الجريدة إبراهيم بوغانمي أثارت مسألة ترؤس نجل الباجي السيد حافظ قايد السبسي الكثير من الجدل والسخط والتعليقات إلى أن احتلت صدارة الأحداث داخل النداء وخارجه. وخرج بعض قياديي النداء عن قاعدة الانضباط الحزبي وانتقدوا سياسة الولاءات العائلية داخل الحزب واتهموا ''سي الباجي'' بالخلط بين الحزب والعائلة. وقفزت إلى الأذهان مقارنات عفوية بين ما يحصل في النداء وبين ما حصل عندما سيطر الطرابلسية على مفاصل الدولة, وتذكروا كيف تضررت صورة تونس في الخارج عندما فرض الغنوشي رئيس حركة النهضة صهره رفيق بوشلاكة على رأس وزارة الخارجية. ديمقراطيون ومثقفون خافوا على النداء ليس حبا في الباجي ولا كرها في ابنه وإنما خوفا على تونس بعد أن أوحى لهم النداء في وقت ما أنه يخوض بالنيابة عنهم معركة تونس التقدمية المعتدلة المتحضرة وأنه يدافع عن المشروع المجتمعي التونسي الأصيل. ما الذي جرى؟ لماذا تحولت المعركة إذن من مشروع مجتمعي إلى مشروع عائلي؟ المدافعون عن ''سي حافظ'' يقولون هل أذنب الرجل عندما وُلد لأب اسمه الباجي قايد السبسي؟ وهل عليه أن يتخلى عن طموحاته السياسية حتى لا تقفز إلى الأذهان صورة الطرابلسية وبوشلاكة من جديد؟ غير أن المناهضين لمشروع ''التوريث'' داخل النداء يرون في السيد حافظ قايد السبسي قليل الخبرة سياسيا ونضاليا وفكريا. وحتى من داخل النداء كثير من القياديين يقولون إن حافظ قايد السبسي لم يبهرنا يوما في أحد الاجتماعات مثلا بفكرة ما أو اقتراح أو مقاربة سياسية تجلب له التقدير. تعالت الأصوات وكثر الضجيج وتوقع الكثيرون ألا يعمّر حافظ قايد السبسي كثيرا على رأس قائمة تونس 1 وهذا ما حصل وتم التراجع فعلا. فهل هو انسحاب تكتيكي أم هو إذعان للأمر الواقع الذي قد يوصل الحزب إلى حد الابتزاز؟ ''الحزب ليس ديمقراطيا'' و''الباجي ديكتاتور'' و''للأسف العائلة أهم من الوطن''.. كلها شعارات رددها المترصدون والشامتون والمراهنون على عودة النهضة من جديد إلى الحكم. غير أن ''ضربة معلم'' على ما يبدو أرادها الباجي بإجبار ابنه على الانسحاب من رأس القائمة مستثمرا بذلك أزمة داخلية ليحولها إلى كسب إعلامي له وللحزب وهكذا يظهر لنا الباجي في صورة الشخصية التعديلية داخل الحزب والحاسمة والعقلانية التي وضعت عاطفة ''الأبوة'' جانبا واستجابت لنداء الوطن. الباجي مُكره بالتأكيد على سحب ابنه بعد الضغط والسخط الشديدين في الأيام الأخيرة ولكنه خرج ''بطلا'' صاحب قرار وممتصا للأزمات كما يجب أن يكون رجل الدولة. فهل تُحسب له نقطة إضافية في سباقه نحو قصر قرطاج. السؤال مطروح على السيد محسن مرزوق رئيس حملة الباجي للرئاسة.