الجريدة إبراهيم بوغانمي يبدو أن كلمات الأستاذ رضا بلحاج والسيد محسن مرزوق وغيرهما من المحيطين برئيس نداء تونس الباجي قايد السبسي لن تجد نفس الآذان الصاغية والمصدقة بعد الرسالة ''اللاذعة'' التي كتبها الأستاذ عمر صحابو إلى السيد الباجي قايد السبسي وسلّم نسخة منها إلى أعضاء المكتب التنفيذي للحزب. المقربون من ''سي الباجي'' غالبا ما يقولون إن حملة مسعورة تُشن ضد النداء وربما تورط فيها بعض القياديين من النداء. لماذا هذا الرأي؟ لأن البعض من قياديي النداء عبروا عن مواقفهم بصراحة - وإن كان البعض همسا – من تزكية الباجي لإبنه رئيسا لقائمة تونس 2 في الانتخابات التشريعية القادمة ورأوا في ذلك عودة إلى حقبة الطرابلسية والنفوذ العائلي. هذا الموقف اعتُبر من فريق داخل النداء خيانة ولكنها تهمة لم تؤثر على الفريق الذي ناهض فكرة ترشيح ولي العهد ''سي حافظ'' وهو نفس الفريق تقريبا الذي لم يُبد على الأقل ارتياحا لترشح الباجي قايد السبسي للرئاسة وبعضهم خرج عن الانضباط الحزبي ومنطق ''نغسلو صابوننا وحدنا'' وأعلنوا صراحة وعلى الملأ معارضتهم لترشح الباجي رئيسا لتونس. آخر هؤلاء هو الأستاذ عمر صحابو القيادي في نداء تونس والرجل الثاني تقريبا في النداء عندما كان النداء ''برعما'' ومجرد مبادرة أطلقها ''سي الباجي'' في أفريل 2012 لإنقاذ تونس من تغول النهضة. وغادر ''سي عمر'' النداء وكانت أول استقالة حقيقية بذلك الحجم في صفوف قياديي النداء ثم عاد من جديد إلى النداء بعد أن أسس حركة الدستوريين الأحرار. عمر صحابو في الحقيقة لم يقل جديدا في رسالته الموجهة إلى الباجي ولكن الجديد يكمن في علوّ صوته على عكس بعض الهامسين من ''أصحابه'' داخل النداء, وفي توجيه الكلام مباشرة إلى المعني بالأمر وهي ميزة فيها الكثير من الصدق والرجولة وتنمّ عن حب كبير من عمر صحابو للباجي قايد السبسي ''وصديقك من أصدقك القول لا من صدّقك''. سي عمر قال لسي الباجي لن أدعم ترشيحك للرئاسة ولن أمنحك ثقتي لأن تونس في السنوات المقبلة تحتاج إلى رجل قوي لا شيخ هرم لا يقوى على العمل لساعات طويلة كما تحتاج إلى رجل مستقل عن كل الأحزاب لتوحيد التونسيين ويتمتع بإشعاع دولي لا رئيس حزب سياسي وحتى وإن كان الحزب الأبرز أو الأهم في تونس. إضافة إلى كون سي الباجي حسبما جاء في رسالة السيد عمر صحابو أصبح رهينة لدائرة من ذوي المصالح المالية والعائلية ويخاف – عمر صحابو – من أن يصل هؤلاء من ذوي المصالح إلى قصر قرطاج فيجد الشعب التونسي نفسه من جديد يتعامل مع ليلى الطرابلسي جديدة وشبيه بلحسن الطرابلسي وتوأم سعيدة ساسي وأحد مشتقات منصور السخيري. ''لا أستطيع أن أمنحك الثقة'', هكذا قالها السيد عمر صحابو وبمنتهى الصراحة لينضم إلى زملائه أو ''أصحابه'' الندائيين ولكن إلى أين سيمضي صحابو في ترشيح شخصية لرئاسة الجمهورية؟ طبعا لن يبقى سي عمر متفرجا وهو المتعود على المشاركة والعمل والتعبير عن آرائه ولن يقول سأبقى محايدا وعلى الشعب التونسي أن يختار رئيسه. سيعلن بالتأكيد عمن يرشح أو يساند أو يدعم. والأمر في تقديري يحتمل أحد أمرين, فإما أن يكون السيد عمر صحابو يأنس في نفس الكفاءة لرئاسة الجمهورية التونسية وسيتقدم بملف ترشحه وبالتالي تكون هذه الرسالة بمثابة دعاية إعلامية تمهد له طريق الحملة الانتخابية نحو قصر قرطاج, أو أن يتجه – ربما – إلى مساندة السيد مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي سابقا خاصة وأنه من منظور مؤاخذات صحابو على السبسي نجد أن ''الشروط'' متوفرة في السيد كمال النابلي من حيث الاستقلالية عن الأحزاب ومن حيث السن ومن حيث الإشعاع الدولي الذي أشار إليه السيد عمر صحابو في رسالته. وهنا يحتم على السيد الباجي قايد السبسي أن يردّ الفعل المباشر فإما أن يذهب مع السيد عمر صحابو في رأيه ويسحب ترشحه للرئاسة – وهو أمر أستبعده - ,وإما أن يثبت بالدليل والحجة أن كلام السيد عمر صحابو خاطئ وأن تقديراته مجانبة للحقيقة. نتمنى أن يتم ذلك في ندوة صحفية يُفسح فيها المجال للصحفيين والإعلاميين لا في حوار كلاسيكي مسجل على قناة نسمة التلفزية - كما تعودنا - أمام مذيع أو مذيعة قد لا يملك أحدهما القدرة على محاججة سي الباجي أو مناقشته.