء ببعض اللجان كلجنة مكافحة الفساد احتراما لصفتكم كقضاة؟ . لماذا هذه الشماتة و التشفي الموجهين ضد قاضية هي عنوان للإستقلالية و النزاهة و الشجاعة للإصداع بالحق في حين أنك ما فتئت في المنابر التلفزية و الإذاعية تتبنى القرارات الجريئة الصادرة عنها و التي ساهمت في تكريس دولة القانون و المؤسسات و ذلك إلى درجة أن الأمر أحدث لبسا في ذهن المتلقي على أنك مصدر تلك القرارات و أن المحكمة الإدارية تختزل في شخصك ، حتى بلغ بك الحد أنك تذكر في مقالك أن إقالة الرئيسة الأولى السابقة هي "نتاج وثمرة نضالك مع إخوانك في اتحاد القضاة الإداريين " ثم تنفي في ذات الوقت وجود أي تسييس في تنحيتها . و أختم ردي هذا بقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط . و لا يجرمنكم شنآن قوم على ألاً تعدلوا . أعدلوا هو أقرب للتقوى و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " صدق الله العظيم سامية البكري رئيسة دائرة إستئنافية بالمحكمة الإدارية و عضوة بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي و الإنتقال الديمقراطي سابقا.