الجريدة: فاتن العيادي أعلنت حركة النهضة اليوم الخميس 19 جوان 2014 عن مبادرة من أجل مرشح رئاسي توافقي حيث ستقترح على الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية التشاور للتوافق حول شخصية وطنية مستقلة أو حزبية لترشيحها للانتخابات الرئاسية القادمة.
وذكرت الحركة أنها ستتقدّم بمقترح التوافق على مرشح رئاسي ضمن أفق مشروع وطني يقوم على مبدأ التشاركية في الحكم من خلال بناء قاعدة وسطية واسعة للحكم في إطار حكومة وحدة وطنية تواصل الإصلاحات الكبرى التي تنتظرها البلاد وتضمن الاستقرار السياسي والاجتماعي وتجنب البلاد الاستقطاب والفوضى حسب تعبيرها. هذا المقترح، أكدت فيه النهضة أنه لا يستهدف أو يقصي أي مترشح للانتخابات ومن أجل أن تكون هناك شخصية يتوافق عليها وتحظى بدعم واسع ليكون التشتت أقل والوحدة أقوى وهو لا يهدف إلى تغيير قواعد الديمقراطية ولا إلى إلغاء الانتخابات وإنما هي مبادرة تعزز الوفاق بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة. مقترح النهضة للتوافق حول شخصية رئيس الجمهورية المقبل أثار الكثير من الجدل في الأوساط الحزبية و السياسية،و خاصة منها على مستوى الأحزاب الكبرى. و قوبل المقترح في مجمله بالرفض من قبل أحزاب عرفت بقربها من حركة النهضة،و هو ما أثار العديد من نقاط الاستفهام حول المسألة،إذ أنه كيف لحركة النهضة المتمسكة بالانتخابات كمصدر وحيد للشرعية سابقا ودفاعها المستميت من أجل الشرعية أن تتنازل اليوم وتقترح على الأحزاب التشاور حول شخصية وطنية مستقلة أو متحزبة وتحظى بالتوافق لترشيحها لرئاسة الجمهورية وهي التي طالما تمسكت بالمنصف المرزوقي رئيسا للجمهورية كرمز للشرعية الانتخابية ولم تقدم مقترح التشاور بين الأحزاب والمنظمات لاختيار شخصية وطنية لتغيير المرزوقي الذي لم يعد يحظى بالتوافق ومن أجل إتمام المرحلة الانتقالية؟ كما أن مقترحها يلغي علاقة الرئيس بشعبه باعتبار أنه لن يتم انتخابه من قبل الشعب وإنما اختياره من قبل أحزاب ومنظمات بعد التشاور والتوافق وهو ما يفتح الباب لمصادرة حق المواطنين في اختيار وتحديد مرشحيهم.؟ ! وهل يعتبر هذا المقترح قطعا للطريق أمام الباجي قائد السبسي المرشح الأبرز للرئاسة، إلى جانب كون النهضة ركّزت جهودها على الانتخابات التشريعية ودعمت مرشحا من خارجها لتضمن بذلك تحالفاتها على غرار مصطفى بن جعفر ...؟ وتقديم الحركة لهذا المقترح فهل سيضمن عدم اختيار شخصية في الظاهر توافقية ولكن في باطنها ذات ميولات نهضاوية على غرار ما حدث في الحوار الوطني حين قدمت الحركة شخصيات قالت انها مستقلة واتضح العكس في ما بعد،والدليل هو اللقاءات والحسابات الحزبية؟ فهل أن النهضة أرادت اختزال شرعية الشعب في شرعية رضاها عن المترشح للانتخابات الرئاسية وهو محاولة لخطوبة ودّ الشعب؟. مقترح تلفه التناقض في مواقف حركة النهضة ، فهي المتمسكة بالانتخابات بالأمس والمتنازلة عنها اليوم وهو ما يراه البعض سعيا منها لتقليص دور الرئاسة وتهميشها خاصة وأنها تمسكت بالانتخابات التشريعية قبل الرئاسية ودعوتها السابقة للنظام البرلماني و هو ما أثار الكثير من ردود الأفعال في صفوف الأحزاب السياسية حيث اعتبر الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدايمى دعوة حزب النهضة للتوافق حول مرشح لرئاسة الجمهورية متناقضة مع روح الديمقراطية التي من بين أهم شروطها حق الترشح لكل مواطن. وقال في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن هذا المقترح فيه مصادرة لحق المواطنين في تحديد مرشحيهم بعيدا عن وصاية النخبة السياسية، وغير قابلة للتحقق في الساحة السياسية التونسية وغير ايجابية لتكريس الديمقراطية والحق في الانتخاب الحر في تونس الثورة، مشيرا إلى حق كل حزب في القيام بالمشاورات السياسية التي يراها مناسبة لاختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية . كما اعتبر التكتل من أجل العمل والحريات المقترح مخالفا لمبادئ الديمقراطية أيضا. فهل خيوط لعبة جديدة تحركها حركة النهضة باكرا؟.